الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1254 لسنة 25 ق – جلسة 25 /06 /1983 

مجلس الدولة – المكتب الفنى – المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) – صـ 925


جلسة 25 من يونيه سنة 1983

الدائرة الأولى بتشكيلها المنصوص عليه بالقانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية معدلا بالقانون رقم 30 لسنة1981.
برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدوله وعضوية السادة الأساتذة:
المستشار محمد محمد عبد المجيد – نائب رئيس مجلس الدولة
" عزيز بشاى سيدهم – وكيل مجلس الدولة
" د. حسن توفيق رضا – وكيل مجلس الدولة
" محمد عبد الرازق خليل – وكيل مجلس الدولة
حسن حسانين على – المستشار بمجلس الدولة
فاروق عبد الرحيم غنيم – المستشار بمجلس الدولة
" محمد صلاح الدين مازن – وكيل مجلس الدولة سابقا
" محمد على محمد النقادى – رئيس الاستئناف بمحكمة استئناف أسيوط سابقا
المهندس عبد الرحمن لبيب – رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والاسكان

الطعن رقم 1254 لسنة 25 القضائية

( أ ) دعوى – طلب استبعادها من الرول – طلب الحكم بسقوط الخصومة فيها – أساسه.
طلب استبعاد الطعن من الرول أو الحكم بسقوط الخصومة فيه استنادا الى المادتين 129، 134 من قانون المرافعات يتعارض مع روح النظام القضائى الذى تقوم عليه محاكم مجلس الدولة مما يتعين معه الالتفات عنه – الدعوى الادارية تقوم على روابط القانون العام وتتمثل فى خصومة مردها الى مبدأ المشروعية وسيادة القانون وتتجرد بالتالى من لدد الخصومة الشخصية التى تهيمن على منازعات القانون الخاص – الدعوى الادارية يملكها القاضى فهو الذى يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازما لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها.
(ب) أحزاب سياسية – لجنة الأحزاب السياسية – الطعن بالالغاء.
قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض عن تأسيس حزب – اخطار ممثل طالبى التأسيس بقرار الاعتراض وسببه – الطعن بالالغاء على هذا القرار – التوكيل الصادر من مؤسسى الحزب الى ممثلهم فى مباشرة اجراءات الاخطار عن تأسيس الحزب – هذا المضمون يتسع ليشمل جميع الاجراءات التى تصل بهم الى الهدف المرجو وهو الموافقة على تأسيس الحزب سواء كانت هذه الاجراءات ادارية أمام لجنة شئون الأحزاب السياسية أو قضائية أمام الدائرة الأولى للمحكمة الادارية العليا اذا رفضت اللجنة المذكورة صراحة أو ضمنا الموافقة على تأسيس الحزب.
(جـ) أحزاب سياسية – شروط تأسيس واستمرار الأحزاب – فقد احدى هذه الشروط – اعتراض على التأسيس.
ثبوت أن الموقعين على أخطار تأسيس الحزب توافرت فى حقهم أدلة جدية على قيامهم باتصال لا تعد مجرد تعبير عن رأى فى معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية وانما صدرت فى صورة بيانات موقعة من مجموعة من الأشخاص أو على شكل تحقيقات ومقالات صحفية نشرت فى الداخل والخارج تضمنت دعوة الى تجنيد وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام وقد وصل الأمر الى حد خلق جبهة وصفت بأنها تولدت من تلك البيانات – تلك الأفعال بهذه المثابة تندرج تحت مدلول (البند سابعا) من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 – كما يشكل سببا كافيا للاعتراض على تأسيس الحزب – أساس ذلك.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 13/ 8/ 1979 أودع الأستاذ/ محمد ممتاز نصار المحامى بصفته وكيلا عن المؤسسين لحزب الجبهة الوطنية تحت التأسيس – قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد رقم 1254 لسنة 25 القضائية ضد أمين اللجنة المركزية، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن أن تحكم الدائرة الأولى بالمحكمة الادارية العليا بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار السلبى الصادر بعدم الموافقة على انشاء حزب الجبهة الوطنية والحكم بالموافقة على انشاء هذا الحزب وفقا للبرنامج والنظام الداخلى المرفقين باخطار انشاء الحزب والزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن بتاريخ 18/ 8/ 1979 وحددت جلسة 20/ 10/ 1979 لنظره أمام هذه المحكمة وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الدفوع المقدمة فى الطعن وارتأت أولا: بصفة أصلية أن تتصدى المحكمة للفصل فى الدفع بعدم قبول الطعن قبل البحث فى الدفع بعدم الدستورية ثانيا: بصفة احتياطية برفض الدفع بعدم قبول الطعن وبقبوله وبرفض الدفع بعدم الدستورية، وبجلسة 23/ 2/ 80 قررت المحكمة تحديد ميعاد أربعة أسابيع للطاعن لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والتأجيل لجلسة 29/ 3/ 1980 ليقدم الطاعن ما يثبت رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا وبجلسة 29/ 3/ 1980 أمرت المحكمة بوقف الطعن الى أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى التى أقامها الطاعن وبجلسة 5/ 12/ 1981 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى الدعوى المذكورة ويقضى هذا الحكم باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة الى الطعن بعدم دستورية الفقرة 12 من المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قبل تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1981 والزام الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة والتعديل المشار اليه خاص باحلال خمسة من الشخصيات العامة محل خمسة من أعضاء مجلس الشعب فى عضوية الدائرة الأولى بالمحكمة الادارية العليا وبتاريخ 3/ 1/ 1983 حددت جلسة 19/ 2/ 1983 لنظر الطعن ثم تداول نظره بالجلسات وقام الطاعن بتصحيح شكل الطعن بتوجيه الى رئيس مجلس الشورى باعتباره قد أصبح رئيسا للجنة شئون الأحزاب السياسية، كما قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا ثانيا ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار لجنة الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس حزب الجبهة الوطنية واعتبار الحزب قائما اعتبارا من تاريخ صدور حكم المحكمة الادارية العليا مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته بالمصروفات، وبجلسة 28/ 5/ 1983 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث انه عن شكل الطعن، فالثابت أن الطاعن – بصفته وكيلا عن المؤسسين لحزب الجبهة الوطنية – قدم بتاريخ 26/ 4/ 1979 اخطارا الى أمين عام اللجنة المركزية بشأن تأسيس الحزب المذكور ومرفق بالاخطار 126 توكيلا من المؤسسين ومصدقا على التوقيعات الواردة بها وبرنامج الحزب ونظامه الداخلى، وطلب الطاعن عرض الاخطار ومرفقاته على اللجنة المنصوص عليها فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية والثابت أيضا ان اللجنة المذكورة لم تصدر قرارا فى شأن هذا الاخطار حتى تاريخ اقامة هذا الطعن، واذ تنص المادة 7 من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار اليه على أن "يعرض الاخطار عن تأسيس الحزب على اللجنة المنصوص عليها فى المادة التالية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم هذا الاخطار" كما تنص المادة 8 من القانون المذكور – معدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1979 المعمول به من 30/ 5/ 1979 على أنه "… على اللجنة أن تصدر قرارها بالبت فى تأسيس الحزب على أساس ما ورد فى اخطار التأسيس الابتدائى وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق وذلك خلال الثلاثة أشهر التالية على الأكثر لعرض الاخطار بتأسيس الحزب على اللجنة. ويعتبر انقضاء مدة الثلاثة أشهر المشار اليها دون اصدار قرار من اللجنة بالبت فى تأسيس الحزب بمثابة قرار بالاعتراض على هذا التأسيس…" فان مؤدى ذلك أن الطعن الماثل المودع قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 13/ 8/ 1979 بطلب الغاء القرار السلبى بالامتناع عن انشاء حزب الجبهة الوطنية، يكون قد أقيم صحيحا ومطابقا للأوضاع والمواعيد المنصوص عليها فى المادتين سالفتى البيان.
ومن حيث ان الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأنه قد توافرت فى شأن حزب الجبهة الوطنية كافة الشرائط التى ينص عليها القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار اليه كما أن القرار المذكور مشوب بعيب الانحراف لأن لجنة شئون الأحزاب السياسية يغلب فى تشكيلها وطابعها العنصر الادارى الذى ينتمى الى الحزب الحاكم وقد تعمدت اللجنة ارجاء النظر فى الاخطار المقدم من حزب الجبهة الوطنية فى حين انها أصدرت قرارها بالموافقة على انشاء حزب العمل فى فترة وجيزة جدا، وقد انتهت الجهة الادارية فى ردها على الطعن الى طلب الحكم أصليا، باستبعاد الطعن من الرول أو بسقوط الخصومة فيه، واحتياطيا بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة ومن باب الاحتياط الكلى رفض الطعن.
ومن حيث انه عن طلب استبعاد الطعن من الرول أو الحكم بسقوط الخصومة فيه، فان الجهة الادارية تستند فى ذلك الى المادة 129 من قانون المرافعات ونصها أنه " فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوبا أو جوازا يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم. وبمجرد زوال سبب الوقف يكون للخصم تعجيل الدعوى" كما تنص المادة 134 من قانون المرافعات على أنه "لكل ذى مصلحة من الخصوم فى حالة عدم السير فى الدعوى بفعل المدعى أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر اجراء صحيح من اجراءات التقاضى" وهذان النصان يطبقان أمام محاكم مجلس الدولة استنادا إلى المادة 3 من مواد اصدار قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 اذ تنص هذه المادة على أن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالاجراءات الخاصة بالقسم القضائى " والثابت أن المحكمة أمرت بتاريخ 29/ 3/ 1980 بوقف الطعن الى أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى التى أقامها الطاعن وقد قضت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى المذكورة بجلسة 5/ 12/ 1981 باعتبار الخصومة منتهية ومنذ صدور هذا الحكم لم يقم الطاعن أو أحد من الخصوم بتعجيل الطعن وإنما قامت المحكمة بتاريخ 3/ 1/ 1983 بتعجيله من تلقاء نفسها على خلاف القانون ولذلك فلا يعتد بهذا التعجيل ولا يكون من شأنه استئناف سير الطعن تنفيذا للمادة 129 من قانون المرافعات مما يوجب استبعاد الطعن من الرول كما يكون من حق الجهة الادارية استنادا الى المادة 134 من قانون المرافعات أن تطلب الحكم بسقوط الخصومة فى الطعن، وهذا الدفاع من الجهة الادارية بشقيه مردود عليه بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن الدعوى الادارية تقوم على روابط القانون العام وتتمثل فى خصومة مردها الى مبدأ الشرعية وسيادة القانون وتتجرد بالتالى من لدد الخصومة الشخصية التى تهيمن على منازعات القانون الخاص ونتيجة لذلك استقر الوضع على أن الدعوى القائمة على روابط القانون العام يملكها القاضى فهو الذى يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازما لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها، وفى ضوء هذه المبادئ يتضح أن المادتين 129 و 134 من قانون المرافعات تتعارض أحكامهما مع روح النظام القضائى الذى تقوم عليه محاكم مجلس الدولة مما يتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من الدفاع والتأكيد على سلامة الاجراءات التى اتخذت فى شأن الطعن الماثل منذ دخوله فى حوزة المحكمة بايداع صحيفته فى 13/ 8/ 1979.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة وقوامه ما ورد فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 – معدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1979 – من أنه "….. يجب أن يصدر قرار اللجنة (لجنة شئون الأحزاب السياسية) بالاعتراض على تأسيس الحزب مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن. ويخطر رئيس اللجنة ممثل طالبى التأسيس بقرار الاعتراض وأسبابه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار. وتنشر القرارات ويجوز لطالبى تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوما التالية لنشر قرار الاعتراض فى الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالالغاء فى هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الادارية العليا التى يرأسها رئيس مجلس الدولة على أن ينضم لتشكيلها….." وتستخلص الجهة الإدارية من عبارات هذا النص أن المشرع أراد أن ينتهى نيابة ممثل طالبى التأسيس عند مرحلة اخطاره بقرار الاعتراض وأسبابه، أما مرحلة الطعن بالالغاء فى هذا القرار فقد جعلها المشرع من حق طالبى التأسيس أنفسهم ولا يكفى أن يكون الطاعن واحدا منهم، وهذا الاستنتاج لا يستقيم مع المضمون الحقيقى للتوكيل الصادر من مؤسسى الحزب الى ممثلهم فى مباشرة اجراءات الاخطار عن تأسيس هذا الحزب اذ أن ذلك المضمون يتسع ليمثل جميع الاجراءات التى تصل بهم الى الهدف المرجو وهو الموافقة على تأسيس الحزب سواء كانت هذه الاجراءات ادارية أمام لجنة شئون الأحزاب السياسية أو قضائية أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الادارية العليا اذا رفضت اللجنة المذكورة – صراحة أو ضمنا الموافقة على تأسيس الحزب، وبذلك يكون الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة قائما على غير أساس سليم من القانون ويتعين عدم الاعتداد به.
ومن حيث ان الجهة الادارية تسوق عدة أسباب لرفضها الموافقة على تأسيس حزب الجبهة الوطنية، وقد كشف لجنة شئون الأحزاب السياسية عن بعض هذه الأسباب عندما أصدرت – بعد اقامة هذا الطعن – قرارا صريحا بتاريخ 27/ 11/ 1979 بالاعتراض على الطلب المقدم من طالبى تأسيس حزب باسم "حزب الجبهة الوطنية" اذ تضمنت المذكرة المرفقة بهذا القرار والموضح لأسبابه، أنه "ثبت للجنة عدم استيفاء الحزب للشروط الواردة فى المادة 4 من قانون الأحزاب السياسية معدلا بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والتى اشترطت عدم تعارض مقومات الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع مبادئ ثورتى 23 يوليو سنة 1952 و 15 مايو سنة 1971…. واذا تبين للجنة أيضا مخالفة الحزب لنص المادة 4 فقرة سادسا من قانون رقم 36 لسنة 1979 اذ يتضح من البرنامج وهو المقدم فى 26/ 4/ 1979 أنه يتضمن فى شأن القضية الأساسية للمجتمع وهى قضية التحرير دعاوى مغايرة لما انتهى اليه اجماع الشعب فى الاستفتاء الذى جرى فى 19/ 4/ 1979 بالموافقة ضمن بنوده على معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية التى أبرمت فى 16/ 3/ 1979 فان ما تضمنه من دعاوى مخالفة لهذه المعاهدة دون أن يشير من قريب أو بعيد على موافقته على ما أجمع الشعب عليه يكون متعارضا وما استقر عليه ضمير هذه الأمة وهو الموافقة على مبادئ السلام وما ترتب عليها من اتفاقات فى كامب ديفيد حتى معاهدة السلام فى 26/ 3/ 1979. واذا اشترطت المادة 4 من نفس القانون فقرة (سابعا) ألا يكون بين مؤسسى الحزب أو قيادته من تقوم أدلة لديه على قيامه بالدعوى أو المشاركة فى الدعوى أو التحبيذ أو الترويج بأى طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها فى البند السابق وهى مبادئ حماية الجبهة الداخلية التى نص عليها فى القانون رقم 33 لسنة 1978 وعلى مبادئ الاستفتاء على معاهدة السلام واعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20/ 4/ 1979 وإذ ثبت من تقارير الأمن التى قدمت من وزارة الداخلية أن بعض المؤسسين قد قامت الأدلة على قيامهم بالدعوى لمبادئ أو اتجاهات تتعارض مع أحكام قانون الوحدة الوطنية ومبادئ الاستفتاء على معاهدة السلام واعادة بناء الدولة…" وقد انتهت الجهة الادارية فى معرض دفاعها أمام هذه المحكمة الى أن القرار المطعون فيه صحيح وغير مشوب بمخالفة القانون أو الانحراف وذلك للأسباب الآتية: عدم توافر النسبة المقررة للعمال والفلاحين فى أعضاء المؤسسين الموقعين على اخطار تأسيس الحزب اذ توجب المادة 7 من القانون رقم 40 لسنة 1977 أن يكون عدد هؤلاء الموقعين خمسين عضوا نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وقد قدم الطاعن كشفين أحدهما خاص بالعمل والفلاحين وعددهم 63 عضوا والثانى خاص بالفئات وعدد الأعضاء به 61 عضوا وبالتحرى عن صفة الأعضاء من العمال والفلاحين المذكورين تبين أن 15 عضوا منهم (حددت أسماؤهم) يجب استنزالهم من كشف العمال والفلاحين لأسباب مختلفة كالاستقالة أو عدم صحة العامل أو الفلاح أو الوفاة أو عدم الاستدلال (وأرفقت نتيجة التحريات بالنسبة الى كل حالة على حدة) وبذلك يصبح العدد الحقيقى للعمال والفلاحين الموقعين على أخطار التأسيس هو 48 عضوا ويرتفع عدد الفئات ليصبح 66 عضوا ومن ثم يكون عدد العمال والفلاحين أقل من نصف مجموع الموقعين على الاخطار المذكور عدد تميز برنامج حزب الجبهة الوطنية واضحا عن برامج الأحزاب القائمة وذلك مخالف للبند (ثانيا) من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلا بالقانون رقم 36 لسنة 1979. وقدمت الجهة الادارية نسخا من برامج الأحزاب القائمة ومذكرة تقول فيها أن برنامج الجبهة الوطنية لا يتميز أى تميز ظاهر من برامج الأحزاب القائمة بل أنه يكاد يتطابق تطابقا كاملا مع برنامج حزب العمل حزب العمل الاشتراكى مناهضة بعض الأعضاء المؤسسين فى حزب الجبهة الوطنية للمبادئ التى وافق عليها الشعب فى الاستفتاء على معاهدة السلام واعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20 ابريل سنة 1979.
ومن حيث انه باستعراض المبررات التى قدمتها الجهة الادارية لعدم موافقتها على تأسيس حزب الجبهة الوطنية. تبين أن هناك سببا تردد صداه منذ البداية فى المذكرة المرفقة بالقرار الصريح الصادر فى 27/ 11/ 1979 بعدم الموافقة على تأسيس الحزب المذكرة وهذا السبب هو ان بعض مؤسسى الحزب قامت الأدلة على قيامهم بالدعوة أو المشاركة فى الدعوة أو الترويج أو التحبيذ لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع مبادئ الاستفتاء على معاهدة السلام واعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20/ 4/ 1979، ثم عادت الجهة الادارية فى مذكراتها الختامية أمام هذه المحكمة وساقت ثلاثة أسبابها لرفض تأسيس ذلك الحزب من بينها السبب المتقدم وأضافت اليه مسألة عدم مراعاة النسبة المقررة للعمال والفلاحين فى التوقيع على اخطار تأسيس الحزب وعدم تميز برنامج هذا الحزب تميزا ظاهرا عن برامج الأحزاب الموجودة وذلك على التفصيل السابق بيانه، وبمناقشة ما هو منسوب الى بعض مؤسسى الحزب من أمور تتعارض مع مبادئ الاستفتاء على معاهدة السلام يبين ان المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية – معدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1979 – تنص على أنه "يشترط لتأسيس أو استمرار أى حزب سياسى ما يلى (أولا)… (سابعا) ألا يكون بين مؤسسى الحزب أو قيادته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة فى الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها فى البند السابق " ومن بين المبادئ التى نص عليها البند (سادسا) من المادة ذاتها " المبادئ التى وافق عليها الشعب فى الاستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20/ 4/ 79 وقد حدد قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 – بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء – المبادئ المشار إليها فى المادة الأولى التى نصت على أن الناخبين المقيدة أسماؤهم فى جداول الانتخاب مدعون للاجتماع فى مقر لجان الاستفتاء الفرعية المختصة"…. وذلك لإبداء الرأى فى الاستفتاء على الموضوع الآتية: (أولا) معاهدة السلام وملحقاتها بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل والاتفاق التكميلى الخاص باقامة الحكم الذاتى الكامل فى الضفة الغربية وقطاع عزة الموقع عليها فى واشنطن فى 26 مارس 1979 والصادر بالموافقة عليهما القرار الجمهورى رقم 153 لسنة 1979 واللتين وافق عليهما مجلس الشعب بتاريخ 10 من ابريل 1979 (ثانيا)….." ويبين من المستندات التى أودعتها الجهة الادارية فى المراحل المختلفة للطعن الماثل، أن بعض المؤسسين لحزب الجبهة الوطنية – المعترض على انشائه – قد بادروا حتى قبل توقيع معاهدة السلام المشار اليها وقبل الاستفتاء عليها إلى الاشتراك مع آخرين فى التوقيع على بيانات مطولة تتضمن نقدا وتشكيكا فى جميع بنود تلك المعاهدة وتنسب اليها آثارا سيئة فى شتى المجالات العربية والدولية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها، ولقد استمر هؤلاء بعد الاستفتاء المذكور فى الدعوة إلى تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع مضمون وبنود المعاهدة المذكورة وقد تم ذلك فى الداخل وفى الصحف والجرائد الأجنبية، وقدمت الجهة الادارية – تدليلا على ما تقدم صورة " بيان بالموقف الموحد لأعضاء مجلس الشعب المعارضين للمعاهدة المصرية الاسرائيلية بأن المعاهدة ليست الطريق الى السلام" وهذا البيان مؤرخ فى 25/ 3/ 1979 واشترك فى التوقيع عليه الطاعن وآخر من المؤسسين المذكورين. كما قدمت الجهة الادارية صورة " بيان من مجلس قيادة ثورة 23 يوليو سنة 1952 " وكان ضمن الموقعين عليه السيد/ كمال الدين حسين وهو أحد المؤسسين لحزب الجبهة الوطنية، كما أودعت صورة تحقيق صفحى مع السيد المذكور نشر فى جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 12/ 5/ 1980 وقال فى هذا التحقيق ان هناك جبهة ولدت من خلال البيان الأول عن المعاهدة المصرية الاسرائيلية وأن هذه الجبهة ستتسع وأنها أصدرت البيان الثانى والبيان الثالث على وشك الاصدار، وأضافت الجهة الادارية أن هناك بيانات وتحقيقات صحفية أخرى نشرت فى الخارج تتضمن هجوما على معاهدة السلام من بعض المؤسسين المذكورين ومن بينها ما نشر فى جريدة الدستور الأردنية بتاريخ 7/ 3/ 1981 ضمن تحقيق صحفى مع السيد/ كمال الدين حسين أيضا (كحلقة أولى) وفيه يشكك فى جدوى معاهدة السلام ويصف الاستفتاء الذى أجرى بشأنها بما يعنى أنه مصطنع.
ومن حيث أنه يتضح من العرض المتقدم أن بعض الذين وقعوا على اخطار تأسيس حزب الجبهة الوطنية قد توافرت فى حقهم أدلة جدية على قيامهم بأفعال لا تعتبر مجرد تعبير عن رأى فى معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية، وانما هى قد صدرت فى صورة بيانات موقعة من مجموعة من الأشخاص أو على شكل تحقيقات ومقالات صحفية نشرت فى الداخل والخارج وتضمنت دعوة إلى تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام المذكورة بل انه قد وصل الأمر الى حد خلق جبهة وصفت بأنها تولدت من تلك البيانات، ومن ثم فان تلك الأفعال – بهذه المثابة – تندرج تحت مدلول البند (سابعا) من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 77 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 – السابق بيانه، كما يشكل ثبوت هذه الأفعال فى حق ذلك البعض من المؤسسين، سببا كافيا للاعتراض على تأسيس الحزب الذى وقعوا على اخطار تأسيسه اذ يتضح من عبارات المادة 4 من قانون نظام الأحزاب السياسية بيانها أنه يلزم توافر الشروط الواردة بها جميعا لامكان الموافقة على تأسيس أى حزب سياسى بل حتى لاستمرار قيام هذا الحزب بما يعنى أن فقد أى شرط من هذه الشروط يكفى وحدة للاعتراض على التأسيس، وبالتالى فانه لا حاجة بعد ذلك لمناقشة باقى الأسباب التى أثارتها الجهة الإدارية للقول بأن الاعتراض على تأسيس حزب الجبهة الوطنية كانت له عدة أمور تبرره.
ومن حيث انه ترتيبا على ما تقدم جمعيه، يكون الطعن الماثل قائما على غير أساس سليم من الواقع أو من القانون وبالتالى يتعين القضاء برفضه والزام الطاعن بصفته المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات