الطعن رقم 508 سنة 17 ق – جلسة 11 /03 /1947
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 319
جلسة 11 من مارس سنة 1947
برياسة حضرة أحمد نشأت بك وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وسليمان حافظ بك ومحمد صادق فهمي بك المستشارين.
القضية رقم 508 سنة 17 القضائية
اختصاص. شركة ذات جنسية مصرية قائمة عند وضع لائحة التنظيم القضائي.
المصالح الجدية التي للأجانب. المقصود منها. القضاء بالاختصاص على أساس الأغلبية المطلقة
لأسهم الشركة. غير جارٍ على إطلاقه.
إنه لما كان القانون يقضي بأن الشركات ذات الجنسية المصرية القائمة عند وضع لائحة التنظيم
القضائي للمحاكم المختلطة في سنة 1937، والتي للأجانب فيها مصالح جدية، تكون خاضعة
للمحاكم المختلطة في منازعاتها مع الأشخاص الخاضعين للمحاكم الوطنية إلا إذا كان قانونها
النظامي يتضمن شرطاً يجعل الاختصاص للمحاكم الوطنية أو إذا قبلت الخضوع لولاية هذه
المحاكم، وكان المقصود بالمصالح الجدية أن تكون حقيقية على درجة تذكر من الأهمية لا
طفيفة ولا صورية على حسب ما يتراءى للمحكمة، فإن الحكم إذا قضى برفع الدفع بعدم اختصاص
المحاكم الوطنية بناءً على قاعدة ثابتة هي أن الفيصل في الاختصاص هو بالأغلبية المطلقة
لأسهم الشركة هل هي للأجانب فيكون الاختصاص للمحاكم المختلطة أو للوطنيين فيكون الاختصاص
للمحاكم الوطنية يكون مخطئاً ويتعين نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية في قضية الجنحة رقم 68 سنة 1946 فوزي
تادرس بسخرون وحسين سعيد محمود بأنهما في يوم 5 نوفمبر سنة 1945 ببندر الفيوم تسببا
بغير قصد ولا تعمد في قتل العامل محمد محمود الحداد بأن صدماه بالسيارة فحدثت له الإصابات
المبينة بالتقرير الطبي والتي سببت وفاته وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم مراعاتهما
اللوائح، وطلبت معاقبتهما بالمادة 238 عقوبات. وقد ادعت فاطمة البرعي عن نفسها وبصفتها
وصية على فتوح ورشيدة ابنتي محمد محمود المجني عليه بحق مدني قبل المتهمين وجوزيف كفوري
مدير شركة سكك حديد الفيوم الزراعية الذي أدخلته في الدعوى بصفته مسؤولاً عن حقوق مدنية
مترتبة على كون المتهمين عاملين لدى الشركة بالأجرة، وطلبت القضاء لها عليهم متضامنين
بمبلغ 300 جنيه بصفة تعويض. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح الفيوم الجزئية دفع الحاضر
عن شركة سكك الحديد الزراعية المذكورة بعدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر الدعوى المدنية
قبل الشركة لوجود صالح أجنبي فيها.
نظرت المحكمة المذكورة الدعوى وقضت فيها حضورياً بتاريخ 8 يونيه سنة 1946 عملاً بمادة
الاتهام بحبس المتهم الأول ستة شهور بالشغل وقدرت كفالة 1000 قرش لوقف التنفيذ وبراءة
المتهم الثاني بلا مصروفات وفي الدعوى المدنية برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم الوطنية
بنظر الدعوى وباختصاصها وبإلزام المتهم الأول وشركة سكة حديد الفيوم الزراعية متضامنين
بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني بصفاتها مبلغ 150 جنيهاً مائة وخمسين جنيهاً والمصاريف
المدنية المناسبة و200 قرش أتعاب محاماة ورفض الدعوى المدنية قبل المتهم الثاني.
فاستأنف المتهم هذا الحكم في 9 يونيه 1946 كما استأنفه كل من المدعية بالحق المدني
في 17 يونيه سنة 1946 والمسؤول عن الحقوق المدنية في 16 يونيه سنة 1946.
