الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 36 سنة 5 ق – جلسة 07 /11 /1935 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) – صـ 939

جلسة 7 نوفمبر سنة 1935

برياسة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات محمد لبيب عطية بك ومراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك المستشارين.


القضية رقم 36 سنة 5 القضائية

استئناف:
( أ ) قيد الدعوى فى الجدول. المادة 363 مرافعات. مدّة الثمانى والأربعين ساعة. كيفية احتسابها.
(ب) المادتان 16 و18 مرافعات. لا دخل لهما.
1 – إن المادة 363 من قانون المرافعات نصت بأنه "على المستأنف أن يقيد الدعوى فى الجدول العمومى لقيد القضايا قبل الجلسة بثمان وأربعين ساعة….. وإلا كان الاستئناف كأن لم يكن". وقولها قبل الجلسة معناه قبل الساعة المقررة لافتتاح الجلسة. فاذا كان المستأنف قد حدّد تاريخ الجلسة فى ورقة استئنافه بأنه هو مثلا يوم 14 مايو سنة 1934 الساعة التاسعة الإفرنجية صباحا، وتلك الساعة لم يحصل نزاع فى أنها هى الساعة المقررة لفتح الجلسات، ثم قيد استئنافه فى الساعة الثانية عشرة والدقيقة الخامسة من يوم 12 مايو سنة 1934 أى قبل الساعة التاسعة صباحا من يوم 14 مايو سنة 1934 بمقدار خمس وأربعين ساعة إلى خمس دقائق، فهذا الاستئناف لا شك فى سقوطه وعدم اعتباره قانونا.
2 – إن أقوال واضعى نص المادة 363 من قانون المرافعات عند تشريعه دالة على أن فترة الثمانى والأربعين ساعة هى أقل ما يجب على المستأنف أن يتركه من الزمن بين وقت القيد وبين وقت الجلسة. فمع هذا ومع وضوح النص فى ذاته لا سبيل إلى تخطى حكمه. وعلى الأخص لا محل للتحدّى فى هذا التخطى لا بالمادة 16 ولا بالمادة 18 من قانون المرافعات فان حكم كل منهما وارد على صورة تختلف اختلافا تاما على صورة المادة 363 وتبعد عنها كل البعد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمذكرات المقدّمة من الطاعنة وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف إذ رفضت الدفع الفرعى بعدم قبول الاستئناف واعتباره كأن لم يكن لقيده بعد الميعاد ما دام هو لم يقيد إلا فى يوم 12 مايو سنة 1934 الساعة 12 والدقيقة 5 مساء، أى قبل الجلسة بأقل من ثمانى وأربعين ساعة، إذ الجلسة التى حدّدها المستأنفون هى يوم 14 مايو سنة 1934 الساعة 9 أفرنكى صباحا، فيكون الحكم المذكور قد خالف النص الصريح الوارد بالمادة 363 من قانون المرافعات، وهذه المخالفة تستوجب نقضه. ولهذا تطلب الطاعنة نقض الحكم والتقرير بأن الاستئناف كأنه لم يكن لقيده بعد الميعاد مع إلزام المطعون ضدّهم بالمصاريف والأتعاب عن درجتى الاستئناف والنقض.
وحيث إن المادة 363 من قانون المرافعات نصت بأن على المستأنف أن يقيد الدعوى فى الجدول العمومى المعدّ لقيد القضايا قبل الجلسة بثمانى وأربعين ساعة…. وإلا كان الاستئناف كأن لم يكن. وقولها "قبل الجلسة" أى قبل الساعة المقررة لافتتاح الجلسة كما سبق لمحكمة النقض أن بينته فى حكمها الصادر بتاريخ 22 مارس سنة 1934 فى الطعن المقيد بجدولها تحت رقم 85 سنة 3 قضائية.
