الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1108 لسنة 6 ق – جلسة 28 /04 /1962 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر إبريل سنة 1962) – صـ 718


جلسة 28 من إبريل سنة 1962

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي وكيل المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1108 لسنة 6 القضائية

( أ ) جنسية مصرية – أسس ثبوتها بالنسبة لمن كان من الرعايا العثمانيين وعلته تحديد المراد بالرعايا العثمانيين في هذا الصدد – أثر الدخول في الجنسية المصرية في هذا المجال بالنسبة للزوجة والأولاد.
(ب) جنسية عثمانية – ميلاد – شهادة نفوس – شهادة النفوس العثمانية الصادرة بحصول الميلاد في مدينة حلب – ليست حجة قاطعة في إثبات الرعوية العثمانية – أساس ذلك.
(جـ) جنسية – إقامة – إثبات – أدلة إثبات واقعة الإقامة بشروطها المتطلبة قانوناً تمتع الإدارة بسلطة تقديرية لا معقب عليها في تكوين اقتناعها بكفايتها.
1 – يؤخذ من نصوص المادتين 1 و23 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية، والمادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية ومن قراري رئيس الجمهورية بالقانونين رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية ورقم 820 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة، أن ثبوت الجنسية المصرية بمقتضاها يستلزم أن يكون الشخص من الرعايا العثمانيين، وهم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المبرمة في 24 يوليه سنة 1923: وأن يكون قد أقام عادة في الأراضي المصرية في 5 من نوفمبر سنة 1914 وحافظ على هذه الإقامة حتى 10 من مارس سنة 1929 سواء كان بالغاً أو قاصراً. ودخول الجنسية المصرية بمقتضى هذه الأحكام، يشمل الأولاد القصر كما يلحق الزوجة التي تم زواجها قبل العمل بأحكام القانون رقم 160 لسنة 1950. وقد بين المشرع من هم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المعقودة في 24 من يوليه سنة 1923 وهذا التاريخ هو 31 من أغسطس سنة 1924، وعلة تحديده أن الدولة العثمانية فيه تفككت تنفيذاً لأحكام معاهدة لوزان وضمت أجزاء من أقاليمها إلى دول أخرى أو كونت بذاتها دولاً. فالعثماني هو من حضر إلى مصر قبل التاريخ المذكور وكان من رعايا الدولة العثمانية، ولم يكن قد اكتسب جنسية جديدة اكتساباً صحيحاً. وقد أصدر الباب العالي في 19 من يناير سنة 1869 قانون الجنسية العثماني الذي طبق في سائر أجزاء الدولة العثمانية، وكانت سوريا، المقول بأن والد المدعية ولد بمدينة حلب بها في سنة 1885 مثل مصر جزءاً من الدولة العثمانية التي طبق فيها هذا القانون. وقد تطلب الشارع المصري في الرعايا العثمانيين الذين لم يولدوا في مصر لأبوين مقيمين فيها ولم يبلغوا في التأصل حداً يجعلهم من الرعايا المحليين أن يكونوا قد وفدوا إليها قبل 5 من نوفمبر سنة 1924 وهو تاريخ انفصال مصر عن تركيا بدخولها الحرب ضد هذه الأخيرة وفقاً لما نصت عليه معاهدة لوزان التي اعترفت فيها تركيا بأن هذا هو تاريخ سقوط سيادتها عن مصر حيث صارت للمصريين جنسية مستقلة عن الجنسية العثمانية هي الجنسية المصرية وقد رأى المشرع المصري أن لا يسبغ الجنسية المصرية دون قيد على كل من كان من العثمانيين مقيماً أو موجوداً بالقطر المصري في تاريخ الانفصال أو وقت العمل بقانون الجنسية الذي سَنه لاختلاف درجة تفوقهم بالبلاد ومدى اندماجهم في جماعتها السياسية الجديدة، فاستلزم لدخولهم في الجنسية المصرية بحكم القانون أن يكونوا قد أقاموا عادة في الأراضي المصرية في 5 من نوفمبر سنة 1914، وأن يكونوا قد حافظوا على إقامتهم هذه بالبلاد حتى 10 مارس سنة 1929 تاريخ نشر المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية. وإذ كان الشارع المصري قد خالف في ذلك القواعد العامة في الجنسية التي لا تسمح بجعل الإقامة وحدها طريقاً لكسب جنسية الدولة بحكم القانون وتجعل كسبها في هذه الحالة رهيناً بطلب يقدم من صاحب الشأن، مقدراً في ذلك أن محافظة الرعايا العثمانيين على الإقامة بمصر طوال الفترة التي حددها دليل على انقطاع صلتهم ببلادهم الأصلية ورغبتهم في الاستقرار نهائياً في مصر والاندماج في أهلها وكان هذا حقاً أنشأه المرسوم بقانون المشار إليه من وقت صدوره لأشخاص غير معتبرين ذوي جنسية أصلية فإن دوام هذه الإقامة بمعناها الصحيح والاستيثاق منها ومن المحافظة عليها طوال المدة التي حددها الشارع يكون أمراً لازماً لا يحتمل التخلف عنه أو التساهل فيه. والمقصود بالإقامة العادية هو الإقامة الفعلية على وجه الاستقرار، أي على نحو من الاستمرار يبلغ من الشأن حد تحقيق العادة.
2 – إن شهادة النفوس العثمانية الصادرة باسم والد المدعية بحصول ميلاده في مدينة حلب من أعمال سوريا في سنة 1298 هجرية الموافقة لسنة 1885 ميلادية وإن صحت دليلاً على واقعة الميلاد ومكانه، لا تتضمن بذاتها حجة قاطعة في إثبات رعويته العثمانية التي هي شرط أساسي لدخوله في الجنسية المصرية بحكم القانون إذا ما توافر بالإضافة إليها شروط الإقامة على النحو السالف بيانه. ذلك أن مجرد القيد في أي بلد من بلاد الدولة العثمانية في ظل قانون الجنسية العثماني الصادر في 19 من يناير سنة 1869 لا يصلح بمفرده قرينة بأنه على اعتبار الشخص من الرعايا العثمانيين بل يجب أن تقوم على ثبوت هذه الرعوية أدلة كافية يقع عبء تقديمها على صاحب الشأن الذي يجب أن تتوافر فيه شروط كسبها، كما أن شهادة سجل النفوس (تذكرة سيدر) لم تعد لإثبات الرعوية العثمانية بعد التحقق منها ولم تحرر من أجل هذا الغرض بوساطة موظف مختص.
3 – تتمتع الإدارة بسلطة تقديرية لا معقب عليها في أن تكوِّن اقتناعها بكفاية الدليل المقدم إليها لإثبات واقعة الإقامة بشروطها المتطلبة قانوناً أو عدم كفايته لثبوت الجنسية.


إجراءات الطعن

في 24 من مارس سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن السيد وزير الداخلية سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1108 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 26 من يناير سنة 1960 في الدعوى رقم 1628 لسنة 10 القضائية المقامة من الآنسة اميلي إبراهيم سليم جابير ضد وزارة الداخلية القاضي "بإلغاء قرار وزير الداخلية برفض الاعتراف للمدعية بالجنسية المصرية، وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب السيد الطاعن للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "إحالة الطعن على دائرة فحص الطعون لتقضي بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار وزير الداخلية برفض الاعتراف للمدعية بالجنسية المصرية وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش أتعاب محاماة، وبرفض دعوى المطعون ضدها وإلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين" وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليها في 22 من ديسمبر سنة 1960، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من يونيه سنة 1961 التي أبلغ بها الطرفان في 4 من يونيه سنة 1961، وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة مذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها لما أبدته بها من أسباب إلى أنها ترى "الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات" وبجلسة 14 من يناير سنة 1962 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة العليا حيث عين لنظره جلسة 31 من مارس سنة 1962 التي أبلغ بها الطرفان في 22 من يناير سنة 1962. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم وقد قدمت وزارة الداخلية مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى التصميم على طلباتها الواردة بتقرير الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 1628 لسنة 10 القضائية ضد وزارة الداخلية أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في أول يوليه سنة 1956 ذكرت فيها أنها ولدت بمدينة الإسكندرية في 12 من ديسمبر سنة 1916 من أب عثماني (سوري) مولود بحلب عام 1885 حضر إلى الديار المصرية في عام 1904 وتزوج في عام 1906 وظل يعمل بمصر حتى وفاته في 23 من إبريل سنة 1940، وأنها أقامت بالقطر المصري منذ ميلادها في عام 1916 حتى الآن، وتلقت علومها بالمدارس المجانية للطائفة الإسرائيلية من أكتوبر سنة 1922 حتى يونيه سنة 1932، ثم اشتغلت بالتدريس في هذه المدارس من أكتوبر سنة 1934 حتى آخر أكتوبر سنة 1939 حيث التحقت بشركة مترو جولدوين ماير بمصر من هذا التاريخ حتى أغسطس سنة 1949 كسكرتيرة لرئيس الحسابات، وفي 15 من أغسطس سنة 1949 التحقت بخدمة البنك البلجيكي والدولي بالقاهرة وظلت تعمل به حتى الآن. وفي 31 من ديسمبر سنة 1947 تقدمت إلى مكتب شئون الأجانب والجنسية بمحافظة القاهرة بطلب تسليمها شهادة تدل على جنسيتها المصرية وأرفقت به جميع المستندات اللازمة والمؤيدة لأحقيتها في هذه الشهادة وسددت الرسم المطلوب عنها وقدره خمسة جنيهات. بيد أنها لم تتلق رداً على طلبها هذا على الرغم من استعجالها إياه. فلما صدر قانون الجنسية الجديد رقم 160 لسنة 1950 وأصدرت وزارة الداخلية منشوراً بأن كل من تقدم بطلب للجنسية ولم يفصل فيه عليه أن يتقدم بطلبه محرراً على الاستمارة الخاصة بذلك، تقدمت في يونيه سنة 1955 بطلب محرر على الاستمارة المطلوبة وأصبح ملفها بوزارة الداخلية يحمل رقم 23/ 33/ 3097. وقد ظلت توالي الاستفسار عن طلبها فأخبرتها الوزارة أن مستنداتها تنقصها شهادة من السلطة المدنية التابعة لها تفيد عدم ارتباطها بزواج حتى الآن. ولما كانت هذه الشهادة مقدمة منها بملف الإقامة رقم 11650/ 102 ملف 1758 فقد قدمت طلبها في 27 من نوفمبر سنة 1955 إلى السيد رئيس قسم الجنسية ملتمسة ضم ملفي الإقامة والجنسية لكونهما يحويان جميع المستندات المطلوبة، وبذلك أصبحت مستنداتها مستوفاة. ولما كان يهمها ثبوت جنسيتها المصرية فإنها تطلب "الحكم بإلغاء قرار السيد وزير الداخلية الضمني برفض منح الطالبة شهادة بثبوت جنسيتها المصرية، والحكم بثبوت الجنسية المصرية لها مع إلزام المعلن إليه بالمصاريف والأتعاب بحكم نهائي". وقد ردت وزارة الداخلية على هذه الدعوى بمذكرة قالت فيها أنه اتضح من الاطلاع على ملف جنسية المدعية رقم 23/ 33/ 3097 أن المذكورة طلبت الاعتراف لها بالجنسية المصرية على اعتبار أنها عثمانية الأصل من مواليد الإسكندرية في 12 من ديسمبر سنة 1916 لأب من مواليد حلب بسوريا أقام بمصر من قبل 5 نوفمبر سنة 1914 إلى ما بعد 10 من مارس سنة 1929، وقدمت ما لديها من مستندات للتدليل على ذلك. ولما كانت المدعية ترغب في الاعتراف لها بالجنسية المصرية بالتطبيق لنص المادة الأولى فقرة عاشرة من القانون رقم 160 لسنة 1950 أخذاً عن أبيها وفقاً للمادة الأولى فقرة خامسة من هذا القانون، وهي التي تستلزم الإقامة بمصر من قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 حتى 10 من مارس سنة 1929، وكانت قد قدمت إثباتاً لإقامة والدها في هذه الفترة شهادة من شركة سجاير سالونيكا بالإسكندرية مؤرخة 16 من سبتمبر سنة 1940 تفيد أنه اشتغل لديها من سنة 1909 إلى 23 من إبريل سنة 1940 تاريخ وفاته، فقد رأت الإدارة التحري عن هذه الشهادة للتحقق من صحة البيانات الواردة بها من واقع سجلات الشركة وقد دلَّت التحريات على وجود صورة من هذه الشهادة محفوظة بدفتر شهادات العمال بالصحيفة رقم 293، وقررت الشركة أن المذكور حقيقة التحق بخدمتها بصفته عامل في سنة 1909 وظل بها حتى 23 من إبريل سنة 1940 بيد أن مدة خدمته بالشركة خلال هذه السنوات الطويلة غير ثابتة في سجلاتها إذ الثابت هو صورة من الشهادة المشار إليها فقط وإقرار من الشركة بصحتها، وهي لا تعدو أن تكون شهادة شهود يعوزها الدليل القاطع. ولذا فإن هذه الشهادة بمفردها لا تثبت ركن الإقامة بمصر الذي يتطلبه المشرع، بل لا بد من تعزيزها بمستندات أخرى قاطعة. وقد قدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه لما أبداه به من أسباب إلى أنه يرى "الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية الضمني برفض منح المدعية شهادة ثبوت جنسيتها المصرية، والحكم بثبوت هذه الجنسية لها مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد عقبت وزارة الداخلية على هذا التقرير بأنه يستند فيما ذهب إليه من رأي إلى أن والد المدعية يعتبر مصرياً بالتطبيق لنص المادة الأولى فقرة 2 من القانون رقم 160 لسنة 1950، وإلى أن دخول المذكور الجنسية المصرية يشمل أولاده بحكم القانون إعمالاً لنص الفقرة قبل الأخيرة من المادة ذاتها – وهذا القول مردود بما نصت عليه المادة الأولى فقرة 3 من القانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية، والمادة الأولى فقرة 5 من القانون رقم 160 لسنة 1950، والمادة الأولى فقرة 2 من القانون رقم 390 لسنة 1956، إذ تبين من مطالعة نصوص هذه المواد أنه يشترط لثبوت الجنسية المصرية شرطان: (أولاً) ثبوت الرعوية العثمانية. و(ثانياً) الإقامة المستمرة في الأراضي المصرية من 5 من نوفمبر سنة 1914 حتى 10 من مارس سنة 1929. وليست شهادة النفوس العثمانية باسم والد المدعية سوى دليل على ميلاده بحلب في سنة 1298 هجرية. ومجرد الميلاد هذا لا يعتبر قرينة على أن الشخص هو من الرعايا العثمانيين، بل يجب على صاحب الشأن أن يقدم الدليل الكافي لإثبات هذه الرعوية ذلك أن شهادة الميلاد ذاتها لم توضع لإثبات الجنسية وليس الموظف الذي يقوم بتحريرها مختصاً بتحقيق جنسية المولود، وإنما المعول عليه في إثبات الجنسية هو الشهادة الرسمية التي تصدر من السلطات المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة بذلك من واقع سجلاتها. ومن ثم فإن والد المدعية لا يعتبر متمتعاً بالرعوية العثمانية. كما أن شهادة شركة سالونيكا لا تنهض دليلاً صالحاً إذ أن مدة خدمته بالشركة غير ثابتة بسجلاتها. وإذا كانت شهادة ميلاد المدعية في مصر سنة 1916 قرينة على إقامة والدها بالبلاد وفي هذه الآونة، إلا أن استمرار إقامته حتى تاريخ 10 من مارس سنة 1929 يعوزه الدليل. ولما كان والد المدعية لا يعتبر مصرياً بالتطبيق للنصوص المتقدمة، فإن المدعية لا تعتبر مصرية إعمالاً لمبدأ التبعية العائلية، وآية ذلك أنها أقرت في طلب منحها إقامة خاصة المؤرخ 31 من مارس سنة 1953 والمقدم من وكيلها أنها غير معينة الجنسية. وبناءًً عليه فإن دعواها تكون في غير محلها ويتعين القضاء برفضها مع إلزام المدعية بمصروفاتها وبمقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 26 من يناير سنة 1960 قضت محكمة القضاء الإداري "بإلغاء قرار وزير الداخلية برفض الاعتراف للمدعية بالجنسية المصرية وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن المدعية تقدمت إلى وزارة الداخلية في سنة 1947 طالبة تسليمها شهادة بجنسيتها المصرية، ثم جددت طلبها هذا بعد صدور القانون رقم 160 لسنة 1950 واستندت في ذلك إلى المادة الأولى من هذا القانون، وقدمت إثباتاً لذلك ما لديها من مستندات، وأنه يبين من الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون المذكور، وكذا من الفقرة الثانية والفقرة العاشرة من المادة ذاتها أن الشارع يعتبر مصرياً الرعايا العثمانيين الذين أقاموا بالبلاد المصرية من 5 من نوفمبر سنة 1914 حتى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكتسبوا جنسية أخرى أو دخلوا فيها وأن هذه الجنسية المصرية تشمل الزوجة والقصر من الأولاد. وبإنزال أحكام هذه النصوص على حالة المدعية يتضح أن والدها من أصل عثماني، وأن إقامته بالبلاد المصرية ثبتت من سنة 1909 حتى تاريخ وفاته في إبريل سنة 1940، وأنها كانت إقامة دائمة، ولم يثبت أنه تجنس بجنسية أجنبية. ومن ثم فإنه يعتبر مصرياً بقوة القانون بالتطبيق لحكم الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950، ولما كانت المدعية قاصرة وقت اكتساب والدها الرعوية المصرية في 10 من مارس سنة 1929، إذ أنها مولودة في سنة 1916، فإنها تعتبر مصرية بالتبعية لوالدها الذي أصبح مصرياً منذ ذلك التاريخ ويكون من حقها أن تتسلم شهادة بجنسيتها المصرية. وبذلك يكون قرار وزارة الداخلية بالامتناع عن تسليمها شهادة الجنسية المصرية في غير محله ولا سند له من القانون مما يجعله باطلاً وواجب الإلغاء.
وقد طعنت وزارة الداخلية في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 24 من مارس سنة 1960 طلبت فيها "إحالة الطعن على دائرة فحص الطعون لتقضي بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار وزير الداخلية برفض الاعتراف للمدعية بالجنسية المصرية وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش أتعاب المحاماة، وبرفض دعوى المطعون ضدها وإلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". واستندت في أسباب طعنها إلى أنه يبين من المراحل التشريعية لقوانين الجنسية المصرية أنه يشترط لثبوت هذه الجنسية في خصوصية الدعوى الحالية شرطان هما: توافر صفة الرعوية العثمانية، الإقامة المستمرة في الأراضي المصرية من 5 من نوفمبر سنة 1914 إلى 10 من مارس سنة 1929. ولما كان والد المدعية قد ولد بمدينة حلب في سنة 1298 هجرية فإن مجرد ميلاده فيها لا يعتبر قرينة على أنه من الرعايا العثمانيين، بل يجب عليه أن يقدم الدليل الكافي لإثبات هذه الرعوية. وحتى يقدم هذا الدليل فإنه لا يعتبر متمتعاً بالرعوية العثمانية، هذا إلى أن شهادة شركة سالونيكا باشتغال والد المدعية بها من سنة 1909 حتى سنة 1940 لا تنهض دليلاً كافياً لإثبات إقامته المستمرة في الديار المصرية، لأن مدة خدمته بالشركة في غضون تلك المدة غير ثابتة بسجلاتها. وإذا كانت شهادة ميلاد المدعية في مصر سنة 1916 قرينة على إقامة والدها بالبلاد في هذه الآونة، إلا أن استمرار إقامته حتى 10 من مارس سنة 1929 يعوزه الدليل، ومن ثم فإن المذكور لا يعتبر مصرياً، وتبعاُ لذلك لا تعتبر المدعية مصرية إعمالاً لمبدأ التبعية العائلية المنصوص عليه في المادة 5 من قانون سنة 1929 والمادة الأولى فقرة 9 من قانون سنة 1950 والمادة الأولى فقرة أخيرة من قانون سنة 1956، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة مذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها إلى أنها ترى "الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات". وأسست رأيها على أن شهادة النفوس العثمانية التي تقدمت بها المدعية للتدليل على ميلاد والدها سنة 1885 ميلادية لا تثبت واقعة ميلاده فحسب، وإنما تثبت أيضاً أنه ولد عثمانياً في بلد من بلاد الدولة العثمانية القديمة، أي أنه ولد متصفاً بالرعوية العثمانية، ويبين من استظهار نصوص المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 والمادة 22 من القانون رقم 160 لسنة 1950 أنهما قاطعتان في أن العثمانيين في مفهومهما هم الرعايا العثمانيون قبل العمل بأحكام معاهدة لوزان المعقودة في 14 من يوليه سنة 1923 والتي نفذت في 31 من أغسطس سنة 1924، فكل من حضر من هؤلاء الرعايا العثمانيين إلى مصر قبل التاريخ المذكور واستمر محافظاً على صفته العثمانية في 10 من مارس سنة 1929 أصبح مصرياً بقوة القانون. ومتى كانت شهادة الميلاد تحمل هذا المعنى فليس ثمة ما يدعو للقول بعدم كفاية الدليل المستمد من هذه الواقعة، كما لا محل للقول بعدم اكتساب والد المدعية للجنسية المصرية بحكم القانون بعد إذ حضر إلى مصر قبل العمل بمعاهدة لوزان واستمر محافظاً على رعويته العثمانية وعلى إقامته في 5 من نوفمبر سنة 1914 وفي 10 من مارس سنة 1929 كما تدل على ذلك الشهادات المقدمة من المدعية. ولا حجة في الاعتراض بعدم ثبوت خدمة والد المدعية بسجلات شركة سالونيكا ما دامت شهادة الشركة المذكورة المقدمة من المدعية محفوظة بدفتر شهادات العمال بالصحيفة رقم 293، وما دامت التحريات قد أثبتت صحة هذه الشهادة ومطابقتها للأصل المحفوظ بسجلات الشركة، وهذا دليل في ذاته على ثبوت مدة خدمة والد المدعية وعلى اشتغاله بالشركة خلال المدة من سنة 1909 حتى سنة 1940 وعلى إقامته بالبلاد إقامة مستمرة حتى تاريخ وفاته، الأمر الذي لم تقدم الوزارة أي دليل يجحده أو ينفيه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جاء سليماً مطابقاً لحكم القانون فيما انتهى إليه لما بني عليه من أسباب ويكون الطعن عليه واجب الرفض.
ومن حيث إن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية الصادر في 27 من فبراير سنة 1929 والذي عمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 10 من مارس سنة 1929 كانت تنص على أن "يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون (أولاً).. و(ثانياً).. و(ثالثاً) من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة في القطر المصري في 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون" كذلك كان نص المادة 23 من المرسوم بقانون المذكور يجري كالآتي "الرعايا العثمانيون في تأويل أحكام هذا القانون هم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المعقودة في 24 من يوليه سنة 1923" كما أن المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية كان نصها – المصريون هم: ".. … و. .. الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 من نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ 10 مارس سنة 1929 سواء أكانوا بالغين أم قصراً… … .. – والمقصود بالرعايا العثمانيون في الفقرات الثلاثة المتقدمة هم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المعقودة في 24 من يوليه سنة 1923.. – .. – ودخول الجنسية المصرية بمقتضى أحكام الفقرات السابقة من هذه المادة يشمل الزوجة والأولاد القصر بحكم القانون…". كذلك نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية على ما يلي: "المصريون هم: (أولاً)… (ثانياً) من ذكروا في المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950.. وثبوت الجنسية بمقتضى هذه المادة يلحق الأولاد القصر والزوجة التي تم زواجها قبل العمل بأحكام القانون رقم 160 لسنة 1950" ونصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة على أن "تثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان في 22 فبراير سنة 1958 ( أ )… (ب) متمتعاً بالجنسية المصرية وفقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956… "كما نصت المادة الثانية من القانون ذاته على أن "يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة: (أولاً) من ولد لأب متمتع بهذه الجنسية.."
ومن حيث إنه يؤخذ من النصوص المتقدمة أن ثبوت الجنسية المصرية بمقتضاها يستلزم أن يكون الشخص من الرعايا العثمانيين، وهم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المبرمة في 24 من يوليه سنة 1923. وأن يكون قد أقام عادة في الأراضي المصرية في 5 من نوفمبر سنة 1914 وحافظ على هذه الإقامة حتى 10 من مارس سنة 1929 سواء كان بالغاً أو قاصراً. ودخول الجنسية المصرية بمقتضى هذه الأحكام يشمل الأولاد القصر كما يلحق الزوجة التي تم زواجها قبل العمل بأحكام القانون رقم 160 لسنة 1950. وقد بين المشرع من هم رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المعقودة في 24 من يوليه سنة 1923 وهذا التاريخ هو 31 من أغسطس سنة 1924، وعلة تحديده أن الدولة العثمانية فيه تفككت تنفيذاً لأحكام معاهدة لوزان وضمت أجزاء من أقاليمها إلى دول أخرى أو كونت بذاتها دولاً. فالعثماني هو من حضر إلى مصر قبل التاريخ المذكور وكان من رعايا الدولة العثمانية، ولم يكن قد اكتسب جنسية جديدة اكتساباً صحيحاً. وقد أصدر الباب العالي في 19 من يناير سنة 1869 قانون الجنسية العثماني الذي طبق في سائر أجزاء الدولة العثمانية، وكانت سوريا المقول بأن والد المدعية ولد بمدينة حلب بها في سنة 1885 مثل مصر جزءاً من الدولة العثمانية التي طبق فيها هذا القانون. وقد تطلب الشارع المصري في الرعايا العثمانيين الذين لم يولدوا في مصر لأبوين مقيمين فيها ولم يبلغوا في التأصل حقاً يجعلهم من الرعايا المحليين أن يكونوا قد وفدوا إليها قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 وهو تاريخ انفصال مصر عن تركيا بدخولها الحرب ضد هذه الأخيرة وفقاً لما نصت عليه معاهدة لوزان التي اعترفت فيها تركيا بأن هذا هو تاريخ سقوط سيادتها عن مصر حيث صارت للمصريين جنسية مستقلة عن الجنسية العثمانية هي الجنسية المصرية. وقد رأى المشرع المصري ألا يسبغ الجنسية المصرية دون قيد على كل من كان من العثمانيين مقيماً أو موجوداً بالقطر المصري في تاريخ الانفصال أو وقت العمل بقانون الجنسية الذي سَنه لاختلاف درجة توثقهم بالبلاد ومدى اندماجهم في جماعتها السياسية الجديدة، فاستلزم لدخولهم في الجنسية المصرية بحكم القانون أن يكونوا قد أقاموا عادة في الأراضي المصرية في 5 من نوفمبر سنة 1914، وأن يكونوا قد حافظوا على إقامتهم في هذه البلاد حتى 10 من مارس سنة 1929 تاريخ نشر المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية. وإذ كان الشارع المصري قد خالف في ذلك القواعد العامة في الجنسية التي لا تسمح بجعل الإقامة وحدها طريقاً لكسب جنسية الدولة بحكم القانون وتجعل كسبها في هذه الحالة رهيناً بطلب يقدم من صاحب الشأن، مقدراً في ذلك أن محافظة الرعايا العثمانيين على الإقامة بمصر طوال الفترة التي حددها دليل على انقطاع صلتهم ببلادهم الأصلية ورغبتهم في الاستقرار نهائياً في مصر والاندماج في أهلها وكان هذا حقاً أنشأه المرسوم بقانون المشار إليه من وقت صدوره لأشخاص غير معتبرين ذوي جنسية أصلية فإن دوام هذه الإقامة بمعناها الصحيح والاستيثاق منها ومن المحافظة عليها طوال المدة التي حددها الشارع يكون أمراً لازماً لا يحتمل التخلف عنه أو التساهل فيه. والمقصود بالإقامة العادية هو الإقامة الفعلية على وجه الاستقرار، أي على نحو من الاستمرار يبلغ من الشأن حد تحقيق العادة.
ومن حيث إن شهادة النفوس العثمانية الصادرة باسم والد المدعية بحصول ميلاده في مدينة حلب من أعمال سوريا في سنة 1298 هجرية الموافقة لسنة 1885 ميلادية وإن صحت دليلاً على واقعة الميلاد ومكانه، لا تتضمن بذاتها حجة قاطعة في إثبات رعويته العثمانية التي هي شرط أساسي لدخوله في الجنسية المصرية بحكم القانون إذا ما توافر بالإضافة إليها شروط الإقامة على النحو السالف بيانه. ذلك أن مجرد الميلاد في أي بلد من بلاد الدولة العثمانية في ظل قانون الجنسية العثماني الصادر في 19 من يناير سنة 1869 لا يصلح بمفرده قرينة باتة على اعتبار الشخص من الرعايا العثمانيين بل يجب أن تقوم على ثبوت هذه الرعوية أدلة كافية يقع عبء تقديمها على صاحب الشأن الذي يجب أن تتوافر فيه شروط كسبها، كما أن شهادة سجل النفوس (تذكرة سيدر) لم تعد لإثبات الرعوية العثمانية بعد التحقق منها ولم تحرر من أجل هذا الغرض بوساطة موظف مختص.
ومن جهة أخرى فإن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية لا معقب عليها أن تكوِّن اقتناعها بكفاية الدليل المقدم إليها لإثبات واقعة الإقامة بشروطها المتطلبة قانوناً أو عدم كفايته.
وقد قدمت المدعية للتدليل على إقامة والدها بالقطر المصري في الفترة ما بين 5 من نوفمبر سنة 1914 و10 من مارس سنة 1929 بعد إذ كان قد نزح إليه من حلب في سنة 1904 وتزوج به في سنة 1916، شهادة من شركة سجاير سالونيكا بالإسكندرية مؤرخة 16 من سبتمبر سنة 1940 مذكور بها أنه كان موظفاً في مصنع الشركة بصفة عامل في سنة 1909 إلى تاريخ وفاته في 23 من إبريل سنة 1940. إلا أن إدارة الجنسية رأت التحري عن هذه الشهادة للتحقق من صحة البيانات الواردة بها من واقع سجلات الشركة فأسفرت التحريات عن وجود صورة من هذه الشهادة محفوظة بدفتر شهادات العمال بالصحيفة رقم 293 إلا أن مدة خدمة المذكور بالشركة خلال هذه السنوات الطويلة غير ثابتة في سجلاتها الأمر الذي خلصت منه الإدارة إلى أن هذه الشهادة يعوزها الدليل القاطع، وأنها بمفردها لا تثبت ركن الإقامة الذي يتطلبه القانون بل يتعين تعزيزها بمستندات وأدلة أخرى لا تكفي فيها الشهادة المقدمة من المدعية بميلادها بمدينة الإسكندرية في 12 من ديسمبر سنة 1916. وإذ كان الشك لا يزال قائماً حول تمتع والد المدعية بالرعوية العثمانية من جهة، وحول إقامته المستمرة بمصر ومحافظته عليها في المدة من 5 من نوفمبر سنة 1914 إلى 10 من مارس سنة 1929 من جهة أخرى، وكان مرجع تقدير الدليل في هذا وذاك إلى الجهة الإدارية المختصة التي اقتنعت بعدم كفاية الدليل المقدم إليها اقتناعاً سائغاً له ما يبرره دون تعنت أو هوى، وكان الظاهر من ملف المدعية بإدارة الهجرة والجوازات والجنسية أن المذكورة معتبرة غير معينة الجنسية فإن طلبها شهادة بثبوت جنسيتها المصرية أو الحكم لها بثبوت هذه الجنسية استناداً إلى مبدأ التبعية العائلية بوصفها كانت قاصرة في 10 من مارس سنة 1929 بالتطبيق لأحكام مواد قوانين الجنسية المصرية المتعاقبة السابق الإشارة إليها يكون بحالته وبحسب المستندات المقدمة منها حتى الآن غير مستند إلى أساس سليم متعيناً رفضه ويكون امتناع وزارة الداخلية عن تسليمها الشهادة المطلوبة قائماً على سببه وإن لم يحل هذا دون إمكان استيفائها الدليل اللازم مستقبلاً. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد جانب الصواب، ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون عليها بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات