الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1066 لسنة 41 ق – جلسة 26 /12 /1971 

أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الثالث – السنة 22 – صـ 811

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه دنانة.


الطعن رقم 1066 لسنة 41 القضائية

(أ، ب، ج) مواد مخدرة. عقوبة. "الإعفاء منها". قصد جنائى. محكمة الموضوع. "حقها فى تعديل الوصف". وصف التهمة. جريمة "أركانها".
( أ ) إطراح الحكم لقصد الاتجار وإهداره لتمسك الطاعن بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من فانون رقم 182 سنة 1960 لا يعيبه طالما أنه نفى عن الطاعن قصد الاتجار. تصدى المحكمة لبحث توافر هذا الركن يكون بعد إسباغها الوصف القانونى الصحيح على الواقعة.
(ب) عدم تقيد المحكمة بوصف النيابة للفعل المسند إلى المتهم. حقها فى أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم طالما لم يتضمن تعديلها إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة. استبعاد المحكمة قصد الاتجار وإدانتها الطاعن باعتبار احرازه للمخدر مجردا عن أى من قصدى الاتجار أو التعاطى تطبيق سليم.
(ج) أركان جريمة إحراز المخدر المنصوص عليها فى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960؟ عدم استلزامها قصدا خاصا للإحراز.
(د، ه، و، ز) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهود". مواد مخدرة. قصد جنائى. محكمة الموضوع. نقض. "أسبابه ما لا يقبل منها".
(د) إقامة الحكم الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادى والمعنوى ونفيه قصد الاتجار عنه يكفى لحمل قضائه بإدانة الطاعن بالمادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960.
ما يثيره الطاعن من أن الأدلة تثبت توافر قصد الاتجار جدل حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(هـ) قصد الاتجار المنصوص عليه فى المادة 33 من القانون رقم 182 سنة 1960. أمر موضوعى. استقلال محكمة الموضوع بتقديره ما دام التقدير سائغا.
(و) حق محكمة الموضوع فى وزن أقوال الشهود وتقديرها وتجزئتها.
(ز) حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
1 – الأصل وفقا للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 وأن تصدى المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون يعد إسباغها الوصف القانونى الصحيح على الواقعة الدعوى.
2 – الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم. وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد الذى دان الطاعن به وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفا مشددا للعقوبة دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجردا عن أى من قصدى الاتجار أو التعاطى إنما هو تطبيق سليم للقانون 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.
3 – لا تستلزم المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قصدا خاصا من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادى والقصد الجنائى العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر المخدر علما مجردا عن أى قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها فى القانون سالف الذكر.
4 – إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادى والمعنوى ثم نفى توافر قصد الاتجار فى حقه واعتبره ناقلا لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من القانون 182 سنة 1960 التى لا تستلزم قصدا خاصا من الإحراز، فإن فى ذلك ما يكفى لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذى انتهى إليه، ويكون ما يثيره الطاعن من أن التحريات وظروف الضبط وأقوال الشاهد واعتراف الطاعن تثبت توافر قصد الاتجار، مردود بأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلا حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
5 – من المقرر فى قضاء النقض أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه فى المادة 33 من القانون رقم 182 سنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغا.
6- ليس ثمة ما يمنع المحكمة بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطى والاستعمال الشخصى، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع التى يحق لها أن تجزئ هذه الأقوال وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه.
7 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 21/ 1/ 1969 بدائرة بندر الإسماعيلية محافظة الإسماعيلية: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا لمواد الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 سنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم واحد الملحق به بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وذلك على اعتبار أن إحراز المتهم للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر (حشيش) بغير قصد الاتجار أو التعاطى فى غير الأحوال المصرح بها قانونا فقد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك أنه أورد مؤدى شهادة الرائد محمد حسنى عبد العظيم بما محصله أن تحرياته دلت على أن الطاعن يحرز جواهر مخدرة فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وأسقط من هذه الشهادة جوهرها وهو ما دلت عليه التحريات من أنه كان يبيع المخدرات لأفراد القوات الكويتية ويقوم بنقلها لهم من مدينة الإسماعيلية، كما أن الحكم أطرح قصد الاتجار بما لا يبرر إطراحه مخالفا بذلك ما جاء بالتحريات، وما شهد به الرائد محمد حسنى عبد العظيم، وأخيرا فإن الحكم على الرغم من عدم تعويله على التحريات أو اعتراف الطاعن أو شهادة الرائد محمد حسنى عبد العظيم فيما يتعلق باستخلاص قصد الاتجار لدى الطاعن، فإنه عول على تلك الأدلة ذاتها فى قضائه بالإدانة، ولقد أدى هذا إلى إهدار ما تمسك به الطاعن بشأن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لقيامه بالإبلاغ عن باقى شركائه فى الجريمة ومن شأن كل ذلك أن يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح قصد الاتجار بعبارة سائغة فى قوله "إن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما ذهبت إليه من أن الإحراز كان بقصد الاتجار ذلك أنه لا يكفى لقيام هذا القصد وتوافره فى حق المتهم مجرد التحريات وأقوال الرائد محمد حسنى عبد العظيم ومردها تلك التحريات طالما أن الأوراق قد خلت من دليل مقنع على توافر هذا القصد ولا تعول المحكمة فى هذا الصدد على ما قرره المتهم من أنه إنما كان قد اشترى ذلك المخدر لحساب بعض أفراد القوات الكويتية إذ ليس هناك من دليل يؤيد ذلك القول كما أنه ليس فى الأوراق من دليل على أن الإحراز كان بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى ومن ثم ترى المحكمة أن الإحراز لم يكن لهذه القصود جميعا" كما رد ردا سائغا على ما دفع به الطاعن من أنه يتمتع بالإعفاء المقرر فى المادة 48/ 2 من القانون 182 لسنة 1960 فى قوله "إن هذا الوجه من الدفاع مردود بأنه يتعين للتمتع بالإعفاء الوارد بالنص المتقدم ذكره أن يكون الأمر متعلقا بإحدى جرائم المواد 33 و34 و35 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وهى جرائم التصدير والجلب والإنتاج والحيازة والإحراز بقصد الاتجار إلى غير ذلك من الجرائم المشار إليها حصرا بالمادة 48 من القانون السالف ذكره، وإذ كان وصف الواقعة التى دين فيها المتهم، إنما هو الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى الذى يجد عقابه فى المادتين 37 و38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فلا يكون هناك مجال للنظر فى انطياق المادة 48 من القانون سالف الذكر، ومن ثم فالمتهم لا يتمتع بالإعفاء الوارد فى النص سالف البيان". لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة كافية وسائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليه، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع التى يحق لها أن تجزئ هذه الأقوال وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه، فإنه لم يكن ثمة ما يمنع تلك المحكمة بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطى والاستعمال الشخصى، وإذ كان من المقرر فى قضاء النقض أن تتوافر قصد الاتجار المنصوص عليه فى المادة 33 من القانون 182 لسنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادى والمعنوى ثم نفى توافر قصد الاتجار فى حقه واعتبره ناقلا لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من القانون السالف ذكره التى لا تستلزم قصدا خاصا من الإحراز، بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادى والقصد الجنائى العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر المخدر علما مجردا عن أى قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها فى القانون، فإن فى ذلك ما يكفى لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذى انتهى إليه. أما ما أثير فى أسباب الطعن من أن التحريات وظروف الضبط وأقوال الرائد محمد حسنى عبد العظيم واعتراف المتهم تثبت توافر قصد الاتجار، فمردود بأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلا حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم. وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد الذى دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفا مشددا للعقوبة، دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجردا عن أى من قصدى الاتجار أو التعاطى، إنما هو تطبيق سليم للقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظبم استعمالها والاتجار فيها الذى يستلزم إعمال المادة 38 منه إذا ما ثبت لمحكمة الموضوع أن الإحراز مجرد عن أى من القصدين اللذين عليها أن تستظهر أيهما وتقيم على توافره الدليل. وإذا كان الأصل وفقا للمادة 48 من القانون المذكور أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 و34 و35 منه وكان تصدى المحكمة لبحث توافر عناصر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانونى الصحيح على واقعة الدعوى وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، وبذلك لا يكون هناك محل لما أثاره الطاعن فى هذا الشأن. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات