الطعن رقم 4443 لسنة 77 ق – جلسة 2/ 4/ 2009
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الخميس ( أ )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ د. وفيق الدهشان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ونجاح موسى ومحمد منيعم نواب رئيس المحكمة ومحمد طاهر.
الطعن رقم 4443 لسنة 77 قضائية
جلسة 2/ 4/ 2009م
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في قانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقي أموال
من الجمهور لتوظيفها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها
قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة
للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما والتفت عن دفاعه القائم
على أنه لم يتلق أموالاً من الجمهور حسبما يشترط القانون وإنما الواقعة لا تعدو كونها
شركة محاصة تجارية بين الطاعن والشاهد الثالث أحمد عبد المنعم زكي وعدد من أقارب الأخير
وأصدقائه مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "…. تتحصل في أن المتهم أحمد
محمد السيد مرسي كساب قام في غضون عامي 2004، 2005 بتلقي أموالا من الجمهور بلغ مقدراها
مليون وتسعمائة وسبعة عشر ألف جنيه مصري وأربعة آلاف وتسعمائة دولار أمريكي من كل من
إيهاب محمد حلمي سليم وأحمد عبد المنعم زكي حسين وابتسام أحمد أمين زيد وسارة عبد المنعم
زكي حسين ومحمد مصطفى صالح آدم ومحمد محمود سامي حسين الزمر وعواطف جاد أمين جاد ونبيلة
نور الدين مصطفى المراغي وثريا محمد علي أبو السعود وحسني عبد السلام مبارك – وذلك
لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة الأدوية والعقاقير الطبية مقابل أرباح شهرية يقدمها
إليهم تتراوح ما بين 3، 5% دون أن يكون مرخصاً له بمزاولة هذا النشاط وبعد العمل بأحكام
القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها –
وعندما طالبوا باستردادها منه امتنع عن ردها إليهم…"، وعول في الإدانة على أقوال
المجني عليهم وعلاء كامل محمود سليم المحامي بهيئة سوق المال والرائد حسام الدين مصطفى
أبو زيد بإدارة مكافحة جرائم الأموال العامة وتقرير الهيئة العامة لسوق المال وإقرار
الطاعن بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون
رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت
على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من
الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها
سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً، ومفاد هذا أن الشرط المفترض في الركن المادي
لتلقي الأموال المؤثم أن يكون ذلك التلقي من الجمهور أي من أشخاص بغير تمييز بينهم
وبدون رابطة خاصة ترابطهم بمتلقي الأموال منهم، وهو ما يعني أن تلقي الأموال الذي تؤثمه
نصوص القانون المشار إليه يجب ألا يكون مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين
بأعينهم وإنما يتعين أن يكون مفتوحاً لكافة الناس دون تحديد وبغير تمييز، ذل على ذلك
استعمال الشارع للفظ "الناس جلهم" – أي أكثرهم – "والجمهور من كل شيء معظمه" وهو ما
يوافق قصد المشرع على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه ومناقشته
في مجلس الشعب فقد وضح منها أن المقصود بالنص سالف الذكر هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ
أموال الجمهور بغير تمييز، أما بالنسبة للاتفاقات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض
الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض، ودون عرض الأمر
على عموم الجمهور، فإن مواد المشروع لا تتعرض لها، وهو المعنى الذي أكده وزير الاقتصاد
والتجارة الخارجية بقوله: "تتلقى الأموال من الجمهور أي من أشخاص غير محددين ومعنى
ذلك أن الجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو ما يسمى بشركات المحاصة
لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً
تتحقق به كافة أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة
الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان البين
من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن قام على أن الأمر لا يتعدى كونه شركة محاصة بينه
وبين الشاهد الثالث "أحمد عبد المنعم زكي" وهو صديقه وكان البين من استعراض الحكم المطعون
فيه لأقوال المجني عليهم أن علاقة صداقة مباشرة وغير مباشرة تجمعهم بالطاعن، وكان الحكم
المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تلقي أموال لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة
قانوناً والامتناع عن ردها إلى أصحابها دون أن يعرض لدفاعه سالف البيان – وهو في خصوص
هذه الدعوى – يعد دفاعاً جوهرياً – ويرد عليه بما يفنده، ودون أن يستظهر وصف الجمهور
– على النحو السالف إيضاحه – ومدى تحققه في الدعوى المطروحة فإنه يكون معيباً بالقصور
الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في
الحكم فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإعادة للمحكمة الاقتصادية
المختصة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية المعول به اعتباراً
من أول أكتوبر سنة 2008، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى المحكمة الاقتصادية المختصة بالقاهرة لنظرها أمامها من جديد.
