الطعن رقم 2077 سنة 17 ق – جلسة 15 /06 /1948
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 609
جلسة 15 من يونيه سنة 1948
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حلمي بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك المستشارين.
القضية رقم 2077 سنة 17 القضائية
هرب من الخدمة العسكرية. جندي. فراره من الخدمة بعد القبض عليه
وقبل تسليمه للجيش. العقاب على ذلك يكون بمقتضى قانون الجيش وحده. المادة 138 ع لا
تنطبق على هذه الحالة.
فرار الجندي من الخدمة العسكرية وهربه بعد القبض عليه لفراره يكونان في الواقع جريمة
واحدة ما دام الجندي المتهم لم يكن سلِّم إلى الجيش. ولا يؤثر في ذلك إمكان تصور استقلال
الفعل الثاني عن الفعل الأول ما دام هو بطبيعته استمراراً للفعل الأول المعاقب عليه
بمقتضى قانون الجيش وحده، مما مقتضاه وفقاً لأحكام قانون العقوبات ألا يعاقب المتهم
إلا بعقوبة واحدة.
ولما كان الفرار من الخدمة العسكرية معاقباً عليه بمقتضى قانون الجيش وحده، وكان هرب
الجندي الفار بعد القبض عليه وقبل تسليمه للجيش هو – كما مرَّ القول – استمراراً لفعل
الفرار الأول فيسري عليه نفس الحكم، فإن القضاء ببراءة المتهم بهذا على أساس أنه لم
يكن وقت هربه مقبوضاً عليه قانوناً بالمعنى المقصود في المادة 138 من قانون العقوبات
يكون صحيحاً في القانون.
المحكمة
وحيث إن وجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون
إذ قضى ببراءة المتهم بمقولة إنه لم يكن وقت هربه مقبوضاً عليه قانوناً بالمعنى المقصود
في المادة 138 من قانون العقوبات لأن أمر القبض عليه لم يصدر من السلطة التي تملك إصداره
وفي الأحوال التي يجيز فيها القانون إصداره إذ الجريمة التي ارتكبها واستوجبت القبض
عليه ليست من جرائم القانون العام، وإنما هي جريمة عسكرية يعاقب عليها قانون الجيش،
ووجه خطئه في ذلك أن المتهم وقت القبض عليه كان متلبساً بجريمة الفرار من الخدمة العسكرية
فكان القبض عليه صحيحاً قانوناً عملاً بالمادة السابعة من قانون تحقيق الجنايات، لا
فرق في ذلك بين أن تكون الجريمة التي قبض عليه من أجلها معاقباً عليها بمقتضى قانون
العقوبات أو قانون الأحكام العسكرية.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه هرب بعد القبض عليه قانوناً وطلبت النيابة
عقابه بالمادة 138/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة أول درجة قضت بإدانته وقالت في ذلك
"إن الواقعة تتحصل في أن المتهم بتاريخ 14/ 5/ 1944 بينما كان في حراسة رجل البوليس
إبراهيم مصطفى عبد الله لتوصيله إلى وحدته غافله وهرب منه. وبسؤال المتهم اعترف بالواقعة
وقرر أنه هرب من رجل البوليس المذكور لخوفه من المحاكمة العسكرية إذ كان هارباً من
الجيش.
وبما أنه مما تقدم يكون المتهم قد هرب بعد القبض عليه قانوناً… إلخ" فاستأنف المتهم
وقضت المحكمة الاستئنافية ببراءته مؤسسة قضاءها على أنه وقت هربه لم يكن مقبوضاً عليه
قانوناً بأمر السلطة التي تملك إصدار أمر القبض في الأحوال التي يجيز فيها القانون
لها ذلك، وأن المقصود بعبارة "كل إنسان قبض عليه قانوناً" الواردة في المادة 138 من
قانون العقوبات هو من يكون مقبوضاً عليه أو محبوساً في سجن لجناية أو جنحة معاقب عليها
بمقتضى القانون العام، لا قانون الجيش، بدليل أن الشارع وضع نصاً خاصاً (المادة 146
من قانون العقوبات) لعقاب كل من أخفى أحد الفارين من الخدمة العسكرية أو ساعده على
الفرار من وجه القضاء. فلو كان الفرار من الخدمة العسكرية معتبراً من الجرائم المشار
إليها في المادة 144 من القانون المذكور لاكتفى الشارع في عقاب من أخفى الفار من الخدمة
بعموم نص هذه المادة الأخيرة.
وحيث إن الهرب من الخدمة العسكرية هو وهرب الجندي الفار من الخدمة بعد القبض عليه يكونان
في الواقع وحقيقة الأمر جريمة واحدة ما دام الجندي الهارب لم يسلم إلى الجيش. ولا يؤثر
في ذلك إمكان تصور استقلال الفعل الثاني عن الفعل الأول ما دام هو بطبيعته استمراراً
للفعل الأول المعاقب عليه بمقتضى قانون الجيش وحده، مما مقتضاه وفقاً لأحكام قانون
العقوبات أن لا يعاقب المتهم إلا بعقوبة واحدة.
وحيث إنه لما كان الهرب من الخدمة العسكرية معاقباً عليه بمقتضى قانون الجيش وحده وكان
هرب الجندي الفار من الخدمة بعد القبض عليه وقبل تسليمه للجيش هو – على ما سبق بيانه
– استمراراً لفعل الهرب الأول فيسري عليه نفس الحكم، ويكون ما قضى به الحكم المطعون
فيه من تبرئة المتهم صحيحاً في القانون.
