الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 316 لسنة 26 ق – جلسة 15 /05 /1983 

مجلس الدولة – المكتب الفنى – المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) – صـ 726


جلسة 15 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى ومصطفى الفاروق الشامى – المستشارين.

الطعن رقم 316 لسنة 26 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة – اصابة عمل.
المادة 5 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 معدلا بالقانون رقم 25 لسنة 1977.
وقرار وزير التأمينات رقم 81 لسنة 1976 – اصابة العمل هى الاصابة الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق فى العمل – شرطا اعتبار الاصابة اصابة عمل:
1 – أن يبذل المؤمن عليه مجهودا اضافيا يفوق المجهود العادى فى العمل.
2 – أن ينتج عن هذا الاجهاد وفاة المؤمن عليه أو اصابته بعجز وتكون نتيجة الاصابة مرتبطة ارتباطا مباشرا بطبيعة العمل – عنصر الفجائية فى الاصابة لم يستلزمه قرار وزير التأمينات رقم 81 لسنة 1976 لاعتبار الاصابة اصابة عمل – مثال للاجهاد العقلى والارهاق الجسمى فى العمل اللذين تدخلا فى حصول نزيف بالمخ أدى الى حدوث الوفاة بسببه – تعتبر الاصابة اصابة عمل – تطبيق.
(ب) دعوى – رسوم الدعوى – الاعفاء منها – نطاقه.
المادة 137 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 معدلا بالقانون رقم 25 لسنة 1977 تعفى من الرسوم القضائية فى جميع درجات التقاضى الدعاوى التى ترفعها الهيئة المختصة أو المؤمن عليهم أن المستحقون – أتعاب المحاماة – تأخذ حكم الرسوم القضائية – الاعفاء من الرسوم يشمل الاعفاء من أتعاب المحاماة – تطبيق (1).


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 17 من يناير سنة 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 316 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 19 من نوفمبر سنة 1979 فى الدعوى رقم 1356 لسنة 30 القضائية المقامة من زينب مهتاب محمد محمود رضوان ضد الطاعن والقاضى بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بأحقية المدعية فى اعادة تسوية معاشها على مقتضى حكم المادة 51 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 مع مراعاة شروط اعادة التسوية المشار اليها فى المادة 168 من هذا القانون وصرف الفروق المالية الناتجة عن اعادة التسوية اعتبارا من 1/ 5/ 1977 وألزمت المدعية المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وبقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/ 4/ 1982 حيث نظرته فى هذه الجلسة والجلسات التالية لها على النحو الموضح بالمحاضر وبجلسة 10/ 1/ 1983 قررت احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث نظرته المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ثم قررت اصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى انه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 25 من مايو سنة 1976 أقامت زينب مهتاب محمد محمود رضوان الدعوى رقم 1356 لسنة 30 القضائية ضد رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات طالبة الحكم بأحقيتها فى ربط معاش مورثها المرحوم محمد رشيد أحمد على أساس 80% من الأجر عملا بنص المادة 51 من القانون رقم 79 لسنة 1975 باصدار قانون التأمين الاجتماعى وصرف فرق المعاش المستحق لها اعتبارا من 1/ 4/ 1972 تاريخ ربط المعاش والزام الجهة الادارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت المدعية شرحا لدعواها ان زوجها المرحوم محمد رشيد أحمد كان يعمل مديرا لادارة التفتيش المالى والادارى بمؤسسة استزراع وتنمية الأراضى المستصلحة، وفى عام 1971 صدر قرار من المدير العام للشئون المالية والادارية بتكليفه وآخرين بالسفر الى قطاع شمال التحرير لبحث عهدة معسكر الكيلو 48 وذلك فى المدة من 26/ 12/ 1971 إلى 30/ 12/ 1971، وكانت هذه المهمة مضنية بالنسبة لمورثها لان هذا القطاع يقع على بعد 60 كيلو مترا بالنسبة لأقرب استراحة موجودة بمدينة الاسكندرية، وكان انتقاله الى المعسكر يتم باستعمال سيارة جيب فى طرق غير ممهدة فضلا عن ان المهمة التى ندب اليها استلزمت المراجعة الدفترية لأذونات الاضافة والخصم والترحيل الأمر الذى كان يقتضى العمل المستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، ونتيجة الارهاق فى الانتقال وفى العمل شعر بدوار فى 29/ 12/ 1971 أثناء قيامه بعمله أدى إلى قطع مأموريته وعودته الى القاهرة بالقطار، وأبلغ جهة العمل بتاريخ 30/ 12/ 1971 بمرضه حيث حولته الى الطبيب المختص الذى شخص حالته بتصلب فى شرايين المخ، وفى يوم 7/ 1/ 1972 دخل المستشفى اليونانى وهو فى غيبوبة تامة حيث توفى يوم 9/ 1/ 1972 وكان تشخيص سبب الوفاة "هبوط فى القلب ونزيف فى المخ"، وقد قامت الجهة الادارية بارسال جميع الأوراق الخاصة باصابته الى القومسيون الطبى العام الذى طلب محضرا إداريا بالمأمورية التى كانت موكلة اليه وبيانا بطبيعة عمله وبالاجازات المرضية خلال الثلاث سنوات السابقة للوفاة وشهادة بسببها، وظلت المكاتبات دائرة بينهما الى أن انتهى القومسيون الطبى فى غضون أوائل سنة 1975 بان اصابته مرتبطة ارتباطا مباشرا بطبيعة عمله كمدير عام للتفتيش المالى والادارى، وعرضت الأوراق مرفقا بها قرار القومسيون الطبى على ادارة الشئون القانونية بالمؤسسة فرأت اعتبار الوفاة اصابة عمل، وبناء عليه أرسلت المؤسسة الى الهيئة العامة للتأمين والمعاشات لتسوية معاشه على هذا الأساس الا أن الهيئة قعدت عن ذلك الأمر الذى من أجله أقامت المدعية هذه الدعوى للحكم لها بطلباتها سالفة الذكر.
وأجابت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات على الدعوى بأن مناط اعتبار الإصابة الناشئة عن الاجهاد أو الارهاق فى العمل اصابة عمل أن يكون الارهاق فجائيا يمكن أن يعزى الى واقعة محددة أو وقت محدد، وعنصر المفاجأة هذا غير متوافر فى الحالة المعروضة لان العمل الذى كلف به زوج المدعية وهو التفتيش على معسكر الكيلو 48 لم يكن مفاجأة أدت الى وفاته وانما هو من طبيعة عمله.
وبجلسة 19 من نوفمبر سنة 1979 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها على انه فى ضوء أحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 يكون لأصحاب المعاشات الذين انتهت خدمتهم قبل 1/ 9/ 1975 تاريخ العمل به أو المستحق عنهم تقديم طلب للانتفاع بأحكام المادة 51 منه اذا نشأ عن اصابة العمل عجز كامل أو وفاة، وان الاصابة الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق فى العمل تعتبر اصابة عمل اذا بذل المؤمن عليه مجهودا اضافيا يفوق المجهود العادى له سواء كان هذا المجهود فى وقت العمل الأصلى أو غيره، ونتج عن هذا الاجهاد وفاة المؤمن عليه أو إصابته بعجز كامل مستديم وهو ما نصت عليه أحكام قرار وزير التأمينات رقم 81 لسنة 1976 ولما كان الثابت فى الأوراق ان ما بذله المرحوم محمد رشيد أحمد أثناء المأمورية التى كلف بها هو جهد غير عادى وأن هيئة التأمين والمعاشات لم تضار فى ذلك ولكنها رفضت اعتبار الاصابة اصابة عمل على سند من قولها بأنه لا يتوافر فيها شرط الفجائية وهو شرط لم يستلزمه القرار الوزارى المشار اليه لاعتبار الاصابة اصابة عمل، كما ان القومسيون الطبى العام قد انتهى فى تقريره المؤرخ 10/ 3/ 1975 الى انه لا يمكن اخلاء الاجهاد العقلى والارهاق الجسمى المتسببين من العمل كما هو ثابت فى الأوراق من تدخله فى تعجيل حصول نزيف المخ الذى حدث وسبب الوفاة بتاريخ 9/ 1/ 1972 ويجعلها مرتبطة ارتباطا مباشرا بطبيعة عمله، لما كان ذلك فان اصابة المذكور تعتبر اصابة عمل فى مفهوم قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 وتكون المدعية على حق فى طلبها المقدم للهيئة المدعى عليها فى 1/ 10/ 1975 لاعادة تسوية معاشها طبقا لأحكام هذا القانون، وبناء عليه قضت المحكمة بأحقيتها فى اعادة تسوية معاشها طبقا لنص المادة 51 مع مراعاة شروط اعادة التسوية المشار اليها فى المادة 168 من القانون المذكور، وصرف الفروق المالية الناتجة عن اعادة التسوية اعتبارا من 1/ 5/ 1977 طبقا لنص المادة 19 من القانون رقم 25 لسنة 1977 وألزمت المدعية بمصروفات الدعوى على أساس ان حقها فى اعادة التسوية نشأ بعد اقامة الدعوى اذ جاء وليد العمل بأحكام القانون رقم 25 لسنة 1977 بينما أقامت دعواها فى 25/ 5/ 1976.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه اذ باعمال الأحكام الواردة بقرار وزير التأمينات رقم 239 لسنة 1977 فى شأن شروط وقواعد اعتبار الاصابة الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق من العمل اصابة عمل – والذى ألغى قراره رقم 81 لسنة 1976 – نجد أن منطوق الحكم لا يتفق مع حيثياته حيث ثبت من مذكرة وكيل الوزارة للشئون المالية والادارية بمؤسسة استزراع وتنمية الأراضى المقدمة فى 4/ 3/ 1975 أن المرحوم بذل جهدا عاديا وأن القائم بمأمورية فى قطاعات المؤسسة يتعرض دائما لمتاعب معروفة ومؤكدة خاصة اذا كان متقدما فى السن كما فى حالة المذكورة، وان عمل ادارة التفتيش تتطلب استمرار العمل فى غير أوقات العمل الرسمية والثابت من ذلك أن المأمورية التى قام بها زوج المدعية هى من طبيعة عمل الادارة التى يعمل بها وهى المرور على قطاعات المؤسسة وان المجهود الذى يبذل فى هذه المأموريات معروف مقدما وليس مفاجئا وهو ما يخالف البند 1 من المادة الأولى من القرار رقم 239 لسنة 1977 الذى يشترط أن يكون الاجهاز أو الارهاق ناتجا عن بذل مجهود اضافى يفوق المجهود العادى للمؤمن عليه، كما انه ليس ثابتا بالحيثيات ان هناك مستندا يفيد ان العمل الذى كلف به المرحوم يتطلب انجازه فى وقت محدد يقل عن الوقت اللازم عادة لانجاز هذا العمل أو تكليفه بانجاز عمل معين فى وقت محدد بالاضافة الى عمله الأصلى وذلك ما يخالف حكم البند 2 من المادة الأولى من القرار المشار اليه الذى يستلزم توافر هذا الشرط، وعلى ذلك تكون وفاة مورث المطعون ضدها غير ناتجة عن العمل ولا تعتبر بسببه ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون جديرا بالالغاء.
ومن حيث ان المادة 168 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 بعد تعديلها بالقانون رقم 25 لسنة 1977 تنص على أنه "يجوز لأصحاب المعاشات الذين انتهت خدمتهم قبل العمل بهذا القانون أو المستحقين عنهم بسحب الأحوال طلب الانتفاع بما يأتى:
أولا: اعادة تسوية المعاشات دون صرف فروق مالية عن الماضى وذلك بمراعاة الأحكام الآتية……
7 – الفقرة الأولى من المادة متى توافر فى الحالة تعريف اصابة العمل المنصوص عليها فى هذا القانون.
8 – الفقرة الثانية من المادة ….. ويجب تقديم طلب الانتفاع بالأحكام السابقة خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون…. ويراعى فى اعادة التسوية ما يأتى:
( أ ) الأجر الذى سبق تسوية المعاش على أساسه.
(ب) عدم تعديل اعانة غلاء المعيشة التى كانت تصرف لصاحب المعاش أو المستحق.
(ج) يخصم من الزيادة المستحقة نتيجة الانتفاع بهذه المادة ما يكون قد منح من معاشات بصفة استثنائية". وتنص المادة 51 من القانون المذكور بعد تعديلها بالقانون رقم 25 لسنة 1977 على انه "اذا نشأ عن اصابة العمل عجز كامل أو وفاة سوى المعاش بنسبة 80% من الأجر المنصوص عليه بالمادة بما لا يزيد عن الحد الأقصى المنصوص عليه بالفقرة الأخيرة من المادة ولا يقل عن الحد الأدنى المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة ويزاد هذا المعاش بنسبة 5% كل خمس سنوات حتى بلوغ المؤمن عليه سن الستين حقيقة أو حكما اذا كان العجز أو الوفاة سببا فى انهاء خدمة المؤمن عليه".
وتنص المادة 5 من ذات القانون على انه "فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد …..
(هـ) باصابة العمل: الاصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم المرافق، أو الاصابة نتيجة حادث وقع أثناء تأدية العمل أو بسببه، وتعتبر الاصابة الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق من العمل اصابة عمل متى توافرت فيها الشروط والقواعد التى يصدر بها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة…".
وقد قضت المادة 19 من القانون رقم 25 لسنة 1977 بأن الفروق الناتجة عن اعادة التسوية وفقا للمادة 168 (ماعدا البند 1 منها) تصرف اعتبارا من أول الشهر التالى لتاريخ نشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية أى من 1/ 5/ 1977.
ومن حيث انه استنادا الى أحكام المادة 5 من القانون رقم 79 لسنة 1975 سالفة الذكر أصدر وزير التأمينات قرارين فى شأن شروط وقواعد اعتبار الاصابة الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق من العمل اصابة عمل:
الأول تحت رقم 81 لسنة 1976 ويعمل من تاريخ صدوره فى 29/ 2/ 1976.
والثانى تحت رقم 239 لسنة 1977 ويعمل به من تاريخ صدوره فى 25/ 9/ 1977 ولمعرفة ما اذا كانت اصابة مورث المدعية فى النزاع الماثل تعتبر اصابة عمل – لينطبق عليها نص المادة 51 من قانون التأمين الاجتماعى المذكور – يتعين الرجوع الى القواعد التى تضمنها القرار الوزارى الأول – دون الثانى – باعتبارها القواعد السارية المفعول والمعمول بها وقت صدور القانون رقم 25 لسنة 1977 فى ابريل سنة 1977.
ومن حيث ان المادة الأولى من قرار وزير التأمينات رقم 81 لسنة 1976 المشار اليه تنص على انه "يقصد بالاجهاد والارهاق فى تطبيق هذا القرار كل مجهود اضافى يفوق المجهود العادى للمؤمن عليه، سواء كان هذا المجهود فى وقت العمل الأصلى أو فى غيره. ويكون تقدير ذلك للهيئة المختصة" وتنص المادة الثانية منه على انه "اذا أدى الاجهاد أو الارهاق عن العمل الى وفاة المؤمن عليه داخل مكان العمل، تعتبر الوفاة اصابة عمل، كما تعتبر الوفاة خارج مكان العمل فى هذه الحالة اصابة عمل متى ثبت للجهة الطبية المختصة وجود ارتباط مباشر بين الوفاة والإجهاد أو الارهاق من العمل" وتنص المادة الرابعة على انه "يلتزم صاحب العمل بأن يقدم الى الهيئة المختصة مستندات اصابة العمل الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق عن العمل، واعداد تقرير يتضمن ظروف الواقعة وتاريخ وقوعها وساعته ونوع الاجهاد أو الارهاق والمجهود الاضافى الذى قام المؤمن عليه ببذله ومدة استمرار هذا المجهود على أن يكون هذا التقرير معتمدا من صاحب العمل. وفى حالة الوفاة المشار اليها بالمادة الثانية يلزم تقديم شهادة الوفاة مبينا بها الأسباب المباشرة وغير المباشرة للوفاة. وفى جميع الأحوال يكون للجهة الطبية المختصة طلب أى مستندات أخرى تراها لازمة لاعتبار الحالة اصابة عمل من الناحية الطبية".
ومن حيث ان الثابت بملف معاش المرحوم محمد رشيد أحمد انه كان يقوم بعمل مدير ادارة التفتيش المالى والادارى بمؤسسة استزراع وتنمية الأراضى المستصلحة، وبناء على تكليف مدير عام الشئون المالية والادارية بالمؤسسة قام بالسفر الى قطاع شمال التحرير فى مهمة مصلحية تتعلق ببحث عهدة معسكر الكيلو 48 خلال الفترة من 26/ 12/ 1971 الى 30/ 12/ 1971، وتطلبت هذه المأمورية الانتقال بسيارة جيب من الإسكندرية التى يقع فيها أقرب استراحة الى المعسكر المذكور بالقطاع الشمالى ثم العودة الى الاسكندرية يوميا طوال مدة المأمورية، وبتاريخ 29/ 12/ 1971 شعر بتعب مفاجئ قطع على أثره المأمورية وعاد الى القاهرة بالقطار صباح يوم 30/ 12/ 1971 وأبلغ جهة عمله بمرضه التى أحالته الى الطبيب المختص الذى شخص حالته بتصلب فى شرايين المخ وفى يوم 7/ 1/ 1972 دخل المستشفى اليونانى وهو فى غيبوبة تامة حيث توفى يوم 9/ 1/ 1972 بسبب هبوط فى القلب ونزيف فى المخ، وقد قدم وكيل الوزارة للشئون المالية والادارية بالمؤسسة المذكورة مذكرة فى 4/ 3/ 1975 جاء فيها ان المذكور بذل فى المأمورية المذكورة جهدا غير عادى فى العمل والتنقل وان القائم بالمأمورية فى قطاعات المؤسسة يتعرض دائما لمتاعب معروفة ومؤكدة خاصة اذا كان القائم بالمأمورية متقدما فى السن كما فى حالة المذكور، لأن هذه القطاعات تقع فى أماكن نائية يتم الوصول اليها باستخدام سيارات جيب تسير فى طرق غير ممهدة وان عمل ادارة التفتيش تتطلب استمرار العمل فى غير أوقات العمل الرسمية ويرى ان جميع هذه الظروف كانت من الأسباب التى ترتب عليها الاصابة التى أدت الى وفاته، كما قرر القومسيون الطبى العام بمحافظة القاهرة بجلسة 10/ 3/ 1975 بعد اطلاعه على كافة الأوراق والمستندات "وان الوفاة حدثت بسبب نزيف المخ ومن المعروف فنيا أن نزيف أوعية المخ يحصل أصلا نتيجة مرض بجدار الأوعية الدموية وهى حالة ولو انها مرضية أصلا الا ان هناك تأثير للمجهود الجسمانى والعقلى فى احداثها لذلك يرى المجلس الطبى العام بالقاهرة انه لا يمكن اخلاء الاجهاد العقلى والارهاق الجسمانى المتسببين عن العمل كما هو ثابت فى الأوراق من تدخله فى تعجيل حصول نزيف المخ الذى حدث له وسبب الوفاة بتاريخ 9/ 1/ 1972 ويجعلها مرتبطة ارتباطا مباشرا بطبيعة عمله". وقد عرض الموضوع مع كافة المستندات المتعلقة به على لجنة الاجهاد والارهاق بالهيئة العامة للتأمين والمعاشات فى 2/ 8/ 1975 وانتهت الى عدم الموافقة على اعتبار اصابة المتوفى اصابة عمل على أساس ابتغاء عنصر العمل المفاجئ ولان التفتيش من طبيعة عمله، وبتاريخ 1/ 10/ 1975 تقدمت المدعية بطلب الى هيئة التأمين والمعاشات لاعادة تسوية المعاش طبقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975.
ومن حيث ان الثابت مما تقدم أن الشرطين المنصوص عليهما فى قرار وزير التأمينات رقم 81 لسنة 1976 المشار اليه واللازمين لاعتبار الاصابة الناتجة عن الاجهاد أو الارهاق من العمل اصابة عمل قد توافرا فى الحالة المعروضة، فمن ناحية فقد ثبت بالأوراق ان مورث المدعية قد بذل فى المأمورية التى كلف بها فى معسكر الكيلو 48 خلال الفترة من 26/ 12/ 1971 الى 29/ 12/ 1971 مجهودا اضافيا يفوق المجهود العادى فى العمل والتنقل يوميا بسيارة جيب فى طرق غير ممهدة وليس بصحيح ما جاء بتقرير الطعن من أن وكيل الوزارة للشئون المالية والادارية قد قرر بمذكرته المحررة فى 4/ 3/ 1975 بأن المذكور بذل جهدا عاديا خلال الفترة المذكورة بل العكس هو الصحيح فضلا عن ان تطلب الهيئة العامة للتأمين والمعاشات توافر عنصر الفجائية فى الاصابة هو شرط – كما ذهبت محكمة أول درجة بحق – لم يستلزمه القرار الوزارى المشار اليه لاعتبار الاصابة اصابة عمل ومن ناحية أخرى فقد قرر القومسيون الطبى العام بجلسة 10/ 3/ 1975 انه لا يمكن إخلاء الاجهاد العقلى والارهاق الجسمى المتسببين من العمل كما هو ثابت فى الأوراق من تدخله فى تعجيل حصول نزيف المخ الذى حدث وسبب الوفاة بتاريخ 9/ 1/ 1972 ويجعلها مرتبطة ارتباطا مباشرا بطبيعة عمله، وازاء توافر هذين الشرطين فمن ثم تعتبر اصابة محمد رشيد أحمد التى أدت الى وفاته يوم 9/ 1/ 1972 اصابة عمل فى مفهوم قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 والقرار رقم 81 لسنة 1976 سالف الذكر ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بأحقية المدعية فى اعادة تسوية معاشها على مقتضى حكم المادة 51 من هذا القانون وصرف الفروق المالية اعتبارا من 1/ 5/ 1977 مع مراعاة شروط اعادة التسوية المشار اليها فى المادة 168 من هذا القانون قد أصاب الحق وطبق القانون تطبيقا سليما الأمر الذى يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ومن حيث انه عن المصروفات فان المادة 137 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 نصت على أنه "تعفى من الرسوم القضائية فى جميع درجات التقاضى الدعاوى التى ترفعها الهيئة المختصة أو المؤمن عليهم أو المستحقون طبقا لأحكام هذا القانون". ومن ثم فان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما قضى به من الزام المدعية بالمصروفات كما يكون الطعن الماثل معفيا من الرسوم القضائية بنص القانون ولما كانت أتعاب المحاماة تأخذ حكم الرسوم القضائية فمن ثم فان الاعفاء من الرسوم القضائية يشمل أيضا الاعفاء من أتعاب المحاماة وبالتالى فلا محل لالزام الجهة الادارية بالمصروفات فى هذا الطعن.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.


(1) بهذا المبدأ قضت ذات المحكمة فى الطعن رقم 316 لسنة 26 ق بذات الجلسة ويراجع الطعن رقم 412 لسنة 25 القضائية المحكوم فيه بجلسة 19 من ابريل سنة 1981 منشور بمجموعة المبادئ السنة 26.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات