الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 253 سنة 17 ق – جلسة 27 /01 /1948 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 479

جلسة 27 من يناير سنة 1948

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وسليمان حافظ بك ومحمد صادق فهمي بك المستشارين.


القضية رقم 253 سنة 17 القضائية

حكم عسكري. طلب إعادة النظر فيه أمام المحاكم العادية. لا يجوز.
إن القانون الخاص بالمحاكم العسكرية لم يجعل للمحاكم العادية أي اختصاص بصدد الأحكام التي تصدر من هذه المحاكم فيما يرفع عنها من طعون بل جعل ذلك من شأن السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية. ثم أنه يظهر من نصوص المرسوم بقانون رقم 115 لسنة 1945 الذي صدر لما ألغيت الأحكام العرفية أن الأحكام التي تم التصديق عليها قبل إلغاء الأحكام العرفية والتي يمكن أن يعاد النظر فيها بعد إلغاء هذه الأحكام بمعرفة رئيس مجلس الوزراء طبقاً للمادة 3 من المرسوم بقانون المذكور أصبحت غير جائز الطعن فيها. ولا يرد على هذا بأنه قد تطرأ أسباب تقتضي إعادة النظر في الأحكام العسكرية بعد فوات الميعاد المحدد لرئيس مجلس الوزراء للتصديق على الأحكام العسكرية وإعادة النظر فيها، إذ تلك النصوص صريحة في منع المحاكم العادية من النظر في هذه الأحكام، ولم يصدر تشريع يخولها حق إعادة النظر فيها.


المحكمة

حيث إن مقدم الطعن قرر بتاريخ 2 نوفمبر سنة 1946 بقلم كتاب المحكمة أنه يتظلم من الحكم الصادر من محكمة الشرقية العسكرية بتاريخ 11 مارس سنة 1944 في القضية المقيدة برقم 198 سنة 1944 القاضي بحبسه ستة شهور مع الشغل وغرامة 100 جنيه ومصادرة القماش وإغلاق المحل لمدة أسبوع ونشر الحكم، والمصدق عليه في 8 مايو سنة 1944 من الحاكم العسكري، وقال في المذكرة التي قدمها إن النيابة العسكرية اتهمته بأنه باع قماشاً بسعر يزيد على السعر المقرر وقدمته للمحكمة العسكرية فقضت عليه بالعقوبة آنفة الذكر، وصدق الحاكم العسكري على الحكم. وعند التنفيذ عليه تبين أن حكماً آخر صدر بعد ذلك على شاهد الإثبات في الدعوى وهو طه رجب حامد بالحبس ستة أشهر لأنه شهد عليه زوراً في القضية، فهو لذلك يتظلم أمام محكمة النقض من الحكم الصادر بإدانته ويطلب إعادة النظر فيه، لأن المحكمة العسكرية تأثرت في حكمها بشهادة الزور فقضت عليه بالعقوبة، وقد أصبحت العقوبة الصادرة على شاهد الإثبات نهائية. وقد تبين أن أوراق القضية التي حكم عليه فيها قد فقدت كما فقدت أوراق القضية التي حكم فيها على شاهد الزور. وقد تبين لهذه الحكمة من المناقشة وبالجلسة ومن التحقيقات التي أجريت أن الحكم الصادر بمعاقبة شاهد الزور طه رجب حامد قد صدر مع الحكم المرفوع عنه التظلم. ويقول الطالب إن الأحكام العرفية قد ألغيت فيحق له أن يتظلم أمام محكمة النقض من الحكم الصادر عليه طبقاً للمادة 234 من قانون تحقيق الجنايات، وليس لمثل هذا الطلب ميعاد.
وحيث إن المادة الثامنة من القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية نصت على أن الأحكام التي تصدر من المحكمة العسكرية لا تقبل الطعن بأي وجه من الوجوه، على أنها لا تصبح نهائية إلا بعد إقرارها من جانب السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية، كما نصت المادة 8 مكررة التي أضيفت عليه بالقانون رقم 81 لسنة 1944 على أن (للسلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية الحق دائماً سواء عند إقرار الأحكام الصادرة من المحكمة العسكرية أو بعد إقرارها في أن تخفف العقوبة وأن تبدل بها أقل منها وأن تحذف بعض العقوبات المحكوم بها أصلية كانت أو تبعية، كما أن لها سلطة وقف تنفيذ العقوبة. وكذلك لها بعد إقرار الحكم بالإدانة أن ترجع فيه إذا كانت الواقعة غير معاقب عليها أو إذا وقع خطأ في تطبيق نصوص القانون أو إذا وجد وجه من الأوجه المهمة لبطلان إجراءات الحكم، وتأمر السلطة المذكورة في أحوال عدم إقرار حكم البراءة بإعادة المحاكة أمام هيئة أخرى غير التي أصدرت الحكم الأول. أما إذا كان الحكم الأول قد صدر بالإدانة ولم ترَ السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية إقراره أو رجعت فيه بعد إقراره كان لها إما أن تأمر بحفظ الدعوى أو إعادة المحاكمة أمام هيئة أخرى غير التي أصدرت الحكم الأول، فإذا صدر الحكم الثاني مؤيداً وجهة نظر الحكم الأول كان لهذه السلطة أن تأمر بحفظ الدعوى أو بإقرار الحكم الثاني. ويبين من هذه النصوص أن القانون الخاص بالمحاكم العسكرية لم يجعل للمحاكم العادية أي اختصاص بصدد الأحكام التي تصدر من هذه المحاكم في الطعون التي ترفع إليها فيها، بل جعل ذلك من شأن السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية.
وحيث إنه لما ألغيت الأحكام العرفية صدر المرسوم بقانون رقم 115 لسنة 1945 فقضى بإحالة الجرائم العسكرية المنظورة أمام المحاكم العسكرية عند العمل به إلى المحاكم العادية المختصة لمتابعة نظرها وفقاً للأحكام المقررة في قانون تحقيق الجنايات، كما قضى بأن الجرائم العسكرية التي لم يكن المتهمون فيها قدموا للمحاكمة تتبع في شأنها الإجراءات المنصوص عليها في قانون تحقيق الجنايات، وعالج في المادة الثالثة منه كيفية التصديق على الأحكام التي صدرت من المحاكم العسكرية ولم يكن تم التصديق عليها، كما عالج طريقة الطعن عليها. فنصت المادة المذكورة على أنه (يخول رئيس مجلس الوزراء لمدة لا تتجاوز ثلاثة شهور من تاريخ العمل بهذا المرسوم بقانون سلطة التصديق على الأحكام التي تكون قد صدرت من المحاكم العسكرية قبل العمل به والتي لم يكن تم التصديق عليها من السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية أو مندوبيها في المناطق الخاصة. ويكون له في هذا الخصوص نفس الحقوق التي كانت مخولة للسلطة المذكورة بمقتضى القانون رقم 15 لسنة 1923 المعدل بالقانون رقم 81 لسنة 1944). ويظهر من هذه النصوص أن الأحكام التي تم التصديق عليها قبل إلغاء الأحكام العرفية والتي يمكن أن يعاد النظر فيها بعد إلغاء هذه الأحكام بمعرفة رئيس مجلس الوزراء طبقاً للمادة المذكورة أصبحت غير جائز الطعن فيها. ولا يرد على ذلك بأنه قد تطرأ أسباب تقتضي إعادة النظر في الأحكام العسكرية بعد فوات الميعاد المحدد لرئيس مجلس الوزراء للتصديق على الأحكام العسكرية وإعادة النظر فيها، ما دامت النصوص صريحة في منع المحاكم العادية من النظر في هذه الأحكام، وما دام لم يصدر تشريع يخولها حق إعادة النظر فيها.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات