الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 109 سنة 4 ق – جلسة 06 /06 /1935 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) – صـ 852

جلسة 6 يونيه سنة 1935

تحت رياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.


القضية رقم 109 سنة 4 القضائية

بطلان المرافعة:
( أ ) انقطاع المرافعة لسبب الوفاة أو تغير حالة الخصم أو صفته. طلب بطلان المرافعة فى هذه الصورة. جوازه. لفظ "الأخصام" الوارد بالمادتين 300 و301 مرافعات. مدلوله.
(ب) الإجراء القاطع لمدّة بطلان المرافعة. شروطه. مفاوضات الصلح الخالية مما يدل على إتمامه. لا تقطع. (المواد 299 و300 و301 مرافعات)
1 – نصت المادة 299 من قانون المرافعات على "أنه إذا توفى أحد الأخصام أو تغيرت حالته الشخصية أو عزل من الوظيفة التى كان متصفا بها فى الدعوى قبل تقديم الأقوال والطلبات الختامية فيها فتوقف المرافعة (Sera interrompue) بغير إخلال بحقوق الأخصام. ويرجع إليها بتجديد الطلب من أو إلى من يقوم عمن أوقفت المرافعة بسبب وفاته أو عزله أو تغير حالته". وظاهر أن هذا النص يفيد أن من عليه الرجوع إلى تمشية الدعوى هو من يهمه التعجيل فيها.
ولما كان التعجيل قد يكون من مصلحة وارث المتوفى أو القائم مقام من تغيرت صفته أو حالته، كما قد يكون من مصلحة الخصوم الباقين الذين لم يطرأ على حالتهم أو صفتهم تغير، ولما كان من الجائز أيضا أن يكون كافة خصوم الدعوى باقين على حالهم ولكن أهمل أيهم فى تعجيل السير فى إجراءاتها ذلك التعجيل المشار إليه فى المواد 183 و255 و231 مثلا، فقد أتت المادة 300 تقرر حكما [(1)] عاما للانقطاع أو الإيقاف هو عدم سقوط الحق فى الدعوى لمجرّد الانقطاع أو الإيقاف (interruption ou suspension)، ثم بعد ذلك جاءت المادة 301 تعطى لكل من الأخصام حق طلب بطلان المرافعة إذا استمر الانقطاع ثلاث سنين. وإذا كانت عبارة المادة 301 هى فى الحق تعقيبا على المادة 300 أى وكانت لم تستعمل إلا كلمة "الانقطاع" بينما المادة 300 تستعمل كلمتى "الانقطاع" و"الإيقاف" معا، فلا يصح أن يؤخذ من ذلك أن حكم المادة 301 لا ينطبق فى حالة إيقاف المرافعة فى صورة المادة 299 (كما قيل فى الطعن). وذلك لأن المادة 300 تشير بلفظ "الأخصام" الوارد بعد بالمادة 301 إلى خصوم الدعوى جميعا سواء أكانوا أصليين باقين على حالهم أم كان بعضهم ممن يهمه تمشيتها بحسب العبارة الأخيرة من المادة 299 الخاصة بالانقطاع [(2)] بسبب الوفاة أو تغير الحالة أو الصفة.
2 – توجب المادة 301 من قانون المرافعات فيما يعتبر قاطعا قانونا لمدّة بطلان المرافعة أن يكون إجراءا من إجراءات المرافعة الصحيحة فى الخصومة ذاتها أى مقصودا به المضى فى الخصومة وموجها من ذى المصلحة فى متابعة السير فيها إلى خصمه الذى يحق له طلب الحكم ببطلان المرافعة لإسقاط هذه الخصومة عنه. فلا تنقطع هذه المدّة إذن لا بالإجراءات التى لا يمكن اعتبارها قانونا أنها من إجراءات الخصومة ولو كانت إجراءات قانونية فى ذاتها كالإجراءات المتعلقة بتغيير حالة الخصم أو عزله من الوظيفة المتصف هو بها، ولا بالأعمال غير القضائية كالإنذارات والرسائل ومفاوضات الصلح الجارية الخالية مما يدل على إتمامه.


الوقائع

وقائع هذه المادة – على ما جاء بالحكم المطعون فيه – تتحصل فى أن الدكتور إبراهيم بك منصور استأنف لدى محكمة استئناف مصر الأهلية حكما صادرا من محكمة مصر الابتدائية الأهلية قاضيا بإلزامه بأن يدفع بالتضامن مع ورثة أحمد بك خليل لوزارة الأوقاف مبلغ 2190 جنيها قيمة المستحق عليه من إيجار أطيان استأجرها منها عن المدّة من نوفمبر سنة 1912 إلى 14 نوفمبر سنة 1915، وقيد هذا الاستئناف برقم 688 سنة 40 قضائية. ولدى نظره بجلسة 25 ديسمبر سنة 1926 قرّرت المحكمة إيقاف المرافعة فيه بسبب وفاة أحد المستأنف عليهم. ولاستمرار هذا الانقطاع ثلاث سنوات فالوزارة رفعت لدى محكمة الاستئناف الدعوى الحالية التى قيدت برقم 699 سنة 47 قضائية طالبة الحكم ببطلان المرافعة بالتطبيق لنص المادة 301 من قانون المرافعات. وقد توفى إبراهيم بك منصور أثناء نظر دعوى بطلان المرافعة هذه فوجهتها الوزارة على ورثته، وقد دفعها من حضر عنهم بأنه قد جرت بين مورّثهم وبين الوزارة مفاوضات صلح قطعت مدّة سقوط الخصومة. ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 29 ديسمبر سنة 1931 ببطلان المرافعة فى الاستئناف رقم 688 سنة 80 قضائية المحكوم فيه بالإيقاف فى 25 ديسمبر سنة 1926 وإلزام ورثة المرحوم الدكتور إبراهيم بك منصور بالمصاريف ومائتى قرش أتعابا للمحاماة.
ولما أعلنت الوزارة هذا الحكم لهؤلاء الورثة فى 30 سبتمبر سنة 1934 قررت الست وجيدة كريمة نخلة بك باراتى عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها مارى منصور بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 20 أكتوبر سنة 1934 بتقرير أعلن لوزارة الأوقاف فى 27 من الشهر المذكور، وقدّم طرفا الخصومة مذكراتهما الكتابية فى الميعاد القانونى، وقدّمت النيابة مذكرتها فى 6 مارس سنة 1935.
وقد تحدّد لنظر هذا الطعن جلسة 25 من شهر أبريل سنة 1935، وتأجل منها لجلسة 2 مايو سنة 1935 باتفاق الطرفين للصلح، ثم لجلسة اليوم للسبب نفسه.
وبالجلسة المذكورة سمعت المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد أخطأت فى تطبيق المادتين 300 و301 من قانون المرافعات حيث قضت ببطلان المرافعة فى الاستئناف المحكوم بإيقاف المرافعة فيه من قبل بسبب وفاة أحد المستأنف عليهم وذلك من ناحيتين:
(الأولى) أن حكم المادة 301 مرتبطة بالمادة 300 التى قبلها بمعنى أنه لا يجوز طلب بطلان المرافعة عند استمرار انقطاعها ثلاث سنين إلا فى صورة ما إذا كان هذا الانقطاع قد حصل بفعل أحد الأخصام أو إهماله أو امتناعه على ما هو مشار إليه بالمادة 300 من قانون المرافعات. أما إذا كان سبب وقف المرافعة أو انقطاعها هو الوفاة أو تغير الحالة الشخصية أو زوال الصفة مما هو مشار إليه بالمادة 299 فان القانون يجعل الانقطاع فى هذه الصورة أمرا حتميا. ومهما يطل استمراره زيادة على ثلاث سنوات فانه لا يجوز للخصم الاحتجاج بالمادة 301 وطلب بطلان المرافعة ما دام القانون لم يرتب على تلك الصور المبينة بالمادة 299 سوى إمكان الرجوع للدعوى بتجديد الطلب من أو إلى من يقوم عمن أوقفت المرافعة بسبب وفاته أو عزله أو تغير حالته.
(والثانية) من ناحية أن محكمة الاستئناف لم تعتبر مفاوضات الصلح التى جرت بين مورّث الطاعنة ووزارة الأوقاف قاطعة لمدّة سقوط الخصومة مع أنها قاطعة لهذه المدة باتفاق الفقهاء. هذا فضلا عن أن المحكمة لم تناقش المستندات التى قدّمتها الطاعنة واستدلت بها على حصول هذه المفاوضات.
وحيث إن الوجه الأوّل من وجهى الطعن وإن كان لا يظهر من بيانات الحكم المطعون فيه أن ورثة إبراهيم بك منصور قد تمسكوا به أمام محكمة الاستئناف، بل الظاهر أن الطاعنة إنما تمسكت به لأول مرة أمام محكمة النقض غير أنه على الرغم من هذه الجدّة فان هذه المحكمة تراه من قبيل الأسباب القانونية الصرف المعتبرة أنها قائمة قانونا فى الخصومة ويجوز التمسك بها لهذه العلة لدى محكمة النقض والإبرام لأوّل مرة.
وحيث إن كل ما جاء بالمادة 299 من قانون المرافعات إنه إذا توفى أحد الأخصام أو تغيرت حالته الشخصية أو عزل من وظيفته التى كان متصفا بها فى الدعوى قبل تقديم الأقوال والطلبات الختامية فيها فتوقف المرافعة (sera interrompue) بغير إخلال بحقوق الأخصام، ويرجع إليها بتجديد الطلب من أو إلى من يقوم عمن أوقفت المرافعة بسبب وفاته أو عزله أو تغير حالته. وظاهر أن هذا النص يفيد أن من عليه الرجوع إلى تمشية الدعوى هو من يهمه التعجيل فيها. ولما كان التعجيل قد يكون من مصلحة وارث المتوفى أو القائم مقام من تغيرت صفته أو حالته كما قد يكون من مصلحة الخصوم الباقين الذين لم يطرأ على حالتهم أو صفتهم تغيير، ولما كان من الجائز أيضا أن يكون كافة خصوم الدعوى باقين على حالهم ولكن أهمل أيهم فى تعجيل السير فى إجراءاتها ذلك التعجيل المشار إليه فى المواد 183 و225 و231 مثلا، فقد أتت المادة 300 تقرّر حكما خاصا للانقطاع أو الإيقاف هو عدم سقوط الحق فى الدعوى لمجرد الانقطاع أو الإيقاف (interruption ou suspension)، ثم بعد ذلك جاءت المادة 301 تعطى لكل من الأخصام حق طلب بطلان المرافعة إذا استمر الانقطاع ثلاث سنين. وإذا كانت عبارة المادة 301 هى فى الحق تعقيبا على المادة 300 فان هذه المادة الأخيرة تشير بلفظ "الأخصام" إلى خصوم الدعوى جميعا سواء أكانوا أصليين أم كان بعضهم ممن يهمه تمشيتها بحسب العبارة الأخيرة من المادة 299 الخاصة بالانقطاع بسبب الوفاة أو تغير الحالة أو الصفة.
وحيث إنه بمقتضى المادة 301 يصح طلب بطلان المرافعة بمجرّد استمرار الانقطاع المشار إليه فى المادتين 300 و299 مدة ثلاث سنوات. وبما أنه لا نزاع بين الخصوم فى أن هذا حاصل فى الدعوى فعلى هذا يكون الوجه الأوّل متعين الرفض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يخطئ فيما ذهب إليه من وجوب كون الأمر القاطع لمدّة بطلان المرافعة إجراءً من الإجراءات الصحيحة فى المرافعة ولا فيما قرّره من أن المفاوضات الجارية فى الصلح الخالية مما يدل على إتمامه لا تقطع هذه المدّة. ذلك لأن المادة 301 من قانون المرافعات توجب حقا فيما يعتبر قاطعا قانونا لمدّة بطلان المرافعة أن يكون إجراء من إجراءات المرافعة الصحيحة فى الخصومة ذاتها، أى مقصودا به المضى فى الخصومة وموجها ممن يكون عليه متابعة السير فيها إلى خصمه الذى يحق له طلب الحكم ببطلان المرافعة لإسقاط هذه الخصومة عنه فلا تنقطع هذه المدّة لا بالإجراءات التى لا يمكن اعتبارها قانونا أنها من إجراءات الخصومة، ولو كانت إجراءات قانونية فى ذاتها كالإجراءات المتعلقة بتغير حالة الخصم أو عزله من الوظيفة المتصف بها، ولا بالأعمال غير القضائية كالإنذارات والرسائل ومفاوضات الصلح الجارية.
وحيث إنه من غير المنتج إذن أن تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه عدم مناقشته ما قدّمته واستدلت به من المستندات على جريان المفاوضة للصلح. على أن نعيها هذا فى ذاته غير صواب لأن هذا الحكم قد ناقش تلك الأوراق فعلا وقال إنها "لا تدل على حصول صلح أو مفاوضات فى صلح وإنما هى خاصة بتحرّيات طلبها المرحوم إبراهيم بك منصور من وزارة الأوقاف قبل تنفيذ الحكم الصادر عليه". وإذن فيكون الوجه الثانى فى غير محله.


[(1)] الكلمة فى أصل الحكم "خاصا" وواضح أن هذه هفوة قلم (lapsus Calami) وأن السياق يدل على أن مراد واضعى الحكم أن المادة 300 أتت بحكم "عام" يشمل جميع الصور التى تتعطل فيها المرافعة كصورة المادة 299 أو صور المواد الأخرى مثل 183 و255 و231 مرافعات.
[(2)] تعبير محكمة النقض بلفظ "الانقطاع" عن الصور التى استعملت فيها المادة 299 لفظ "الإيقاف" يؤخذ منه أن المحكمة رأت أن لا تهتم بالألفاظ التى يستعملها القانون فى هذا الباب وأن كلمة "الانقطاع" الواردة بالمادة 301 تشمل ما عبر عنه القانون أيضا بلفظ "الإيقاف". ويظهر أن للمحكمة الحق فان من يقارن بين النسختين العربية والفرنسية للقانون فى هذا الباب يجد أنه استعمل فى المادة 299 كلمة (interrompue) وجعلها فى العربية "إيقاف" مع أن تلك الكلمة قد أوردها فى القانون المدنى وجعل مقابلها فى العربية "انقطاع" ثم استعمل فى المادة 300 لفظ (suspension) وجعل مقابله فى العربية لفظ "انقطاع" مع أنه استعمل تلك الكلمة فى القانون المدنى وجعل مقابلها بالعربية "إيقاف". فهذه الاستتابة فى الألفاظ هى – على ما يلوح – التى جعلت محكمة النقض لا تتردّد فى جعل لفظ "الانقطاع" الوارد بالمادة 301 منسحب المعنى على مدلول لفظ الإيقاف الوارد بالمادة 299 وفى التعبير عن هذا الإيقاف بأنه انقطاع.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات