رئيس المحكمةلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 7 (مكرر) – السنة
الرابعة والخمسون
16 ربيع الأول سنة 1432 هـ، الموافق 19 فبراير سنة 2011 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، السادس من فبراير سنة 2011
م، الموافق الثالث من ربيع الأول سنة 1432 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان – رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر عبد الله ومحمد عبد العزيز الشناوى وسعيد
مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمى –
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو – رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 18 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ محمد سيد راضى.
ضد:
1 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 – السيد وزير المالية.
الإجراءات
بتاريخ الثامن من فبراير سنة 1996، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة من قانون الضريبة العامة
على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة،
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى
كان قد أقام الدعوى رقم 7465 لسنة 1995 مدنى كلى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية،
مختصمًا وزير المالية، طالبًا الحكم بإلزامه بأن يرد له مبلغ مائة وأحد عشر ألفًا وثمانمائة
وسبعة وثلاثين جنيهًا، الذى فرض عليه دفعه دون وجه حق تحت مسمى ضريبة مبيعات على السيارة
التى استوردها من المملكة العربية السعودية عقب انتهاء إعارته وعودته إلى الوطن. وقد
استند المدعى فى تلك الدعوى إلى أن واقعة البيع المنشئة للضريبة تمت بالخارج، وأنه
لا يعتبر مستوردًا لسلعة بغرض الاتجار، وإنما لاستعماله الشخصى. ودفع المدعى بعدم دستورية
نص المادة من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه. وبجلسة 30/ 12/
1995 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بوقف الدعوى تعليقًا لحين اتخاذ إجراءات الطعن
بعدم دستورية المادة 32 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم
11 لسنة 1991، فأقام المدعى هذه الدعوى.
وحيث إن محكمة الموضوع قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية بجلسة 30/ 12/ 1995 وإن لم تحدد
أجلاً لرفع الدعوى الدستورية، وأقام المدعى دعواه الماثلة بتاريخ 8/ 2/ 1996 فى غضون
مهلة الثلاثة أشهر المحددة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية طبقًا لنص المادة (29/ ب)
من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فإن دعواه تكون قد أقيمت فى
الميعاد المقرر قانونًا.
وحيث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى
شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة
فى الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة من جوانبها
العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها فى تلك
الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها
أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه ألا تقبل الخصومة
الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم،
سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر
منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها،
ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا فى مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا
لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه،
أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك
على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها
لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى
الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إن المقرر أيضًا فى قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية
لا يوقعها فى حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية
النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة
التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى
الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعًا.
وحيث إن نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات تعتبر كلاً واحدًا، يكمل بعضها بعضًا،
ويتعين أن تفسر عباراته بما يمنع أى تعارض بينها، إذا أن الأصل فى النصوص القانونية
التى تنتظمها وحدة الموضوع هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها
وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها لتكون نسيجًا متآلفًا.
ولما كانت الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر
بالقانون رقم 11 لسنة 1991 السالف الذكر تنص على أن (تفرض الضريبة العامة على المبيعات
على السلع المصنعة والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص….) – فإن تعيين هذا الالتزام
الضريبى لا يستقيم منهجًا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام: كماهية
المكلف، وماهية المستورد، وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوبًا لدلالات الألفاظ حسبما
أوردها المشرع بالمادة الأولى من القانون ذاته، حيث عرفت المكلف بأنه "الشخص الطبيعى
أو المعنوى المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجًا صناعيًا، أو تاجرًا
أو مؤديًا لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون،
وكذلك كل مستورد لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الاتجار مهما كان حجم معاملاته".
كما عرفت "المستورد" بأنه "كل شخص طبيعى أو معنوى يقوم باستيراد سلع صناعية أو خدمات
من الخارج خاضعة للضريبة بغرض الاتجار" – الأمر الذى يتضح معه بجلاء اتجاه إرادة المشرع
إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات المقررة
وفقًا لهذا القانون، وقد ربط دومًا فى نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما
يتم استيراده. متى كان ذلك، وكان المدعى يهدف بدعواه الموضوعية إلى استرداد ما أداه
من مبالغ تحت مسمى ضريبة المبيعات على السيارة التى استوردها من الخارج لدى عودته من
الإعارة، بغرض الاستعمال الشخصى، لا بغرض الاتجار، فإن التطبيق السليم لنصوص قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 يكون محققًا للمدعى
بغيته من دعواه الموضوعية، ولا يكون له مصلحة فى الطعن على النص المطعون فيه بحسبان
أن الضرر المدعى به ليس مرده إلى هذا النص وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ له والتطبيق
غير السليم لأحكامه، ومن ثم فإن المدعى يمكنه بلوغ طلباته الموضوعية من خلال نجاحه
فى إثبات الغرض من استيراد السيارة المجلوبة من الخارج – وذلك شأنه أمام محكمة الموضوع
– دون حاجة إلى التعرض للنص من الوجهة الدستورية، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة فى
هذه الدعوى، ويتعين القضاء فيها بعدم القبول.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
