الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 510 لسنة 31 ق – جلسة 16 /04 /1988 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون – الجزء الثاني (أول مارس 1988 – 30 سبتمبر 1988) – صـ 1303


جلسة 16 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجى وفريد نزيه تناغو المستشارين.

الطعن رقم 510 لسنة 31 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة – إجازات – إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج.
المادة 48 من القانون رقم 58 لسنة 1971 والمادة من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العالمين المدنيين بالدولة.
الإجازة بدون مرتب لمرافقة الزوج أو الزوجة وجوبية بقوة القانون – رفض جهة الإدارة الموافقة على الإجازة رغم توافر شروطها يعد مخالفة جسيمة للقانون.
لم يفرق المشرع بين أسباب السفر للخارج سواء للعمل أو الدراسة أو السياحة أو العلاج أو غيرها – القضاء الإداري وهو يبحث النزاع في إلغاء قرار الإدارة برفض الموافقة على الإجازة أو تأديب الموظف العام المرافق لزوجته يصدر حكمه مستمداً من أصل قانوني واحد وهو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في حين أنه يعد رابطة من روابط القانون العام – لا يختلف حكم القضاء في الحالتين لأنهما وجهان لأمر واحد فإذا كان قرار الإدارة مخالفاً للقانون فإن مسلك الموظف المرافق لزوجته في الخارج لا يشكل مخالفة تأديبية – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 9/ 1/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ محافظ الشرقية بصفته بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 18/ 11/ 1985 في الدعوى رقم 82 لسنة 11 قضائية المقامة من السيد/ …….. ضد السيد/ محافظ الشرقية والسيد/ وزير التربية والتعليم والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها وما يترتب على ذلك من آثار. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن حيث قررت بجلسة 24/ 2/ 1988 إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة – موضوع – بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 13/ 3/ 1988 وفي تلك الجلسة قررت هذه المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 16/ 4/ 1988 مع التصريح بتقديم مذكرات في أسبوعين لمن يشاء، وقد قدمت هيئة قضايا الدولة خلال هذا الأجل مذكرة بدفاعها تمسكت فيها بطلباتها الواردة بتقرير الطعن. وفي جلسة اليوم المحددة لإصدار الحكم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 8/ 5/ 1983 أقامت السيدة/ …….. دعواها أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بإيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة وطلبت في ختامها الحكم بقبول دعواها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها لانقطاعها عن العمل اعتباراً من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1982 بدون إذن مع إلغاء كافة ما ترتب على هذا القرار من آثار، وقالت الطاعنة شرحاً لدعواها إنها تعمل مدرسة بمدرسة طلعت حرب الثانوية التجارية بالزقازيق وقد انقطعت عن عملها اعتباراً من 27/ 5/ 1978 وفي ذات الوقت تقدمت بطلب للجهة الإدارية للموافقة على منحها إجازة بدون مرتب لمرافقة الزوج وأرفقت بطلبها صورة من القرار الصادر بمنح زوجها إجازة بدون مرتب للعمل في الخارج وصورة عقد الزواج، إلا أن الجهة الإدارية أحالتها للنيابة الإدارية التي أحالتها بدورها للمحكمة التأديبية في الدعوى رقم 224 لسنة 7 قضائية أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة التي قضت بجلسة 20/ 10/ 1979 ببراءتها مما نسب إليها، وأضافت المدعية أنها عادت إلى العمل في 4/ 8/ 1982 بموافقة الجهة الإدارية التي اعتبرت السنة الأولى من انقطاعها إجازة بدون مرتب، ثم فوجئت المدعية بصدور قرار من الجهة الإدارية بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها لانقطاعها عن العمل في الفترة من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1982 بدون إذن، فتظلمت من هذا القرار في الميعاد القانوني وهي تطعن عليه للأسباب الآتية:
أولاً: إن الجهة الإدارية اعتمدت للطالبة هذه السنة بسلطتها التقديرية وأن القانون رقم 58 لسنة 1971 الذي وقعت بداية الإجازة في ظله لم يكن يلزم الإدارة بالموافقة في هذه الحالة، ومن ثم كان لزاماً على الإدارة اعتماد باقي المدة من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1982 في ظل القانون رقم 47 لسنة 1978 الذي ألزم الجهة الإدارية في المادة 69 منه بمنح هذه الإجازة لذات السبب وهو مرافقة الزوج ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة وبجلسة 18/ 11/ 1984 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها وما يترتب على ذلك من آثار، وقالت المحكمة في أسباب هذا الحكم أن الطاعنة انقطعت عن العمل اعتباراً من 27/ 5/ 1978 وأرسلت من ليبيا بطلب منحها إجازة سنة بدون مرتب لمرافقة الزوج المتعاقد للعمل هناك لكن الجهة الإدارية رفضت منحها الإجازة وقدمتها للمحاكمة التأديبية عن واقعة الانقطاع عن العمل من 27/ 5/ 1979 وذلك بالدعوى رقم 224 لسنة 27 قضائية تأديبية المنصورة، وقضت المحاكمة التأديبية بالمنصورة في هذه الدعوى بجلسة 20/ 10/ 1979 ببراءة المتهمة فيما نسب إليها تأسيساً على أن المادة 69/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 تقضي بأن للعامل الحق في إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجته في الخارج وإعمال هذا النص يقتضي القول بأن جهة الإدارة لا تملك سلطة منع أو منح هذه الإجازة للعامل وأضافت المحكمة أنه وإذ استمرت المدعية مرافقة لزوجها بليبيا خلال المدة من 27/ 5/ 1978 حتى عادت إلى عملها في 4/ 8/ 1983 وكانت تتقدم سنوياً بطلب لتجديد الإجازة بطلبات مسجلة على النحو المبين بالأوراق والذي لم تنكره الإدارة، وبعد عودتها إلى عملها في 4/ 8/ 1983 احتسبت مدة انقطاعها من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1983 غياباً بدون أجر ثم صدر قرار مجازاتها لانقطاعها دون إذن المدة المشار إليها.
وأضافت المحكمة التأديبية بالمنصورة أن المادة 69/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مفادها أنه إذا رخص لأحد الزوجين بالسفر إلى الخارج لمدة لا تقل عن ستة أشهر فمن حق الزوج الآخر أن يحصل على إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجه طالما تقدم بطلب بذلك ويتعين على الجهة الإدارية أن تجيبه إلى طلبه في جميع الأحوال، وذلك لحكمة قدرها المشرع وهي الحفاظ على الروابط الأسرية وجمع شمل الأسرة وحتى لا يكون الزوج وهو يسعى للرزق في بلد غير بلده قلقاً على زوجته وأولاده، وحتى لا تكون الزوجة معرضة للتيارات المختلفة التي قد تواجه الأسرة وتؤدي إلى اختلالها، وللاعتبارات السالفة ألزم المشرع الجهة الإداري بإجابة الموظف إلى طلبه لإجازة بدون مرتب لمرافقة زوجه بدون أن تكون لتلك الجهة سلطة تقديرية للمنح أو المنع كما لم يحدد المشرع في المادة 69/ 1 المشار إليه الغرض من الترخيص بالسفر، فلا وجه لما تقول به جهة الإدارة من أن مناط الإجازة المشار إليها هو سفر الزوج للعمل في الخارج.
وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت أن الطاعنة تقدمت بطلبات للحصول على إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجها ولتجديد تلك الإجازة على النحو السالف فقد كان يتعين على الجهة الإدارية أن تجيبها إلى طلبها وتمنحها تلك الإجازة أما إنها ولم تفعل بأن عاقبتها على انقطاعها عن العمل في المدة من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1983 فإن قرارها يكون قد خالف صحيح القانون ويتعين القضاء بإلغائه، ومن ثم قضت هذه المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المدعية بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل المقام من الجهة الإدارية أن الحكم السالف المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أنه وإن كانت المادة 69/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 – التي استند إليها هذا الحكم – يلزم جهة الإدارة بإجابة أحد الزوجين لطلبه بمنحه إجازة لمرافقة الزوج الآخر، إلا أن هذا لا يعني أن ينقطع العامل عن عمله بحجة أن له الحق في ذلك لمرافقة زوجه وإنما لا بد أن يصدر قرار من الجهة الإدارية التي يعمل بها بمنحه هذه الإجازة فإذا رفضت جهة الإدارة منحه تلك الإجازة فالسبيل للحصول على حقه هو اللجوء إلى القضاء وليس مخالفة القانون والانقطاع عن العمل وعليه يكون القرار بمجازاة المطعون ضدها سليماً ومطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه جديراً بالإلغاء، ومن ثم انتهت الجهة الإدارية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أن الطاعنة وهي مدرسة بالمدرسة الثانوية التجارية بالزقازيق انقطعت عن العمل اعتباراً من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1982 وكانت تتقدم للجهة الإدارية بطلبات لمنحها إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجها المرخص له بالسفر لمرافقته بالخارج، وقد قدمتها الجهة الإدارية إلى المحاكمة التأديبية أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بالدعوى رقم 224/ 7 القضائية لانقطاعها عن العمل في خلال المدة من 27/ 5/ 1978 حتى 18/ 10/ 1978، وقضت تلك المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 20/ 10/ 1979 ببراءة المتهمة مما نسب إليها تأسيساً على أنه طبقاً للمادة 69 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 فلا تملك الإدارة سلطة منح هذه الإجازة للعامل لمرافقة زوجه بالخارج طالما طلبها العامل وكان مرخصاً لزوجه في السفر للخارج لمدة لا تقل عن ستة أشهر أياً كان الغرض من السفر.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة لم تشر في تقرير طعنها إلى أنها طعنت في هذا الحكم السابق فلا محل لإعادة المجادلة فيما قضى به. ويقتصر النزاع الماثل على مدى مشروعية قرار الجهة الإدارية بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة عشر يوماً من راتبها لانقطاعها عن العمل في الفترة من 27/ 5/ 1979 حتى 3/ 8/ 1982 وهو محل الحكم الجديد الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة والمطعون فيه بالطعن الماثل.
ومن حيث إن الثابت حسبما ذهب إليه هذا الحكم ولم تجادل فيه جهة الإدارة الطاعنة أن المطعون ضدها كانت تتقدم سنوياً طوال مدة انقطاعها بطلبات بخطابات مسجلة لجهة الإدارة لمنحها إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجها المرخص له بالسفر للخارج.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية رفضت منح المطعون ضدها الإجازة المشار إليها تأسيساً على أن زوجها وهو يعمل مهندساً زراعياً بمعهد بحوث الأراضي والمياه التابع لمركز البحوث الزراعية مرخص له بالسفر للخارج، طوال المدة السالفة للسياحة وليس للعمل، وأن النشرة رقم 44 لا تجيز منح إجازة لمرافقة الزوج في هذه الحالة، ومن ثم انتهت الجهة الإدارية في قرارها الصادر بتاريخ 9/ 10/ 1982 باحتساب مدة الانقطاع من 27/ 5/ 1979 حتى عودتها للعمل في 3/ 8/ 1982 مدة غياب بدون أجر وبدون إذن وفي غير الأحوال المقررة وبمجازاتها عنها تأديبياً بخصم خمسة عشر يوماً من أجرها.
ومن حيث إن المادة 69 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "تكون حالات الترخيص بإجازة بدون مرتب على الوجه الآتي:
1 – يمنح الزوج أو الزوجة إذا رخص لإحداهما بالسفر إلى الخارج لمدة ستة أشهر على الأقل إجازة بدون مرتب ولا يجوز أن تجاوز مدة بقاء الزوج في الخارج كما لا يجوز أن تتصل هذه الإجازة بإعارة إلى الخارج.
ويتعين على الجهة الإدارية أن تستجيب لطلب الزوج أو الزوجة في جميع الأحوال.
2 – …………
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أنه في حالة ما إذا رخص للزوج أو للزوجة من الجهة المختصة بالسفر إلى الخارج لمدة ستة أشهر على الأقل فإن الآخر يمنح إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجه في الخارج على ألا تجاوز تلك الإجازة مدة بقاء الزوج المرخص له أصلاً بالسفر للخارج ويتعين على الجهة الإدارية في هذه الحالة أن تستجيب لطلب الزوج أو الزوجة بالموافقة على تلك الإجازة لمرافقة زوجه المرخص له بالسفر للخارج، وقد وردت عبارات المشرع في نص هذه المادة صريحة في وجوب موافقة الجهة الإدارية على منح الإجازة في تلك الحالة بحيث لا تتمتع بأية سلطة تقديرية في هذا الشأن، وإنما يتعين عليها وجوباً الموافقة على تلك الإجازة طالما قد توافرت الحالة المنصوص عليها في هذه المادة، وبحيث إذا ما رفضت جهة الإدارة الموفقة على تلك الإجازة فإن قرارها يعد غير مشروع ومخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه مما يقطع بأن المشرع لم يمنح الجهة الإدارية أية سلطة تقديرية في رفض تلك الإجازة أنه بالرجوع إلى نص المادة 48 من القانون السابق للعاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 وهو النص المقابل للمادة 69 من قانون العاملين المدنيين الحالي رقم 47 لسنة 1978 يبين أن يجرى على أنه "يجوز للسلطة المختصة وبناء على طلب العامل منحه إجازة خاصة بدون مرتب للمدة التي تحددها في الأحوال الآتية: للزوج أو الزوجة إذا رخص لإحداهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل ولا يجوز أن تجاوز الإجازة مدة بقاء الزوج في الخارج.
…………"
والمستفاد من نص المادة 48 المشار إليه أن المشرع كان يعتبر منح العامل الإجازة لمرافقة الزوج في هذه الحالة خاضعة للسلطة التقديرية للجهة الإدارية وليس على سبيل الوجوب عليها وإنما هو أمر جوازي لها، كما كان يعطي الجهة الإدارية سلطة تحديد مدة تلك الإجازة، إلا أن المشرع عدل عن هذا الأمر تماماً في المادة 69 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الحالي رقم 47 لسنة 1978 إذ قد استخدم في صدر هذا النص عبارة "بمنح الزوج أو الزوجة…….." كما ذيله بعبارة "ويتعين على الجهة الإدارية أن تستجيب لطلب الزوج أو الزوجة في جميع الأحوال" ومن ثم أصبح تمتع الموظف العام بالإجازة في هذه الحالة إنما هو أمر مقرر وجوباً بصريح نص القانون دون أي سلطة تقديرية لجهة الإدارة لحرمانه أو منعه من ممارسة هذا الحق، والمشرع في ذلك إنما يستهدف حماية الأسرة ورعايتها والحفاظ على تماسكها ووحدتها باعتبارها الخلية الأولى في المجتمع وركيزة أساسية من ركائزه، كما أن المشرع في ذلك ينزل على حكم المادة التاسعة من دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 1971 والتي نصت على أن "الأسرة أساس المجتمع وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد من تأكيد هذا الطابع وتنميته في العلاقات داخل المجتمع المصري".
وما استهدف المشرع في المادة 69 تأكيده من وجوب جمع شمل الأسرة في الحالة المنصوص عليها في تلك المادة حتى تحتفظ بتماسكها ووحدتها ولا ينفرط عقدها إذا ما استطال سفر أحد الزوجين للخارج، إنما يعبر عن واحدة من التقاليد الراسخة في المجتمع المصري والذي حفظت له أصالته واستقراره، وأكد المشرع الدستوري في المادة التاسعة من الدستور حرص الدولة على الحفاظ عليه.
ومن حيث إنه لا يقدح في ذلك ما أثاره الطعن الماثل من أنه يجوز لجهة الإدارة رفض منح الموظف هذا الحق رغم توافر شرائطه وإنما عليه هو اللجوء للقضاء للحصول على حكم بإلغاء قرار الإدارة في هذا الشأن ولتقرير أحقيته في السفر لمرافقة الزوج، ذلك أن هذا القول ينطوي على مخالفة صريحة لنص المادة 69 المشار إليه الذي أوجب على جهة الإدارة الموافقة على الإجازة في الحالة المعروضة دون أن تتمتع بأي سلطة تقديرية في هذا الشأن، كما أن هذا القول يتعارض مع الاعتبارات التي من أجلها قرر المشرع للموظف هذا الحق وأوجب على الإدارة إجابته إليه وهو الحفاظ على تماسك الأسرة ووحدتها، وهي اعتبارات لا تحتمل الإعاقة أو التأخير، وإلا فات الغرض من تقرير هذا الحق وانفتح الباب للعنت بما يتعارض مع ما تمليه المصلحة العامة في هذا الشأن.
هذا فضلاً عن أن الحق المقرر للموظف العام طبقاً للمادة 69 سالفة الذكر، إنما يرقى إلى مرتبة الحقوق المقررة بقوة القانون والتي لا محل للمجادلة فيها أو تأخير أو إعاقة حصول الموظف العام عليها لذات الاعتبارات التي من أجلها تقرر هذا الحق. ومن ثم فإذا رفضت الجهة الإدارية الموافقة على الإجازة لمرافقة الزوج في هذه الحالة فإن قراراها هذا يعد مشوباً بمخالفة جسيمة للقانون، لا يمكن أن يولد للإدارة حقاً في مجازاة الموظف إدارياً لهذا السبب، ولا يعد بالتالي مسلك هذا الموظف الذي يمارس حقه في مرافقة زوجه المقرر بقوة القانون مرتكباً لأي ذنب إداري، والقضاء الإداري إذا ما طرح عليه هذا النزاع سواء للنظر في إلغاء قرار الإدارة برفض الموافقة على الإجازة في الحالة المنصوص عليها في تلك المادة أو سواء للنظر في تأديب الموظف العام المرافق لزوجه في هذه الحالة إنما يصدر حكمه مستمداً من أصل قانوني واحد هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في رابطة من روابط القانون العام ومن ثم فإن القضاء الإداري ينظر في مدى مشروعية قرار الإدارة المشار إليه أو مدى مشروعية مسلك الموظف المذكور للقانون بحيث لا يختلف حكمه في الحالين اللذين هما وجهان لأمر واحد فإذا ما كان قرار الإدارة المشار إليه مخالف للقانون لمخالفته لما أوجبه المشرع من منح الموظف إجازة لمرافقة الزوج في الخارج فإن مسلك هذا الموظف المرافق لزوجه في الخارج لا يمكن أن يكون مشكلاً لمخالفة تأديبية أو مستوجباً للجزاء الإداري، وعلى ذلك فإن انقطاع الموظف عن العمل في الحالة المنصوص عليها في المادة 69 بعد توافر شرائطها لا يعد مشكلاً لأي ذنب إداري في حقه الأمر الذي يكون معه القرار بمجازاته إدارياً لهذا الانقطاع قراراً مخالفاً للقانون وخليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت في خصوصية الواقعة المعروضة أن المطعون ضدها كانت تتقدم سنوياً طوال مدة انقطاعها بطلبات بخطابات مسجلة مرسلة لجهة الإدارة لمنحها إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجها المرخص له بالسفر للخارج، وكان زوجها مرخص له بذلك طوال المدة المشار إليها وبذلك تتوافر شرائط انطباق المادة 68 من قانون العاملين المدنيين سالفة الذكر فإنه كان يتعين على الجهة الإدارية على سبيل الوجوب منح الموظفة المذكورة الإجازة المشار إليها لمرافقة زوجها بالخارج، ولا محل لرفض هذا الطلب بحجة أن زوجها رخص له بالسفر للخارج للسياحة وليس للعمل، ذلك أن المشرع في المادة 69 لم يفرق بين أسباب السفر للخارج سواء كانت للعمل أو الدراسة أو السياحة أو العلاج أو غيرها فلا محل لرفض إجابة المطعون ضدها لطلب الإجازة في الحالة المعروضة لهذا السبب وإلا اعتبر ذلك تقييداً لما أباحه المشرع في هذا الشأن ومن ثم فإن قرار الجهة الإدارية والمطعون فيه الصادر بمجازاة الموظفة المذكورة إدارياً في هذه الحالة يعد قراراً غير مشروع مخالفاً لصريح نص المادة 69 مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إلغاء قرار الجزاء المشار إليه فإنه يكون قد أصاب في قضائه صحيح القانون الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن الماثل موضوعاً لعدم استناده إلى أساس صحيح في القانون أو الواقع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات