الطعن رقم 1523 لسنة 5 ق – جلسة 28 /04 /1962
مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1962 الى آخر ابريل سنة 1962) – صـ
731
جلسة 28 من أبريل سنة 1962
برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل اسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبى المستشارين.
القضية رقم 1523 لسنة 5 القضائية
( أ ) طعن – الحكم الصادر فى دعوى الالغاء – الطعن فيه ممن قبل
خصما منضما للجهة الادارية حق اصيل لا تبعى متى صدر الحكم فى مواجهته ماسا بمركزه القانونى
– لا يغير من ذلك قبول الخصم الاصيل الحكم أو ان الحكم لم يلزم الخصم المنضم المصروفات
– اساس ذلك.
(ب) جامعات – أعضاء هيئة التدريس – نقلهم من جامعة الى أخرى – نقل أحد مدرسى كلية حقوق
القاهرة الى كلية حقوق الاسكندرية ثم نقله بعد ترقيته الى وظيفة استاذ مساعد الى الجامعة
المنقول منها بعد قبوله أن يوضع فى اقدميته بين زملائه قبل نقله الى جامعة الاسكندرية
– هذا الشرط صحيح قانونا – اثاره – عدم جواز التمسك بما يؤثر على المراكز القانونية
للزملاء الاقدم منه – اساس ذلك – مثال بالنسبة لعدم صلاحيته للترشيح لكرسى الاستاذية
الا عند ثبوت صلاحية الزملاء الاقدم باستيفائهم شرط المدة المقررة قانونا للترقية الى
وظيفة استاذ.
1 – اذا كان الثابت من الاوراق أن الطاعن تدخل فى الخصومة وهى قائمة أمام المحكمة،
وتقرر قبوله خصما منضما للجامعة فى طلب رفض الدعوى، لان الحكم الذى يصدر فيه قد يؤثر
على المركز القانونى الذى ترتب به بالقرارات المطعون فيها، وبذلك تتاح له الفرصة فى
تبيان وجهة نظره، شأنه فى ذلك شأن الخصوم الأصليين فى الدعوى، وبهذه الصلة كان له حق
الاطلاع وتبادل المذكرات، فاذا ما صدر الحكم بعد ذلك فى مواجهته ماسا مصلحة قانونية
ومادية له كان من حقه التظلم منه بالطريق الذى رسمه القانون، ولا يعترض عليه بأن حقه
فى الطعن لا يقوم ما دام الخصم الأصيل قد قبل الحكم، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر
على أن للشخص الذى مس الحكم الصادر فى دعوى مصلحة له قانونية أو مادية، حق الطعن فيه
بكافة طرق الطعن المقررة قانونا حتى ولو لم يكن قد علم بالدعوى أو تدخل فيها، والطاعن
وقد ألغيت ترقيته بالحكم المطعون فيه فإنه بذلك يكون قد حكم عليه ولا ينفى هذه الصفة
عنه أن الحكم لم يلزمه بمصاريف لأن الخصومة فى دعاوى الالغاء هى خصومة عينية مردها
القانون، فليس بشرط لقيامها اعلان من تناولتهم القرارات الادارية المطلوب الغاؤها.
بل يكفى فيها اعلان الجهة الادارية مصدرة القرار والمتسببة فيه وأن الحكم الذى يصدر
فيها يعتبر بحكم القانون حجة على الكافة، وعلى ذلك اذا أصدرت الجهة الادارية قرارا
بترقية الطاعن ثم رفع بشأنه دعوى صدرت فيها حكم مغاير لوجهة نظر الادارة فإن الذى خسر
الدعوى هنا هو الجهة الادارية وليس الطاعن، ومن ثم فيتعين إلزامها وحدها بالمصروفات
مع بقاء حق من ألغيت ترقيته فى الطعن فى هذا الحكم دون التقيد بقبول الجهة الادارية
من عدمه وحقه فى ذلك هو حق أصيل وليس تبعيا. ومن ثم يتعين رفض الدفع بعدم قبول الطعن
لرفعه من غير ذى صفة.
2 – اذا كان الثابت من الاوراق أن جامعة القاهرة قد قبلت طلب المدعى بنقله اليها بالشروط
التى ضمنها طلبه وهى قبوله وضعه فى الاقدمية بين زملائه الذين كانوا معه بكلية الحقوق
بهذه الجامعة، والقرار الصادر فى هذا الشأن وأن القصد من هذه الشروط كان واضحا لا لبس
فيه ولا ابهام سواء بالنسبة للجامعة أو للمطعون ضده، وأن الهدف الاول والاخير منها
هو المحافظة على المراكز القانونية للمدرسين بها، وهذا ما استوجب أن يعود المطعون ضده
(المدعي) الى الوضع الذى كان فيه بين زملائه فى سنة 1945 قبل نقله الى جامعة الاسكندرية
فى اكتوبر سنة 1945، وبالتالى فلا يجوز له الاحتجاج بأى وضع يكون قد كسبه فى الفترة
التى انقضت ما بين نقله من جامعة القاهرة فى سنة 1945 وعودته اليها فى سنة 1950 مما
قد يؤثر على المراكز القانونية لزملائه الأقدم منه وأما عدا ذلك فقد استبقت له الجامعة
كافة الحقوق المالية المترتبة على ترقيته الى وظيفة أستاذ مساعد بجامعة الاسكندرية
وبالتالى فانه لا يعتد بالمدة التى أمضاها فى وظيفة أستاذ مساعد قبل ترقية زملائه بجامعة
القاهرة الى هذه الوظيفة، ومن مقتضى ذلك أن تحتسب له مدة الاربع سنوات اعتبارا من 11/
10/ 1949 تاريخ ترقية زميليه السابقين عليه فى أقدمية مدرس اذ أنه من هذا التاريخ لا
قبله تتكافأ الفرص بالنسبة للجميع للترقية الى وظيفة أستاذ، والقول بغير ذلك لا يتمشى
مع القصد من وجوب وضع المدعى بعد نقله الى جامعة القاهرة فى الوضع الذى كان فيه بالنسبة
لزملائه قبل نقله منها الى جامعة الاسكندرية فى عام 1945 ذلك القصد الذى أفصحت عنه
الجامعة أكثر من مرة وأعلنته واضحا محددا، وليس ذلك فحسب، بل إن هذا القصد كان مفهوما
لدى المدعى نفسه، فقد كتب خطابا الى عميد كلية الحقوق فى 3/ 6/ 1953 يعترض فيه على
ترشيح زميليه الاقدم منه الى كرسى الأستاذية ويقول فيه "أنه طالما أن قرار مجلس الجامعة
– القاضى بعدم صلاحيته للترشيح للاستاذية الى أن يستوفى كل من الزميلين شرط المدة –
قائم فلا يكون أحد من ثلاثتهم صالحا الآن للترشيح لأى من الكرسيين الشاغرين. والصالح
يقضى بأن تمنح لثلاثتهم الفرصة فى منافسة شريفة فيما بينهم. لذلك فهو يطلب مد أجل الترشيح
الى ما بعد استيفاء ثلاثتهم شرط المدة، وأنه شخصيا لن يتقدم لترشيح نفسه حتى يثبت استيفاؤه
هذا الشرط" وبذلك فقد كان المدعى على علم تام بفحوى القرار الصادر بنقله ومغزاه والهدف
منه وهو عدم صلاحيته للترشيح الى كرسى الأستاذية الا عندما يثبت صلاحية زميليه الأقدم
منه للترشيح من حيث قضاء المدة التى يستلزمها القانون للترقية الى وظيفة أستاذ ويؤكد
المدعى هذا الفهم عنده بما ذكره عندما قبل الشروط التى تم على أساسها نقله الى جامعة
القاهرة فقال بأن الاقدمية لا أهمية لها طالما أن الترقية الى وظيفة أستاذ مناطها الجدارة
والكفاءة ومن ثم فإن ما أثاره المدعى وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن الشروط التى
وضعت لنقله الى جامعة القاهرة إنما هى خاصة بالاقدمية ولا علاقة لها بالمدة التى عمل
فيها كأستاذ مساعد هو مجرد قول لا يتفق مع منطق قرار النقل وما تضمنه من شروط على النحو
السالف ذكره لأنه اذا كان سيعتد بالمدة التى أمضاها المدعى فى وظيفة أستاذ مساعد وهى
المدة السابقة على ترقية زميليه المذكورين الى وظيفة أستاذ مساعد فإن معنى ذلك أن تصبح
الشروط التى قبل على أساسها المدعى النقل تصبح لغوا ويكون من حقه التقدم للترشيح للأستاذية
قبل زميليه المشار اليهما وهو الامر الذى أرادت الجامعة أن تتفاداه بوضع شروط لقبول
النقل للمحافظة على المراكز القانونية بين اساتذة الجامعة فلا يخل بها طارئ عليها غادرها
من قبل وهو فى وضع معين وبعد أن أفاد من ذلك رغب فى العودة اليها من جديد، ومن الطبيعى
أن هذا لا يكون على حساب زملائه الذين آثروا البقاء وخضعوا لقانون ليس فيه ليونة القانون
العادى الذى رقى المدعى الى وظيفة أستاذ مساعد على أساسه، اذن الامر بالنسبة للمدعى
لا يتعدى عدم الاعتداد بالمدة التى أمضاها فى وظيفة أستاذ مساعد بالقدر الذى يتلاءم
مع وضعه فى الاقدمية بالنسبة لزملائه بالتطبيق لقرار نقله الى جامعة القاهرة وليس فيما
اتخذته الجامعة أية مخالفة للقانون لأنها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن جامعة الاسكندرية
فإن لها بهذه الصفة أن تحدد مركز الشخص الذى يعين فيها أو ينقل اليها وسواء أكان الامر
ينطوى على تعيين أو على نقل فإن الامر لا يتغير من حيث الآثار فى الحاليين لأن النقل
فى المسألة المعروضة له طابعه الخاص وهو خلاف النقل الذى يجرى بين فروع وأقسام الوحدة
الادارية الواحدة، ولا يغير من ذلك أن وزير التربية والتعليم هو الرئيس الأعلى للجامعتين
المذكورتين، فإنه يبقى لهما مع ذلك شخصيتهما المستقلة كل منهما عن الاخرى وليس فقط
أن ما أجرته الجامعة لا مخالفة فيه للقانون بل إن القانون العام وهو قانون الموظفين
قد وضع قيودا على ترقية المنقولين فى نفس فروع المصلحة الواحدة أو الشخص الاعتبارى
الواحد.
اجراءات الطعن
فى 3 من سبتمبر سنة 1959 أودع السيد الأستاذ الوكيل عن السيد الدكتور محمد سامى مدكور عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1523 لسنة 5 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 8/ 7/ 1959 فى القضية رقم 948 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى ضد السيد وزير التربية والتعليم بصفته والسيد الدكتور مدير جامعة القاهرة والقاضى أولا: بالغاء قرار مجلس الجامعة الصادر فى 15/ 3/ 1953 باستبعاد المدعى من الترشيح لكرسى أستاذ القانون المدنى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ثانيا: بالغاء القرار الصادر فى 6 من يوليه سنة 1954 بتعيين الدكتور محمد سامى مدكور أستاذ لكرسى القانون المدنى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، فيما تضمنه من عدم تعيين المدعى أستاذا لهذا الكرسى وباعتبار أقدمية المدعى فى هذه الوظيفة راجعة الى تاريخ نفاذ لقرار المذكور ثالثا: برفض باقى طلبات المدعى – رابعا: جعل مصاريف الدعوى مناصفة بين المدعى والمدعى عليها، وطلب السيد المحامى بصفته المذكورة للأسباب الواردة فى صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده (المدعي) وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أعلن الطعن لأطراف الخصومة، ونظر أمام دائرة فحص الطعون، فقررت الدائرة إحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا لنظره، ثم صدر الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من أوراق الطعن – فى أن المدعى أقام
أمام محكمة القضاء الادارى القضية رقم 948 لسنة 7 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية
المحكمة فى 30/ 3/ 1953، انتهى بطلباته فيها الى الغاء قرار مجلس جامعة القاهرة الصادر
فى 14 من مارس سنة 1953 باعتباره غير مستوف شرط المدة اللازم للترقية الى وظيفة أستاذ
والغاء القرار السلبى بالامتناع عن ترقيته الى كرسى الاستاذية فى 28 من إبريل سنة 1952
وقد كان مستوفيا لكافة شرائط الترقية المتطلبة قانونا وكذا الغاء قرار مجلس الجامعة
الصادر فى 6 من يوليه سنة 1954 بترقية الدكتور محمد سامى مدكور أستاذا لكرسى القانون
المدنى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة مع الحكم بإلزام جامعة القاهرة والدكتور محمد عبد
المنعم بدر عميد كلية الحقوق على وجه التضامن بأن يدفعا اليه مبلغ ألف جنيه على سبيل
التعويض ومصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحا لدعواه أنه حصل على شهادة
الليسانس من كلية الحقوق بجامعة القاهرة فى مايو سنة 1938 وكان ترتيبه الثانى بين الناجحين
مع مرتبة الشرف وأوفد فى نوفمبر سنة 1938 فى بعثة فحصل على درجة الدكتوراه من جامعة
باريس فى يونيه سنة 1943 وحازت رسالته الجائزة الاولى ثم حالت ظروف الحرب دون عودته
الى مصر فعمد الى دراسة تكميلية وحصل على دبلوم معهد العلوم الجنائية فى يونيه سنة
1944 وكان ترتيبه الاول ونال الجائزة الوحيدة لأحسن الأبحاث المقدمة اليه، وحصل فى
نوفمبر من نفس السنة على دبلوم معهد القانون المقارن بدرجة جيد وعاد الى مصر فى فبراير
سنة 1945 وعين مدرسا للقانون المدنى فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفى اكتوبر سنة
1945 نقل الى جامعة الاسكندرية بناءً على طلب العميد هناك ورقى فى هذه الجامعة الى
وظيفة أستاذ مساعد من 28 إبريل سنة 1948 ثم وفى 19/ 11/ 1950 نقل الى جامعة القاهرة
على أن يوضع فى الاقدمية فى الوضع الذى كان فيه بين زملائه قبل نقله الى جامعة الاسكندرية،
وفى 24 نوفمبر سنة 1951 قرر مجلس جامعة القاهرة ترقيته الى وظيفة أستاذ مساعد "أ" ثم
اعتبر فى هذه الوظيفة من 26 من اغسطس سنة 1960 وبعد أن استكمل فيها مدة الاربع سنوات
اللازمة للتعيين فى وظيفة أستاذ "ح" تقدم فى إبريل سنة 1952 يطلب الى عميد كلية الحقوق
للنظر فى ترقيته الى وظيفة أستاذ "ح" الشاغرة بقسم القانون المدنى باعتبار أنه الوحيد
من بين الاساتذة المساعدين بالكلية المتوافر فيه كافة الشروط المطلوبة لهذه الوظيفة
وقتذاك وبدون الرجوع الى مجلس الكلية أعلن العميد عن الكرسى وجعل آخر ميعاد لتقديم
الطلبات هو 10 من يونيه سنة 1952 وفى هذا التاريخ لم يكن الطاعن قد استكمل بعد فى وظيفة
الاستاذ المساعد مدة الاربع سنوات اللازمة للترشيح لوظيفة الاستاذية، وعند عرض الامر
على مجلس الكلية للنظر فى تشكيل لجنة لفحص الانتاج العلمى للمرشحين قد لاحظ المجلس
ذلك فقرر إعادة الاعلان عن الكرسى فى موعد غايته آخر يوليه سنة 1952 فأهدر بذلك حق
المدعى القائم والمتوافر الأركان لا لعلة سوى خدمة الدكتور سامى مدكور (الطاعن). وقد
تقدم المدعى بطلبه فى الميعاد مستوفيا كافة الشرائط، الا أن لجنة الفحص قد رأت قبل
الفصل فى قبول أوراق المدعى الرجوع الى مجلس الكلية الذى أحال بدوره الامر كله الى
مجلس الجامعة ليفسر قراره الخاص بالموافقة على نقل المدعى من جامعة الاسكندرية الى
جامعة القاهرة والذى انتهى فى قراره الى استبعاد اسم المدعى من الترشيح لعدم استكماله
مدة الاربع سنوات وذلك على أساس الشروط التى ووفق عليها عند نقله، ويعيب المدعى على
هذا القرار مخالفته القانون لأنه رقى الى وظيفة أستاذ مساعد فى 28 من إبريل سنة 1948
فيكون قد تجاوز مدة الاربع سنوات عند الاعلان الاول عن الكرسى فى يونيه سنة 1952 ولا
ينتقص من ذلك قبوله بالوضع الذى صدر على أساسه قرار نقله الى جامعة القاهرة لان الاقدمية
شئ وقضائه أربع سنوات فى وظيفة أستاذ مساعد شئ آخر اذ الحالة الاولى خاصة بوضعه بين
زملائه فى جامعة القاهرة والثانية خاصة بتوافر شرط يتطلبه القانون للترقية الى وظيفة
أستاذ وهذا ما لم يتناوله قرار مجلس الجامعة عند الموافقة على نقله من جامعة الاسكندرية
وبالتالى يكون استبعاد اسمه من قائمة المرشحين بالاستناد الى قرار النقل إنما هو استناد
خاطئ قد أضاع عليه فرصة الترقية الى وظيفة أستاذ بالقرار المطعون فيه، وغنى عن البيان
أن قيام الحرب فى سنة 1939 كان العامل الاول والاخير فى تأخير اقدميته فى وظيفة مدرس
وجعلها تالية لأقدمية زملائه اذ أنه لم يتمكن من العودة بعد حصوله على الدكتوراه فى
يونيه سنة 1943 – الا فى فبراير سنة 1945 وتعيينه بجامعة القاهرة فى هذا التاريخ، وبعد
نقله الى جامعة الاسكندرية فى اكتوبر سنة 1945 سارت جامعة القاهرة على قاعدة عامة من
مقتضاها اعتبار أقدمية المدرسين بها الذين حالت ظروف الحرب دون عودتهم – بعد تحقيق
الغرض من بعثتهم – من تاريخ حصولهم على المؤهل المطلوب. فاذا كان المدعى قد بقى بجامعة
القاهرة لعدلت اقدميته فى وظيفة مدرس الى يونيه سنة 1943، ولأصبح بذلك متقدما على زملائه
فى هذه الوظيفة وان جامعة الاسكندرية حين رقته الى وظيفة أستاذ مساعد فى سنة 1948 فقد
أدخلت فى اعتبارها ذلك وبعد تحققها من الاخذ بتلك القاعدة المشار اليها فى جامعة القاهرة،
هذا فضلا عن أن المدعى اعتبر وبالتطبيق للقانون – بوظيفة أستاذ مساعد "أ" من 20/ 8/
1950 كما وأن اسمه فى القرار الصادر بترقيته مع زميليه الى وظيفة أستاذ مساعد "أ" بتاريخ
24/ 11/ 1951 قد جاء متقدما عليهما، ثم أخذ المدعى يشيد بكفايته مقارنة بكفاية زميله
الذى رقى بالقرار المطعون فيه بعد افساح المجال أمام ذلك الزميل وابعاد كل منافس له
بإجراءات اتسمت كلها بمخالفة القانون وسوء استعمال السلطة ويكفى الرجوع الى كل من محضرى
مجلس الجامعة الخاصين بالنظر فى ترقية كل من المطعون فى ترقيته (الطاعن) والمدعى لوظيفة
أستاذ "ح" لكى يبين قدر كل منهما فى الكفاية والانتاج العلمى الامر الذى كان سيؤدى
حتما الى اختيار المدعى دون المطعون فيه. وفى أثناء سير الدعوى طلب الدكتور محمد سامى
مدكور من المحكمة قبوله خصما منضما للجامعة فى طلب رفض الدعوى ولأن المتدخل له مصلحة
فى ذلك اذ أنه هو المطعون فى ترقيته فقد قررت المحكمة قبوله خصما منضما، وقدم مذكرة
بأوجه دفاعه ومجمل ما جاء فيها أن المدعى كان فى سنة 1945 يشغل وظيفة مدرس فى كلية
الحقوق بجامعة القاهرة وترتيبه فى أقدمية هذه الوظيفة كان يلى أقدمية زملائه فيها وهم
الطاعن والدكتور عبد المنعم احمد الشرقاوى والدكتور أمين محمد بدر فقد عين الطاعن فى
يونيه سنة 1941 والآخران فى أول مارس سنة 1945 بينما لم يعين المدعى فيها الا فى 8
من إبريل سنة 1945. وفى شهر اكتوبر من هذا العام خير المدعى فى النقل الى كلية الحقوق
بجامعة الاسكندرية على أن يمنح علاوتين من علاوات درجته فقبل النقل وصدر قرار فعلا
بنقله ونقل معه فى نفس الوقت وبنفس الوضع زميله الدكتور عبد المنعم الشرقاوى. وفى سنة
1948 رقى المدعى أستاذا مساعدا فى جامعة الاسكندرية قبل أن يكتمل مدة أربع سنوات فى
وظيفة مدرس، وذلك لان جامعة الاسكندرية لا تتقيد بقوانين جامعة القاهرة التى تتطلب
للترقية الى وظيفة أستاذ مساعد مدة أربع سنوات بالاقل فى وظيفة مدرس، وأما الدكتور
عبد المنعم الشرقاوى فكان قد اختار العودة بحالته الى جامعة القاهرة فى سنة 1948 ولم
يرق هو وزميله الدكتور أمين محمد بدر فى وظيفة أستاذ مساعد بجامعة القاهرة الا فى 25
من سبتمبر سنة 1949 أى بعد أربع سنين وسبعة أشهر من تاريخ تعيينهما مدرسين فى أول مارس
سنة 1945 فترتب على هذا الوضع مفارقة بينهما وبين زميلهما المدعى فقد سبقهما فى هذه
الوظيفة فى جامعة الاسكندرية بأكثر من سنة وثلاثة شهور، وحدث فى سنة 1950 أن قدم المدعى
طلبا الى عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة بنقله اليها فاشترط عليه العميد أن يعود
الى الجامعة المذكورة فى نفس الوضع الذى كان فيه بين زملائه قبل نقله الى جامعة الاسكندرية
فى سنة 1945 فقبل المدعى ذلك كتابة، وبناء على هذا القبول صدر قرار من مجلس جامعة القاهرة
فى 19 من اكتوبر سنة 1950 بالموافقة على نقل المدعى من جامعة الاسكندرية اليها على
أساس الشروط المتقدمة. ولما اكتمل الدكتور عبد المنعم الشرقاوى والدكتور أمين بدر سنتين
فى وظيفة أستاذ مساعد "ب" طلبت الكلية منحهما درجة أستاذ مساعد "أ" وطلبت فى الوقت
نفسه منح المدعى نفس الدرجة على أساس زوال المانع وفعلا صدر القرار بترقية هؤلاء فى
24/ 11/ 1951 وتلا ذلك قرار فى 10 من إبريل سنة 1952 بترتيب أقدمية الاساتذة المساعدين
"أ" فى كلية الحقوق من مقتضاه وضع المدعى فى الاقدمية بعد الطاعن والزميلين المشار
اليهما وناصا على أنه عند الترقية الى الاستاذية يكون الطاعن وزميلاه المذكوران سابقين
على المدعى وذلك بالتطبيق لقرار النقل سالف الذكر… وليس أبلغ فى عدم جدية المدعى
فيما يطلبه من أن قرار الترقية المطعون فيه هو فى حقيقته ترديد لما ارتضاه المدعى كتابة
كشرط سابق لقبول طلب نقله الى جامعة القاهرة ولا شك أن مجلس الجامعة هيئة مختصة بحكم
القانون بتحديد أقدمية أعضاء هيئة التدريس بها فيما بينهم وكان لابد من تحديد وضع المدعى
بمناسبة عودته الى الجامعة فى سنة 1950 ولقد حدد له وضعه نهائيا من هذا التاريخ فلا
يمكن المنازعة فيه.
وبجلسة 8 من يوليه سنة 1959 قضت تلك المحكمة – "أولا: بالغاء قرار مجلس الجامعة الصادر
فى 15/ 3/ 1953 بإبعاد المدعى من الترشيح لكرسى استاذ القانون المدنى بكلية الحقوق
بجامعة القاهرة – ثانيا: بالغاء القرار الصادر فى 6 من يوليه سنة 1945 بتعيين الدكتور
محمد سامى مدكور أستاذا لكرسى القانون المدنى لكلية الحقوق بجامعة القاهرة فيما تضمنه
من عدم تعيين المدعى أستاذا لهذا الكرسى وباعتبار أقدمية المدعى فى هذه الوظيفة راجعة
الى تاريخ نفاذ القرار المذكور – ثالثا: رفض باقى طلبات المدعى – رابعا: بجعل مصاريف
الدعوى مناصفة بين المدعى والمدعى عليها" واقامت قضاءها فيما يختص بالبندين الاول والثانى
وهما موضوع هذا الطعن – على أنه يجب التفرقة بين ترتيب الاقدمية الذى انصب عليه القرار
وشرط قضاء أربع سنوات فى وظيفة أستاذ مساعد، اذ يعتد القانون بالاقدمية فى ناحية وبقضاء
المدة فى ناحية أخرى فالاقدمية تكون عنصرا مرجحا عند التساوى فى الكفاية العلمية، والمدة
شرط يجب توافره فى المرشح ومن ثم فهو شرط جوهرى ويترتب على عدم استيفائه عدم قبول الترشيح
للاستاذية. والثابت ان المدعى قد عين أستاذا مساعدا فى جامعة الاسكندرية فى 19/ 4/
1948 ومن ثم فقد اكتسب مركزا قانونيا ذاتيا فى هذه الوظيفة من قرار تعيينه الصادر من
جامعة الاسكندرية واعتبر بهذا الوصف مندرجا فى السلك الوظيفى لهيئة التدريس بها متمتعا
بمزاياه وعلى هذا الأساس رقى الى وظيفة أستاذ مساعد "أ" فى 26/ 8/ 1950 بالجامعة المذكورة
ولا تأثير للقرار الصادر من جامعة القاهرة فى 24/ 11/ 1951 بترقية المدعى وزملاء له
الى وظيفة استاذ مساعد "أ"، مما قد يؤخذ منه أن جامعة القاهرة لم تعتد بسابقة ترقيته
الى هذه الوظيفة بالذات بجامعة الاسكندرية فى 26/ 8/ 1950 – لا تأثير للقرار المذكور
على المركز الذى اكتسبه المدعى كأستاذ مساعد "ب" بجامعة الاسكندرية منذ ابريل سنة 1948
وكأستاذ مساعد "أ" بها منذ 26/ 8/ 1950 من حيث بدء حساب مدة الاربع سنوات المشار اليها
فى المادة من القانون الخاص بشروط توظيف أعضاء هيئة التدريس، ذلك أن نقل المدعى
من جامعة الاسكندرية الى جامعة القاهرة فى 19 من اكتوبر سنة 1950 لا يمكن أن يترتب
عليه حرمان المدعى من المركز القانونى الذى اكتسبه بتعيينه فى وظيفة أستاذ مساعد بالجامعة
الاولى والجامعتان تخضعان لادارة واحدة تتركز فى يد وزير التربية والتعليم، وعلى ذلك
وجب عند النظر فى توافر شرط المدة بالنسبة له أو عدم توافره – اعتباره معينا فى وظيفة
استاذ مساعد منذ 28/ 4/ 1948، وحتى على فرض أن نقل المدعى من جامعة الاسكندرية الى
جامعة القاهرة يعتبر تعيينا جديدا فى الجامعة الثانية بالاستناد الى وجهة النظر القائلة
بأن استقلال كل من الجامعتين بشخصيتها عن الاخرى يجعلهما مؤسستين منفصلتين عن بعضهما،
فإنه لا يمكن الاغضاء عن المدة التى قضاها المدعى بالفعل أستاذا مساعدا فى الجامعة
الاولى والتى بدأت كما سبق القول فى 28/ 4/ 1948، ولا يسوغ القول باسقاط حسابها. والمادة
من القانون رقم 21 لسنة 1933 المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1935 والقانون رقم 73
لسنة 1939 والقانون رقم 34 لسنة 1942 فى شأن شروط توظف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة
المصرية وتأديبهم – تعتد بالمدة التى يقضيها المرشح فى وظيفة استاذ مساعد باحدى كليات
الجامعة مطلقا أو بمعهد علمى من طبقتها، ولا مراء فى أن كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية
ليست أدنى طبقة من كلية الحقوق بجامعة القاهرة… وبذلك يكون المدعى قد أمضى مدة تربو
على الاربع سنوات فى يوليه سنة 1952 تاريخ انتهاء موعد تقديم طلبات الترشيح لكرسى أستاذية
القانون المدنى بجامعة القاهرة وبالتالى يكون قرار جامعة القاهرة المطعون فيه الصادر
فى 15 من مارس سنة 1953 باستبعاد المدعى من نطاق الترشيح للكرسى المذكور بدعوى عدم
استيفائه شرط المدة قرارا غير مستند الى سبب صحيح فى الواقع أو فى القانون. وأما عن
الطلب الخاص بالغاء قرار مجلس جامعة القاهرة الصادر فى 6 من يوليه سنة 1954 بترقية
الخصم المنضم (الطاعن)، فان المادة من القانون المشار اليه تجعل المناط فى المفاضلة
بين المرشحين الابحاث العلمية المبتكرة دون غيرها لتعلق هذا الشرط بالاهلية… ولما
كان رأى المحكمة قد انتهى الى ان المدعى قد توافر فيه شرط قضاء الاربع السنوات اللازمة
لترشيحه لوظيفة أستاذ كرسى القانون المدنى فإنه كان يتعين على جهة الادارة ادخاله منافسا
للدكتور مدكور (الطاعن) فان تساويا فى الكفاية العلمية كانت الارجحية للاقدم فى وظيفة
أستاذ مساعد.. والاختيار عند المفاضلة هو حق لجهة الادارة تترخص فيه فى حدود سلطتها
وبغير اساءة استعمال تلك السلطة، ولا يملك القضاء الادارى أن يحل محل الادارة فى اجراء
ما هو من صميم اختصاصها، الا أنه يملك ان يعقب على تصرفها من الناحية القانونية وأن
يبين حكم القانون فيما هو متنازع عليه بين ذوى الشأن فيضع الامور فى نصابها الصحيح،
وأن له بهذه المثابة أن يبين من هو الاولى قانونا بالترشيح للترقية، واذا ما أبان ذلك
فليس معنى هذا أنه حل محل الادارة فى الترقية بل مفاده تنبيه الادارة الى حكم القانون
لتجرى الترقية بقرار منها على هذا الاساس والا كان قرارها على خلاف ذلك مخالفا للقانون
وعلى هدى ما تقدم فأنه عند موازنة الكفاية العلمية لكل من المدعى والخصم المتدخل يتعين
الاحتكام الى تقارير اللجنة العلمية المشكلة لبحث مؤلفات كل منهما. ويبين من مقارنة
ما ورد بتقرير اللجنة المشكلة لفحص الانتاج العلمى للمدعى من أن أبحاثه تمتاز بالدقة
والتعمق والوضوح – بما ورد فى تقرير اللجنة التى شكلت لفحص الانتاج العلمى للخصم المتدخل
من أن ما قدم لها من ابحاثه ينم عن استعداد طيب وجهد محمود، ولكنه أدنى من أن يزكيه
للترشيح لكرسى الاستاذية، يبين من ذلك كله أرجحية المدعى على الخصم المتدخل "الطاعن"
فى الكفاية والابحاث العلمية المبتكرة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الخطأ فى تطبيق القانون لان السند الاساسى الذى قام عليه
الحكم بالغاء قرار مجلس الجامعة باستبعاد المدعى (المطعون ضده حاليا) من الترشيح لكرسى
أستاذ القانون المدنى المقارن، وهو القول بانه كان متوافرا له شرط المدة اللازم للصلاحية
للترقية الى وظيفة الاستاذ وهو – فى نظر الحكم أربع سنوات – يكون المرشح قد أتمها منذ
تعيينه أستاذا مساعدا، وبالتالى كان واجبا أن يدخل فى حلبة المنافسة والمفاضلة لشغل
الكرسى الشاغر، ولقد اعتدت المحكمة فى هذا الصدد بالمركز القانونى الذى قالت ان المدعى
اكتسبه وهو فى جامعة الاسكندرية أكثر من اعتدادها بسلامة تطبيق القانون، مع أن سلامة
تطبيق القانون ما كانت لتؤدى الى المساس بالمركز القانونى الذى كسبه المدعى من قرار
جامعة الاسكندرية بترقيته أستاذا مساعدا قبل أن يتم أربع سنوات فى وظيفة مدرس، ذلك
أن جامعة الاسكندرية كانت تطبق على ترقيات أعضاء هيئة التدريس فيها قواعد غير القواعد
التى تطبقها جامعة القاهرة، وكانت هذه القواعد متسمة بالتساهل ولذلك كانت مطمع أنظار
الاعضاء الساعين الى الترقية قبل دورهم والذين لا تسعفهم مؤهلاتهم للترقية فى جامعة
القاهرة. وقد سعى المدعى (المطعون ضده) الى الافادة من هذه القواعد، فقد نقل الى جامعة
الاسكندرية وكان ترتيبه فى كشف أقدمية مدرسى كلية الحقوق بجامعة القاهرة الرابع بينما
كان الطاعن أولهم واستطاع المدعى فى كلية حقوق الاسكندرية أن يحصل على الترقية الى
وظيفة أستاذ مساعد فى 28/ 4/ 1948، وبعد أن حقق المدعى مأربه من الترقية الى وظيفة
أستاذ مساعد قبل زملائه الثلاثة الذين كانوا سابقين عليه فى أقدمية التخرج وأقدمية
التعيين وأقدمية اللقب العلمى الى مدرس "أ" وتمتع بالراتب المربوط للوظيفة – فكر فى
العودة الى جامعة القاهرة، ولكن هذه الجامعة أدركت أن ترقيته كانت قبل موعدها، وأنها
ليست قانونية فى نظر القانون الذى يخضع له أعضاء هيئة التدريس فيها فعملت على ملافاة
آثار هذه المخالفة بالقرار الذى أصدره مجلسها فى 19/ 10/ 1950 بأن يكون فى الاقدمية
فى الموضع الذى كان فيه قبل أن ينقل الى جامعة الاسكندرية لان وضعه كذلك صحح ما وقع
حيث يضمن أن تتم ترقيته بعد ان يكون قد استوفى شرط المدة المنصوص عنه فى قانونها وهو
قضاء أربع سنوات فى وظيفة مدرس ثم أربع سنوات فى وظيفة أستاذ مساعد دون أن يضار من
ذلك فى لقبه العلمى الذى حصل عليه فى جامعة الاسكندرية، أو فى شئ من المزايا المادية
المترتبة على اللقب.. وهذا القرار استهدف به مجلس الجامعة التوفيق بين المركز القانونى
الذى كسبه المدعى من ترقيته فى جامعة الاسكندرية وبين سلامة تطبيق القانون رقم 21 لسنة
1933، لقد ذهب الحكم الى أن الشرط الذى قبله المدعى وانبنى عليه صدور هذا القرار هو
شرط باطل واجب استبعاده، وهذا من الحكم امعان فى سوء تطبيق القانون، لان الشرط الذى
يتعين اهداره وعدم الاعتداد به هو الذى يستهدف التحلل من حكم مقرر فى قانون أو لائحة،
أما الشرط الذى يستهدف اقامة حكم القانون وتفادى مثل الآثار التى كانت ستترتب على تحايل
السيد المدعى على الترقية فى جامعة الاسكندرية ثم الاحتجاج بهذه الترقية على جامعة
القاهرة فهو شرط لا غبار عليه بل أنه تحصيل حاصل، وما كانت الجامعة فى حاجة اليه لتلزم
هذا الوافد اليها بالخضوع لأحكام قانونها… والقرار الصادر بنقل المدعى من جامعة الاسكندرية
الى جامعة القاهرة هو فى حقيقته قرار تعيين، لاستقلال كل من الجامعتين عن الاخرى، وبالتالى
يكون لجامعة القاهرة السلطة المطلقة فى تحديد أقدمية المدعى فى الوظيفة بجامعة الاسكندرية،
وفيما يختص بالغاء قرار ترقية الطاعن الى وظيفة استاذ فقد بنته المحكمة على محاولتها
استخلاص أفضلية المدعى على الخصم المتدخل (الطاعن) من مقارنة مجموع عبارات الثناء التى
وردت فى تقرير لجنة البحث العلمى ومجلس الكلية ومجلس الجامعة بمجموع العبارات المماثلة
المتعلقة بالخصم المتدخل فى التقارير المماثلة، فأقامت المحكمة بذلك نفسها مقام الجامعة
دون أن يكون لديها ما لدى الجامعة من امكانيات وموازين للحكم على الاشخاص والابتكار
والمؤلفات هذا مع ان الثابت ان مقارنة ما لم تجر بين الطاعن والمطعون ضده (المدعي)
لسبب بسيط هو استبعاد المطعون ضده من نطاق الاختيار لشغل الوظيفة، ومعنى ذلك أن المقارنة
والمفاضلة لم تجمع بين الاثنين بل ولم يكن بين الاثنين تعاصر زمنى اذ أن انتاج الطاعن
كان محل بحث وتمحيص فى سنة 1954 عند ترقيته بالقرار المطعون فيه وانتاج المدعى (المطعون
ضده) كان كذلك عند ترقيته الى وظيفة استاذ فى سنة 1956، ومن ثم يكون الحكم المطعون
فيه قد جاوز حدود اختصاصه واعتدى على سلطة الجهة الادارية فوقع مشوبا بعيب مخالفة القانون
مستوجبا للالغاء ورد المطعون ضده الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى على هذا الطعن بمذكرة
ضمنها دفعين شكليين، الاول عدم جواز الطعن لرفعه من غير ذى صفة، أو من غير ذى شأن،
لان الطاعن فى تلك الدعوى لا يعدو أن يكون خصما منضما للجامعة فهو خصم متدخل، والتدخل
كما هو معروف، نوعان. الاول: تدخل اختصامى أو هجومى أو أصلى كما يسميه الفقه الفرنسى،
وهو الذى يدعى فيه المتدخل حقا ذاتيا على أحد طرفى الخصومة الاصليين ويطلب الحكم لنفسه
به. الثاني: تدخل انضمامى، أو تبعى، أو تحفظى كما ينعت فى فرنسا، وهو الذى يدخل به
شخص فى خصومة قائمة لا ليطالب احد طرفيها بحق ذاتى يدعيه لنفسه عليه، ولكن لكى يدعم
ويقوى مركز احد هذين الطرفين لما له فى ذلك من مصلحة، ولا جدال فى أن الطاعن قبل فى
الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه على انه طرف منضم، وكان ذلك فعلا هو منطوق
القرار الذى صدر فى 28/ 5/ 1953 بقبول تدخله مع زميليه، وفقا لما يصرح به الحكم المطعون
فيه، اذ أن الطاعن لم يتمسك فى الدعوى السابقة بأى حق ذاتى لنفسه، وانما تدخل ليدعم
مركز الجامعة المدعى عليها لاتحاد مصلحتهما، فاذا كانت الجامعة قد قبلت الحكم المطعون
فيه وفوتت على نفسها ميعاد الطعن فيه زالت الخصومة بينها وبين المطعون ضده ولم تعد
للطاعن الدعامة التى كان يستند اليها ليقوى مركزها وينضم اليها فى دفاعها وطلباتها..
فلا يسوغ له بعد ذلك أن يطعن فى الحكم لأنه لو فعل لكان طرفا منضما الى طرف أصلى قد
تخلى عن الخصومة أى أنه يكون طرفا منضما الى العدم، وهذا الرأى فضلا عن أنه يستند الى
المنطق القانونى السليم، يتفق مع القاعدة الاساسية التى تسود الطعن فى الأحكام، والتى
تضمنتها المادة 377 مرافعات بقولها "لا يجوز الطعن فى الأحكام الا من المحكوم عليه"
فالطرف المنضم لا يحكم عليه بشئ، كما أنه لا يحكم له، فهو لا يطلب شيئا لنفسه، ومن
ثم ولم يوجه المدعى أى طلب الى الخصم المنضم فلا يمكن اعتباره محكوما عليه واذا كان
الحكم يمسه فما ذلك الا لأنه قد أفاد من القرار الذى حكم على الجامعة بالغائه وكان
يخضع لنفس المصير لو أنه لم يتدخل فى الدعوى اصلا، واذا كان الدكتور مدكور لا يعتبر
محكوما عليه فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ما ساغ قبول الطعن منه استقلالا
عن الجامعة المحكوم عليها. ولقد كان الحكم المطعون فيه حصيفا حينما لم يحكم بمصروفات
الدعوى على الدكتور مدكور باعتباره طرفا منضما، لأنه ليس محكوما عليه فى شئ والمصروفات
إنما تكون على المحكوم عليه، وليس للطاعن أن يتاذى من هذا الوضع فهو قد ربط مصيره بمصير
الجامعة التى انضم اليها فلا يكون له أكثر مما لها ولا يقبل منه القول بأن الحكم قد
حاز حجيته فى مواجهته، اذ أن من شأن الحكم أن تكون له هذه الحجية، حتى لو لم يكن الطاعن
قد تدخل أصلا فى الدعوى فالاحكام التى تقضى بالغاء القرارات الادارية لها حجيتها فى
مواجهة الكافة (الدفع الثاني) عدم جواز قبول الطعن لرفعه من غير ذى مصلحة ومبنى هذا
الدفع أن الحكم المطعون فيه لم يقض بالغاء ترقية الطاعن الغاء مجردا، وانما قضى بالغائها
نسبيا فيما تضمنته من عدم تعيين المطعون ضده لكرسى القانون المدنى. ومؤدى هذا الحكم
الابقاء على ترقية الطاعن أستاذا الى جانب اعتبار المطعون ضده أستاذا بدوره، وكل ما
فى الامر أن المطعون ضده يعتبر سابقا فى أقدمية الأستاذية، وهذا السبق فى الأقدمية
لا يضير الطاعن فى شئ اذ لم يعد يعمل مع المطعون ضده فى كلية واحدة بل لم يعد يعمل
معه فى جامعة واحدة، فقد نقل الطاعن بعد شهرين من صدور القرار بترقيته الى كلية التجارة
بجامعة عين شمس استاذا للقانون فى حين أن المطعون ضده بقى أستاذا للقانون المدنى فى
كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وهكذا فلن يتزاحم الطاعن مع المطعون ضده فى شئ ما حتى
أن تكون الأقدمية بينهما فى وظيفة الأستاذ سببا لترجيح أحدهما على الآخر.
وأما عن دفاع المطعون ضده الموضوعى الذى أورده فى هذه المذكرة فلا يخرج عما سبق أن
أوره من دفاع أمام محكمة القضاء الادارى.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة فان الثابت من الأوراق
ان الطاعن تدخل فى الخصومة وهى قائمة أمام المحكمة وتقرر قبوله خصما منضما للجامعة
فى طلب رفض الدعوى لأن الحكم الذى يصدر قد يؤثر على المركز القانونى الذى ترتب له بالقرارات
المطعون فيها وبذلك تتاح له الفرصة فى تبيان وجهة نظره شأنه فى ذلك شأن الخصوم الأصليين
فى الدعوى وبهذه الصفة كان له حق الاطلاع وتبادل المذكرات، فاذا ما صدر الحكم بعد ذلك
فى مواجهته ماسا مصلحة قانونية ومادية له كان من حقه التظلم منه بالطريق الذى رسمه
القانون، ولا يعترض عليه بأن حقه فى الطعن لا يقوم ما دام الخصم الأصيل قد قبل الحكم
ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن للشخص الذى مس الحكم الصادر فى دعوى مصلحة
له قانونية أو مادية، حق الطعن فيه بكافة طرق الطعن المقررة قانونا حتى ولو لم يكن
قد علم بالدعوى أو تدخل فيها، والطاعن وقد ألغيت ترقيته بالحكم المطعون فيه فإنه بذلك
يكون قد حكم عليه ولا ينفى هذه الصفة عنه أن الحكم لم يلزمه بمصاريف لأن الخصومة فى
دعاوى الالغاء هى خصومة عينية مردها القانون فليس بشرط لقيامها اعلان من تناولتهم القرارات
الادارية المطلوب إلغاؤها بل يكفى فيها اعلان الجهة الادارية مصدرة القرار والمتسببة
فيه، وان الحكم الذى يصدر فيها يعتبر بحكم القانون حجة على الكافة، وعلى ذلك اذا أصدرت
الجهة الادارية قرارا بترقية الطاعن ثم رفع بشأنه دعوى صدر فيها حكم مغاير لوجهة نظر
الادارة فان الذى خسر الدعوى هنا هى الجهة الادارية وليس الطاعن، ومن ثم فيتعين الزامها
وحدها بالمصروفات مع بقاء حق من ألغيت ترقيته فى الطعن فى هذا الحكم دون التقيد بقبول
الجهة الادارية من عدمه، وحقه فى ذلك هو حق أصيل وليس تبعيا. ومن ثم يتعين رفض هذا
الدفع.
ومن حيث انه عن الدفع الثانى بعدم جواز قبول الطعن لرفعه من غير ذى مصلحة فمردود عليه
بأن الحكم المطعون فيه قد ألغى ترقية الطاعن الى وظيفة الاستاذ على أساس المفاضلة فى
الانتاج العلمى بينه وبين المطعون ضده، وبذلك يكون قد وضع الطاعن فى مرتبة علمية دون
مرتبة المطعون ضده، وهذا لا شك يؤثر فى سمعته بالاقل من الناحية الادبية، وأن وجود
كل من الطاعن والمطعون ضده فى مكانين مختلفين لا يمحو هذه الآثار وما تتركه فى النفوس
مما قد يكون له مساس قوى بالسمعة العلمية التى هى قوام الوظيفة الجامعية كما وانه حتى
على فرض أن الجامعة قد تدبر الامر فتبقى على ترقية الطاعن والمطعون ضده فان الأسبقية
فى الاقدمية ستكون للثانى، وقد يجتمعان مستقبلا فى جامعة واحدة، وبذلك يكون الضرر محتمل
الوقوع، ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع أيضا.
ومن حيث انه لذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث انه عن موضوع الطعن فإن المسألة القانونية مثار النزاع هى مدى تأثير الشروط
التى تم على أساسها نقل المدعى من جامعة الاسكندرية الى جامعة القاهرة على المدة التى
عمل فيها بالجامعة الاولى فى وظيفة أستاذ مساعد وحسابها ضمن الاربع سنوات التى استلزم
القانون قضاءها بوظيفة استاذ مساعد لامكان الترقية الى وظيفة استاذ..، المدعى يقول
ان الأقدمية ووضعه بالنسبة لزملائه شئ ومدة عمله فى وظيفة أستاذ مساعد شئ آخر لان هذه
الحالة تقوم على الواقع الذى لا يمكن أن يؤثر فيه قرار خاص بالأقدمية ولا أن ينال منه
خصوصا وان الجامعة قد أقرت ترقيته الى وظيفة أستاذ مساعد فى سنة 1948 بتسوية حالته
طبقا للقانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بدرجات رجال
القضاء والنيابة بجعل ترقيته الى وظيفة استاذ مساعد "أ" من 29 من اغسطس سنة 1950 بدلا
من 24 من نوفمبر سنة 1951 وهو التاريخ الذى كانت جامعة القاهرة قد رقته فيه الى هذه
الدرجة مع زميليه الدكتور الشرقاوى والدكتور بدر… وتقول الجامعة والطاعن أن معنى
النص فى قرار النقل بأن يوضع المدعى فى الأقدمية التى كانت له بين زملائه قبل نقله
الى جامعة الاسكندرية – معناه أن تتكافأ الفرصة له ولزميليه اللذين كانا يسبقانه فى
أقدمية مدرس عند الترقية الى وظيفة استاذ، وهذا لا يكون الا باحتساب مدة عمله بوظيفة
استاذ مساعد من التاريخ الذى حصلا فيه عليها زميلاه المذكوران وأن يكون تاليا لهما
فى أقدمية هذه الوظيفة، ومن ثم فلا اعتداد بالمدة التى يكون قد أمضاها فى وظيفة استاذ
مساعد قبل ذلك أو احتسابها ضمن مدة الاربع سنوات كشرط للترقية الى وظيفة أستاذ.. فعلى
حد قول المدعى لم يكن جائزا ابعاده من قائمة المرشحين، وعلى حد قول الجامعة والطاعن
يكون الاستبعاد صحيحا ومتفقا مع القانون وبالتالى ينهار الأساس الذى أقامت عليه محكمة
القضاء الادارى حكمها بالغاء ترقية الطاعن واعتبار ترقية المطعون ضده الى وظيفة أستاذ
"ج" راجعة الى تاريخ هذه الترقية.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان المدعى حصل على شهادة ليسانس الحقوق فى يونيه سنة
1938 وكان ترتيبه الثانى مع مرتبة الشرف وأوفد فى بعثة الى فرنسا فى نوفمبر سنة 1938
وعاد الى مصر فى يناير سنة 1945 يحمل الدكتوراه ودبلومات أخرى وهو وان كان قد حقق الغرض
من بعثته بحصوله على الدكتوراه فى يونيه سنة 1943، الا أنه لم يتمكن من العودة الى
مصر عقب ذلك لقيام الحرب وقتذاك وعين بوظيفة مدرس فى جامعة القاهرة فى فبراير سنة 1945
ووضع فى الأقدمية تاليا للطاعن وزميليه المشار اليهما ولم يلبث أن نقل الى جامعة الاسكندرية
فى اكتوبر سنة 1945 ورقى فيها الى وظيفة استاذ مساعد "ب" بتاريخ 29 من ابريل سنة 1948
ثم أبدى رغبة فى نقله الى جامعة القاهرة وقبل كتابة "ان يكون فى نفس الوضع الذى كان
فيه يوم أن نقل الى جامعة الاسكندرية وذلك بالنسبة الى تحديد الأقدمية فيما بينه وبين
زملائه فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ويقول فى هذا الاقرار ان الذى يشجعه على قبول
هذا الوضع انه لا زال أستاذا مساعدا وأن الترقية الى درجة استاذ انما يراعى فيها الكفاءة
قبل كل شئ آخر"، وبناء على هذا الاقرار من المدعى صدر قرار مجلس جامعة القاهرة فى 19/
10/ 1950 بالموافقة على اقتراح كلية الحقوق بنقل الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى من
كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية الى وظيفة أستاذ مساعد بها بقسم القانون المدنى وأن
يوضع فى الأقدمية فى الوضع الذى كان فيه بين زملائه قبل نقله الى جامعة الاسكندرية،
وقد وافق السيد الوزير على هذا القرار، ولما صدر القانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات
أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بدرجات رجال القضاء والنيابة طالب المدعى جامعة القاهرة
بتسوية حالته بالتطبيق لهذا القانون وترقيته الى وظيفة أستاذ مساعد "أ"، وبعد مضى سنتين
من تاريخ ترقيته الى وظيفة استاذ مساعد "ب" فى جامعة الاسكندرية فلم يستجاب له ولم
يرق الى هذه الدرجة الا فى 24/ 11/ 1951 مع زميليه الدكتور الشرقاوى والدكتور بدر ثم
قامت جامعة الاسكندرية بتسوية حالته بالتطبيق لذلك القانون باعتبار انه كان بها فى
26/ 8/ 1950 ورقته الى وظيفة أستاذ مساعد "أ" فى هذا التاريخ وأخطرت جامعة القاهرة
بذلك فى 10/ 2/ 1952 وقد رأت الجامعة بهذه المناسبة تأكيد وضع المدعى بين زملائه وتمسكها
بالأساس الذى تم عليه نقله اليها فأعد كشف بترتيب الاقدمية على النحو الآتى الدكتور
محمد سامى مدكور الدكتور عبد المنعم أحمد الشرقاوى الدكتور أمين محمد بدر الدكتور عبد الفتاح عبد النعيم عبد الباقى. كما تضمن الآتى "انه عند الترقية الى الاستاذية
يكون حضرات الدكاترة محمد سامى مدكور وعبد المنعم أحمد الشرقاوى وأمين محمد بدر سابقين
على حضرة الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى طبقا لقرار مجلس الجامعة المشار اليه" ووقع
على هذا الكشف مدير الجامعة فى 10 من ابريل سنة 1952 "بالنظر" وأشر السكرتير العام
للجامعة عليه فى نفس اليوم بالتأشيرة الآتية: "يعتمد هذا الكشف الذى توقع عليه من سيادة
المدير بالنظر ويحفظ بملف الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى مع باقى الأوراق" ولقد أبلغ
هذا القرار للكلية للعمل به. حصل بعد ذلك ان تقدم المدعى بأوراق ترشيحه لكرسى القانون
المدنى الشاغر فاعترض زملاؤه على هذا الترشيح بأنه يخالف قرار مجلس الجامعة بنقله ووضعه
الذى يجب أن يكون عليه بين زملائه وقد أحالت لجنة الفحص الموضوع الى مجلس الجامعة ليدلى
برأيه فى هذا الموضوع فأصدر قراره فى 15/ 3/ 1953 "بأن الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى
وقد تنازل عن الاقدمية التى اكتسبها خارج جامعة القاهرة أصبح ترتيبه فى الاقدمية بعد
الدكتور عبد المنعم الشرقاوى والدكتور أمين محمد بدر فلا يعتبر مستوفيا للمدة القانونية
للترقية الى وظيفة استاذ، بناء على ذلك لا يكون صالحا الآن للترشيح للكرسى المذكور.."
ومن حيث انه ظاهر مما تقدم ان جامعة القاهرة قد قبلت طلب المدعى نقله اليها بالشروط
التى ضمنها طلبه والقرار الصادر فى هذا الشأن وان القصد من هذه الشروط كان واضحا لا
لبس فيه ولا ابهام سواء بالنسبة للجامعة أو للمطعون ضده وأن الهدف الاول والاخير منها
هو المحافظة على المراكز القانونية للمدرسين بها وهذا ما استوجب أن يعود المطعون ضده
(المدعي) الى الوضع الذى كان فيه بين زملائه فى سنة 1945 قبل نقله الى جامعة الاسكندرية
فى اكتوبر سنة 1945 وبالتالى فلا يجوز له الاحتجاج بأى وضع يكون قد كسبه فى الفترة
التى انقضت ما بين نقله من جامعة القاهرة فى سنة 1945 وعودته اليها فى سنة 1950 مما
قد يؤثر على المراكز القانونية لزملائه الأقدم منه وأما عدا ذلك فقد استبقت له الجامعة
كافة الحقوق المالية المترتبة على ترقيته الى وظيفة أستاذ مساعد بجامعة الاسكندرية
وبالتالى فانه لا يعتد بالمدة التى أمضاها فى وظيفة أستاذ مساعد قبل ترقية زملائه بجامعة
القاهرة الى هذه الوظيفة، ومن مقتضى ذلك أن تحتسب له مدة الاربع سنوات اعتبارا من 11
من اكتوبر سنة 1949 تاريخ ترقية زميليه السابقين عليه فى أقدمية مدرس اذ أنه من هذا
التاريخ لا قبله تتكافأ الفرص بالنسبة للجميع للترقية الى وظيفة استاذ، والقول بغير
ذلك لا يتمشى مع القصد من وجوب وضع المدعى بعد نقله الى جامعة القاهرة فى الوضع الذى
كان فيه بالنسبة لزملائه قبل نقله منها الى جامعة الاسكندرية فى عام 1945 ذلك القصد
الذى أفصحت عنه الجامعة أكثر من مرة وأعلنته واضحا محددا، وليس ذلك فحسب، بل ان هذا
القصد كان مفهوما لدى المدعى نفسه فقد كتب خطابا الى عميد كلية الحقوق فى 3/ 6/ 1953
يعترض فيه على ترشيح زميليه الأقدم منه الى كرسى الاستاذية ويقول فيه "انه طالما أن
قرار مجلس الجامعة القاضى بعدم صلاحيته للترشيح للاستاذية الى أن يستوفى كل من الزميلين
شرط المدة قائم فلا يكون أحد من ثلاثتهم صالحا الآن للترشيح لأى من الكرسين الشاغرين،
والصالح يقضى بأن تمنح لثلاثتهم الفرصة فى منافسة شريفة فيما بينهم. لذلك فهو يطلب
مد أجل الترشيح الى ما بعد استيفاء ثلاثتهم شرط المدة، وأنه شخصيا لن يتقدم لترشيح
نفسه حتى يثبت استيفاؤه هذا الشرط" وبذلك فقد كان المدعى على علم تام بفحوى القرار
الصادر بنقله ومغزاه والهدف منه وهو عدم صلاحيته للترشيح الى كرسى الاستاذية الا عند
ما يثبت صلاحية زميليه الأقدم منه للترشيح من حيث قضاء المدة التى يستلزمها القانون
للترقية الى وظيفة استاذ. ويؤكد المدعى هذا الفهم عنده بما ذكره عند ما قبل الشروط
التى تم على أساسها نقله الى جامعة القاهرة فقال بأن الاقدمية لا أهمية لها طالما أن
الترقية الى وظيفة أستاذ مناطها الجدارة والكفاءة ومن ثم فإن ما أثاره المدعى وسايره
فيه الحكم المطعون فيه من أن الشروط التى وضعت لنقله الى جامعة القاهرة انما هى خاصة
بالأقدمية ولا علاقة لها بالمدة التى عمل فيها كأستاذ مساعد هو مجرد قول لا يتفق مع
منطق قرار النقل وما تضمنه من شروط على النحو السالف الذكر لانه اذا كان سيعتد بالمدة
التى أمضاها المدعى فى وظيفة أستاذ مساعد وهى المدة السابقة على ترقية زميليه المذكورين
الى وظيفة أستاذ فان معنى ذلك أن تصبح الشروط التى قبل على اساسها المدعى النقل تصبح
لغوا ويكون من حقه التقدم للترشيح للاستاذية قبل زميليه المشار اليهما وهو الامر الذى
أرادت الجامعة أن تتفاداه بوضع شروط لقبول النقل للمحافظة على المراكز القانونية بين
أساتذة الجامعة فلا يخل بها طارئ عليها غادرها من قبل وهو فى وضع معين وبعد أن أفاد
من ذلك رغب فى العودة اليها من جديد ومن الطبيعى أن هذا لا يكون على حساب زملائه الذين
آثروا البقاء وخضعوا لقانون ليس فيه ليونة القانون الذى رقى المدعى الى وظيفة أستاذ
مساعد على أساسه، اذن الامر بالنسبة للمدعى لا يتعدى عدم الاعتداد بالمدة التى أمضاها
فى وظيفة أستاذ مساعد بالقدر الذى يتلاءم مع وضعه فى الاقدمية بالنسبة لزملائه بالتطبيق
لقرار نقله الى جامعة القاهرة وليس فيما اتخذته الجامعة أية مخالفة للقانون لانها باعتبارها
شخصية معنوية مستقلة عن جامعة الاسكندرية، فإن لها بهذه الصفة أن تحدد مركز الشخص الذى
يعين فيها أو ينقل اليها وسواء أكان الامر ينطوى على تعيين أو على نقل فان الامر لا
يتغير من حيث الآثار فى الحالين لأن النقل فى المسألة المعروضة له طابعه الخاص وهو
خلاف النقل الذى يجرى بين فروع واقسام الوحدة الادارية الواحدة، ولا يغير من ذلك أن
وزير التربية والتعليم هو الرئيس الاعلى للجامعتين المذكورتين فانه يبقى لهما مع ذلك
شخصيتهما المستقلة كل منهما عن الاخرى وليس فقط أن ما أجرته الجامعة لا مخالفة فيه
للقانون بل ان القانون العام وهو قانون الموظفين قد وضع قيودا على ترقية المنقولين
فى نفس فروع المصلحة الواحدة أو الشخص الاعتبارى الواحد.
ومن حيث انه لذلك يكون القرار الذى اتخذه مجلس الجامعة فى 15 من مارس سنة 1953 بعدم
صلاحية المدعى للترشيح قد قام على سببه الصحيح قانونا وبالتالى يكون الحكم المطعون
فيه، اذ قضى بالغائه، قد جانبه الصواب.
ومن حيث انه بعد أن انتهى رأى هذه المحكمة الى صحة قرار ابعاد المدعى من الترشيح لكرسى
القانون المدنى الشاغر بكلية الحقوق باعتباره غير صالح للتقدم له لانه طبقا للقرار
الصادر بنقله الى جامعة القاهرة لا يكون قد استوفى فى يوليه سنة 1952 مدة الاربع سنوات
فى وظيفة أستاذ مساعد كما يوجب القانون ذلك، فانه تبعا لهذا لا يكون هناك من مزاحم
للدكتور مدكور فى شغل هذا الكرسى لا المدعى أو غيره ومن ثم فلا محل للمقارنة والمفاضلة
وما دام أن ترقية الدكتور مدكور قد تمت فى الحدود المرسومة قانونا فإنها تكون بمنأى
عن الطعن.
ومن حيث انه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء القرارين الصادرين الاول
فى 15 من مارس سنة 1953 بالاستبعاد من الترشيح والثانى فى 6 من يونيه سنة 1954 بترقية
الدكتور مدكور (الطاعن) الى وظيفة أستاذ وهما موضوع هذا الطعن على غير أساس سليم من
القانون لذلك فانه يتعين القضاء بالغائه ورفض الدعوى مع الزام المدعى بمصروفاتها.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.
