الطعن رقم 1994 لسنة 6 ق – جلسة 03 /03 /1962
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر إبريل سنة 1962) – صـ
411
جلسة 3 من مارس سنة 1962
برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي وكيل المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.
القضية رقم 1994 لسنة 6 القضائية
جزاء تأديبي – فصل لسوء السلوك – التماثل بين التهم المنسوبة إلى
الموظف جنائياً قد يؤدي في المجال الإداري إلى إدانة سلوكه الوظيفي لا سيما إذا اقترن
باشتهاره بسوء السمعة وبالاستهتار وعدم الإنتاج.
إنه وإن كانت النيابة قد قررت عدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل
في الجنحة رقم 7675 لسنة 1958 الساحل وإن كانت محكمة جنح مصر الجديدة قد قضت ببراءة
المدعي مما نسب إليه في الجنحة رقم 2933 لسنة 1959 مصر الجديدة، إلا أن التماثل بين
التهمة المنسوبة إلى المدعي في إحدى الجنحتين وبين التهمة المنسوبة إليه في الجنحة
الأخرى أمر يستوقف النظر ومن شأنه – في المجال الإداري – ألا يرفع الشبهة عن المدعي
نهائياً ويمكن أن يؤدي إلى إدانة سلوكه الوظيفي لا سيما إذا اقترن ذلك باشتهاره بسوء
السمعة والاستهتار وعدم الإنتاج – وهو اشتهار له أسبابه المقبولة إزاء ما حفل به ملف
خدمته من جزاءات وتحقيقات مختلفة – وكل أولئك يقيم ركن السبب المبرر للنتيجة التي انتهى
إليها القرار المطعون فيه وهي الفصل لسوء السلوك.
إجراءات الطعن
في 16 من يوليه سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير الداخلية بصفته عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 17 من مايو سنة 1960 من المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية في الدعوى رقم 274 لسنة 6 القضائية المقامة من السيد/ عبد الغفار حافظ ذو الفقار ضد وزارة الداخلية والذي يقضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 30 من أكتوبر سنة 1960 وقد تداول الطعن في الجلسات حتى جلسة 22 من أكتوبر سنة 1961 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1961 وتدوول الطعن بالجلسات حتى جلسة 3 من فبراير سنة 1962 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من أوراق الطعن – في أن المدعي أقام
الدعوى رقم 274 لسنة 6 القضائية ضد وزارة الداخلية بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية
لوزارة الداخلية بتاريخ 17 من سبتمبر سنة 1959 بطلب الحكم بإلغاء الأمر اليومي رقم
1334 لسنة 1959 والقاضي بفصله من الخدمة كبوليس ملكي تابع لقوة مباحث القاهرة ابتداءً
من 16 من يونيه سنة 1959 واعتبار هذا الأمر كأن لم يكن مع إلغاء جميع الآثار المترتبة
عليه. وقال بياناً لدعواه أن السيد حكمدار القاهرة أصدر بتاريخ 21 من يونيه سنة 1959
الأمر اليومي المشار إليه بفصله من الخدمة كبوليس ملكي، فتظلم من هذا الأمر إلى السيد
وزير الداخلية ولكنه أبلغ بتاريخ 29 من يوليه سنة 1959 أن تظلمه رفض. ولذلك لجأ إلى
رفع هذه الدعوى بالطعن في قرار الفصل، لأن مصدر القرار كان في حيرة من تسبيب قراره
هل هو الاستغناء أو لسوء السلوك. ولأنه (أي المدعي) كان في عمله مثالاً للدقة والأمانة
والضبط والربط، فقد رقي إلى درجة أمباشي بتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1955 بعد اجتيازه بنجاح
الامتحان الذي عقد لذلك. ولأن ما أثير حوله هو اتهام كيدي وجه إليه في القضيتين رقمي
7675 لسنة 1958 جنح الساحل و2933 لسنة 1959 جنح مصر الجديدة، وحاصل التهمة أنه ادعى
بغير حق سلطة تفتيش مسكن وتوصل بهذه الطريقة إلى سرقة نقود. وقد قررت النيابة بالنسبة
للقضية الأولى ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. أما القضية الثانية فهي ظاهرة التلفيق.
وأجابت وزارة الداخلية على الدعوى بأن المدعي اتهم في القضية رقم 7675 لسنة 1958 جنح
الساحل بتفتيش منزل سيدة دون أن يصدر إليه إذْن بالتفتيش ودون أن يكون منوطاً به هذا
العمل ثم استولى على مصوغات صاحبة المنزل وقد قررت النيابة حفظ القضية لعدم معرفة الفاعل
وإن كان جاء بتقرير مباحث المحافظة أن المدعي هو الذي ارتكب الحادث. واتهم في أخرى
في القضية رقم 2933 لسنة 1959 جنح مصر الجديدة بتفتيش منزل آخر بدائرة مصر الجديدة
بنفس الطريقة. واستولى على مبلغ 170 جنيهاً كان موضوعاً في حقيبة في دولاب في غرفة
النوم. وتعرف عليه جميع من كان بالمنزل في عرض قانوني. وانتهت وزارة الداخلية إلى أن
ما نسب إلى المدعي يعتبر إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته باعتباره من حفظة الأمن. هذا
إلى أنه اشتهر بين زملائه بسوء السمعة والاستهتار في جميع تصرفاته وعدم الإنتاج في
عمله. كما أن كثيراً من الشبهات تحوم حوله، ولذلك فقد قررت الوزارة فصله من الخدمة
واعتبرت هذا الفصل لسوء السلوك. وعقب المدعي على رد الوزارة فأضاف أن قرار الفصل إذ
صدر من السيد حكمدار بوليس القاهرة يكون قد صدر من غير مختص. كما أضاف أن محكمة جنح
مصر الجديدة قضت في 11 من نوفمبر سنة 1959 ببراءته مما نسب إليه. وبجلسة 17 من مايو
سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون
فيه وما يترتب على ذلك من آثار. وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه وإن كان قد
صدر من مختص بالتطبيق لأحكام القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بنظام هيئات البوليس
إلا أن الفصل قد وقع بسبب اتهام المدعي في القضية رقم 2933 لسنة 1959 جنح مصر الجديدة،
وما دامت المحكمة الجنائية قد انتهت إلى عدم صحة الواقعة التي نسبت إلى المدعي. فقد
أصبح القرار المطعون فيه فاقداً لركن السبب حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 234 لسنة
1955 تشترط فيمن يشغل وظيفة من وظائف صف وعساكر الشرطة أن يكون محمود السيرة. وتجيز
الفقرة الأخيرة من المادتين 124، 125 من القانون المذكور فصل ضابط الصف أو العسكري
من الخدمة لسوء السلوك، واتهام المدعي في قضيتين متماثلتين بالإضافة إلى ما اشتهر عنه
بين زملائه من سوء السيرة والاستهتار كاف لكي تقدر الإدارة أن المدعي قد فقدَ شرط حسن
السيرة وأنه أصبح سيئ السلوك.
ومن حيث إن الثابت من مجموع الأوراق المختلفة المتعلقة بفصل المدعي أن فصله لم يكن
مرده إلى ما نسب إليه في قضية الجنحة رقم 2933 لسنة 1959 مصر الجديدة فحسب بل وأيضاً
إلى ما نسب إليه في قضية الجنحة التي يماثلها في واقعتها وهي الجنحة رقم 7675 لسنة
1958 جنح الساحل والتي تضمنها تقرير مباحث المحافظة من أنه مخبر سيئ السيرة والسمعة
مستهتر في جميع تصرفاته وغير منتج في أعماله. وقد أظهرت وزارة الداخلية في وضوح وجلاء
اجتماع كل هذه الأسباب لفصل المدعي عندما اطلعت إدارة الفتوى والتشريع لوزارة الداخلية
(ملف رقم 151/ 18/ 303) على وقائع الموضوع بمناسبة استفتاء الإدارة المذكورة في نوع
الفصل فبينت أن المدعي فصل من الخدمة اعتباراً من 16 من يونيه سنة 1959 لأنه اتهم في
القضية رقم 7675 جنح الساحل سنة 1958 لقيامه بتفتيش منزل السيدة كوكب سلامة دون إذْن
صادر إليه بالتفتيش واستيلائه على نقودها ومصوغاتها. ولأنه اتهم في القضية رقم 2933
جنح مصر الجديدة سنة 1959 لقيامه بتفتيش سكن المدعو بدروس ابكريان واستيلائه على مبلغ
170 ج كانت موضوعة بحقيبة داخل دولاب غرفة النوم. واستناداً إلى تقرير مباحث المحافظة
بأن هذا المخبر سيئ السيرة والسمعة ومستهتر في جميع تصرفاته وغير منتج في أعماله.
ومن حيث إنه وإن كانت النيابة قد قررت عدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة
الفاعل في الجنحة رقم 7675 لسنة 1958 جنح الساحل وإن كانت محكمة جنح مصر الجديدة قد
قضت ببراءة المدعي مما نسب إليه في الجنحة رقم 2933 لسنة 1959 مصر الجديدة إلا أن التماثل
بين التهمة المنسوبة إلى المدعي في إحدى الجنحتين وبين التهمة المنسوبة إليه في الجنحة
الأخرى أمر يستوقف النظر ومن شأنه – في المجال الإداري – ألا يرفع الشبهة عن المدعي
نهائياً ويمكن أن يؤدي إلى إدانة سلوكه الوظيفي لا سيما إذا اقترن ذلك باشتهاره بسوء
السمعة والاستهتار وعدم الإنتاج – وهو اشتهار له أسبابه المقبولة إزاء ما حفل به ملف
خدمته من جزاءات وتحقيقات مختلفة – وكل أولئك يقيم ركن السبب المبرر للنتيجة التي انتهى
إليها القرار المطعون فيه وهي الفصل لسوء السلوك.
ومن حيث إنه متى كان القرار المطعون فيه قائماً على سببه ومطابقاً للقانون كما سلف
البيان، ولم تكن ثمت شبهة في صدوره ممن يملك إصداره قانوناً. فإن الحكم المطعون فيه
إذ قضى بإلغاء هذا القرار يكون قد خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى
وإلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات [(1)].
[(1)] صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت 3 من مارس سنة 1962 الموافق 26 من رمضان سنة 1381 من الهيئة المبينة بصدره عدا السيد محمد عبد العزيز البرادعي المستشار فقد جلس بدلاً منه السيد/ حسن السيد أيوب المستشار بالمحكمة.
