الطعن رقم 1197 سنة 2 ق – جلسة 25 /04 /1932
مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة
النقض والإبرام فى المواد الجنائية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) – صـ 525
جلسة الاثنين 25 أبريل سنة 1932
تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.
القضية رقم 1197 سنة 2 القضائية
تزوير فى محرر رسمى. عدم اختصاص الموظف بتحرير مثل المحرر المزوّر.
حكمه. إشارة تليفونية منسوب صدورها إلى رئيس مصلحة تتضمن سؤال موظف عن سبب تخلفه عن
الاشتراك فى الانتخاب. تزويرها تزوير فى ورقة عرفية.
(المادتان 179 و183 عقوبات)
لا يعدّ المحرر رسميا إلا إذا حرره موظف عمومى مختص بمقتضى وظيفته بتحريره وإعطائه
الصبغة الرسمية. ويعطى حكم المحرر الرسمى فى باب التزوير المحرر الذى يصطنع على صورة
المحررات العمومية أو الرسمية وينسب زورا إلى الموظف العمومى المختص بتحرير أشباهه
ولو أنه لم يصدر فى الحقيقة عن الموظف المذكور. أما إذا كان الموظف المنسوب إليه المحرر
المزوّر غير مختص بتحرير أمثاله فلا يمكن إعطاء هذا المحرر حكم المحررات الرسمية إلا
إذا كان البطلان اللاحق بالمحرر بسبب عدم اختصاص من نسب إليه تفوت ملاحظته على كثير
من الناس. ففى هذه الصورة يجب العقاب على التزوير الحاصل فيه باعتباره محررا رسميا
لتوقع حلول الضرر بسببه على كل حال. وإذن فالتزوير الذى يقع فى إشارة تليفونية منسوب
صدورها إلى رئيس مصلحة ما تتضمن سؤال موظف عن سبب تخلفه عن الاشتراك فى الانتخاب لا
يعتبر تزويرا فى أوراق رسمية وإنما هو تزوير فى ورقة عرفية.
الطعن المقدّم من النيابة العامة فى دعواها رقم 348 سنة 1931 – 1932 المقيدة بجدول
المحكمة رقم 1197 سنة 2 قضائية ضد شوقى عبد الوهاب.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية شوقى عبد الوهاب بأنه فى خلال شهر مايو
سنة 1931 الموافق شهر محرم سنة 1350 بدائرة بندر الجيزة: (أوّلا) سرق قسائم بيضاء من
دفتر إشارات التليفون بالمعمل البيطرى بالجيزة حالة كونه خادما بالأجرة فيه. (ثانيا)
ارتكب تزويرا فى أوراق رسمية بطريق الاصطناع بأن أنشأ إشارات مزوّرة على الأوراق البيضاء
المذكورة المسروقة ونسب صدورها إلى كل من أحمد بك فريد مدير القسم البيطرى وحافظ شرف
الدين أفندى مدير المعمل البيطرى بالنيابة والدكتور إسماعيل أبو بكر خليفه بالمعمل
ووقع بإمضاءات للآخرين عليها نسب صدورها إليهما. وطلبت من حضرة قاضى الإحالة إحالته
إلى محكمة جنايات مصر لمحاكمته بالمواد 274 فقرة سابعة و179 و180 من قانون العقوبات.
فقرّر حضرته فى 19 سبتمبر سنة 1931 إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد المذكورة.
ومحكمة جنايات مصر بعد أن سمعت الدعوى قضت فيها حضوريا فى 25 نوفمبر سنة 1931 عملا
بالمواد 274 فقرة سابعة و279 و183 و32 من قانون العقوبات – باعتبار أن ما وقع من المتهم
جنحتا سرقة وتزوير فى أوراق عرفية ومعاقبته من أجلهما بالحبس مع الشغل لمدّة سنة.
فطعن حضرة رئيس نيابة مصر بالتوكيل عن سعادة النائب العمومى فى هذا الحكم بطريق النقض
فى 12 ديسمبر سنة 1931 وقدّم تقريرا بأسباب الطعن فى اليوم عينه.
المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن محصل الطعن المقدّم من النيابة أن محكمة الموضوع أخطأت فى تطبيق القانون
على الواقعة الثابتة فى الحكم إذ اعتبرت تزوير المتهم للإشارتين التليفونيتين تزويرا
فى أوراق عرفية مع أن إحداهما مزعوم صدورها عن مدير القسم البيطرى وتتضمن تكليف مدير
المعمل الكيماوى البيطرى بالجيزة بناء على أمر الوزارة سؤال موظفين تحت إدارته عن سبب
امتناعهما عن التوجه للجان الانتخاب وقد أجيبت هذه الإشارة بأخرى – وهى الإشارة المزوّرة
الثانية – منسوبة إلى مدير المعمل المذكور تتضمن إجابة الموظفين رسميا على ما وجه إليهما
من الأسئلة وقد ذيلت الإشارتان المذكورتان بتوقيعات منسوبة إلى الموظفين المختصين.
وهذا مما يجعل الإشارتين ورقتين أميريتين ويكون اصطناعهما وتقليد الإمضاءات الموقع
بها عليهما تزويرا فى أوراق رسمية. كذلك تزوير إمضاء العامل المختص بتبليغ الإشارات
التليفونية وتلقيها بما يفيد زورا أنه تسلم الإشارة الواردة من القسم البيطرى وصدّر
الإشارة المرسلة من المعمل الكيماوى إلى القسم المذكور كل ذلك مما يؤكد حصول التزوير
فى أوراق رسمية لأن هذا العمل الأخير داخل ولا شك فى اختصاص الموظف المذكور ومن واجبه
القيام به.
ومن حيث إن المحرّر لا يعدّ رسميا إلا إذا حرره موظف عمومى مختص بمقتضى وظيفته بتحريره
وإعطائه الصبغة الرسمية. ويعطى حكم المحرّر الرسمى فى باب التزوير المحرّر الذى يصطنع
على صورة المحرّرات العمومية أو الرسمية وينسب زورا إلى الموظف العمومى المختص بتحرير
أشباهه ولو أنه لم يصدر فى الحقيقة عن الموظف المذكور. أما إذا كان الموظف المنسوب
إليه المحرّر المزوّر غير مختص بتحرير أمثاله فلا يمكن إعطاء هذا المحرّر حكم المحرّرات
الرسمية إلا إذا كان البطلان اللاحق بالمحرّر بسبب عدم اختصاص من نسب اليه تفوت ملاحظته
على كثير من الناس وإذن يجب العقاب على التزوير الحاصل فيه باعتباره محرّرا رسميا لتوقع
حلول الضرر بسببه على كل حال. وذلك ما لا محل للخوض فيه فى القضية الحالية لما سيأتى
بيانه.
ومن حيث إن الأصل أن الرئيس الحكومى يكون مختصا بإجراء ما يرى إجراءه من التحقيق مع
مرءوسيه فى كل ما يتعلق بأعمال وظائفهم لمعرفة مبلغ إخلاصهم فى أداء واجباتهم الحكومية
أو تقصيرهم فيها. وله كذلك أن يتحرّى عن سيرهم الشخصى خارج الحكومة فى كل ما له مساس
بواجباتهم العامة وفى كل ما ينم عن مبلغ ولائهم للحكومة التى هم قائمون بخدمتها. أما
ما خرج عن هذا الحدّ فلا شأن له به ولا اختصاص له فى التدخل فيه.
ومن حيث إن الأصل أن مباشرة الموظف لحق الانتخاب عمل شخصى محض ولا علاقة للوظيفة الحكومية
به ولم يسلط القانون رئيسا على مرءوس لمراقبته فى استعمال هذا الحق الشخصى أو لإلزامه
القيام به على وجه خاص أو فى ظرف معين. ذلك بأن التأثير على الناخب فى الجملة – موظفا
كان أو غير موظف – مما ينهى عنه قانون الانتخاب ويعاقب عليه.
ومن حيث إن الإشارتين التليفونيتين المنسوب إلى المتهم تزويرهما والمتضمنتين سؤال الموظفين
عن سبب تخلفهما عن الاشتراك فى الانتخاب لو فرض أنهما حقيقيتان فانهما قد صيغتا فى
أسلوب لا يترك مجالا للشك فى أن الرئيس لم يكن على حق أو شبه حق فى توجيه السؤال إلى
الموظفين بالصورة التى وجه بها بل ولا للشك فى أنه كان متعديا حدود اختصاصه وذلك بتذكيره
الموظفين بسبق التنبيه عليهما بالذهاب إلى مقر لجنة الانتخاب لإعطاء صوتهما، الأمر
الذى ينهى عنه القانون لما فيه من التأثير على حرية الناخبين.
ومن حيث إنه ما دامت عبارة الإشارتين تنم عن أن الرئيس المنسوب إليه توجيههما يكون
– بفرض صحتهما – قد عمل فى غير حدود القانون فلا شبهة فى أن المحرر المزوّر على هذه
الصورة لا يمكن أن تكون له صبغة رسمية أو شبيهة بالرسمية لأن مثله ليس مما تخوّل القوانين
أو اللوائح للموظف تحريره بحكم وظيفته وليس فيه ما يمت إلى الوظيفة بصلة ما وليس أحد
يجهل بطلانه كعمل رسمى لأدنى تأمل، فالإشارة المنسوب إلى الرئيس توجيهها وكذا الإشارة
التى أجاب بها الموظفان على سؤال رئيسهما يجب أن تعتبر كلتاهما أمرا خارجا عن عمل الوظيفة.
أما احتجاج النيابة بأن تزوير توقيع عامل التليفون على الإشارتين مما يؤكد أن التزوير
حصل فى أوراق رسمية إذ لا شك فى أن تبليغ الإشارات التليفونية من اختصاص العامل المذكور
– هذا الاحتجاج مع وجاهته لا تأثير له فى الدعوى الحالية لأن تزوير إمضاء هذا الموظف
ليس داخلا فى صيغة التهمة التى وجهتها النيابة إلى المتهم ورفعت بها الدعوى العمومية
عليه.
ومن حيث إنه مما تقدّم يبين أن محكمة الجنايات أصابت إذ اعتبرت تزوير الإشارتين التليفونيتين
المنسوب إلى المتهم فى هذه القضية اصطناعهما تزويرا فى محرّرات عرفية وأن الطعن المقدّم
من النيابة على غير أساس ويتعين رفضه.
