رئيس المحكمةلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد الأول (مكرر) – السنة
الرابعة والخمسون
4 صفر سنة 1432 هـ، الموافق 8 يناير سنة 2011 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الثانى من يناير سنة 2011
م، الموافق السابع والعشرين من المحرم سنة 1432 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان – رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق حسن ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر
سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم – نواب رئيس
المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو – رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 71 لسنة 27 قضائية "دستورية"، والمحالة من محكمة جنايات المنصورة، فى القضية رقم 1654 لسنة 2000 جنايات قسم ميت غمر، المقيدة برقم 47 لسنة 2000 كلى المنصورة.
المقامة من
النيابة العامة.
ضد
السيد/ حافظ مصطفى حافظ الكلاوى.
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من أبريل سنة 2005، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 1654 لسنة 2000 جنايات قسم ميت غمر، المقيدة برقم
47 لسنة 2000 كلى المنصورة، بعد أن حكمت المحكمة بجلسة 5/ 10/ 2004 بوقف السير فى الدعوى
وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المواد (178، 181/ 1،
195) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بشأن الضرائب على الدخل.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمادة 195،
وبرفضها فيما عدا ذلك.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة
العامة كانت قد حركت الدعوى الجنائية فى القضية رقم 1654 لسنة 2000 جنايات قسم ميت
غمر، المقيدة برقم 47 لسنة 2000 كلى المنصورة، ضد حافظ مصطفى حافظ الكلاوى – متهمة
إياه أنه فى خلال الفترة من عام 1993 حتى عام 1996 بدائرة قسم ميت غمر: بصفته ممن
يزاولون نشاطا تجاريًا خاضعًا للضريبة الموحدة على دخل الأشخاص الطبيعيين، لم يقدم
إلى مصلحة الضرائب إخطارًا عند بدء مزاولته نشاط سبك وتشغيل المعادن خلال الميعاد المحدد
قانونا. بصفته السالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة المقررة قانونا على أرباحه المبينة
قدرًا بالأوراق، وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى ذلك النشاط عن علم مصلحة
الضرائب على النحو المبين بالأوراق. بصفته السالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب
المختصة إقرارًا صحيحًا وشاملا مبينا به الإيرادات والتكاليف وصافى الأرباح والخسائر
من مختلف مصادر الدخل، والخاضع لتلك الضريبة عن الأعوام من 1993 حتى 1996 خلال الميعاد
المقرر قانونا. بصفته سالفة الذكر لم يحصل من مأمورية الضرائب المختصة على البطاقة
الضريبية خلال الميعاد المحدد قانونا. وطلبت معاقبته بالمواد (5/ 2، 15/ 2، 91/ 1 –
2، 128، 133/ 1 – 4 – 5، 178/ 1 – 2 – 6، 181، 187/ أولا – ثانيا) من القانون رقم 157
لسنة 1981 بشأن قانون الضرائب على الدخل المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 بشأن الضريبة
الموحدة. وبجلسة 2/ 10/ 2004 دفع الحاضر عن المتهم بعدم دستورية نصوص المواد (178،
181/ 1، 195) من قانون الضرائب على الدخل السالف البيان. وبجلسة 5/ 10/ 2004 قررت المحكمة
وقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية النصوص المشار إليها، بعد أن
ارتأت شبهة فى عدم دستوريتها، استنادا إلى ما أثاره دفاع المتهم أمامها من أن النصوص
المطعون عليها تتعدى على رأس المال حيث يتم تغريم المتهم ثلاثة أمثال الضريبة، بالإضافة
إلى 40% من قيمتها، ويتم تحصيل الغرامة لصالح مأمورى الضرائب مما يكبل شهادة الشهود
فى تلك القضايا ويجعلها غير محايدة.
وحيث إن المادة من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981
تنص على أن: "يعاقب بالسجن كل من تخلف عن تقديم إخطار مزاولة النشاط طبقا للمادة من هذا القانون، وكذلك كل من تهرب من أداء إحدى الضرائب المنصوص عليها فى هذا القانون
باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية الآتية:
1 – تقديم الممول الإقرار الضريبى السنوى بالاستناد إلى دفاتر أو سجلات أ و حسابات
أو مستندات مصطنعة مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر أو السجلات أو الحسابات
أو المستندات الحقيقية التى أخفاها عن مصلحة الضرائب.
2 – تقديم الممول الإقرار الضريبى السنوى على أساس عدم وجود دفاتر أو سجلات أو حسابات
أو مستندات مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بما لديه فعلا من دفاتر أو سجلات أو
حسابات أو مستندات أخفاها عن مصلحة الضرائب.
3 – إتلاف أو إخفاء الدفاتر أو السجلات أو المستندات قبل انقضاء الأجل المحدد لتقادم
دين الضريبة.
4 – توزيع أرباح على شريك أو شركاء وهميين بقصد تخفيض نصيبه فى الأرباح.
5 – اصطناع أو تغيير فواتير الشراء أو البيع أو غيرها من المستندات بقصد تقليل الأرباح
أو زيادة الخسائر.
6 – إخفاء نشاط أو أكثر مما يخضع للضريبة.
وحيث إن من المقرر أن القوانين الجنائية، وإن كان سريانها على وقائع أكتمل تكوينها
قبل نفاذها غير جائز أصلا، إلا أن إطلاق هذه القاعدة يفقدها معناها، ذلك أن الحرية
الشخصية وإن كان يهددها القانون الجنائى الأسوأ، فإن هذا القانون يرعاها ويحميها إذا
كان أكثر رفقا بالمتهم، سواء من خلال إنهاء تجريم أفعال أثمها قانون جنائى سابق، أو
عن طريق تعديل تكييفها أو بنيان بعض العناصر التى تقوم عليها، بما يمحو عقوباتها كلية
أو يجعلها أقل بأسا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إنكار الأثر الرجعى للقوانين الجنائية، يفترض
أن يكون تطبيقها فى شأن المتهم مسيئا إليه، فإن كان أكثر فائدة لمركزه القانونى فى
مواجهة سلطة الاتهام، فإن رجعيتها تكون أمرًا محتومًا، إعمالا لقاعدة القانون الأصلح
للمتهم، تلك القاعدة التى إن اتخذت من نص المادة من قانون العقوبات موطئا وسندًا،
فإن صون الحرية الشخصية، التى كفلها الدستور بنص المادة منه هى التى تقيم هذه
القاعدة وترسيها، بما يحول دون المشرع وتعديلها والعدول عنها، ذلك أن ما يعتبر قانونا
أصلح للمتهم، وإن كان لا يندرج تحت القوانين التفسيرية التى تندمج أحكامها فى القانون
المفسر، وترتد إلى تاريخ نفاذه، باعتبارها جزءا منه، يبلور إرادة المشرع التى قصد إليها
ابتداء عند إقراره لهذا القانون. إلا أن كل قانون جديد يمحو التجريم عن الأفعال التى
أثمها القانون القديم، إنما ينشئ للمتهم مركزًا قانونيًا جديدًا، ويقوض – من خلال ردّ
هذه الأفعال إلى دائرة الشرعية – مركزًا سابقا، ومن ثم يحل القانون الجديد – وقد صار
أكثر رفقا بالمتهم وأعون على صون الحرية الشخصية التى اعتبرها الدستور حقا طبيعيا لا
يمس – محل القانون القديم فلا يتزاحمان أو يتداخلان، بل ينحى ألحقهما أسبقهما.
وحيث إن البيًّن من أحكام القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل
أنه – بعد أن ألغى القانون رقم 157 لسنة 1981 برمته – أعاد ترتيب أوضاع هذه الضريبة
إجرائيا وموضوعيا، وجاء بنصوص مغايرة للقانون السابق فى تحديده للأفعال المجرمة والعقوبات
المقررة لها، نابذا عقوبة الجناية التى كانت مقررة بمقتضى النص المحال، مستبدلا بها
عقوبة أخف وطأة هى عقوبة الجنحة، وهى الحبس لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات،
وغرامة تعادل مثل الضريبة التى لم يتم أداؤها، وأجاز للمحكمة الاكتفاء بالحكم بإحدى
هاتين العقوبتين على ما تقضى به أحكام المادة من ذلك القانون. كما نصت المادة
من القانون ذاته على معاقبة مرتكب جريمة الامتناع عن تقديم إخطار مزاولة النشاط
والامتناع عن تقديم الإقرار الضريبى بعقوبة الغرامة فقط، التى لا تقل عن ألفى جنيه
ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه. بما مؤداه أن القانون الجديد يُعدّ قانونا أصلح للمتهم،
إذ أتى بعقوبات أخف وطأة من سابقه، ويتعين – تبعًا لذلك – تطبيق أحكامه على المتهم
فى الدعوى الموضوعية، التى لم يصدر فيها حكم نهائى بعد، ومن ثم فلا محل لبحث دستورية
النص المحال بعد أن غدا تطبيق القانون الجديد أمرا متعينا.
وحيث إن المادة المطعون عليها تنص فى فقرتها الأولى على أنه "فى حالة الحكم بالإدانة
فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين (178، 179) من هذا القانون يقضى بتعويض يعادل
ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بالنسبة لهذا
النص بحكمها الصادر فى القضية رقم 332 لسنة 23 قضائية "دستورية" بجلسة 8/ 5/ 2005،
والذى قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة من قانون الضرائب على الدخل
الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، فيما تضمنه من إلزام من يحكم بإدانته فى الأحوال
المنصوص عليها فى المادة من القانون المذكور بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم
يؤد من الضرائب المستحقة. وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم (21 تابع)،
بتاريخ 26/ 5/ 2005. وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية
حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولا
فصلا فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها
من جديد لمراجعته، ومن ثم فإن الخصومة فى هذا الشق من الدعوى تكون منتهية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط
لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية،
وذلك بأن يكون الفصل فى الدعوى الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة
بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النص فى المادة من قانون
الضرائب على الدخل يقضى بأن يخصص وزير المالية نسبة من حصيلة الغرامات والتعويضات التى
يتم تحصيلها نتيجة الصلح مع الممولين مقابل التنازل عن رفع الدعوى العمومية أو المحكوم
بها نهائيا طبقا لأحكام هذا القانون على أن تؤول هذه الحصيلة إلى صندوق الرعاية الاجتماعية
والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب وأسرهم، فلا شأن لهذا النص بالأفعال المحال بها المتهم
إلى المحاكمة الجنائية، ومن ثم، فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية هذا النص – بفرض
صحة المطاعن الدستورية الموجهة إليه – لن يكون له أى أثر على الدعوى الموضوعية، لتغدو
المصلحة فى الطعن عليه منتفية، وتكون الدعوى فى هذا الشق منها أيضا غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
أصدرت المحكمة الدستورية بذات الجلسة أحكامًا مماثلة فى الدعاوى أرقام 13 لسنة 27 و100 لسنة 27 و144 لسنة 27 قضائية دستورية.