وحيث إن مما تجب ملاحظته أن النص الفرنسى للمادة 363 ورد به أن القيد يجب أن يحصل قبل الجلسة بثمان وأربعين ساعة بالأقل
"L’appelant devra faire inscrire l’affaire au rôle général qua – rante huit heures au moins avant l’audience, faute de quoi……"
وكذلك صرح وزير الحقانية تكرارا بمجلس شورى القوانين عند النظر فى مشروع تعديل المادة المذكورة الذى صدر به القانون رقم 4 لسنة 1911 بأن المراد هو أن القيد يجب أن يكون قبل ثمان وأربعين ساعة بالأقل. وإذن ففترة الثمانى والأربعين ساعة الواردة بالمادة هى فترة زمنية كاملة وهى أقل فترة ماضية قبل الجلسة يجب على المستأنف أن يفيد استئنافه قبلها.
وحيث إنه لا توجد أية صعوبة فى حساب هذه الفترة، فان الساعة هى الساعة الزمنية المعروفة للكافة، فما على الحاسب إلا أن ينظر إلى لحظة افتتاح الجلسة، ويعد ثمانى وأربعين ساعة من قبلها وينظر إن كان القيد حصل قبل هذه الفترة التى عدّها فيكون الاستئناف صحيحا، أم لا فيكون باطلا. أو أن ينظر إلى لحظة القيد ويرى إن كان مضى من بعدها مباشرة إلى غاية اللحظة التى تسبق لحظة افتتاح الجلسة مباشرة ثمان وأربعون ساعة أم لا، فان كانت الفترة ثمانى وأربعين ساعة كاملة أو أزيد فالاستئناف صحيح، وإن كانت أنقص فالاستئناف غير معتبر.
وحيث إنه يظهر من المستندات المقدّمة لمحكمة النقض فى الطعن الحالى أن المستأنف حدّد تاريخ الجلسة فى ورقة استئنافه بأنه هو يوم 14 مايو سنة 1934 الساعة التاسعة الإفرنجية صباحا، وتلك الساعة لم يحصل نزاع فى أنها هى أيضا المقرّرة لفتح الجلسات بمحكمة استئناف مصر. ويؤخذ من المستندات المقدّمة أيضا أنه لا نزاع فى أن قيد هذا الاستئناف إنما حصل فى الساعة 12 والدقيقة 5 من يوم 12 مايو سنة 1934، أى قبل الساعة التاسعة صباحا من يوم 14 مايو سنة 1934 بمقدار خمس وأربعين ساعة إلا خمس دقائق فهذا الاستئناف لا شك فى سقوطه وكونه قانونا كالعدم.
وحيث إنه على الرغم من حكم القانون الصريح بسقوط هذا الاستئناف فان محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه قد صححته وقبلته بناء على طريقة حساب أشارت إليه ورأت الأخذ بها لعلل وأقيسة كثيرة ذكرتها فى الحكم واستخلصت منها فى النتيجة أن القيد تم فى ميعاد هو قانونى.
وحيث إن تلك الطريقة نقلا عن الحكم المطعون فيه هى كما يأتى وحيث إن الشارع نص فى المادتين 16 و18 مرافعات على كيفية احتساب الميعاد المحدّد بالأيام، أما الميعاد المحدّد بالساعات فلم يبين كيفية احتسابه، ولذلك تكون المسألة متروكة لتفسير القضاء.
وحيث إنه توجد طريقتان لحساب الميعاد المحدّد فى القانون بالساعات. الأولى أن يحسب من الساعة إلى الساعة (de moment ad momentum) فاذا كان لأربع وعشرين ساعة كان من ساعة الإجراء إلى الساعة المقابلة لها فى اليوم التالى (de hora ad horam). والثانية أن تحوّل الساعات إلى أيام بواقع اليوم 24 ساعة، ثم يحسب الميعاد كما لو كان مقدّرا فى القانون بالأيام، وهذه الطريقة هى الجارى عليها العمل فى المحاكم المختلطة المصرية.
وحيث إن علماء القانون فى فرنسا اشترطوا لاتباع الطريقة الأولى أن يكون القانون قد أوجب صراحة ذكر ساعة القيام بالفعل المحدّد له الميعاد فان لم يكن أوجب ذكرها تعين اتباع الطريقة الثانية (تراجع موسوعات البندكت الجزء 23 ص 312 نبذة 73 و المؤلفات رولان دى فيلارج وروسو مع لسنى ومنسل المشار إليها فى هذه النبذة.
وبعد أن ذكر الحكم تلك الطريقة الثانية بالكيفية المتقدّمة قال: وحيث إن هذا الرأى هو عين الصواب لأن الشارع الذى يريد حقا أن يحتسب الميعاد الذى وضعه لإجراء مّا بالساعة والدقيقة يجب عليه اتخاذ الحيطة التامة لضبط هذا الميعاد وحمايته من التلاعب لا سيما إذا كان قد رتب نتائج خطرة على فواته كالحالة التى نحن بصددها. فوجوب ذكر الساعة التى تم فيها الإجراء فى سجل عمومى معدّ لذلك هو وحده الطريق المأمون لاجتناب الصعوبة التى لا بدّ أن تقوم بسبب الخلاف بين الخصمين على هذه الساعة عند عمل حساب الميعاد. أما عدم وجوب ذكرها فيفتح الباب لتحقيقات غير مأمونة العاقبة تتعرّض بها حقوق التقاضى إلى خطر جسيم.
وحيث إنه يجب ابتداء تصحيح سهو جاء فيما نقله الحكم إلى العربية ملخصا عن عبارة البندكت، فان تلك العبارة هى:
S’il est dit que telle chose sera faite dans les vingt – quatre heures qui suivent tel acte, le délai comprend seulement les vingt – quatre heures qui suivent l’heure mentionnée dans la date de l’acte. Il n’en est toutefois ainsi que dans le cas ou la loi exige que l’acte porte indication de l’heure par example dans le cas de l’art. 1259 C. Civ; autrement le délai de vingt – quatre heures comprend tout le jour qui suit celui dont l’acte porte la date.
وترجمتها حرفيا: "إذا قيل إن أمرا مّا يجب أن يعمل فى ظرف الأربع والعشرين ساعة التى تلى الورقة الفلانية فان الميعاد يكون مقصورا على الأربع والعشرين ساعة التى تلى الساعة المذكورة فى تاريخ الورقة. على أنه لا يكون الأمر كذلك إلا فى الحالة التى يوجب فيها القانون اشتمال الورقة على الساعة كحالة المادة 1259 من القانون المدنى، وإلا فان ميعاد الأربع والعشرين ساعة يشمل كل اليوم التالى لليوم الذى تحرّرت فيه الورقة". فالحكم فى نقله ملخص هذه العبارة قال إن العلماء اشترطوا لاتباع الطريقة الأولى (أى الحساب من اللحظة إلى اللحظة أو من الساعة إلى الساعة) أن يكون القانون أوجب "ذكر ساعة القيام بالفعل المحدّد له الميعاد" مع أن تلك العبارة – كما يعلم من أصلها الفرنسى ومن ترجمتها الصحيحة – لم يقل واضعوها قط بضرورة إيجاب القانون ذكر "ساعة القيام بالفعل المحدّد له الميعاد" حتى يحسب الميعاد من الساعة إلى الساعة. ولو أنهم قالوه لكان من جانبهم عبثا وتخليطا. فان أصل المفروض فى عبارتهم أن العمل (أو الفعل أو الأمر) مطلوب فى المستقبل وأن ميعاده يلى الساعة المشتمل عليها تاريخ الورقة، أى يلى ساعة تحريرها، وأنه ميعاد شامل لعدّة ساعات، فكيف يمكن أن يكون أولئك العلماء اشترطوا "ذكر ساعة القيام بهذا الفعل المحدّد له الميعاد، والحال أن هذا الميعاد ليس معينا له ساعة واحدة خاصة بل المعين له عدّة ساعات. ثم ماذا عسى أن يكون هو موضع ذكرها؟ ألا إنما الذى قاله أولئك العلماء – كما هو مدلول عبارة البندكت – أن شرط احتساب ميعاد الأربع والعشرين ساعة المحدّد فى ورقة من الأوراق ابتداء من الساعة المشتمل عليها تاريخ الورقة أن يكون القانون أوجب أن تذكر الساعة فى الورقة أى ساعة تاريخها لا ساعة القيام بالعمل المحدّد له الميعاد، كما ذكر فى الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الواقع هو أن المادة 16 من قانون المرافعات وكذلك ما أشار إليه الحكم مما هو جار عليه العمل بالمحاكم المختلطة وما ورد فى النبذة المتقدّمة من موسوعات البندكت وقال الحكم إنه رأى العلماء فى فرنسا – كل هذا بالإجمالى خاص بكيفية احتساب ميعاد يكون مستقبلا مطلوبا من خصم الحضور فيه فى المستقبل أمام المحكمة أو مطلوبا منه فى المستقبل إجراء أمر مّا فيه. والمقصود منه كله بيان ما إذا كان يوم الإعلان بالحضور للمحكمة أو بإجراء أمر مّا من الأمور، أو يوم الورقة المحدّد فيها ميعاد مستقبل مطلوب إجراء أمر مّا فيه يدخل أيهما فى حساب ذلك الميعاد المستقبل المحدّد بالأيام أو بالساعات أو أن هذا الميعاد المستقبل المحدّد بالأيام أو بالساعات لا يبدأ إلا من ابتداء اليوم التالى ليوم الإعلان أو ليوم تحرير الورقة. وشتان ما بين هذا وما بين الموضوع الذى كان مطروحا لنظر المحكمة، فإن الكلام فى الموضوع المطروح لنظرها هو لا عن عمل يعمل فى ميعاد مستقبل بل عن عمل يجب أن يكون قد عمل فى الماضى قبل وقت معين.
وحيث إنه لا يمكن قطعا متابعة الحكم المطعون فيه لابتناء قضائه على تصوير خاطئ لمسألة ميعاد القيد ولتحدّيه بالمادة 16 وبمذهب المحاكم المختلطة وبأقوال علماء القانون فى غير الموطن الموضوعة له تلك المصادر. وكل متابعة له فى ذلك فهى خوض فيما يضل فيه النظر.
وحيث إن ذلك الحكم أورد عللا واضحا منها أنها لا يمكن أن تنصب على تأييد طريقته فى الحساب وإنما هى منصبة على عدم لزوم التشدّد فى تفسير النص الخاص بميعاد القيد، ولا ترى هذه المحكمة محلا للرد على هذه العلل لأن النص محكم لا يحتاج فيه لتفسير.
وحيث إنه لا يمكن الاستشكال فى هذا الموضوع بأن الزمن السابق على ميعاد الجلسة قد يكون زمن عطلة مستطيلة ممتدة من بضعة أيام وغير منتهية إلا أمس يوم الجلسة أو قبل يوم الجلسة بيوم واحد كصورة مستأنف حدّد للجلسة أول يوم عمالة بعد عطلة عيد الأضحى وهى خمسة أيام أو ثانى يوم عمالة بعدها فكيف يكلف هذا المستأنف بقيد استئنافه قبل الجلسة بثمان وأربعين ساعة مع أن قلم الكتاب مغلق؟ أو ليس الواجب التصريح له بقيد الاستئناف فى اليوم الذى فتح فيه قلم الكتاب بعد العطلة ولو كان هو ذاته يوم الجلسة؟ والجواب على ذلك بسيط جدا وهو أن نص القانون لا يسمح قطعا بهذا بل يوجب أن يكون القيد تم فعلا قبل الجلسة بثمان وأربعين ساعة على الأقل، والمستأنف نفسه الذى يحدّد هو بنفسه الجلسة عنده كل وسائل الاحتياط لنفسه والسير فى عمله بحيث يستطيع إدراك القيد قبل العطلة إن حدّد جلسة تليها مباشرة أو إدراكه بعدها بتحديد جلسة من بعدها تسمح له بالقيد فى الميعاد. ولا محل هنا قطعيا لتطبيق المادة 18 من قانون المرافعات التى أشار إليها الحكم المطعون فيه أيضا، فانها من جهة موضوعة لميعاد مستقبل يكون آخره يوم عطلة وليست هذه صورة ما بشأنه البحث، ومن جهة أخرى فان تطبيقها يخصص أمر الشارع بشأن زمن القيد ويجعله غير نافذ فى الصورة المستشكل بها مع ان نصه عام لا يقبل أى تخصيص.
وحيث إنه لجميع ما تقدّم يكون نص القانون – الذى لا إشكال فى فهمه ولا صعوبة فى تنفيذه كما هو – نصا واجب الاحترام، ومخالفة الحكم المطعون فيه له تقضى بنقضه والحكم فى الموضوع بما يقضى به القانون؛ والقانون يقضى، كما سلف، باعتبار الاستئناف فى هذه الدعوى كأنه لم يكن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات