الطعن رقم 525 لسنة 5 ق – جلسة 08 /04 /1962
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر إبريل سنة 1962) – صـ
592
جلسة 8 من إبريل سنة 1962
برياسة السيد – عبد العزيز الببلاوي نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة: الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي، المستشارين.
القضية رقم 525 لسنة 5 القضائية
موظف – إعانة غلاء المعيشة – استحقاقها عن الأولاد – مشروط بإعالة
الموظف لهم، وذلك إلى ما قبل العمل بقرار مجلس الوزراء الصادر في 10/ 11/ 1954، وبعدم
بلوغ سن 21 سنة اعتباراً من هذا التاريخ – الاستثناءات التي أوردها هذا القرار – هي
الابن في مرحلة التعليم العالي الذي لم يجاوز 25 سنة، وذو العاهة التي تقعده عن الكسب،
والابنة غير المتزوجة أو المطلقة التي سقطت نفقتها – سريانه من تاريخ العمل به – لا
صحة للقول بسريانه على الماضي بحجة أنه قرار تفسيري.
جاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 والذي تقررت بموجبه إعانة غلاء
المعيشة، أنه يقصد بالأولاد الذين تمنح عنهم الإعانة هم "الأولاد الذين يعولهم الموظف
أو المستخدم" كما جاء بالكتاب الدوري الصادر من الإدارة العامة لوزارة المالية والصادر
في 6 من يناير سنة 1942 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر أنه "يقصد بالأولاد
الذين تمنح عنهم الإعانة الأولاد الذين يعولهم الموظف أو المستخدم أو العامل" كما جاء
بالكتاب الدوري الصادر من الإدارة العامة لوزارة المالية في 22 من نوفمبر سنة 1942
بتعديل فئات الإعانة النص سالف الذكر على النحو السابق، هذا وجاء بالكتاب الدوري الصادر
من الإدارة العامة لمستخدمي الحكومة بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1951 في شأن تعديل إعانة
غلاء المعيشة والإعانة الاجتماعية بتغيير الحالة المدنية، إن مجلس الوزراء قرر في جلسته
المنعقدة في 29 من يوليه سنة 1951 أنه فيما يختص بإعانة غلاء المعيشة تزاد هذه الإعانة
أو تخفض اعتباراً من أول الشهر التالي لتاريخ ميلاد الأولاد أو وفاة أحدهم أو زواج
البنات أو تكسب أحد الأولاد. أما المذكرة المرفوعة من وزارة المالية والاقتصاد، والتي
وافق عليها مجلس الوزراء في 10 من نوفمبر سنة 1954 فقد جاء فيها ما يلي "تنص القواعد
العامة لصرف إعانة غلاء المعيشة أن تمنح هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين والعمال
عن أولادهم الذين يعولونهم. ونظراً لأن هذه القواعد لم تحدد سنَّاً معينة للأولاد يمتنع
بعد بلوغها منح آبائهم عنهم إعانة غلاء المعيشة، كما لم تحدد معنى الإعالة المنصوص
عنها سابقاً. يرى الديوان وضع ضوابط للإعالة حتى يتحدد بها استحقاق الموظف أو العامل
لإعانة الغلاء عن الأولاد.
1 – أن يكون الابن أو الابنة غير ملحق بعمل يتقاضى عنه أجراً ما، أما إذا كان أحدهما
ملحقاً بعمل أجره اليومي يماثل أو يزيد عن الحد الأدنى لأجور العمال بكادر العمال يحرم
والده من إعانة الغلاء المستحقة.
2 – أن يكون سن الابن أقل من 21 سنة ومع ذلك فتمنح الإعانة أيضاً رغم تجاوز هذه السن
في الحالات الآتية:
( أ ) إذا كان الابن طالباً بإحدى معاهد التعليم العالي ولم يجاوز سن 25 سنة.
(ب) إذا كان الابن ذا عاهة تقعده عن الكسب، وتثبت العاهة بقرار من القومسيون الطبي
المختص.
(ج) إذا كانت الابنة من فرع مباشر غير متزوجة – ولو تجاوز سنها 21 سنة – أو مطلقة سقطت
نفقتها على أن تمنح الإعانة عن البنت المطلقة اعتباراً من الشهر التالي لانتهاء العدة".
ويبين من استعراض النصوص السابقة أن القواعد التي كانت تحكم إعانة غلاء المعيشة حتى
10 من نوفمبر سنة 1954 لم تكن تشترط لاستحقاق الموظف لها عن أولاده إلا شرطاً واحداً
هو إعالته لهؤلاء الأولاد، فتستحق حيث تكون هناك إعالة سواء تجاوز الابن الحادية والعشرين
من عمره أو نقص عنها وتمنع عنه حيث لا تكون هناك إعالة، بلغ الولد السن سالف الذكر
أو لم يبلغها. فقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 بتقرير إعانة غلاء
المعيشة قد وضع هذه القاعدة كما أكدها في القرارات اللاحقة وفي الكتب الدورية الصادرة
حتى 10 من نوفمبر سنة 1954، حيث عدلت هذه القاعدة وأصبح الموظف أو العامل أو المستخدم
منذ هذا التاريخ غير مستحق للإعانة متى بلغ ابنه الحادية والعشرين من عمره سواء تكسب
هذا الابن أو كان عاطلاً عن الكسب ما لم يكن هذا الابن في مرحلة التعليم العالي غير
متجاوز الخامسة والعشرين من عمره أو كان ذا عاهة تقعده عن الكسب أو كانت ابنة غير متزوجة
مهما بلغ سنها أو مطلقة سقطت نفقتها. وقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة
1954 صريح في توضيح هذا المعنى، بل وقاطع فيه، فقد جاء في المذكرة المرفوعة إليه والتي
انتهت بموافقته عليها ما يلي "تنص القواعد العامة لصرف إعانة غلاء المعيشة بأن تمنح
هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين والعمال عن أولادهم الذين يعولونهم ونظراً لأن هذه
القواعد لم تحدد سنَّاً معيناً للأولاد يمتنع بعد بلوغها منح آبائهم عنهم إعانة غلاء
المعيشة". وإذن فقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة 1954 لا يسري إلا من
تاريخ العمل به ولا ينسحب على الماضي بحجة أنه قرار تفسيري.
إجراءات الطعن
بتاريخ 18 من مارس سنة 1959 أودعت هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بجلسة 19 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 80 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ إبراهيم محمد المنياوي ضد وزارة الحربية والقاضي "بأحقية المدعي في استرداد مبلغ 600 م و83 ج ما خصم من مرتبه ومكافأته وبأحقيته في إعانة غلاء معيشة عن ابنه محمود إبراهيم في الفترة من أول يناير سنة 1953 حتى 18 من يوليه سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلبت هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنها قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى. وقد أعلن هذا الطعن إلى الوزارة في 7 من يونيه سنة 1959 وإلى المطعون ضده في 14 من يونيه سنة 1959. وقد أبلغ الخصوم في 17 من مايو سنة 1960 بجلسة 29 من مايو سنة 1960 التي عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وبعد أن تداولت القضية بالجلسات أحيلت إلى الدائرة الثانية من هذه المحكمة لجلسة 11 من فبراير سنة 1962 وفي هذه الجلسة حجزت القضية للحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة – حسبما يبين من الأوراق – تتحصل في أن المدعي أقام
هذه الدعوى، يقول فيها أنه كان يعمل كاتباً بسلاح الأسلحة والمهمات بالمعادي، وأنه
حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش في 18 من يوليه سنة 1954 كان يقدم كل عام إقراراً
بحالته الاجتماعية وأنه لمناسبة ما ذكره في إقراره عن سنة 1953 من أن ابنه محمود وإن
كان قد بلغ سن الرشد إلا أنه عاطل عن الكسب وأنه يقوم بالإنفاق عليه، وأنه بهذا يستحق
أن يمنح عنه إعانة غلاء معيشة، إلا أن الوزارة أبت عليه ذلك وقررت أنه لا يستحق أن
يمنح عنه إعانة غلاء المعيشة، وتأسيساً على ذلك أوقف صرف الإعانة التي كانت تمنح إليه
عنه واستقطعت من راتبه ما كان قد حصل عليه من إعانة من تاريخ بلوغ ابنه المذكور سن
الرشد، الأمر الذي دعاه إلى إقامة هذه الدعوى مطالباً أولاً باسترداد مبلغ 600 م و83
ج قيمة ما خصم منه (ثانياً) وبإلزام الحكومة بأن تدفع إليه مبلغ 255 م و95 ج قيمة علاوة
الغلاء التي كان يستحقها عن هذا الابن اعتباراً من أول يناير سنة 1953 حتى تاريخ بلوغه
هو سن الإحالة إلى المعاش في 18 من يوليه سنة 1954 مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة. وقضى الحكم المطعون فيه للمدعي بطلباته وأقام قضاءه على أنه لم يثبت
للمحكمة أن محمود إبراهيم كان يعول نفسه وأن والده لم يكن يقوم بالإنفاق عليه بعد بلوغه
سن الرشد في سنة 1950 وأن قواعد منح إعانة غلاء المعيشة لم تكن حتى نوفمبر سنة 1954
قد وضعت أية ضوابط بالنسبة لسن الأبناء وإنما كان الضابط الوحيد للمنح أو المنع هو
تكسب أو عدم تكسب الابن، فتمنح طالما كان الوالد يعول ابنه لعدم إمكانه أو قدرته على
التكسب، وتمنع حيث لا يعول الوالد ابنه بسبب تكسب الأخير وإعالته لنفسه، ونتيجة لهذا
يكون المدعي مستحقاً لإعانة غلاء المعيشة عن ابنه محمود حتى تاريخ الإحالة إلى المعاش،
ومن ثم تلزم الحكومة بدفع المبلغ المستحق للمدعي كإعانة غلاء المعيشة عن هذه المدة،
وتدفع ما لم يكن قد وفِّي للمدعي وترد ما كان قد صرف إليه ثم استقطع من راتبه، وأضافت
أنه بالنسبة للمبلغ المسترد، أنه ما كان للحكومة على فرض استحقاقها لاسترداد المبلغ
المصروف إلى المدعي أن تقوم باستقطاعه من راتبه لأن استحقاقها لهذا المبلغ – على فرض
صحته – كان في فترة سابقة على القانون رقم 324 لسنة 1956 الذي يجيز للحكومة خصم المبالغ
المستحقة لها من راتب الموظف دون حاجة إلى استصدار حكم قضائي بها من جهات الاختصاص،
على خلاف ما كان عليه الحال في ظل القانون رقم 111 لسنة 1951 قبل تعديله بالقانون سالف
الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أمرين، أولهما – أن المدعي وقد حصل على إعانة غلاء معيشة
نتيجة لإثباته بيانات غير صحيحة بالنسبة لمن يعولهم من أولاده، فإنه يكون من حق الوزارة
أن تسترد منه ما صرف إليه بدون وجه حق، وتكون مطالبة المدعي برد هذا المبلغ إليه وبإلزام
الوزارة بدفع إعانة غلاء المعيشة عن ابنه محمود من أول يناير سنة 1953 حتى تاريخ إحالته
إلى المعاش في 18 من يوليه سنة 1954 وهي المدة التي امتنعت الوزارة خلالها عن صرف إعانة
غلاء المعيشة إليه هذه المطالبة غير مستندة إلى أي أساس، وثانيهما أنه وقد صدر القانون
رقم 324 لسنة 1956 أثناء نظر هذه الدعوى مجيزاً للوزارة خصم ما يكون مستحقاً لها قبل
الموظف دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات قضائية فإنه لا يبقى بعد ذلك وجه للتحدي بعدم
جواز الاستقطاع لعدم جدوى التمسك بهذا الوجه. هذا وقد أضافت الحكومة في مذكرتها الأخيرة
وجهاً جديداً من أوجه الطعن، وهو أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة
1954 بتحديد سن الابن الذي يستحق عنه الموظف أو المستخدم أو العامل إعانة غلاء المعيشة
بواحد وعشرين عاماً، هو قرار تفسيري للقرار الصادر في سنة 1941 بمنح إعانة الغلاء عن
الأولاد الذين يعولهم الموظف أو المستخدم أو العامل، يندمج فيه ويسري على الوقائع السابقة
على صدوره وإنه تطبيق لقواعد النفقة في الشريعة الإسلامية من حيث التزام الوالد بأدائها
لأولاده.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي قدم إقراراً عن حالته الاجتماعية
عن سنة 1951 ذكر فيه أنه يعول ثلاثة أبناء وهم محمود ومحمد وفاطمة وقد منحت له إعانة
غلاء المعيشة عنهم عن سنتي 1951 و1952، ثم قدم إقراراً عن سنة 1953 ذكر فيه أنه يعول
ابنه الأكبر محمود والبالغ من السن 23 عاماً نظراً لعدم تكسب الأخير، فاعترضت الوزارة
على هذا الأمر وأجرت تحقيقاً معه انتهت فيه إلى أن الابن الثاني وهو محمد قد تخرج في
مدرسة الكونستبلات وألحق ببوليس الدقهلية في 28 من مايو سنة 1951، وأن ابنته فاطمة
تزوجت في إبريل سنة 1947 ثم طلقت في نوفمبر سنة 1948 ثم تزوجت ثانية في أكتوبر سنة
1949 ثم طلقت في 13 من ديسمبر سنة 1949 ثم تزوجت للمرة الثالثة في 24 من فبراير سنة
1952، وأن الابن الأكبر وهو محمود قد تخرج من المدارس الصناعية الثانوية عام 1950 ثم
انتدب مدرساً بوزارة التربية في المدة من 6 من أكتوبر سنة 1951 إلى 12 من يونيه سنة
1952، ونتيجة لهذا أوقعت عليه الجهة الإدارية جزاء بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه ثم
قامت باستقطاع مبلغ 600 م و83 ج من راتبه، باعتبار أن هذا المبلغ يمثل ما حصل عليه
المدعي دون وجه حق وهو حصوله على إعانة غلاء المعيشة عن ابنه الثاني محمد بعد تخرجه
من مدرسة الكونستبلات والتحاقه بخدمة الحكومة، وما حصل عليه عن ابنته فاطمة من إعانة
عن مدة تجاوز الفترة من تاريخ انتهاء عدتها من طلاقها الثاني حتى تاريخ زواجها الثالث،
وعن ابنه الأول محمود من تاريخ بلوغه سن الرشد في يناير سنة 1951، وقدمت الجهة الإدارية
للتدليل على عمل الابن محمود إبراهيم، خطاباً صادراً من رئيس قسم الأمن بإدارة المخابرات
الحربية يقول فيه أنه ثبت لديه من التحريات أن محمود إبراهيم محمد المنياوي قد تخرج
من المدارس الصناعية الثانوية عام 1950 وأن وزارة المعارف انتدبته كمدرس بمدرسة التربية
الإسلامية الابتدائية بشبرا في المدة من 6 من أكتوبر سنة 1951 حتى 12 من يونيه سنة
1952 – هذا في حين أن المدعي يذهب إلى أن المبلغ المطالب باسترداده والمبلغ المطالب
بإلزام الوزارة به هو عن إعادته إعانة غلاء المعيشة عن ابنه محمود فقط على أساس أنه
وإن كان قد بلغ سن الرشد قبل عام 1951 إلا أنه ظل يعوله حتى تاريخ الإحالة إلى المعاش
في 18 من يوليه سنة 1954، واستند في التدليل على إعالته له على شهادة إدارية تفيد أن
ابنه المذكور لم يكن حتى تحرير الشهادة في فبراير سنة 1954 قد شغل أية وظيفة حكومية
كانت أو غير حكومية وأن والده هو الذي يقوم بالإنفاق عليه، وعلى شهادة من مدرسة الجامعة
الفاروقية الليلية مؤرخة 11 من مارس سنة 1956 تفيد أن محمود إبراهيم المذكور يدرس بالمدرسة
ليلاً للحصول على شهادة الدراسة الإعدادية (هذان المستندان مودعان بملف الوزارة 94
– 2 – 4409) كما استند إلى خطاب صادر إلى ابنه من ديوان الموظفين يخطره فيه بأن امتحان
المسابقة لراغبي التوظف في وظائف التدريس بالمدارس يبدأ في صباح 24 من أغسطس سنة 1954
– وقد جاء بهذا الإخطار أن محمود إبراهيم المذكور حاصل على مؤهل دراسي وهو دبلوم المدارس
الصناعية الثانوية نظام حديث سنة 1950 – وخطاب من ديوان الموظفين مؤرخ 23 من أكتوبر
سنة 1954 يخطره فيه بالتعيين وبتقديم مسوغات تعيينه.
ومن حيث إنه جاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 والذي تقررت بموجبه
إعانة غلاء المعيشة، أنه يقصد بالأولاد الذين تمنح عنهم الإعانة هم "الأولاد الذين
يعولهم الموظف أو المستخدم" كما جاء بالكتاب الدوري الصادر من الإدارة العامة لوزارة
المالية والصادر في 6 من يناير سنة 1942 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر أنه
"يقصد بالأولاد الذين تمنح عنهم الإعانة الأولاد الذين يعولهم الموظف أو المستخدم أو
العامل". كما جاء بالكتاب الدوري الصادر من الإدارة العامة لوزارة المالية في 22 من
نوفمبر سنة 1942 بتعديل فئات الإعانة النص سالف الذكر على النحو السابق هذا وجاء بالكتاب
الدوري الصادر من الإدارة العامة لمستخدمي الحكومة بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1951 في
شأن تعديل إعانة غلاء المعيشة والإعانة الاجتماعية بتغيير الحالة المدنية أن مجلس الوزراء
قرر في جلسته المنعقدة في 29 من يوليه سنة 1951 أنه فيما يختص بإعانة غلاء المعيشة
تزاد هذه الإعانة أو تخفض اعتباراً من أول الشهر التالي لتاريخ ميلاد الأولاد أو وفاة
أحدهم أو زواج البنات أو تكسب أحد الأولاد. أما المذكرة المرفوعة من وزارة المالية
والاقتصاد التي وافق عليها مجلس الوزراء في 10 من نوفمبر سنة 1954 فقد جاء فيها ما
يلي "تنص القواعد العامة لصرف إعانة غلاء المعيشة بأن تمنح هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين
والعمال عن أولادهم الذين يعولونهم. ونظراً لأن هذه القواعد لم تحدد سنَّاً معيناً
للأولاد يمتنع بعد بلوغهاً منح آبائهم عنهم إعانة غلاء المعيشة، كما لم تحدد معنى الإعالة
المنصوص عنها سابقاً. يرى الديوان وضع ضوابط للإعالة حتى يتحدد بها استحقاق الموظف
أو العامل لإعانة الغلاء عن الأولاد:
1 – أن يكون الابن أو الابنة غير ملحق بعمل يتقاضى عنه أجراً ما، إذا كان أحدهما ملحقاً
بعمل أجره اليومي يماثل أو يزيد عن الحد الأدنى لأجور العمال بكادر العمال يحرم والده
من إعانة الغلاء المستحقة.
2 – أن يكون سن الابن أقل من 21 سنة ومع ذلك فتمنح الإعانة أيضاً رغم تجاوز هذه السن
في الحالات الآتية:
( أ ) إذا كان الابن طالباً بإحدى معاهد التعليم العالي ولم يجاوز سن 25 سنة.
(ب) إذا كان الابن ذا عاهة تقعده عن الكسب وتثبت العاهة بقرار من القومسيون الطبي المختص.
(جـ) إذا كانت الابنة من فرع مباشر غير متزوجة – ولو تجاوز سنها 21 سنة – أو مطلقة
سقطت نفقتها على أن تمنح الإعانة عن البنت المطلقة اعتباراً من الشهر التالي لانتهاء
العدة.
ومن حيث إنه يبين من استعراض النصوص السابقة أن القواعد التي كانت تحكم إعانة غلاء
المعيشة حتى 10 من نوفمبر سنة 1954 لم تكن تشترط لاستحقاق الموظف لها عن أولاده إلا
شرطاً واحداً هو إعالته لهؤلاء الأولاد فتستحق حيث تكون هناك إعالة سواء تجاوز الابن
الحادية والعشرين من عمره أو نقص عنها وتمنع عنه حيث لا تكون هناك إعالة، بلغ الولد
السن سالفة الذكر أو لم يبلغها. فقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941
بتقرير إعانة غلاء المعيشة قد وضع هذه القاعدة كما أكدها في القرارات اللاحقة وفي الكتب
الدورية الصادرة حتى 10 من نوفمبر سنة 1954 حيث عدلت هذه القاعدة وأصبح الموظف أو المستخدم
أو العامل منذ هذا التاريخ غير مستحق للإعانة متى بلغ ابنه الواحد والعشرين من عمره
سواء تكسب هذا الابن أو كان عاطلاً عن الكسب ما لم يكن هذا الابن في مرحلة التعليم
العالي غير متجاوز الخامسة والعشرين من عمره أو كان ذا عاهة تقعده عن الكسب أو كانت
ابنته غير متزوجة مهما بلغ سنها أو مطلقة سقطت نفقتها. وقرار مجلس الوزراء الصادر في
10 من نوفمبر سنة 1954 صريح في توضيح هذا المعنى بل وقاطع فيه فقد جاء في المذكرة المرفوعة
إليه والتي انتهت بموافقته عليها ما يلي: "تنص القواعد العامة لصرف إعانة غلاء المعيشة
بأن تمنح هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين والعمال عن أولادهم الذين يعولونهم ونظراً
لأن هذه القواعد لم تحدد سنَّاً معيناً للأولاد ويمتنع بعد بلوغهم منح آبائهم عنهم
إعانة غلاء معيشة". وإذن فقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة 1954 لا يسري
إلا من تاريخ العمل به ولا ينسحب على الماضي بحجة أنه قرار تفسيري.
ومن حيث إن إعانة غلاء المعيشة مستمدة من القواعد التي قررتها والتزمت بها الجهة التي
أصدرتها وهي الحكومة وهي بهذه المثابة لا شأن لها بأحكام الشريعة الإسلامية إذ الأخيرة
تقرر قواعد لتنظيم العلاقة بين الوالد وابنه من حيث التزام الأول بالإنفاق على الثاني
أو عدم التزامه به في حين أن الأولى تضع قواعد لتنظيم العلاقة بين الحكومة ومن يعملون
بها تيسر عليهم سبل العيش الكريمة بعد ارتفاع أثمان الحاجيات المعيشية.
ومن حيث إنه بتطبيق القواعد السابقة على واقعة الدعوى يبين أن المدعي طبقاً للكشوف
المقدمة من الحكومة والتي لم يطعن عليها المدعي بأي مطعن كان قد حصل في الفترة السابقة
على أول يناير سنة 1953 على إعانة غلاء معيشة عن ابنه محمد بعد تخرجه من مدرسة الكونستبلات
والتحاقه بالحكومة وعن ابنته فاطمة بعد زواجها في 24 من فبراير سنة 1952 في حين أنه
لم يستحق هذه الإعانة عنهما، وبذا يحق للحكومة أن تعمل على تحصيل هذه المبالغ منه حيث
إنها صرفت إليه بدون وجه حق.
ومن حيث إنه بالنسبة لمحمود إبراهيم فإنه ثابت أن هذا الابن لم يتكسب حتى بلوغ والده
سن الإحالة إلى المعاش في 18 من يوليه سنة 1954 إلا في الفترة التي انتدب للعمل فيها
بوزارة التربية والتعليم وهي الفترة من 6 أكتوبر سنة 1951 حتى 12 من يونيه سنة 1952
وأن والده كان يقوم بالإنفاق عليه بإعالته في غير هذه المدة نتيجة لعدم تكسبه أثناءها
ولذا فإن المدعي يستحق إعانة غلاء معيشة عن ابنه المذكور حتى بلوغه سن الإحالة إلى
المعاش رغم تجاوز هذا الابن لسن الرشد ما دام أن هذه المدة سابقة على الوقت الذي عمل
فيه بقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة 1954 وذلك فيما عدا الفترة التي
عمل فيها الابن سالف الذكر في وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إن ما جاء بالحكم المطعون فيه من عدم جواز استقطاع ما يكون قد حصل عليه المدعي
من إعانة غلاء المعيشة بدون وجه حق دون الالتجاء إلى القضاء لحصوله في تاريخ سابق على
صدور القانون رقم 324 لسنة 1956، هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون في غير محله بعد
أن أصبح للحكومة هذا الحق بصدور القانون 324 لسنة 1956 سالف الذكر.
ومن حيث إنه لما سبق جميعه يتعين تعديل الحكم المطعون فيه والحكم للمدعي باستحقاقه
لإعانة غلاء المعيشة عن ابنه محمود حتى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى المعاش في 18 من
يوليه سنة 1954 فيما عدا المدة التي تبدأ في 6 من أكتوبر سنة 1951 وتنتهي في 12 من
يونيه سنة 1952.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي لإعانة غلاء المعيشة المقررة لابنه محمود مع استبعاد الفترة فيما بين 6 من أكتوبر سنة 1951 إلى 12 يونيه سنة 1952 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الحكومة بالمصروفات.
