الطعن رقم 65 سنة 5 ق – جلسة 27 /02 /1936
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) – صـ 1063
جلسة 27 فبراير سنة 1936
برياسة حضرة محمد لبيب عطية بك وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازى بك المستشارين.
القضية رقم 65 سنة 5 القضائية
حكم. ذكر العناصر الواقعية للدعوى. تحصيل فهم الواقع فيها. تكييف
هذا الفهم وتطبيق حكم القانون عليه. حكم مستوفى.
إن محكمة الاستئناف متى عنيت بذكر جميع العناصر الواقعية للدعوى وحصلت منها فهم الواقع
فيها ثم كيفت هذا الفهم وطبقت حكم القانون على حاصل هذا التكييف التطبيق الصحيح فانها
تكون قد قامت بما يوجبه عليها القانون ويكون حكمها صحيحا لا عيب فيه لا من جهة القانون
ولا من جهة التسبيب. ففى دعوى تعويض عن شغل أطيان المدّعى بما ألقى فيها من مخلفات
تطهير مصرف، إذا حصلت المحكمة من أدوار الدعوى بعد استعراضها ومن مناقشة الخصوم ومن
الأوراق التى عرضت عليها، أن المدّعى قد رضى بالحالة التى كانت عليها الأرض قبل انتقال
ملكيتها إليه وأنه لذلك لا يستحق تعويضا مّا فلا تثريب عليها فى ذلك.
المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن بنى على سببين:
(الأوّل) مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون من ناحيتين: (الأولى) أن القانون يقضى بأن
يستند قضاء القاضى إلى قاعدة قانونية تطبيقا للمادة 28 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية
والحكم خلو من هذا إطلاقا. (الثانية) أن الحكم يقول بأن الضرر يعوّضه التطهير. وهو
بهذا يهدم أقدس مظاهر الملك ويدوس على الحرمة الواجبة لهذا الملك. وقد نص الدستور على
احترام الملك فى المادة التاسعة منه وكذلك احترمه قانون نزع الملكية ولائحة الترع والجسور.
(الثانى) أن الحكم بغير أسباب، وذلك لاضطراب أسبابه وتنافر أجزائه حتى قاربت العدم.
فبينما يقول الحكم إن الضرر غير موجود يعود ويقول إن الضرر قد عوّضه التطهير. ومن أجل
هذا يطلب الطاعن نقض الحكم ومن باب أصلى الحكم له بطلباته فى الموضوع أمام محكمة الاستئناف
واحتياطيا إعادة القضية لمحكمة استئناف مصر لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن محكمة الاستئناف – بعد أن استعرضت
الأدوار التى مرت بها الدعوى بما لا يخرج عن البيان المتقدّم، وبعد أن قرّرت مناقشة
الخصوم فيما رأت مناقشتهم فيه تنويرا للدّعوى، وبعد أن تبينت من المستندات المقدّمة
لها قبول شركة الأراضى التى تلقى الطاعن الملكية عنها وكثيرين غيرها من الملاك المنتفعين
بمصرف شرشيرة العمومى إلقاء ناتج تطهير هذا المصرف بأراضيهم دون أن يكون لهم حق فى
المطالبة بأى تعويض فى نظير انتفاعهم بالأتربة الناتجة من هذا التطهير، وبعد أن استظهرت
اعتراف الطاعن أمامها بانتفاع الشركة التى تلقى الملك عنها بنتائج التطهير فى ردم الأرض
المنخفضة وسكوته هو عن المطالبة بالتعويض من تاريخ تطهير سنة 1924 إلى تاريخ رفع دعوى
إثبات الحالة فى سنة 1933 – بعد كل ذلك قالت ما نصه:
تستنتج المحكمة من ذلك كله أن المدّعى (أى الطاعن) لم يصبه ضرر بسبب هذا التطهير، أو
أنه إذا كان ثمت ضرر من إلقاء ناتج التطهير بأرضه فان الفائدة التى تعود عليه من التطهير
تكفى وحدها لتعويض هذا الضرر. ولذلك لم يمانع فى إلقاء هذا الناتج بأرضه فى سنة 1924،
وظل ساكتا من ذلك التاريخ إلى تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة فى سنة 1933 كما تقدّم.
ولذلك يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعواه…. الخ.
وحيث إن الواضح من هذا البيان أن قوام حكم محكمة الاستئناف هو رضاء الطاعن بالحالة
التى كانت عليها الأرض قبل انتقال ملكيتها إليه ذلك الرضاء الذى استخلصته المحكمة من
ظروف الدعوى وملابساتها بأن ذكرت: (أوّلا) اتفاق تفتيش الرى مع شركة الأراضى وجميع
الملاك المنتفعين بمصرف شرشيرة على إلقاء الناتج من تطهير هذا المصرف فى أراضيهم نظير
انتفاعهم بهذا الناتج من التطهير ولو لم يكن هذا الاتفاق صالحا لأن يكون حجة عليه خلفا
عن الشركة (ثانيا) سكوت الطاعن عن المطالبة بأى تعويض من تاريخ تطهير سنة 1924 حتى
تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة فى سنة 1933. وقد عللت المحكمة سكوته هذا بأحد أمرين:
إما أن لا يكون قد أصابه ضرر بسبب هذا التطهير، وإما أن يكون قد أصابه ضرر ولكن الفائدة
التى تعود عليه من التطهير كانت فى نظره (أى الطاعن) تكفى وحدها لتعويض هذا الضرر.
ولذلك لم يمانع فى إلقاء ناتج التطهير بأرضه فى سنة 1924 وظل ساكتا حتى سنة 1933 مستغنيا
بما ناله من فائدة عما عساه يكون أصابه من ضرر لو كان. ولذا رأت المحكمة بحق أنه لا
يستحق تعويضا مّا لا عن عملية تطهير سنة 1934 ولا عن العملية اللاحقة لها.
وحيث إن محكمة الاستئناف إذ عنيت بذكر جميع العناصر الواقعية للدعوى وحصّلت منها فهم
الواقع فيها ثم كيفت هذا الفهم وطبقت حكم القانون على حاصل هذا التكييف التطبيق الصحيح
تكون بذلك قد قامت بما يوجبه عليها القانون ويكون حكمها صحيحا لا عيب فيه لا من جهة
القانون ولا من جهة التسبيب. ولذا يتعين رفض الطعن.
