الطعن رقم 1514 سنة 16 ق – جلسة 17 /06 /1946
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 182
جلسة 17 من يونيه سنة 1946
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وكيل المحكمة وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك المستشارين.
القضية رقم 1514 سنة 16 القضائية
قوة الشيء المحكوم فيه. الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل
فيها. لا يصح إلا إذا اتحد السبب في الدعويين. متى يصح القول باتحاد السبب في الجرائم
التي تتكون من سلسلة أفعال متعاقبة.
لا يصح في المواد الجنائية الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إذا لم يتوافر
شرط اتحاد السبب في الدعويين. ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم
المتهم من أجلها هي هي بعينها الواقعة التي كانت محل الحكم السابق، وفي الجرائم التي
تتكون من سلسلة أفعال متعاقبة ترتكب لغرض واحد لا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص
بهذه الأفعال عند تكررها إلا إذا اتحد الحق المعتدى عليه. فإذا اختلف وكان الاعتداء
عليه قد وقع بناءً على نشاط إجرامي خاص عن طريق تكرار الفعل المرتكب في مناسبات مختلفة
فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض.
المحكمة
وحيث إن الطاعنين يقولون في طعنهم إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ
إذ قضى برفض الدفع المقدم منهم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. ووجه خطئه هو
أن محكمة جنح عابدين سبق أن قضت بتاريخ 28 فبراير سنة 1944 في القضية رقم 5608 سنة
1942 ببراءة الطاعن الأول زكي ندا من جريمة نصب نسب إليه ارتكابها بذات الطريقة المقول
باستعمالها في الجريمة محل هذه الدعوى، وهي إنشاء بنك وهمي لبيع الأسهم والأوراق المالية
بالتقسيط، وأسست البراءة على أن البنك جدي، وأصبح هذا الحكم نهائياً لعدم استئنافه.
ولما كانت جريمة النصب في كل من الدعويين قد وقعت لغرض واحد فكان يتعين على المحكمة
أن تقبل الدفع وتحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. أما وقد حكمت برفض الدفع
ثم دانت الطاعنين بالنصب بناءً على ما قالته من أن البنك وهمي وأن لكل من الواقعتين
ذاتية خاصة وظروفاً خاصة تتحقق بها المغايرة التي لا يصح معها التمسك بحجية الحكم السابق،
فإن حكمها يكون خاطئاً.
وحيث إن النيابة أقامت الدعوى العمومية على الطاعنين بأنهم في خلال المدة التي انقضت
من 18 يناير سنة 1941 إلى 19 مايو سنة 1941 بدائرتي بندر المنيا وقسم عابدين توصلوا
إلى الاستيلاء على مبلغ 2640 جنيهاً من الأنبا جرجس البركة، وكان ذلك بالاحتيال لسلب
بعض ثروته باستعمالهم طرقاً احتيالية من شأنها إيهامه بوجود مشروع كاذب وإحداثهم الأمل
لديه بحصول ربح وهمي. وذلك بأن كان أولهم قد أنشأ بنكاً لبيع الأوراق المالية واتخذ
له جميع المظاهر الشكلية من مكان وأثاث ودفاتر وعقود وقسائم منمرة بنمر لا تتفق مع
الواقع حتى تؤثر في جمهور المتعاقدين على الثقة بهذا البنك مع عدم وجود رأس مال له،
واستعان بالمتهمين الثاني والثالث على تأييد مزاعمه فأدخلوا في روع المجني عليه أنهم
يبيعون خمسمائة سهم من أسهم شركة مصر للنقل والملاحة ليست في حوزتهم فوضعوا لها أسعاراً
تزيد على ما هو مقدر لمثلها في سوق الأوراق المالية موهمين إياه بأن الفرق يدخل في
ذمته ربحاً، واستعانوا على تأييد مزاعمهم هذه بتحرير عقود وهمية وإعطائه إيصالات للدفع
عن المبالغ التي سددها من أصل أثمان هذه العقود تضم – فوق ما سدده فعلاً – الأرباح
الوهمية التي أوهموه أنه ربحها نتيجة العمليات التي تعاقدوا وإياه عليها، فحصلوا منه
على هذه المبالغ تحت تأثير ذلك الإيهام. وتدخل المجني عليه الأنبا جرجس البركة مدعياً
بحقوق مدنية فحكمت محكمة أول درجة بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1942 بإدانة الطاعنين وإلزامهم
بالتعويض الذي قدرته للمدعي بالحقوق المدنية، فاستأنفوا هذا الحكم ثم دفعوا أمام المحكمة
الاستئنافية بجلسة 20 مارس سنة 1944 بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من محكمة
جنح عابدين بحكمها الصادر في 28 فبراير سنة 1944 في القضية رقم 5608 عابدين سنة 1942
والقاضي ببراءة الطاعن الأول من جريمة النصب، لأن البنك الذي أنشأه لم يكن وهمياً،
فحكمت المحكمة الاستئنافية برفض هذا الدفع بناءً على ما قالته من أن السبب مختلف في
كل من الدعويين، وأنه لا يكفي للقول بوحدة السبب أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة
الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة
وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد، إذ كان لكل واقعة من الواقعتين ذاتية خاصة
وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها إمكان القول بوحدة السبب في كل منهما…
وأنه ظاهر أن المجني عليه في هذه القضية هو غير المجني عليه في القضية السابقة التي
قضي فيها نهائياً بالبراءة، كما أن لكل من القضيتين ظروفاً خاصة فيما يختص بالزمان
والمكان، إلى غير ذلك من وجوه الاختلاف، ثم حكمت في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي.
وحيث إنه لا يصح في المواد الجنائية الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إذا
لم يتوفر شرط اتحاد السبب في الدعويين. ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي
يحاكم المتهم من أجلها هي بعينها الواقعة التي كانت محل الحكم السابق، وفي الجرائم
التي تتكون من سلسلة أفعال متعاقبة ترتكب لغرض واحد لا يصح القول بوحدة الواقعة فيما
يختص بهذه الأفعال عند تكرارها إلا إذا اتحد الحق المعتدى عليه، فإذا اختلف وكان الاعتداء
عليه قد وقع بناءً على نشاط إجرامي خاص عن طريق تكرار الفعل المرتكب في مناسبات مختلفة
فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض.
وحيث إنه متى كان ذلك مقرراً، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المجني عليه في هذه
الدعوى هو غير المجني عليه في الدعوى السابق الحكم فيها بالبراءة، وأن لكل من الدعويين
ظروفاً خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب فيها، كما قال الحكم،
فإن المحكمة إذ قضت برفض الدفع وبجواز نظر الدعوى لا تكون مخطئة.
وحيث إن الطاعنين يقولون في طعنهم أيضاً إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانتهم بجريمة
النصب لم يبين الطرق الاحتيالية التي استعملوها لتأييد مزاعمهم ولا الأدلة التي اعتمدت
عليها المحكمة في ثبوت الحقيقة التي قالت بها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإدانة الطاعنين
لم يبين الواقعة على وجه كاف ولم يورد مؤدى الأدلة التي اعتمد عليها في قضائه لأنه
جاء في كل ذلك ببيان مقتضب دون أن يحيل على ما قالته محكمة أول درجة في الحكم المستأنف
ويذكر أنه اتخذه أساساً لقضائه. وإذن فإنه يكون قاصر البيان متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه، وذلك من غير حاجة إلى
البحث في باقي أوجه الطعن.
