الطعن رقم 1217 لسنة 49 ق – جلسة 20 /12 /1979
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
السنة الثلاثون – صـ 968
جلسة 20 من ديسمبر سنة 1979
برياسة السيد المستشار عثمان مهران الزينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ صلاح نصار، وحسن جمعة، ومحمد عبد الخالق النادى، وحسين كامل حنفى.
الطعن رقم 1217 لسنة 49 القضائية
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مواد مخدرة.
القضاء بالبراءة للشك. حده. الإحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلو الحكم من عيب التسبيب.
تبرئة المتهم تأسيساً على عدم جدية التحريات لاختلاف عنوان مسكن المتهم المثبت ببطاقته
عن ذلك الوارد بمحضر التحريات. دون استجلاء لحقيقة هذا الخلاف. قصور.
من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة
إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت وأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان القاضى وما يطمئن
إليه. غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت
بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التى
تستند إليها فى قضائها من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها – لما كان ذلك – وكان الحكم
قد استدل على عدم صحة التحريات واقوال الضابط بأدلة لا تظاهر هذا الاستدلال وتجاوز
الاقتضاء العقلى والمنطقى. فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والاحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.
المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ
قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور والفساد فى
الاستدلال وخالف الثابت بالأوراق، ذلك أنه أسس قضاءه على مجرد ما قاله من أن عنوان
مسكن المطعون ضده الذى ذكره فى جلسة المحاكمة والمثبت ببطاقته العائلية التى قدمها
الدفاع عنه بالجلسة يختلف عن عنوان المسكن الذى حددته التحريات بأنه مسكن المطعون ضده،
مع أن ذلك لا يؤدى إلى عدم جدية التحريات ولا يفيد بذاته أن المسكن المحدد بها ليس
مسكن المطعون ضده، بل يصح فى العقل أن المطعون ضده قد غير محل إقامته دون إثباته ببطاقته
العائلية أو أن تكون الحارة الكائن بها المسكن تحمل اسمين أحدهما قديم والآخر حديث.
وحيث إن الحكم المطعون، فيه حصل واقعة الدعوى طبقاً لتصوير الاتهام لها بما مؤداه أن
تحريات النقيب …. ضابط مباحث قسم الساحل دلته على أن المطعون ضده يحرز المواد المخدرة
فاستصدر إذناً من النيابة الساعة 12 و55 دقيقة مساء يوم 18/ 9/ 1974 بضبطه وتفتيش مسكنه،
وتوجه فى ذات اليوم حوالى الساعة 2 و35 دقيقة مساء إلى شارع……… لتنفيذ الإذن
لضبط المطعون ضده وبتفتيشه ضبط معه فى جيب جلبابه العلوى لفافتين إحداهما تحوى قطعة
حشيش والأخرى أفيون وثبت ذلك من تقرير معامل الطب الشرعى، وأنكر المطعون ضده ما نسب
إليه أمام النيابة مقرراً أنه قبض عليه بمعرفة شرطيين سريين حوالى الساعة 12 ظهراً
يوم الحادث فى شارع………. ثم اقتيد إلى النقيب المذكور، وبرر الحكم قضاءه بالبرءاة
بقوله: "أنه لما كان المستفاد من أقوال الضابط المذكور فى تحقيق النيابة……. ترى
المحكمة لذلك – سيماً وقد ثبت من مطالعة بطاقة المتهم أن إقامته فى مكان آخر خلاف ذلك
المسكن المبين فى المحضر الذى سطره لاستصدار الإذن مما يرشح لعدم جدية التحريات – أن
الواقعة المنسوبة إلى المتهم دون مستوى الجزم واليقين ويتعين لذلك القضاء ببراءته فيها".
ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الإذن لابتنائه
على تحريات غير جدية لأن الضباط انتقل إلى مسكن المطعون ضده المحدد بالتحريات والإذن
(المنزل رقم 8 حارة الطبلاوى قسم الساحل) والمطعون ضده يقيم مسكنه عطفة إبراهيم رمضان
وقدم بطاقة الطاعن العائلية الثابت بها أنه يقيم فى المسكن الأخير، وقدم أيضاً – عقد
إيجار المسكن المذكور مؤرخ من أول مارس سنة 1964 – لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم
أنه ليس هناك ما يدل على أن المسكن المحدد بالتحريات والصادر بشأنه الإذن ليس مسكن
المطعون ضده، فإن ما ذكره الحكم لا يكفى أن يستخلص منه فى جملته عدم جدية التحريات
استناداً إلى أنها انصبت على مسكن آخر غير المسكن الذى يقيم فيه المطعون ضده، وكان
مجرد الخلاف فى عنوان السكن بين ما ورد ببطاقة المطعون ضده العائلية وبين ما أثبتته
التحريات لا تؤدى بطريق اللزوم العقلى إلى عدم صحتها، بل قد يصح فى العقل أن يكون سبب
هذا الخلاف راجعاً إلى أن المطعون ضده قد غير محل إقامته دون إثباته ببطاقته العائلية
أو أن الحارة الكائن بها المسكن تحمل إسمين أحدهما قديم والأخر حديث، مما كان يقتضى
من المحكمة أن تجرى تحقيقا تستجلى به حقيقة الأمر وصولاً إلى تعرف الحقيق. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة
إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت وأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان
القاضى وما يطمئن إليه. غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت
الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وأن تكون
الأسباب التى تستند إليها فى قضائها من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان الحكم
قد استدل على عدم صحة التحريات واقوال الضابط بأدلة لا تظاهر هذا الاستدلال وتجاوز
الاقتضاء العقلى والمنطقى. فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى
بحث باقى أوجه الطعن.
