الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1950 لسنة 68 ق – جلسة 12 /07 /2009 

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية

برئاسة السيد القاضي/عزت عبد الجواد عمران "نائب رئيس المحكمة"
وعضوية السادة المستشارين/حامد عبد الوهاب علام، أحمد فتحي المزين محمد شفيع الجرف و يحيى فتحي يمامة "نواب رئيس المحكمة"

الطعن رقم 1950 لسنة 68 ق
جلسة 12 من يوليه سنة 2009م


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر/ حامد عبد الوهاب علام "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 8360 لسنة 1995 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء عين النزاع المبينة بالصحيفة وتسليمها له، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 16/ 9/ 1957 استأجر/ أحمد محمد الشنطوري الدكان مثار النزاع، وإذ توفى المذكور وظلت زوجته تستغله حتى وفاتها وبعدها ظلت العين مغلقة حتى فوجئ بالطاعن يقوم باستغلالها كمخزن وهو ليس من ورثة المستأجر الأصلي الشرعيين فأقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 4132 لسنة 1 قضائية القاهرة، وبتاريخ 17/ 6/ 1998 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء العين وتسليمها للمطعون ضده. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن المستأجر الأصلي لعين النزاع توفى عام 1965 وامتد العقد لزوجته التي استمرت حيازتها للعين حتى وفاتها عام 1984 ثم امتد إلى زوجها الثاني – والد الطاعن – واستغل العين حتى وفاته بتاريخ 4/ 6/ 1990 ومن ثم امتد للطاعن قبل العمل بالقانون رقم 6 لسنة 1997 الذي استعمل العين كمخزن وهو ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي وكان يقوم بسداد أجرتها للمطعون ضده، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى عليه بإخلاء العين بمقولة عدم امتداد العقد إليه مما يعيبه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك إنه من المقرر أن أحكام التشريعات لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون خلاف ذلك، وأنه متى شاب عبارة النص غموض أو لبس واحتملت أكثر من معنى مقبول أو كان المعنى الظاهر للنص يجافي العقل أو مقصد التشريع كان على القاضي أن يسعى للتعرف على الحكم الصحيح والإرادة الحقيقية من خلال الربط بين النص وغيره من نصوص القانون وأن يستهدي بمصادره التاريخية وأعماله التحضيرية، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 6 لسنة 1997 على أن "يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر النص الآتي " فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح من يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد أزواجاً وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكوراً وإناثاً من قصر وبلغ يستوي في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم"، وفي الفقرة الثانية على أنه "اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا القانون المعدل، لا يستمر العقد بموت أحد من أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة"، وفي المادة الثانية على أنه "استثناء من أحكام الفقرة الأولى من المادة السابقة، يستمر العقد لصالح من جاوزت قرابته من ورثة المستأجر المشار إليه في تلك الفقرة الدرجة الثانية متى كانت يده على العين في تاريخ نشر هذا القانون تستند إلى حقه السابق في البقاء وكان يستعملها في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد وينتهي العقد بقوة القانون بموته أو تركه إياها"، وفي المادة الخامسة على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ما عدا الفقرة الأولى من المادة الأولى منه فيعمل بها من تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه"، وما جاء في المادة الأولى من اللائحة التنفيذية من أنه يقصد بالكلمات الواردة في هذا القانون المعاني الآتية "المستأجر" من استأجر العين وكذا من استمر لصالحه عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر الأصلي"، "والمستأجر الأصلي" "آخر شخص طبيعي استأجر العين ابتداء"، وجاء في المادة السابعة من اللائحة إذا مات المستأجر ظل كل مستأجر معه صاحب حق بقاء في العين وإلى جانب هذا الحق يستمر عقد الإيجار لصالح من يتوافر فيه شرطان أولهما: أن يكون وارثاً للمتوفي، وثانيهما: أن يكون من الآتي بيانهم ( أ ) زوجات المستأجر وزوج المستأجر.(ب) الأقارب نسباً من الدرجتين الأولى والثانية. فكل ذلك يدل – في ضوء ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة – على أن حق الإيجار هو حق مالي ينتقل إلى ورثة المستأجر بوفاته على النحو المبين في المادتين 601، 602 من القانون المدني والتي تحكم العلاقة الإيجارية عند عدم وجود ما يخالفها في قوانين إيجار الأماكن وقد خلت هذه القوانين قبل صدور القانون رقم 6 لسنة 1997 من أي نص ينظم انتقال حق الإيجار في المجال إلى الورثة على نحو مغاير للقانون المدني، ومن ثم يجب إعمال القواعد العامة، يستوي أن يكون ذلك في المدة الاتفاقية أو المدة الثانية التي امتد إليها العقد بحكم القانون، فلقد كان النص في المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 – المقضي بعدم دستوريته بخلاف الفقرة الأولى التي نظمت انتقال حق الإجارة في المساكن – رغم ما في هذه القواعد من عنت بالمؤجرين ناشئ عن تأييد العلاقة الإيجارية وهذا العنت هو ما دعا المشرع لإصدار القانون 6 لسنة 1997 لينظم انتقال حق الإيجار إلى الورثة ليمنع تأييد عقد الإيجار فحدد في الفقرة الأولى من المادة الأولى وحدها من ينتقل إليهم حق الإجارة من المستأجر بصفة عامة سواء أكان المستأجر أصلياً أو وارثاً للمستأجر فقصر هذا الحق على زوجة المستأجر أو ورثته من الأقارب حتى الدرجة الثانية دون سواهم، ونص في المادة الخامسة على سريان هذه الفقرة وحدها بأثر رجعي بقصد أن يكفل لهؤلاء الحق في البقاء كما جاء بالمذكرة الإيضاحية، ثم عالج المشرع الأوضاع القائمة بالفعل في 27/ 3/ 1997 – تاريخ العمل بالقانون وسريان باقي أحكامه – فنص على احترام كل العلاقات الإيجارية القائمة الناشئة عن وراثة المستأجرين الأصليين أو وراثة ورثتهم وقسم هذه العلاقات إلى فئتين، فئة لا ينتهي العقد بوفاة المستأجر وأخرى ينتهي العقد بوفاته، الفئة الأولى هم ورثة المستأجر الأصلي من أزواج وأقارب حتى الدرجة الثانية فهؤلاء يستفيدون من الحكم الوارد بالفقرة الأولى من المادة الأولى فلا ينتهي العقد بوفاتهم وإنما ينتقل حق الإجارة إلى ورثتهم هم بالنظام الجديد ولمرة واحدة، فعبارة المستفدين من ورثة المستأجر الأصلي الورادة في الفقرة الثانية من المادة الأولى هو وصف لأصحاب حق البقاء، هؤلاء الذين متى توفى أحدهم انتقل الحق إلى ورثته بالشروط الجديدة وهي أن يكون من انتقل إليه الحق وزجاً للمتوفى أو وارثاً له حتى الدرجة الثانية وليس وارث غيره حتى ولو كان المستأجر الأصلي، وإلا خالف النص قواعد الميراث المتعلقة بالنظام العام، فالمقصود بالمستفيد في هذه العبارة في سياقها هو من انتقل منه الحق وليس من انتقل إليه الحق، ووجه استفادة المتوفى أن عقده لم ينته بوفاته وضمن انتفاع أرملته وأبنائه بانتقال حق الإجارة إليهم لمرة واحدة، أما الفئة الثانية من العلاقة الإيجارية وهم ورثة المستأجر الأصلي الذين تتجاوز قرابتهم الدرجة الثانية وكذلك ورثة ورثة المستأجر الأصلي فهؤلاء جميعاً تستمر عقودهم قائمة ولكنها تنتهي بوفاتهم فلا يستفيدون من النظام الجديد لتوريث حق الإجارة، ولاشك أن هؤلاء الورثة إنما يستمدون حقهم في البقاء من أحكام الميراث ونصوص القانون المدني سالف البيان وليس صحيحاً ما جاء في المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية للقانون 6 لسنة 1997 من أنهم يستمدون هذا الحق من نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المحكوم بعدم دستوريته، لأن هذا النص قد زال منذ نشأته إعمالاً للأثر الكاشف لحكم عدم الدستورية والتكييف القانوني الصحيح هو واجب تقوم به المحاكم دون سواها فلا يجوز للمشرع مصادرة هذا الحق بنصوص لائحته التنفيذية التي لا يعد مخالفتها مخالفة للقانون لأن المقصود بالقانون هو القواعد التي تحكم السلوك وليس العبارات التي تحمل رأياً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن من الفئة الثانية من العلاقة الإيجارية طبقاً للنظام الجديد – فهو ابن الزوج الثاني لزوجة المستأجر الأصلي – الزوج الأول – وقرابته بالنسبة له تتجاوز الدرجة الثانية، وهو يستمد حقه في البقاء بعين النزاع من قواعد الميراث ونصوص القانون المدني – إذ امتد إليه عقد الإيجار من والده المتوفي بتاريخ 4/ 6/ 1990 – والذي امتد إليه العقد من زوجته المتوفية عام 1984 والذي امتد إليها العقد من زوجها الأول – المستأجر الأصلي – بوفاته عام 1965 وقد وضع الطاعن يده على العين ومارس فيها ذات نشاط المستأجر الأصلي، وكان ذلك قبل نفاذ العمل بالقانون رقم 6 لسنة 1997 وعملاً بالمادة الثانية منه، ومن ثم يتوافر له شرط امتداد العقد إليه من والده وإن كان ينتهي العقد بوفاته بقوة القانون إلا أن بقاءه بعين النزاع كان على سند صحيح من الواقع والقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإخلاء عين النزاع بمقولة أن العقد ينتهي بوفاة زوجة المستأجر الأصلي ولا يمتد إلى والد الطاعن – زوجها – ومن بعده الطاعن باعتبارهما ليسا من ورثة المستأجر الأصلي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الاستئناف رقم 4132 لسنة 1ق القاهرة صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصاريف ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 4132 لسنة 1 قضائية القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف المصاريف ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر نائب رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات