الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1111 لسنة 6 ق – جلسة 28 /04 /1962 

مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1962 الى آخر ابريل سنة 1962) – صـ 764


جلسة 28 من ابريل سنة 1962

المشكلة علنا برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل اسماعيل وحسن السيد ايوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبى المستشارين..

القضية رقم 1111 لسنة 6 القضائية

( أ ) جنسية مصرية – اقامة – شروط تطبيق الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية – هى نفسها الشروط التى كانت لازمة لتطبيق الامر العالى الصادر فى 29 – 6 – 1900 – أساس ذلك – دوام الاقامة فى مصر حتى 10 من مارس سنة 1929 كشرط من بينها.
(ب) جنسية مصرية – الاتجاه نحو التطبيق فى فرضها بحكم القانون والتشدد فى اكتسابها وفى التمتع بآثارها – هو مسلك المشرع الذى اتجه الى المزيد منه قانون الجنسية رقم 391 لسنة 1956 – علة ذلك.
(جـ) جنسية – توطن كأساس للتمتع بالجنسية المصرية فى ظل القانون رقم 391 لسنة 1956.
1 – تنص الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية على ان "يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون: أولا… وثانيا كل من يعتبر من تاريخ نشر هذا القانون مصريا بحسب حكم المادة الاولى من الامر العالى الصادر فى 29 من يونيو سنة 1900" وتقضى المادة الاولى من ذلك الامر العالى بما يأتى: – (عند اجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر فى أول يونيو سنة 1883 يعتبر حتما من المصريين الاشخاص الآتى بيانهم: أولا: المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1948 وكانوا محافظين على محل اقامتهم فيه. ثانيا: رعايا الدولة العلية المولودين فى القطر المصرى من أبوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورين على محل اقامتهم فيه. ثالثا: رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذين يقبلون المعاملة بمقتضى قانون القرعة العسكرية سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية. رابعا: الاطفال المولودون فى القطر المصرى من ابوين مجهولين. ويستثنى من الاحكام المذكورة الذين يكونون من رعايا الدول الاجنبية أو تحت حمايتها" ولقد ظهرت الفقرات الثلاث الاولى من هذه المادة فى مشروع اللجنة المنوط بها وضع قانون الجنسية المصرية وجاءت بها فى المادة الثانية منه وهى التى وضعت تعريفا للجنسية المصرية فى الماضى وانتهى الوضع الى النص على هذه الفقرات ذاتها فى الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929. ومؤدى الفقرة الاولى من ذلك الامر العالى هو بصفة عامة أهل البلاد الاصليون سواء كانوا حقيقة مصريين أم بلا جنسية اذ يكفى توطنهم فى البلاد قبل أول يناير سنة 1848 ومحافظتهم على هذه الاقامة حتى يمكن اعتبارهم مصريين صحيحين لتعاقب الاجيال المتعددة. أما الفقرة الثانية من الامر العالى فالمقصود منها العثمانيون الذين نزحوا الى مصر فأقاموا فيها وتناسلوا. فالعثمانى الذى يجئ الى مصر ويقيم فيها يبقى عثمانيا. ولكن أولاده المولودين فى مصر يصبحون مصريين اذا حافظوا على اقامتهم فى مصر. أما الفقرة الثالثة فهى تشير الى العثمانيين الذين فى مصر ومقيمون فيها دون آبائهم فانهم مع ذلك معتبرون مصريين لو أنهم قبلوا المعاملة بقانون الخدمة العسكرية سواء بأداء الخدمة أو بدفع البدل. ووفقا لهذه الفقرة الثالثة يفترض المشرع أن ميلاد هؤلاء العثمانيين فى مصر واقامتهم فيها مضاف اليه قبولهم المعاملة بقانون الخدمة العسكرية يقوم مقام توطن آبائهم فى مصر وعلى ذلك يكون اكتسابهم للجنسية المصرية موقوفا فى الحقيقة على عمل اختيارى من جانبهم وهو تأديتهم للخدمة العسكرية أو دفعهم البدل عنها، فان هم فعلوا ذلك اعتبروا مصريين فيما يتعلق بحق الانتخاب. وتأسيسا على ذلك يشترط لتطبيق الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 نفس الشروط التى كانت لازمة لتطبيق الامر العالى الصادر فى 29/ 6/ 1900 لان هذا الامر العالى الصادر جزءا من أول قانون نافذ المفعول فى تنظيم الجنسية المصرية. وأهم هذه الشروط هو المحافظة على الاقامة فى مصر حتى تاريخ نشر المرسوم بقانون رقم وهو تاريخ 10 من مارس سنة 1929 ويظهر ذلك فى قول المشرع: كل من يعتبر فى تاريخ نشر هذا القانون مصريا. ومن الطبيعى أن يتشدد المشرع هنا فيستلزم عدم انقطاع الاقامة حتى نشر هذا القانون فى 10 مارس سنة 1929. واذا كان الشارع قد استلزم دوام الاقامة لكى يستعمل الشخص حقه فى الانتخاب، فلا غرابة، من باب أولى أن يستلزمها اعتبار الشخص مصريا بحكم القانون، قادرا على اعطاء هذه الجنسية لاولاده من بعده.
