الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 2143 سنة 17 ق – جلسة 15 /12 /1947 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 422

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1947

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد حلمي بك وأحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك المستشارين.


القضية رقم 2143 سنة 17 القضائية

تحقيق. تفتيش. متهم. إخراجه ورقة من جيبه عند رؤيته رجال البوليس ووضعها بسرعة في فمه. هذه ليست حالة تلبس. القبض عليه وتفتيشه باطلان. إذْن النيابة في تفتيش منزله بعد اطلاعها على محضر ضبط هذه الواقعة. إذْن صحيح. التفتيش الحاصل بناءً عليه. إجراء مستقل عن إجراءي القبض والتفتيش السابقين. للمحكمة أن تعتمد في إدانته على ما يسفر عنه هذا التفتيش.
إذا كانت الواقعة – كما أثبتها الحكم – هي أن المتهم عند رؤيته رجال البوليس أخرج ورقة من جيبه ووضعها بسرعة في فمه فلا تلبس في هذه الحالة، لأن ما حوته تلك الورقة لم يكن بالظاهر حتى كان يستطيع رجال البوليس رؤيته. وإذن فإذا كان رجال البوليس قد قبضوا على هذا المتهم وفتشوه فهذا القبض والتفتيش يكونان باطلين. لكن الإذن الصادر من وكيل النيابة بتفتيش منزل المتهم المذكور بعد اطلاعه على محضر ضبط هذه الواقعة واقتناعه مما ورد فيه بأن تحريات البوليس السابقة تدل على أن المتهم من تجار المخدرات وأن ثمة دلائل قوية على أنه يحرز مواد مخدرة في منزله هو إذْن صحيح. والتفتيش الحاصل بناءً عليه يكون مستقلاً عن إجراءي القبض والتفتيش السابقين عليه فلا يبطل ببطلانهما، وللمحكمة أن تعتمد في إدانة المتهم على ما يسفر عنه هذا التفتيش.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبني طعنه على وجهين (الأول) أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ اعتبر أن ما وقع من الطاعن عند رؤيته رجال البوليس من إخراجه ورقة من جيبه ووضعها بسرعة في فمه يجعله في حالة تلبس بجريمة إحراز المخدر مما يبيح القبض عليه وتفتيشه في حين أن ما حوته تلك الورقة لم يكن ظاهراً لرجال البوليس. (والثاني) أن الحكم أخطأ في رفض ما تمسك به الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية من بطلان الإذن الصادر من النيابة بتفتيش منزله بعد القبض عليه بناءً على قوله إن هذا الإذن صدر صحيحاً بعد اطلاع من أصدره على أقوال الشهود بمحضر الضبط وما أثبته ضابط البوليس فيه من أن الطاعن معروف عنه أنه من تجار المخدرات، مع أنه ما كان يجوز الاعتماد على ما ورد بهذا المحضر لأنه صدر على إثر إجراء باطل هو القبض والتفتيش بدون مسوغ قانوني.
وحيث إن النيابة العمومية رفعت الدعوى على الطاعن بتهمة أنه أحرز مادة مخدرة، وطلبت عقابه بمقتضى المواد 1 و2 و35 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 فتمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة ببطلان إجراءات القبض عليه وتفتيشه كما تمسك ببطلان الإذن الصادر من النيابة بتفتيش منزله، وأخذت المحكمة بدفاعه هذا، وقضت ببراءته. فاستأنفت النيابة وقضت محكمة ثاني درجة بإلغاء الحكم المستأنف وإدانة الطاعن، وبينت واقعة الدعوى والأسباب التي استندت إليها في حكمها في قولها "إنه بينما كان رجال البوليس الملكي محمود عمار ومحمد فرج سويلم وعلي عبد التواب يمرون بشارع المديرية، ولما أن كانوا على مسافة حوالي مترين من المتهم المعروف لهم أنه من تجار المخدرات لاحظوا أن المتهم بمجرد أن شاهدهم وضع يده اليسرى بجيبه في منتهى السرعة وأخرج شيئاً منه ووضعه في فمه محاولاً ابتلاعه، فأمسكوا به وأخرجوا من فمه بعض ما وضعه به، فإذا به قطعة تشبه الحشيش، فقبضوا عليه واقتادوه إلى قسم البوليس حيث قام الملازم أول محمد صدقي رسلان أفندي بتحرير المحضر واستجواب المتهم والشهود، ثم عرض المحضر على حضرة وكيل النيابة لاستئذانه في تفتيش مسكن المتهم وإحالته إلى المستشفى لعمل غسيل معدة له، فأذنت النيابة بالإحالة وتفتيش مسكن المتهم في يوم صدور الإذن لضبط ما يوجد به من مواد مخدرة، وقام الضابط السالف الذكر بتفتيش مسكن المتهم فعثر على علبة من الصفيح ملوثة بمادة الأفيون ذكر المتهم عنها أنها متروكة في مكان العثور عليها من زمن، وتبين من التحليل أن المادة المضبوطة مع المتهم حشيش وأن العلبة الصفيح ملوثة بمادة الأفيون وأن بول المتهم به آثار مورفين أو هيروين، والمورفين أحد الأصول الفعالة في الأفيون، وقضت محكمة أول درجة ببراءة المتهم على أساس بطلان القبض والتفتيش الواقع على المتهم ومسكنه لحصلوهما في غير حالة التلبس رغم صدور إذْن النيابة بتفتيش المسكن الذي اعتبرته إذْناً باطلاً لاستناده إلى إجراءات باطلة وهي القبض على المتهم وتفتيشه. وحيث إن ما شهد به رجال البوليس الملكي تأيد بشهادة فتحي حسانين ومحمد خليفة… وإنه بسؤال المتهم أنكر ضبط الحشيش معه معلناً أنه لا يعرف سبب وجود العلبة الملوثة بالأفيون بمنزله وأنه من الجائز أنها دست عليه، وتبين من صحيفة سوابقه أنه سبق الحكم عليه ثلاث مرات لإحراز مواد مخدرة إحداها في 14 ديسمبر سنة 1933. وحيث إنه فيما يتعلق بما قضت به محكمة أول درجة من بطلان القبض على المتهم وتفتيش شخصه فلا ترى هذه المحكمة مجاراتها في ذلك، لأن المتهم وهو في حالة اضطراب واضح ومن المشهور عنه الاتجار في المخدرات قد مد يده بسرعة إلى جيبه مخرجاً منه شيئاً ازدرده في فمه عندما شاهد رجال البوليس – هذه الحالة لا شك أنها تجعل المتهم في حالة تلبس تبيح لرجل البوليس الملكي محاولة اكتشاف الأمر، فإذا ما تبين لهم أن مع المتهم مخدراً قبضوا عليه واقتادوه إلى قسم البوليس، فالمتهم هو الذي أوحى إليهم بفعله أنه متلبس بالجريمة، وهو الذي كشف لهم عنها، فإذا قبضوا عليه بعد ذلك كان قبضهم صحيحاً. وهذا ما قضت به محكمة النقض بأنه إذا كان هناك مظاهر خارجية تنبئ بوقوع جريمة من الجاني يعتبر أنه في حالة تلبس، وجاز القبض عليه (مجموعة القواعد القانونية للأستاذ محمود عمر الجزء الخامس القاعدة رقم 175 و113 و447). وبذلك يكون ضبط الحشيش مع المتهم ضبطاً صحيحاً موجباً للقبض عليه واقتياده لمخفر البوليس…. وإنه فيما يتعلق بمادة الأفيون التي وجدت بمسكن المتهم فلا شك في صحة إذْن النيابة لابتنائه على إجراءات صحيحة، ولأنه مع التسليم جدلاً بما ذهبت إليه محكمة أول درجة فإذْْن النيابة بتفتيش مسكن المتهم قد صدر منها بعد الاطلاع على المحضر وبعد أن شهد الشهود وقرر المحقق أن المتهم من تجار المخدرات، فإذا ما اقتنعت النيابة العمومية مما اطلعت عليه من تحقيقات أن هناك أمارات قوية على أن المتهم قد يحرز جواهر مخدرة في منزله فأذنت بتفتيشه فلا غبار. ولا يمكن القول بأن الإذن إنما جاء بعد التحقيق المبني على قبض باطل، كما ذهبت محكمة أول درجة، لأن واقعة تفتيش منزل المتهم منفصلة تماماً عن واقعة القبض ولا موجب للقول بارتباطها، ولا يمكن اعتبار إذْن النيابة بتفتيش شخص المتهم بعد القبض عليه قبضاً باطلاً كإذنها بتفتيش منزله بعد انقضاء وقت طويل على وقوع القبض وبعد أن أسفر التحقيق والتحريات عما يمكن النيابة من إصدار إذنها بعد اقتناعها المبني على عناصر ودلائل قوية تعزز الاتهام… وإن الذي يخلص مما تقدم أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله ويتعين رفضه… وإنه فيما يتعلق بموضوع الدعوى فلا شك أن الحشيش ضبط مع المتهم، ولا شك أيضاً في ضبط مادة الأفيون بمسكنه الذي وجد مقفلاً وكان يحمل مفتاحه، وبذلك تكون التهمة المسندة للمتهم ثابتة قبله".
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد أخطأ حقيقة كما يقول الطاعن في اعتبار الواقعة حالة تلبس بجريمة إحراز المخدر استناداً إلى أنه أخرج ورقة من جيبه عند رؤيته رجال البوليس ووضعها بسرعة في فمه، ذلك لأن ما حوته تلك الورقة لم يكن ظاهراً حتى يستطيع رجال البوليس رؤيته، إلا أنه قد أصاب في رفض ما تمسك به الطاعن من بطلان الإذن الصادر من النيابة بتفتيش المنزل، لما قالته المحكمة من أن هذا الإذن إنما صدر من وكيل النيابة بعد أن اقتنع من اطلاعه على محضر الضبط بأن تحريات البوليس السابقة تدل على أن الطاعن من تجار المخدرات وأن ثمة دلائل قوية على أنه يحرز مواد مخدرة في منزله، ومتى كان الأمر كذلك، وكان هذا التفتيش إجراءً مستقلاً عن إجراءي القبض والتفتيش السابقين عليه، مما لا يصح معه القول ببطلانه تبعاً لبطلانهما، وكانت المحكمة قد استندت في الإدانة إلى ما وجد في المنزل عند تفتيشه، فإن الإدانة تكون صحيحة ولا يجدي الطاعن تمسكه ببطلان تفتيش ملابسه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات