الطعن رقم 2149 سنة 18 ق – جلسة 21 /12 /1948
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 706
جلسة 21 من ديسمبر سنة 1948
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.
القضية رقم 2149 سنة 18 القضائية
نصب. استناد الموظف إلى وظيفته في الاستيلاء على مال الغير. متى
يصح عدِّه نصباً؟
إن استخدام الموظف وظيفته في الاستيلاء على مال الغير لا يصح عدِّه نصباً إلا على أساس
أن سوء استعماله الوظيفة على نحو ما وقع منه يعتبر من الطرق الاحتيالية، كما هي معرف
بها في باب النصب، وإذن فإذا كانت المحكمة في إدانة المتهم في جريمة النصب قد جرت على
قاعدة عامة هي أن مجرد استناد الموظف إلى وظيفته في الحصول على المال يعتبر في ذاته
نصباً، فإنها تكون مخطئة ويكون حكمها واجباً نقضه.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ حين دانه
بالنصب. وفي بيان ذلك يقول إن ما نسبته إليه المحكمة من أنه أخذ المبلغ من المجني عليه
على ذمة إلحاقه بالوظيفة لم يصاحبه استعمال طرق احتيالية فلا يعدو مجرد كذب لا عقاب
عليه، وإن ما قررته المحكمة عن وظيفته وأنها كافية للثقة به في غير محله، إذ أنه كاتب
باليومية لا صفة له ولا اختصاص في تعيين الموظفين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالنصب وبيَّن واقعة الدعوى فقال "إنها تتلخص
فيما شهد به معبد مرسي شيخ الخفراء من أن له ابناً يشتغل غفيراً بالسكة الحديد، وكان
قد أوقف… ثم رفع عنه الإيقاف فحضر له المتهم (الطاعن) إلى بلدته يهنئه وأخبره أنه
موظف بهندسة السكة الحديد فأكرم وفادته وتصادف حضور المجني عليه ورداني صالح… فانضم
إليهم. وفي أثناء الحديث ذكر المتهم أن هناك وظيفتين خاليتين بالمصلحة فعرض المجني
عليه على المتهم إلحاقه بإحداهما وسأله عما إذا كان يستطيع مساعدته في الالتحاق بإحداهما
فوعده خيراً وطلب منه خمسة جنيهات فاعتذر المجني عليه لضيق ذات يده ودفع مبلغ جنيهين
مرجئاً دفع الباقي إلى ما بعد استلام العمل ودفع أيضاً 3 قروش قيمة دمغة طلب الاستخدام
وكتب الطلب وأعطاه إلى المتهم الذي وعده بالمساعدة… ثم إنه تردد على المتهم كثيراً
إلى أن عيل صبره، ولما يئس من الحصول على الوظيفة قدم البلاغ". ثم تعرض لدفاع المتهم
فقال "إن محكمة أول درجة لم تعتبر ما أتاه المتهم من قبيل الطرق الاحتيالية المعاقب
عليها وإنما وصفته بأنه مجرد كذب، ولكن المحكمة تخالفها في هذا النظر وترى أن الكذب
وحده يكفي لتكوين الطرق الاحتيالية المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات إذا كانت صفة
من صدر عنه تحمل على الثقة به وتصديق أقواله… لأن المتهم يستعين في الواقع في هذه
الحالة على تأييد أقواله بأمر خارج عن هذه الأقوال وهو المركز الذي يشغله أو الصفة
التي يتصف بها. كما أنه يجب عند بحث الصفة النظر إلى عقلية المجني عليه وظروفه بشرط
أن لا تقل عقليته عن مستوى عقلية الشخص العادي في الظروف والبيئة التي يعيش فيها هذا
المجني عليه… وإنه في الدعوى الحالية فإن المحكمة ترى أن صفة المتهم كانت كافية وحدها
لحمل المجني عليه بحكم عقليته وظروفه على تصديق ما زعمه المتهم من أن في إمكانه توظيفه
بهندسة السكة الحديد التي يعمل بها المتهم، أو على الأقل التوسط لدى رؤسائه لإلحاق
المجني عليه بهذه الوظيفة… وتكون جريمة النصب ثابتة في حقه". ولما كان استخدام الموظف
وظيفته التي يشغلها حقيقة في الاستيلاء على مال الغير لا يصح عدِّه نصباً إلا على أساس
أن سوء استعماله وظيفته على النحو الذي وقع منه يعتبر من الطرق الاحتيالية كما هي معرف
بها في باب النصب، وكانت المحكمة قد جرت في حكمها على قاعدة عامة هي أن مجرد استخدام
الموظف وظيفته في الحصول على المال يعتبر نصباً وأن ذلك من شأنه أن يؤدي بذاته إلى
تحقيق مقصده في التأثير على المجني عليه حتى يخرج ما وقع من دائرة الكذب المجرد إلى
دائرة الكذب المؤيد بأعمال خارجية فإن قضاءها يكون مخطئاً واجباً نقضه.
