الطعن رقم 203 سنة 16 ق – جلسة 21 /05 /1946
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) – صـ 144
جلسة 21 من مايو سنة 1946
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك المستشارين.
القضية رقم 203 سنة 16 القضائية
استئناف. دعوى مدنية. نصاب. دعوى مرفوعة من عدة أشخاص بطلب تعويض
الضرر الذي لحقهم من جريمة واحدة أو فعل واحد. هي مؤسسة على سندات مختلفة بالنسبة إلى
كل مدعٍ. دعوى كل منهم باعتبار نصيبه وحده. عدم تعيين نصيب كل منهم. تجب قسمة المبلغ
المطلوب على عددهم. خارج القسمة هو المعول عليه في قابلية الحكم للاستئناف.
(المادة 30 مرافعات)
إن المادة 30 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية تنص على أنه "إذا كانت
الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سند واحد يكون التقدير باعتبار
قيمة المبلغ المدعى به بتمامه بغير التفات إلى نصيب كل من المدعين فيه". وإذن فإذا
رفعت الدعوى بمقتضى سندات مختلفة فيكون التقدير باعتبار نصيب كل من المدعين في المبلغ
المطالب به. والسندات تكون مختلفة متى كانت لا تتطابق في أي عنصر من عناصرها أو جزئية
من جزئياتها، ولو كان مصدر الالتزام فيها واحداً. وإذن فالدعوى التي ترفع من عدة أشخاص
بطلب تعويض الضرر الذي لحقهم من جريمة واحدة أو من فعل ضار واحد تكون في الحقيقة مؤسسة
على سندات مختلفة بالنسبة إلى كل واحد من المدعين فيها. وذلك لأنه وإن كان مصدر الالتزام
واحداً بالنسبة إليهم جميعاً فإن الأساس القانوني للمطالبة ليس هو الفعل الضار وحده
بل هو هذا الفعل والضرر الذي وقع على كل من المضرورين. ولما كان هذا الضرر يتفاوت ويختلف
باختلاف الأشخاص فإن كلاً من المدعين يعد مستنداً في دعواه إلى سند خاص به، ويجب إذن
تقدير دعواه باعتبار نصيبه وحده [(1)]. وإذن فإذا كان المدعون ستة
والدعوى مرفوعة منهم بطلب مائة جنيه دون تعيين نصيب كل منهم في هذا المبلغ، فإنه إزاء
هذا التجهيل لا بد لمعرفة نصيب كل منهم من قسمة هذا المبلغ على عددهم، وإذ كان نصيب
كل منهم بالقسمة يدخل في النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً، فإن الاستئناف
المرفوع منهم عن الحكم القاضي برفض دعواهم هذه لا يكون مقبولاً شكلاً.
المحكمة
وحيث إن الطاعنتين تنعيان، فيما تنعيانه على الحكم المطعون فيه، أنه أخطأ إذ قضى بقبول
الاستئناف المرفوع من المطعون ضدهم عن الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة ورفض الدعوى
المدنية. ذلك لأن حصة كل واحد منهم بوصف كونهم مدعين بحقوق مدنية في مبلغ التعويض المطالب
به تقل عن نصاب الاستئناف.
وحيث إن المدعين بالحقوق المدنية (المطعون ضدهم) وهم ستة رفعوا الدعوى مباشرة على الطاعنتين
بجريمة البلاغ الكاذب وطلبوا فيها الحكم لهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة
أول درجة حكمت ببراءة الطاعنتين ورفض الدعوى المدنية المرفوعة قبلهما. فاستأنف المدعون
هذا الحكم دون النيابة، فدفعت الطاعنتان بعدم قبول الاستئناف شكلاً لقلة النصاب، ولكن
المحكمة الاستئنافية حكمت برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً لما قالته من: "أن
نصاب الدعوى القائمة يعتمد على سبب قانوني واحد هو طلب التعويض عن الضرر الذي لحقهم
جميعاً (أي المدعين بالحقوق المدنية) من جريمة البلاغ الكاذب دون تحديد نصيب كل منهم
في هذا التعويض". ثم قضت في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنتين متضامنتين
بأن تدفعا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ثلاثين جنيهاً على سبيل التعويض والمصاريف
المدنية المناسبة.
وحيث إن المادة 30 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية تنص على أنه: "إذا
كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سند واحد يكون التقدير
باعتبار قيمة المبلغ المدعى به بتمامه بغير التفات إلى نصيب كل من المدعين فيه". وإذن
فإذا رفعت الدعوى بمقتضى سندات مختلفة يكون التقدير باعتبار نصيب كل من المدعين في
المبلغ المطالب به. والسندات تكون مختلفة متى كانت لا تتطابق في أي عنصر من عناصرها
أو جزئية من جزئياتها حتى ولو كان مصدر الالتزام فيها واحداً. وإذن فالدعوى التي ترفع
من عدة أشخاص بطلب تعويض الضرر الذي لحقهم من جريمة واحدة أو فعل ضار واحد تكون في
الحقيقة مؤسسة على سندات مختلفة بالنسبة إلى كل من المدعين فيها، وذلك لأنه وإن كان
مصدر الالتزام واحداً بالنسبة إليهم جميعاً، إلا أن الأساس القانوني للمطالبة ليس هو
الفعل الضار وحده بل أيضاً الضرر الذي وقع على كل من المضرورين. ولما كان هذا الضرر
يتفاوت ويختلف باختلاف الأشخاص، فإن كلاً من المدعين يعد مستنداً في دعواه إلى سند
خاص به، ويجب إذن تقدير دعواه باعتبار نصيبه وحده. هذا هو الذي يتفق والنص السالف ذكره
لفظاً ومعنى وروحاً، وهو هو الذي جرى عليه القضاء واستقر عليه الفقه في البلاد التي
نقل عنها هذا النص، فهو إذن الواجب اتباعه بعد أن تبين خطأ الرأي السابق القائل بغير
ذلك.
وحيث إنه متى تقرر ذلك، وكان المدعون ستة، والدعوى مرفوعة منهم بطلب مائة جنيه دون
تعيين نصيب كل منهم في هذا المبلغ، فإنه تجاه هذا التجهيل لا يكون مفر من قسمة هذا
المبلغ على عدد أشخاصهم. ولما كان نصيب كل من المدعين على الأساس المتقدم ذكره يدخل
في النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ
إذ قضى برفض الدفع الفرعي المقدم من الطاعنتين وبقبول الاستئناف المرفوع من المطعون
ضدهم عن الحكم الابتدائي.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول استئناف
المطعون ضدهم شكلاً وذلك من غير حاجة إلى البحث في باقي أوجه الطعن.
[(1)] تقضي المادة 30 من قانون المرافعات بأنه
إذا كانت الدعوى متضمنة طلبات متعددة ناشئة عن سند واحد même titre يكون التقدير باعتبار
جميع الطلبات. فإذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة titres distincts يكون التقدير باعتبار
كل سند على حدة. وإذا كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى
سند واحد même titre يكون التقدير باعتبار قيمة المبلغ المدعى به بتمامه بغير التفات
إلى نصيب كل من المدعين فيه. وهذا النص مأخوذ من المادتين 23 و25 من القانون البلچيكي
الصادر في 25 مارس سنة 1876 بفارق هو أن المادة 23 البلچيكية حينما تحدثت عن الطلبات
المتعددة الناشئة عن سبب واحد استعملت كلمة cause في التعبير عن السبب، والمادة 25
التي تحدثت عن تعدد المدعين أو تعدد المدعى عليهم استعملت كلمة titre في بيان وحدة
السند التي تبرر جمع طلبات المتعددين وتقدير الدعوى على أساس مجموعها. والبلچيكيون
في تحديد معنى السبب cause الواردة في المادة 23 المذكورة يقولون إنه هو الواقعة التي
تولد منها الالتزام أو تولد الحق وإنه هو السند titre الذي يرتكن إليه الطالب في طلبه،
عقداً كان أو شبه عقد، جنحة أو شبه جنحة، أي هو الواقعة التي يشتق منها المدعي حقه
أو على حد تعبير محكمة النقض البلچيكية الواقعة القانونية التي يؤسس الطلب عليها مباشرة
(راجع أحكام محكمة النقض البلچيكية في 27/ 5/ 1880 باسكريزى جـ 1 ص 144 وفي 22 مارس
سنة 1900 المرجع السابق جـ 1 ص 187 وفي 17 يوليو سنة 1919 جـ 1 ص 188. وراجع أيضاً
الموسوعة البلچيكية العملية جـ 2 من 421 وما بعدها). ويقولون في تحديد معنى السند titre
المشار إليه في المادة 25 إنه مطابق لمعنى السبب الوارد في المادة 23. ويستعمل بعض
فقهائهم اللفظين أحدهما في موضع الآخر بغير تفريق (يراجع paepe De جـ 1 ص 202 نبذة
41 والموسوعة البلچيكية المرجع السابق نبذه 1024). ولعل هذا هو الذي حدا بقانوننا على
استعمال كلمة سند titre سواء في الكلام عن الطلبات المتعددة من المدعي الواحد وفي الكلام
عن الدعوى المقامة من متعددين أو على متعددين.
والتعريف الذي ذكره الفقهاء البلچيكيون لمعنى السند أو السبب مأمون إلى حد كبير حينما
يتعلق الأمر بطلبات متعددة يتقدم بها مدع واحد على مدعى عليه واحد كذلك. لأن في وحدة
المدعي والمدعى عليه وفي نشوء الطلبات من نفس السبب القانوني، أي الواقعة القانونية،
ما يشهد بأن الدعوى واحدة في حقيقتها بالرغم من تقسيم المدعي لطلباته فيها. لكن الأمر
يدق إذا ما تعدد المدعون أو المدعى عليهم، لأنه عندئذٍ – رغم اتحاد الواقعة القانونية
في الظاهر – لا يزال يقوم التساؤل: هل المدعون المتعددون أو المدعى عليهم المتعددون
شركاء في الحقيقة في دعوى واحدة؟ وهل نحن في الحقيقة إزاء سند واحد même titre أو سندات
متعددة متشابهة titres analogues؟ فمثلاً عمال يتركون عملهم في مصنع فجأة وفي نفس الوقت
ولكن بغير تدبير سابق فيما بينهم – هل تعتبر طلبات التعويض الموجهة إليهم من صاحب المصنع
بسبب هذا الترك دعوى واحدة أم تعتبر دعاوى متعددة متشابهة السند؟ وهل نزع الملكية للمنفعة
العامة لعدة عقارات لملاك مختلفين تنفيذاً لمشروع معين يخلق لمصلحة هؤلاء الملاك دعوى
واحدة يشتركون فيها أم دعاوى متعددة متماثلة في السند؟ قد رجع أصحاب الموسوعة البلچيكية
تعدد الدعوى في هذين المثالين (المرجع السابق نبذة 1025).
ومن المواضع التي يدق فيها هذا البحث دعاوى التعويض التي ترفع من متعددين عن ضرر أصابهم
من حادث واحد. وقد ذهب الفقيه البلچيكي De Paepe إلى القول بأن العبرة هي بوحدة العمل
الضار الواقع على المتعددين أو الحاصل منهم، ومن ثم يجب الاعتبار بمجموع الطلبات، وأخذ
على القضاء البلچيكي أنه جرى على غير هذا الرأي بعدم الجمع بين الطلبات على أساس أن
كلاً من المدعين المتعددين أو المدعى عليهم المتعددين قد أصابه ضرر خاص به أو مسؤول
عن ضرر خاص وقع منه (راجع De Paepe جـ 1 ص 207 وما بعدها وكتاب المرافعات المدنية والتجارية
للأستاذ الدكتور محمد حامد فهمي ص 182). والواقع أن القضاء البلچيكي، وبخاصة قضاء محكمة
النقض، يقول بتعدد السند في دعاوى التعويض حتى ولو كان المجني عليه واحداً متى كان
المدعون المتعددون يطالب كل منهم بتعويض عن الضرر الذي أصابه من وفاة المجني عليه (راجع
حكم محكمة النقض البلچيكية الصادر في 25/ 11/ 1909 باسكريزى 1910 جـ 1 ص 12 وحكمها
في 2/ 12/ 1909 المرجع السابق ص 25. وقد صدر في قضية تعويض رفعتها زوجة عن وفاة زوجها
العامل بأحد المصانع تطلب مبلغاً إجمالياً تعويضاً عما أصابها هي وكلاً من أولادها
الصغار من ضرر بسبب الحادث. وقد احتج المحامي عنها أمام محكمة النقض بأن دعواها يجب
أن تقوّم باعتبار هذا المبلغ الإجمالي جملة، واستشهد على ذلك برأي الفقيه De Paepe.
وقد تولى النائب العمومي Terlinden الرد على هذه الحجة في مرافعته المنشورة في المرجع
السابق، وأخذت محكمة النقض بوجهة نظره. وقد جاء في هذه المرافعة قوله: "تستند الطاعنة
إلى رأي الفقيه De Paepe الذي ينبه إلى التحرز من الخلط بين موضوع الدعوى objet وبين
سندها titre قولاً بأن سند الدعوى أو سببها هو الجنحة أو شبه الجنحة التي تولدت عنها
الدعوى. فإذا تعدد المجني عليهم فإنهم حين يدعون إنما يدعون بموجب سند واحد". ثم أخذ
النائب العمومي يرد على هذه الحجة فذكر تعريف السند على النحو الذي تقدم في صدد هذا
التعليق ثم قال: "إنه حيث يقع الإخلال بعقد أو باتفاق يلزم متعددين أو يستفيد منه متعددون
يكون وجود العقد أو الاتفاق في ذاته رابطة قانونية واحدة Un seul et même lien juridique
فإذا ما حصل الإخلال بها وجبت مقابلة الإخلال بتضمين واحد يقسم مبلغه على أصحاب المصلحة
فيه، أما حيث لا يوجد اتفاق ولا عقد، وحيث تنشأ الرابطة القانونية من واقعة فإن هذه
الواقعة يلزم، لكي تعتبر واقعة قانونية، أن تستوفى الشرائط التي يتطلبها القانون. وقد
سبق لمحكمة النقض أن قررت أنه في دعاوى التعويض عن الأفعال يعتبر طلب كل مدع بتعويض
دعوى مستقلة مستندة إلى سند شخصي هو الضرر الذي لحقه. ولقد قيل إن هذا خلط بين موضوع
الدعوى وبين سببها وإن المبلغ المطلوب ليس إلا موضوع الدعوى بينما سببها هو وفاة المجني
عليه، وهو سبب واحد يشترك فيه المدعون كلهم. وخطأ هذا القول مرجعه أنه فيما يتعلق بشبه
الجنحة باعتبارها سنداً قانونياً لدعوى التعويض لا سبيل إلى فصل الفعل عن صفته غير
المشروعة ولا عن الضرر الناشئ عنه، فإن الإخلال بحق للغير قد يكون جريمة ولكنه لا يخلق
رابطة قانونية مدنية إلا حين ينتج عند ضرر. فلا بد إذن من واقعة، وأن تكون هذه الواقعة
غير مشروعة، ثم لا بد من ضرر. هذه العناصر الثلاثة هي التي تعطي شبه الجنحة معنى السند
titre. فبملغ التعويض المطلوب ليس موضوع الدعوى فقط بل إن الضرر الذي يجبره هو عنصر
من العناصر الأساسية للسند. ولوجود هذا السند قانوناً يجب إثبات الضرر، وهذا الضرر
بطبيعته شخصي يختلف باختلاف الأشخاص، ومن ثم كان الاختلاف في وزن المسؤولية بالنظر
إلى كل مدع على الرغم من وحدة الواقعة الأصلية. ولذلك يكون أمر كل مدع مسألة مستقلة
عن مسألة زميله يجب الفصل فيها تبعاً لظروفها دون أن يؤثر موقف واحد من المدعين في
موقف غيره". ثم قال: "إن سند طالب التعويض ليس هو الحظر القانوني بعدم ارتكاب أمر غير
مشروع وإنما هو تلك الصلة التي يخلقها بين مرتكب الخطأ وبين طالب التعويض الضرر الناشئ
عن الخطأ".
ولقد أخذت محكمتنا العليا بمثل هذا النظر في الحكم موضوع التعليق مخالفة في ذلك حكماً
لها سابقاً جاء فيه أنه "إذا طلب مدعون بالحق المدني متعددون الحكم بإلزام متهمين متعددين
بأن يدفعوا لهم متضامنين مبلغاً معيناً تعويضاً عن الضرر الذي أصابهم من جرائم وقعت
عليهم من المتهمين سوياً في زمان واحد ومكان واحد، فإنهم يرفعهم الدعوى على هذه الصورة
يكون لهم حق استئناف الحكم ما دام المبلغ الذي طلبوه يزيد على نصاب الاستئناف بغض النظر
عن نصيب كل منهم. وذلك لأن المبلغ إنما كان طلبه على أساس أنه تعويض عن ضرر ناشئ عن
سبب واحد هو الأفعال الجنائية التي وقعت من المدعى عليهم. وإذن فالتخصيص الذي يكون
المدعون قد أجروه فيما بينهم في الدعوى لا يكون له تأثير على حقهم في الاستئناف إذا
العبرة في هذه الحالة هي بمجموع الأنصبة ما دام مرجعها جميعاً إلى سند واحد" (الحكم
المنشورة قاعدته تحت رقم 118 والمنشور برمته ص 223 – 226 جـ 6 من هذه المجموعة).
ويبدو أن تحديد معنى السبب أو السند في الطلبات المرفوعة من متعددين يلازمه دائماً
ويكمله فكرة الاشتراك في الدعوى، أي أن المدعين أو المدعى عليهم يمكن اعتبارهم عقلاً
وفعلاً شركاء في قضية واحدة – الأمر الذي حدا بالمشرع على ضم طلباتهم بعضها إلى بعض.
وفكرة الاشتراك هذه تتجلى في الالتزامات التعاقدية لأن العقد يبرز معناها ويشهد بقيامها.
أما في الالتزامات غير التعاقدية، أي الناشئة عن فعل ضار أو عن فعل نافع أو عن القانون،
فإنها – رغم وحدة الواقعة – قد لا توجد، كما في صورة نزع الملكية لعقارات متعددة تنفيذاً
لمشروع واحد، وكما في دعاوى التعويض التي يرفعها متعددون عن أضرار شخصية لكل منهم ناشئة
عن فعل واحد غير مشروع، فإن الطابع الغالب في هذه الصورة أن كل مدع لا تربطه بزميله
رابطة اشتراك بل هو قد لا يعرفه، ومن ثم يصعب في النظر جمع طلبه على طلب غيره واعتبارهما
دعوى واحدة. وهذا المعنى المكمل الذي أحوج إليه تعدد الأشخاص في الدعوى لا حاجة إليه
بطبيعة الحال حين تتعدد الطلبات مع وحدة المدعي والمدعى عليه.
