الطعن رقم 30538 لسنة 77 ق – جلسة 24/ 1/ 2008
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الخميس (ج)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ علي فرجاني وحمدي ياسين وصبري شمس الدين ومحمد أحمد عبد
الوهاب نواب رئيس المحكمة.
الطعن رقم 30538 لسنة 77 قضائية
جلسة 24/ 1/ 2008م
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهراً
مخدراً "حشيش" بعير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب
وإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يعرض لدفاعه – إيراداً ورداً – ببطلان القبض وما تلاه
من إجراءات لعدم توافر حالة من حالات التلبس مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "… تتحصل في أنه بتاريخ 4/
12/ 2006 وردت إلى الرائد شرطة… بإدارة مكافحة المخدرات بالجيزة معلومات سرية مفادها
إحراز المتهم للمواد المخدرة، فانتقل رفقة الرائد… إلى حيث يقف المتهم وأجرى معه
محاولة شراء يشبه جوهر الحشيش بعد التأكد من كنه المادة، وبضبط المتهم وتفتيشه والسيارة
التي يحوزها فعثر على خمسة وأربعين لفافة تشبه الأولى، وتحوي كل منها جوهر داكن اللون
يشبه جوهر الحشيش". واستند الحكم في إدانة الطاعن على "أن الواقعة على النحو المتقدم
قد شهد عليها كل من الرائد شرطة… بإدارة مكافحة مخدرات الجزية، والرائد… بإدارة
مكافحة مخدرات الجيزة وأن المادة المضبوطة ثبت بتقرير المعاملة الكيماوية أنها لجوهر
الحشيش المخدر". لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على جلسة المحاكمة بتاريخ 6/
5/ 2007 والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الدفاع عن الطاعن دفع ببطلان القبض
والتفتيش لانتفاء حالة التلبس. وقد أغفل الحكم هذا الدفع إيراداً ورداً. لما كان ذلك،
وكانت المادة 41/1 من الدستور قد نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا
تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته
بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق، وصيانة أمن المجتمع، ويصدر
هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى
هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان يستوي
في ذلك أن يكون القيد قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاً من التنقل أو كان دون ذلك
من القيود، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانونا، أو بإذن
من السلطة القضائية المختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على
ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك، وجب التزام أحكام
الدستور وإهدار سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور،
وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي
في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن
يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً
جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره، وكانت المادة 46 من القانون
ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، فإذا جاز القبض
على الشخص جاز تفتيشه، وإن لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض
والتفتيش الباطلان، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن حالة التلبس
تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها
بحاسة من حواسه، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً
كان أو متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارهاينبئ بذاته
عن وقوعها، كما أن مجرد بلاغ المجنى عليه لا يوفر بذاته الدلائل الكافية التي تبيح
القبض على المتهم بل يجب أن يقوم البوليس بعمل تحريات لما اشتمل عليه البلاغ، فإذا
ما أسفرت هذه التحريات عن توافر دلائل قوية على صحة ما ورد فيه عندئذ يسوغ الأمر بالقبض
على المتهم في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الإجراءات
الجنائية، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد
ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً لتقدير محكمة الموضوع دون
معقب إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير
صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه
قد أغفل الدفع ببطلان القبض على الطاعن إيراداً ورداً مما يعيبه بالقصور في التسبيب
إذ أنه من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين الرد عليها سيما وأنه اعتمد – بين ما اعتمد
عليه – في الإدانة على إقرار الطاعن وشهادة من أجرى هذا الإجراء، ولا يعصم الحكم من
هذا الخطأ ما قام عليه من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة
يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها تعذر التعرف
على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف
على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم،
فإنه يتعين نقض الحكم والإعادة دونما حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن..
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