سمعت محكمة الفيوم الابتدائية هذه الدعوى بهيئة استئنافية وقضت فيها حضورياً بتاريخ
28 نوفمبر سنة 1946 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة
للعقوبة بلا مصاريف وفي الدعوى المدنية بعدم قبول الدفع وبتعديله بالنسبة للتعويض وإلزام
المتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية وهو شركة سكة حديد الفيوم الزراعية بأن يدفعا متضامنين
للمدعيين بالحق المدني مبلغ 200 جنيه إلخ إلخ.
المحكمة
وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قضى
برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر الدعوى المدنية المرفوعة على الشركة مستنداً
إلى القول بأن المصلحة الجدية، وهي الفيصل في الاختصاص هل يكون للمحاكم المختلطة أو
للمحاكم الوطنية، إنما تكون بالأغلبية المطلقة أي بما يزيد عن نصف الأسهم في الشركة
ولو بسهم واحد، فكلما توفر ذلك للأجانب كانت المحكمة المختلطة هي المختصة وإذا توفر
للوطنيين كانت المحاكم الوطنية هي المختصة، إذ بمقتضى لائحة التنظيم القضائي المختلط
يكفي في الجدية أن لا تكون المصالح المذكورة طفيفة أو صورية ويترك أمر الفصل في ذلك
للمحاكم، وإذن فما دام ما يملكه الأجانب في الشركة الطاعنة أكثر من 45% من رأس مالها،
وما دام هذا لا يمكن أن يكون طفيفاً أو ضئيلاً فإن الحكم يكون واجباً نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه حين قضى برفض الطعن بعدم
الاختصاص وبإلزام الطاعنة بالتعويض الذي قدرته المحكمة ذكر في ذلك "أن الحاضر عن الشركة
الموجهة إليها الدعوى المدنية باعتبارها مسؤولة عن الحق المدني مع المتهمين، وهما عاملان
عندها، دفع بعدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر الدعوى المدنية قبل الشركة لوجود صالح
أجنبي فيها، وقدم كشفاً بحملة أسهم الشركة يدل على أن مجموع سهامها 24551 يحمل المصريون
منها 12924 ويحمل الأجانب 11927. وحيث إن هذه المحكمة جرت في قضائها على تفسير المصالح
الجدية للأجانب، وهو الشرط الذي يجعل المحاكم المختلطة مختصة، بأنها الأغلبية المطلقة
أي ما يزيد عن نصف الأسهم ولو بسهم واحد، وكلما توفر ذلك في جانب كانت المحاكم المختلطة
مختصة، فإذا توفر للوطنيين كانت المحاكم الأهلية مختصة. والقول بغير ذلك يفتح الباب
للتوسع الذي ساد المحاكم المختلطة في الماضي، والذي جاءت معاهدة مونترو إلى تحديده
وإيقافه. لذلك يكون الدفع في غير محله ويتعين رفضه. وحيث…..".
وحيث إنه لما كان القانون يقضي بأن الشركات ذات الجنسية المصرية القائمة عند وضع لائحة
التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة في سنة 1937 التي للأجانب فيها مصالح جدية تكون خاضعة
للمحاكم المختلطة في منازعاتها مع الأشخاص الخاضعين للمحاكم الوطنية إلا إذا كان قانونها
النظامي يتضمن شرطاً يجعل الاختصاص للمحاكم الوطنية أو إذا قبلت الخضوع لولاية هذه
المحاكم، وكان المقصود بالمصالح الجدية أن تكون حقيقة على درجة تذكر من الأهمية لا
طفيفة ولا صورية على حسب ما يتراءى للمحكمة، فإن الحكم المطعون فيه حين قضى برفض الدفع
بعدم اختصاص المحاكم الوطنية بناءً على قاعدة ثابتة وصفها على النحو الذي قال به يكون
قد أخطأ. وكان الواجب على المحكمة بمقتضى القانون أن تبحث في مبلغ جدية مصلحة الأجانب
في الشركة الطاعنة مستعينة بكل ما من شأنه أن يدل عليه بما في ذلك نسبة عدد الأسهم
المملوكة للأجانب فيها، فإذا اقتنعت أن هناك مصلحة مذكورة لهم قضت بعدم الاختصاص من
غير أن تكون مقيدة بنسبة معينة للأسهم المملوكة لهم فيها.