2 – ان المشرع المصرى فى مادة الجنسية قد اتجه واستمر يتجه الى التضييق فى فرض الجنسية المصرية بحكم القانون، والتشدد فى اكتسابها وفى التمتع بأثرها وراح الشارع يفسح المجال الذى يعمل فيه تقدير الادارة ابتغاء المحافظة على سلامة ركن السكان فى الدولة لكفالة سلامتها وذلك بتخير العناصر التى يتكون منها هذا الركن وهم الافراد، واستبعاد الفاسد من بيئتها عنه. وذلك هو ما دفع المشرع الى المزيد من السير فى هذا الاتجاه مما ظهرت آثاره فى قانون الجنسية الجديد (الثالث) وهو القانون رقم الذى نشر فى الوقائع المصرية العدد مكرر ( أ ) غير اعتيادى الصادر فى 20 نوفمبر سنة 1956 فنرى المشرع الجديد يزيد فى افساح المجال الذى يعمل فيه تقدير السلطة التنفيذية.
3 – ان مفاد أحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 وما لحق بها من ايضاح هو ان المشرع جعل مناط التمتع بالجنسية المصرية هو التوطن فى مصر قبل أول يناير سنة 1900 والمحافظة على الاقامة فيها حتى تاريخ نشر القانون وهو 20 من نوفمبر سنة 1956، هذا وتعتبر اقامة الاصول مكملة لاقامة الفروع والزوجية متى كانت لديهم نية التوطن.


اجراءات الطعن

فى 24 من مارس سنة 1960 أودع السيد محامى الحكومة سكرتيرية المحكمة تقريرا بالطعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم لسنة 6 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى – هيئة منازعات الافراد والهيئات – بجلسة 26 من يناير سنة 1960 فى الدعوى رقم لسنة 13 القضائية المقامة من ادوارد يوسف مورينو ضد وزارة الداخلية وادارة الجوازات والجنسية والذى قضى: "برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها، وفى الموضوع بالغاء قرار وزير الداخلية الذى يقضى بالامتناع عن الاعتراف للمدعى بالجنسية المصرية، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل اتعاب المحاماة". وطلب السيد محامى الحكومة للاسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه: (الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما يختص به من الغاء قرار وزير الداخلية السلبى بالامتناع عن الاعتراف للمدعى بالجنسية المصرية والزام الحكومة بالمصروفات، ومبلغ خمسمائة قرش مقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبرفض دعوى المطعون عليه وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون عليه فى 10 من مايو سنة 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة يوم 11 من يونيو سنة 1961 ثم أجل الفصل فيه لجلسة 3 من ديسمبر سنة 1961 ثم لجلسة 14 من يناير سنة 1962 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا للمرافعة بجلسة 31 من مارس سنة 1962 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن، على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى ان المطعون عليه أقام الدعوى رقم لسنة 13 القضائية ضد وزارة الداخلية وادارة الجوازات والجنسية بعريضة أودعها فى 4 من ديسمبر سنة 1958 سكرتيرية محكمة القضاء الادارى – هيئة منازعات الافراد والهيئات – يطلب فيها الحكم بثبوت جنسية الجمهورية العربية المتحدة وبالزام المدعى عليها باعطائه شهادة بذلك مع المصروفات ومقابل الاتعاب. وقال شرحا لدعواه أنه تقدم الى ادارة الجوازات والجنسية بالاسكندرية يطلب اثبات جنسيته المصرية، وشفعه بالمستندات التى يقول انها تثبت اقامته ووالده وجده من قبل، اقامة مستمرة فى مصر بنية التوطن بها. وأسس دعواه على ما نصت عليه المادة الاولى من القانون رقم لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية وقال ان هذه المادة تنطبق على حالته مما يتعين معه مطالبة الوزارة باعطائه الشهادة المثبتة لجنسيته المصرية أودعت الحكومة مذكرة بدفاعها وفيها دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وقالت ان محكمة القضاء الادارى لا تختص الا بطلب الغاء القرارات الادارية النهائية دون أن يكون لها ولاية الحكم بالزام الادارة بعمل أو باعطاء شئ. أما عن موضوع الدعوى فقالت الحكومة ان المدعى عجز من اثبات شرط التوطن فلم يقم باثبات اقامة والده فى مصر فى الفترة من عام 1914 الى تاريخ وفاته، ولم يقدم شهادة رسمية تثبت وفاة والده فى مصر كما عجز عن اثبات اقامته الشخصية عن نفسه هو منذ وفاة أبيه الى تاريخ 10 من مارس سنة 1929 مما يدل على ان طلبه غير مستوف للشرائط القانونية. أما بالنسبة لحصول أخيه روفائيل على الجنسية المصرية سنة 1947 فانه تبين من الاطلاع على ملفه أنه استحقها بوصفه عثمانى الاصل من مواليد سنة 1899 واقام بها منذ ميلاده حتى تاريخ نشر القانون رقم لسنة 1929 وليس بالاستناد الى جنسية والده على النحو الذى يقيم عليه المدعى الحق فى طلبه الجنسية المصرية، وانتهت الحكومة الى طلب الحكم أصليا بعدم اختصاص المحكمة واحتياطيا برفضها مع الزام المدعى بالمصروفات.
وبجلسة 21 من يناير سنة 1960 حكمت محكمة القضاء الادارى – هيئة منازعات الافراد والهيئات – "برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها، وفى الموضوع بالغاء قرار وزير الداخلية السلبى بالامتناع عن الاعتراف للمدعى بالجنسية المصرية، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل الاتعاب". واقامت قضاءها هذا: أولا: فيما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص، على أن حقيقة طلبات المدعى تستهدف الى المطالبة بالغاء القرار السلبى بامتناع وزارة الداخلية عن الاعتراف للمدعى بالجنسية العربية المتحدة وامتناعها عن اعطائه الشهادة المثبتة لهذه الجنسية. ولا شك ان هذا القرار المطعون فيه هو قرار ادارى مما تختص محكمة القضاء الادارى بالنظر فى طلب الغائه، ومن ثم يكون هذا الدفع، وبحق، فى غير محله ويتعين رفضه. أما عن الموضوع فقد أقام الحكم قضاءه بالغاء قرار وزير الداخلية السلبى بالامتناع عن الاعتراف للمدعى بالجنسية المصرية، على ان الثابت من المستندات المقدمة من المدعى أنه من مواليد الاسكندرية فى 23 من يناير سنة 1912 وان والده مولود بالاسكندرية أيضا سنة 1874 حيث توفى فى 12 من ديسمبر سنة 1923 وكان المدعى قاصرا وقتئذ فكفله أخوه روفائيل وتلقى تعليمه بمدارس الطائفة الاسرائيلية من سنة 1922 الى سنة 1926 وانه يشتغل بالتجارة كما تدل على ذلك شهادة الغرفة التجارية المؤرخة 21/ 11/ 1959 والتى تثبت قيد المدعى ضمن التجار المشتركين فى تلك الغرفة منذ 28/ 12 سنة 1944 وانه قائم بسداد الاشتراكات المطلوبة منه حتى مارس سنة 1959، وانه بالرجوع الى ملف شقيقه روفائيل يوسف مورينو، يتضح أنه اعترف له بالجنسية المصرية فى سنة 1947 بوصف كونه عثمانى الاصل ومن مواليد البلاد عام 1899 وانه أقام بها منذ ميلاده، وقال الحكم المطعون فيه ان أحالة المدعى لا تفترق عن حالة شقيقه روفائيل فى شئ اذ هو عثمانى الاصل مثله – ومولود بالبلاد من قبل سنة 1914 من ابوين عثمانيين كانا يقيمان فيه، وتدل المستندات المقدمة منه على اقامته هو بالبلاد اقامة دائمة منذ ميلاده حتى الآن ولم يغادرها. وقالت المحكمة تأسيسا على ذلك ان المدعى يكون مصرى الجنسية بالتطبيق لاحكام قوانين الجنسية الصادرة على التعاقب سنة 1929 وسنة 1950 وسنة 1956 وسنة 1958، ومن ثم يكون امتناع وزارة الداخلية – ادارة الجوازات والجنسية – عن الاعتراف له بالجنسية المصرية وبالتالى جنسية الجمهورية العربية المتحدة، لا سند له من الواقع أو القانون.
ومن حيث إن الطعن المقدم من جانب الحكومة فى 24 من مارس سنة 1960 يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله. ذلك أن المدعى استند فى طلب الاعتراف له بالجنسية المصرية الى المادة الاولى فقرة ثانية من القانون رقم لسنة 1929 كما استند فى صحيفة دعواه بطلب الحكم بثبوت جنسيته العربية المتحدة والزام وزارة الداخلية باعطائه شهادة بذلك الى المادة الاولى من القانون رقم لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية. ومع ذلك عجز المدعى عن اثبات توافر شروط المادتين اللتين استندا اليهما فلم يثبت أن والده أقام بمصر فى المدة من سنة 1914 لغاية تاريخ وفاته سنة 1923 كما ان المدعى لم يثبت أنه هو شخصيا أقام بمصر منذ وفاة والده لغاية مارس سنة 1929 مما حمل الادارة على رفض طلبه بحالته. فقول الحكم المطعون فيه أن مستندات المدعى التى قدمها تدل على اقامته بمصر اقامة دائمة منذ ميلاده الى الآن، قول لا سند له من الاوراق. وما تقدم به المدعى لا يعدو أن تكون أوراقا غير رسمية ولا صادرة من جهات يمكن الاعتماد عليها. ولا تكفى الشهادة التى صدرت من مدرسة الطائفة الاسرائيلية بأن المدعى التحق بها من سنة 1922 الى سنة 1926 للتدليل على أنه من سنة 1923 تاريخ وفاة والده الى مارس سنة 1929 تاريخ نشر القانون رقم كان مقيما بمصر، فهذه الشهادة وان دلت على ان المدعى أقام بمصر الى سنة 1926 فليس فيها ما يدل على أن تلك الاقامة قد استطالت الى سنة 1929 وهو شرط لازم لتوافر احكام القانون. وفضلا عن ذلك فان الحكم المطعون فيه لم يتحقق من توافر ركن اقامة والد المدعى فى الاقليم المصرى خلال المدة من سنة 1914 الى تاريخ وفاته سنة 1923 كما أخطأ الحكم فى تشبيه حالة المدعى بحالة شقيقه روفائيل وفى حين أن وجه الشبه منتف بينهما لان روفائيل منح سنة 1947 الجنسية المصرية تأسيسا على الفقرة الثالثة من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 وقد توافرت له شروطها. أما المدعى فانه يؤسس دعواه على نص الفقرة الاولى من المادة الاولى من القانون رقم لسنة 1956 وعجز عن اقامة الدليل وتقديم المستندات الرسمية التى تفيد توافر اركانها. وانتهى تقرير هذا الطعن الى طلب الغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من الغاء قرار وزير الداخلية السلبى بالامتناع عن الاعتراف للمدعى بالجنسية المصرية، والقضاء برفض دعوى المطعون عليه والزامه بالمصروفات.
ومن حيث انه تبين من استظهار ملفى الجنسية: الاول رقم (23/ 56 سنة 1958) الخاص بطلب المدعى ادوارد يوسف مورينو، والثانى رقم (23/ 25/ 4591) الخاص بجنسية روفائيل يوسف مورينو، وهما الملفان المودعان من مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بوزارة الداخلية ان المدعى ادوارد تقدم فى 6 من يناير سنة 1954 الى ادارة الجوازات والجنسية بالاسكندرية بطلب اثبات جنسيته المصرية واعطائه شهادة بذلك تأسيسا على حكم المادة الاولى فقرة ثانية من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية، وذكر فى طلبه أنه مولود بالاسكندرية عام 1912 لاب عثمانى هو مولود بدوره فى مصر عام 1874 وتوفى بالاسكندرية عام 1923، وقال انه سبق الاعتراف لشقيقه روفائيل بالجنسية المصرية. وشفع المدعى طلبه هذا بالمستندات الآتية: –
1) – مستخرج رسمى من دفاتر مواليد قسم المنشية بمحافظة الاسكندرية مستمد من دار المحفوظات العمومية يفيد أنه بالبحث فى الدفتر جزء (58/ 18/ 9) وجد بصفحة تحت رقم تاريخ الميلاد 13/ 9/ 1912 واسم المولود نسيم يوسف واسم الوالد ولقبه يوسف مورينو الجنسية (رعية) والديانة (اسرائيلى) ومهنته (جزار) وهذا المستخرج الرسمى صادر من مجلس بلدى الاسكندرية فى 20 من ابريل سنة 1953.
2) – شهادة من ديوان الحاخامخانة للطائفة الاسرائيلية بالاسكندرية صادرة فى 27/ 12/ 1953 تفيد أنه باقرار شاهدين مدون فى سجلات الشهادات العلنية جزء (51 رقم 427) بتاريخ 25/ 12/ 1953 أن المدعو نسيم مورينو ابن المرحوم يوسف مورينو البالغ عمره 41 سنة هو معروف باسم ادوارد مورينو.
3) – شهادة ميلاد والد المدعى وهذه الشهادة صادرة من ديوان الحاخامخانة للطائفة الاسرائيلية بالاسكندرية بتاريخ 21/ 1/ 1951 وجاء فيها ان هذا الديوان يشهد بأنه ينتج من المدون فى السجل الخاص بالختان بهذه الحاخامخانة جزء (ج) رقم بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1874 وكذلك من عقد شهرة علنية جزء رقم بتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1947 أن المدعو يوسف مورينو ابن روفائيل وجانتيل مولودة ملكا، ولد بالاسكندرية بالقطر المصرى فى 19 من نوفمبر سنة 1874 وهذه الشهادة موقع عليها من قائم مقام الحاخامباشى بالاسكندرية.
4) – شهادة صادرة من المدارس المجانية للطائفة الاسرائيلية فى 14 من يناير سنة 1951 تفيد بأن ادوارد يوسف مورينو كان تلميذا بالمدرسة ابتداء من اكتوبر سنة 1922 الى يوليه سنة 1926.
5) – شهادة صادرة من حاخامخانة الاسكندرية فى 15/ 1/ 1951 من سجل الزيجات فى عهد الراب تاتان عرام جزء رقم تفيد أنه يستفاد من النص المصرى بأنه يوم 10 من فبراير سنة 1865 عقد بالاسكندرية زواج المدعو روفائيل ابن المرحوم ايزاك مورينو بالآنسة جانتيل ايزاك ملكا.
6) صورة شهادة الجنسية التى حصل عليها شقيق المدعى وهى صادرة من وزير الداخلية فى 4 من ديسمبر سنة 1947 وبمقتضاها تشهد ادارة الجوازات والجنسية بأنه بناء على الطلب المقدم من روفائيل يوسف مورينو التاجر بالاسكندرية برغبته فى اعطائه شهادة الجنسية المصرية.
وحيث انه اتضح من المستندات المقدمة ان الطالب معتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون طبقا لنص المادة الاولى فقرة ثانية من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 فقد حررنا هذه الشهادة اثباتا لذلك واعطيناها للطالب المذكور عملا بنص المادة من المرسوم بقانون المشار اليه – ثم قال المدعى فى الطلب المقدم منه فى 6 من يناير سنة 1954 ان هذه المستندات تثبت اقامته هو ووالده من قبل اقامة مستمرة فى مصر بنية الاستيطان. والثابت من الاوراق ان ادارة الجوازات والجنسية طلبت من المدعى اثبات: اثبات اقامة المدعى شخصيا من وفاة والده سنة 1923 لغاية 10 من مارس سنة 1929 ولكن المدعى لم يقدم المستندات المطلوبة لادارة الجوازات والجنسية التى عادت وارسلت اليه فى 21/ 4/ 1954 كتابا تحثه فيه على تقديم المستندات اللازمة ومع ذلك لم يحرك المدعى ساكنا ولم يستجب لطلب الادارة الامر الذى دعاها الى أن تقف من طلبه موقفا سلبيا حتى يتم اقامة الدليل على توافر الشروط والاوضاع التى يتطلبها القانون. وفى 4 من ديسمبر سنة 1958 أودع المدعى ادوارد يوسف مورينو سكرتيرية محكمة القضاء الادارى صحيفة هذه الدعوى متضمنة طلباته المقدمة فى طلبه المؤرخ 6 من يناير سنة 1954 الى وزارة الداخلية وان كان قد تميز الاساس القانونى الذى يستند اليه فطلب الحكم بثبوت جنسية الجمهورية العربية المتحدة له والزام وزارة الداخلية باعطائه شهادة بذلك تأسيسا على حكم المادة الاولى من القانون رقم لسنة 1956 وبالتالى المادة الاولى من القانون رقم 82 لسنة 1958 وقد اعتبرت جنسية الجمهورية العربية المتحدة ثابتة لمن كان فى 22 من فبراير سنة 1958 متمتعا بالجنسية المصرية. وكان المدعى قد وجه انذارا فى 12/ 8/ 1958 الى المدعى عليه يطلب منه اعطاءه الشهادة الرسمية المثبتة لجنسيته العربية المتحدة فلما لم ترد عليه وزارة الداخلية لا سلبا ولا ايجابا أقام دعواه وأرفق بها حافظة بالمستندات الجديدة وذلك بالاضافة الى ما سبق ان قدمه مع طلبه الى وزارة الداخلية من مستندات، والاوراق الجديدة هى: –
1) – شهادة وفاة صادرة فى 10/ 11/ 1959 من حاخامخانة الاسكندرية تشهد بأنه توفى فى تلك المدينة فى 12 من ديسمبر سنة 1923 المدعو جوزيف مورينو ابن المرحوم روفائيل وعمره سنة وينتج من سجل الوفيات بتلك الحاخامخانة جزء (ب) رقم (148/ 398).
2) – اقرار عرفى موقع عليه فى 4/ 12/ 1959 من شقيق المدعى وهو روفائيل يوسف مورينو بأن المدعى ادوارد كان يقيم طرفه من سنة 1914 لغاية سنة 1944.
3) – شهادة صادرة فى 11 من نوفمبر سنة 1959 من مدير الغرفة التجارية المصرية بالاسكندرية تفيد أن المدعى مقيد بها وبالسجل التجارى برقم بتاريخ 28/ 12/ 1944 وانه سدد رسم الغرفة السنوى عن عام 1959 مبلغ جنيهين بموجب القسيمة رقم بتاريخ 11 من مارس سنة 1959 وقد أعطيت هذه الشهادة لتقديمها الى الادارة العامة للاستيراد بدون أية مسئولية على الغرفة التجارية. وظاهر مما تقدم ان المدعى لم يستجب لنداء ادارة الجوازات والجنسية فلم يقدم: : ما يثبت أن والده كان يقيم فى مصر فى الفترة من سنة 1914 الى تاريخ وفاته سنة 1923. : ما يثبت اقامة المدعى شخصيا بمصر منذ وفاة والده سنة 1923 لغاية مارس سنة 1929 : الشهادة الرسمية التى يجب أن تصدر من الجهة الادارية المختصة باثبات وفاة والده بالاسكندرية سنة 1923.
ومن حيث ان المدعى قد استند فى الطلب المقدم منه فى 6 من يناير سنة 1954 الى ادارة الجوازات والجنسية بوزارة الداخلية لتعترف له بالجنسية المصرية وتقوم باعطائه شهادة بذلك الى الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية التى تنص على ان "يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون: أولا.. وثانيا، كل من يعتبر فى تاريخ نشر هذا القانون مصريا بحسب حكم المادة الاولى من الامر العالى الصادر فى 29 من يونيه سنة 1900" وتقضى المادة الاولى من ذلك الامر العالى بما يأتى: – "عند اجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر فى أول يونيه سنة 1883 يعتبر حتما من المصريين الاشخاص الآتى بيانهم أولا: المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1948 وكانوا محافظين على محل اقامتهم فيه. ثانيا: رعايا الدولة العلية المولودون فى القطر المصرى من أبوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورون على محل اقامتهم فيه. ثالثا: رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذى يقبلون المعاملة بمقتضى قانون القرعة العسكرية سواء بادائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية. رابعا: الاطفال المولودون فى القطر المصرى من أبوين مجهولين. ويستثنى من الاحكام المذكورة الذين يكونون من رعايا الدول الاجنبية أو تحت حمايتها". ولقد ظهرت الفقرات الثلاث الاولى من هذه المادة فى مشروع اللجنة المنوط بها وضع قانون الجنسية المصرية وجاءت بها فى المادة الثانية منه وهى التى وضعت تعريفا للجنسية المصرية فى الماضى وانتهى الوضع الى النص على هذه الفقرات ذاتها فى الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929. ومؤدى الفقرة الاولى من ذلك الامر العالى هو بصفة عامة أهل البلاد الاصليون سواء أكانوا حقيقة مصريين أم بلا جنسية أصلا اذ يكفى توطنهم فى البلاد قبل أول يناير سنة 1948 ومحافظتهم على هذه الاقامة حتى يمكن اعتبارهم مصريين صحيحين لتعاقب الاجيال المتعددة. أما الفقرة الثانية من الامر العالى فالمقصود منها العثمانيون الذين نزحوا الى القاهرة فأقاموا فيها وتناسلوا. فالعثمانى الذى يجئ الى مصر ويقيم فيها يبقى عثمانيا. ولكن أولاده المولودين فى مصر يصبحون مصريين اذا حافظوا على اقامتهم فى مصر. أما الفقرة الثالثة فهى تشير الى العثمانيين الذين فى مصر ويقيمون فيها دون آبائهم فانهم مع ذلك معتبرون مصريين لو أنهم قبلوا المعاملة بقانون الخدمة العسكرية سواء بأداء الخدمة أو بدفع البدل. ووفقا لهذه الفقرة الثالثة يفترض المشرع أن ميلاد هؤلاء العثمانيين فى مصر واقامتهم فيها مضاف اليه قبولهم المعاملة بقانون الخدمة العسكرية يقوم مقام توطن آبائهم فى مصر، وعلى ذلك يكون اكتسابهم للجنسية المصرية موقوفا فى الحقيقة على عمل اختيارى من جانبهم وهو تأديتهم للخدمة العسكرية أو دفعهم البدل عنها، فان هم فعلو ذلك اعتبروا مصريين فيما يتعلق بحق الانتخاب. وتأسيسا على ذلك يشترط لتطبيق الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 نفس الشروط التى كانت لازمة لتطبيق الامر العالى الصادر فى 29/ 6/ 1960 لان هذا الامر العالى صار جزءا من أول قانون نافذ المفعول فى تنظيم الجنسية المصرية. وأهم هذه الشروط هو المحافظة على الاقامة فى مصر حتى تاريخ نشر المرسوم بقانون رقم وهو تاريخ 10 من مارس سنة 1929 ويظهر ذلك فى قول المشرع: كل من يعتبر فى تاريخ نشر هذا القانون مصريا. ومن الطبيعى أن يشدد المشرع هنا فيستلزم عدم انقطاع الاقامة حتى نشر هذا القانون فى 10 من مارس سنة 1929. واذا كان الشارع قد استلزم دوام الاقامة لكى يستعمل الشخص حقه فى الانتخاب، فلا غرابة، من باب أولى أن يلتزم بها لاعتبار هذا الشخص مصريا بحكم القانون، قادرا على اعطاء هذه الجنسية لاولاده من بعده.
ومن حيث انه مهما يكن من أمر أول تشريع بشأن الجنسية المصرية فالظاهر أن المشرع لم يضمنه كل ما كان يبتغيه من أحكام تحقق مصلحة الدولة المصرية نظرا للظروف التى أحاطت به وقت اصداره سنة 1929 كما ان التطبيق العملى لذلك التشريع قد كشف عن مدى النقص فى احكامه. لذلك قدر المشرع ضرورة تعديله فأقدم على سن تشريع فى ظروف مواتية من كمال السيادة وقد صار لمصر شخصيتها الدولية وتقلص ظل الامتيازات الاجنبية وكل ذلك مكن الشارع من وزن التشريع الثانى للجنسية المصرية بميزان مصلحة الدولة العليا فأصدر القانون رقم فى 18 من سبتمبر سنة 1950، وجاء فى طليعة مذكرته الايضاحية "يعد موضوع الجنسية من المسائل المتعلقة بسيادة الدولة التى لها مطلق الحرية فى تقرير من يعتبر من رعاياها ووضع الشروط التى تستلزم توافرها فيمن يمكن الاعتراف له بمثل هذا الوصف". ومن تاريخ نشر هذا القانون انتهت مرحلة سريان المرسوم بقانون رقم لسنة 1929. على ان هذا القانون الثانى للجنسية المصرية سنة 1950 ليس مقطوع الصلة بالقانون الاول، فقد استقى مشرع سنة 1950 الكثير من احكام القانون الاول، فجاء فى المادة الاولى منه: "المصريون هم: –
1)….
2) – المتوطنون فى الاراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1948 وكانوا محافظين على اقامتهم العادية فيها الى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكونوا من رعايا الدول الاجنبية.
3) – الرعايا العثمانيون المولودون فى الاراضى المصرية من أبوين مقيمين فيها اذا كانوا قد حافظوا على اقامتهم العادية فيها الى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكتسبوا جنسية أجنبية.
4) – الرعايا العثمانيون المولودون فى الاراضى المصرية المقيمون فيها الذين قبلوا المعاملة بقانون القرعة العسكرية سواء بآدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدل ولم يدخلوا فى جنسية أجنبية متى حافظوا على اقامتهم العادية فى مصر الى 10 من مارس سنة 1929.
5) – الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الاراضى المصرية فى 5 من نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الاقامة حتى تاريخ 10 من مارس سنة 1929 سواء أكانوا بالغين أم قصرا. … …، والمقصود بالرعايا العثمانيين فى الفقرات الثلاث المتقدمة هم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المعقودة فى 24 من يوليه سنة 1923.
وغنى عن القول ان المشرع المصرى فى مادة الجنسية قد اتجه واستمر يتجه الى التضييق فى فرض الجنسية المصرية بحكم القانون، والتشدد فى اكتسابها وفى التمتع بآثارها وراح الشارع يفسح المجال الذى يعمل فيه تقدير الادارة ابتغاء المحافظة على سلامة ركن السكان فى الدولة لكفالة سلامتها وذلك بتخير العناصر التى يتكون منها هذا الركن وهم الافراد، واستبعاد الفاسد من بيئتها عنه. وذلك هو ما دفع المشرع الى المزيد من السير فى هذا الاتجاه مما ظهرت آثاره فى قانون الجنسية الجديد الثالث وهو القانون رقم نشر فى الوقائع المصرية العدد مكرر ( أ ) غير اعتيادى الصادر فى 20 نوفمبر سنة 1956 فنرى المشرع الجديد يزيد فى افساح المجال الذى يعمل فيه تقدير السلطة التنفيذية.
وجاء فى صدر المذكرة الايضاحية لهذا القانون الجديد: "وغنى عن البيان أن المشرع فى تقدير هذه الشروط المتطلبة للاعتراف بالجنسية هى سلطة واسعة وتمليها اعتبارات سيادة الدولة والمصلحة العليا للوطن، وذلك لان الجنسية رابطة بين فرد ودولة توجب عليه الولاء لها وتوجب عليها حمايته، ومن ثم كانت موضوعاتها تتضح من سيادة الدولة ذاتها. فكان للدولة أن تتولى بما لها من هذه السيادة، تحديد عنصر السكان فيها، وهى اذ تخلق الجنسية بارادتها وحدها، تحدد شروط منح الجنسية وشروط كسبها وشروط فقدها حسب الوضع الذى تراه، مستكملا لعناصر وجودها". ونصت المادة الاولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 وهى السند القانونى الذى يقيم عليه المدعى دعواه هذه على ما يأتى: – "مادة أولى – المصريون هم: أولا: المتوطنون فى الاراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على اقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الاجنبية، وتعتبر اقامة الاصول مكملة لاقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن. ولا يفيد من هذا الحكم ( أ ) الصهيونيون…." وفى ذلك تقول المذكرة الايضاحية أيضا "والجنسية المصرية ليست جديدة النشأة بل انها ترتبط فى واقع وجودها بواقع وجود الدولة نفسها الممتد الى فجر التاريخ، ولا غرو فى ذلك لانه لا تنشأ دولة دون شعب ينتمى اليها ويتصف بجنسيتها وفى العصر الحديث وضعت عدة تشريعات متلاحقة فى صدد الجنسية منها الامر العالى الصادر فى 29/ 6/ 1900 بتحديد من يعتبر حتما من المصريين عند اجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر فى أول مايو سنة 1883 حيث بدأ بذكر المتوطنين فى مصر من قبل أول يناير سنة 1848 متى حافظوا على اقامتهم العادية فى مصر ثم صدر المرسوم بقانون فى شأن الجنسية المصرية فى 26 مايو سنة 1926 ثم صدر المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 الذى ألغى المرسوم بقانون سالف الذكر وقد تضمن فيما تضمنه الاحكام الواردة فى المادة الاولى من الامر العالى المشار اليه والتى تجعل الاصل العثمانى من أصول اكتساب الجنسية المصرية ثم صدر القانون رقم لسنة 1950 ونقل فيما نقله من القوانين السابقة عليه المبادئ المتعلقة بالاصل العثمانى. ولم يعد القانون رقم لسنة 1950 رغم ما أدخل من تعديلات على الكثير من أحكامه (بالقانون رقم 194 لسنة 1951 والقانون رقم 584 لسنة 1953، صالحا للتمشى مع ما جد على مركز البلاد السياسى والدولى من تغيير خطير فى عهدها الجمهورى الجديد دعت الحال الى التحرر من أوضاع لا تتفق ومكانة البلاد اليوم، واقتضى هذا تمصير الاسس التى تقوم عليها الجنسية المصرية. وقد كشف العمل عن ضرورة الحد من اطلاق حكم النص عند تعريف المصرى وتحديد الجنسية المصرية بكيفية توجب ان تكون هذه الاسس مانعة من ثبوت الجنسية المصرية لاولئك الذين لا يدينون بالولاء لمصر بل يدينون به لغيرها، وذلك حماية للدولة من أن تفرض عليها عناصر قد يكمن فيها أبلغ الخطر على كيانها. وقد تضمن القانون الجديد الاسس والاعتبارات سالفة الذكر فنص فيه على الاخذ بمبدأ التوطن السابقة على أول يناير سنة 1900 للاتصال بالجنسية اذا اقترن بشرط المحافظة على الاقامة العادية فى مصر حتى تاريخ العمل بالقانون مع اشتراط عدم اتصاف المتوطن برعوية أجنبية. وروعى فى تحديد التاريخ المذكور اعتبارات عملية منها أن مرور ما يزيد على نصف قرن من التوطن فى مصر وعدم اتصاف المتوطن بجنسية أجنبية يكفى فى ذاته لاعتبار المتوطن مصريا لارتباطه روحيا وماديا بالبلاد. ونص على ان اقامة الاصول تعتبر مكملة لاقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن وذلك حتى لا يضار شخص من الفروع لعوامل لا دخل لارادته فيها كوفاة أصله أو غير ذلك من الاسباب).
ومفاد هذه وما لحق بها من ايضاح هو ان المشرع جعل مناط التمتع بالجنسية المصرية هو التوطن فى مصر قبل أول يناير سنة 1900 والمحافظة على الاقامة فيها حتى تاريخ نشر القانون وهو 20 من نوفمبر سنة 1956 – هذا وتعتبر اقامة الاصول مكملة لاقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن.
ومن حيث انه على هدى ما تقدم يكون من حق ادارة الجوازات والجنسية ان تطالب المدعى باثبات أن الاقامة التى يستند اليها وترتد اقامته هو الى أصلها انما يرجع الى ما قبل أول يناير سنة 1900 وان محافظة المدعى على هذه الاقامة التى يجب أن ترجع فى أصلها الى ما قبل عام 1900 انما هى ظلت مستمرة ثم امتدت الى 20 من نوفمبر سنة 1956 وان نية التوطن كانت قائمة لدى الاصل الذى يستمد منه الحق ثم ظلت قائمة لدى الفرع وهو المدعى. والمدعى اذ عجز عن تقديم المستندات الرسمية التى تقطع بميلاد أبيه فى مصر عام 1874 وبوفاته فى مدينة الاسكندرية لم ترد ادارة الجوازات والجنسية الاعتداد بها. وقد عجز المدعى كذلك عن تقديم ما يثبت اقامة والده فى مصر عن المدة من 15/ 11 سنة 1914 الى تاريخ وفاته سنة 1923 وقد كان المدعى فى تلك الفترة من الزمن قاصرا لانه من مواليد الاسكندرية فى 13/ 9/ 1912، كما عجز المدعى عن أن يثبت انه هو شخصيا كان يقيم فى مصر منذ وفاة والده سنة 1923 لغاية مارس سنة 1926 وان كان قد قدم ورقة غير رسمية من المدارس المجانية للطائفة الاسرائيلية تقول بأنه كان تلميذا بها من سنة 1922 وفقط الى سنة 1926، فلم يمتد اقرارها بذلك الى مارس سنة 1929. وكل أولئك لا ينهض دليلا كافيا على توافر الشروط المتطلبة لا من المواد السالف الاشارة اليها فى المرسوم بقانون الصادر سنة 1929 أو القانون رقم 160 لسنة 1950 أو القانون رقم لسنة 1956. ومن باب أولى القانون رقم لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة والذى نصت المادة الاولى منه على ان يثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان فى 22 من فبراير سنة 1958 متمتعا بالجنسية المصرية وفقا لأحكام القانون رقم لسنة 1956. ولا يغنى المدعى قوله أنه ولد فى مصر سنة 1912 لاب من أصل عثمانى هو أيضا ولد فى مصر سنة 1874 وتوفى فيها سنة 1923 فالاوراق التى قدمها أولا الى ادارة الجوازات والجنسية وكذلك تلك التى اضافها بحافظة الى صحيفة هذه الدعوى لا تكفى وحدها لاقامة الدليل على صحة السند الذى ترتكز عليه الدعوى. وقد ثبت لهذه المحكمة من الاطلاع على ملف الجنسية (رقم 23/ 25/ 4591) الخاص بشقيق المدعى روفائيل يوسف مورينو ان هذا الاخير وان كان قد حصل فى 4 من ديسمبر سنة 1947 على شهادة بالجنسية المصرية فان ذلك لم يكن تأسيسا على ان الوالد كان من أصل عثمانى كما يقول المدعى، وانما كان بناء على ما اتضح من المستندات المقدمة من روفائيل والتى تقطع بأن هذا الاخير هو من مواليد مصر فى 7 من مارس سنة 1866 وهو من الرعايا العثمانيين وقد أقام بمصر منذ ولادته حتى مارس سنة 1929 ومن ثم فانه يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون طبقا لنص المادة الاولى فقرة ثانية من المرسوم بقانون رقم لسنة 1929 الخاص بالجنسية المصرية. واذا كان الدليل على نحو ما تقدم، لا يزال غير كاف لاثبات شرط تواطن والد المدعى وشرط اقامته المستمرة بمصر ومحافظته على تلك الاقامة فى المدة من 5 من نوفمبر سنة 1914 الى تاريخ وفاته سنة 1923، ولاثبات اقامة المدعى شخصيا بمصر على الاقل من سنة 1926 الى سنة 1929، وكان مرجع تقدير الدليل فى هذا وذلك الى الجهة الادارية المختصة وهى التى اقتنعت بعدم كفاية الدليل المقدم اليها اقتناعا سائغا له ما يبرره دون تعنت من جانبها أو هوى فان طلب المدعى الاعتراف له بالجنسية المصرية واعطاءه شهادة بذلك أو الحكم له بثبوت هذه الجنسية، يكون بحالته هذه وبحسب المستندات المقدمة منه حتى الآن غير مستند الى أساس سليم متعينا رفضه، ويكون امتناع وزارة الداخلية عن تسليمه الشهادة المطلوبة قائما على سببه. وان لم يحل هذا دون امكان استيفائه الدليل اللازم اذا صمم على ما يطلب.
واذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فانه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بالغائه وبرفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات