الطعن رقم 876 لسنة 26 ق – جلسة 28 /11 /1982
مجلس الدولة – المكتب الفنى – المبادئ التى
قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ217
جلسة 28 من نوفمبر سنة 1982
برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد عبد الفتاح ابراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى – المستشارين.
الطعن رقم 876 لسنة 26 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة – ترقية – الترقية بالاختيار.
القاعدة فى اجراء الترقية بالاختيار لا يجوز تخطى الاقدم الى الأحدث الا اذا كان الأخير
ظاهر الامتياز وعند التساوى فى درجة الكفاية يتعين ترقية الأقدم – المادة الرابعة من
قرار وزير التعليم رقم 160 لسنة 1976 فى شأن قواعد النقل والتعيين فى وظائف هيئات التدريس
والتوجيه الفنى والذى يجيز اعادة ترتيب شاغلى وظيفة موجه أول فيها بينهم عند الترقية
على موجه عام على أساس ما تراه لجنة وكلاء الوزارة وفقا لنتيجة المقابلة الشخصية التى
تجريها مع كل منهم وتقسيمهم الى فئتين أولى وثانية – باطل بطلانا مطلق – أساس ذلك:
يتعين الاعتداد فيما يبين المستوفين لشرائط شغل الوظيفة بترتيب أقدمياتهم – القول بغير
ذلك يؤدى الى إهدار المراكز القانونية المتساوية التى استقرت من حيث الأقدميات بغير
مقتضى – اذا كان لجهة الادارة أن تضع من الضوابط فى حدود سلطتها التقديرية بما تراه
كفيلا بحق الاختيار فان هذه السلطة تجد حدها الطبيعى فى أن تكون مطابقة للقانون وللقواعد
العامة وأن تحسن استعمالها إذا أجرت الادارة اختيارها شخصيا للترقية الى الوظائف فلا
يجوز أن تقسم الناجحين الى طوائف لأن معنى ذلك ومبناه هو استعمال سلطتها لاهدار الأقدميات
فضلا عن عدم إمكان الرقابة على مثل هذه الاجراءات – تطبيق (1)
اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 24 من ابريل سنة 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزير التربية والتعليم بصفته قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد برقم 876 لسنة 26 القضائية ضد السيد/ فؤاد تادرس منقريوس فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 6 من مارس سنة 1980 فى دعواه رقم 301 لسنة 32 ق والقاضى بالغاء القرار الوزارى 140 لسنة 1977 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى وظيفة موجه عام للغة الإنجليزية أو ما يعادلها مع ما يترتب على ذلك من آثار وطلبت للأسباب الواردة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده كما طلبت وقف تنفيذ الحكم مؤقتا حتى يفصل فى الطعن وبعد ان أعلن الطعن على ما هو مبين بالأوراق الى المطعون ضده، قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى مسببا وقالت فيه باجابة الطاعنة الى طلبها. وعرض على دائرة فحص الطعون فاحالته الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" وهذه المحكمة نظرت الطعن على الوجه المبين بمجاضر جلساتها حيث سمعت ايضاحات الطرفين وقدم المطعون ضده مذكرة طلب فيها رفض الطعن وقررت بجلسة 1982 ارجاء اصدار حكمها الى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن – فى ان المطعون ضده أقام الدعوى رقم 876 لسنة 26 ق أمام محكمة القضاء الادارى
ضد وزير التربية والتعليم بصفته طلبا الحكم بالغاء قراره رقم 140 لسنة 1977 فيما تضمنه
من تخطيه فى الترقية الى وظيفة موجه عام للغة الانجليزية مع ما يترتب على ذلك من آثار،
لمخالفة هذا القرار للقانون اذ شمل ترقية السيدة/ اجلال أحمد أبو العطا الى هذه الوظيفة
فى حين انه أقدم منها وحاصل على مؤهلات عالية منها ليسانس الآداب عام 1942 ودبلوم معهد
التربية العالى للمعلمين عام 1944 وسافر فى بعثة الى انجلترا أربعة أشهر عام 1955 وهو
كفء وممتاز فى عمله على ما تشهد به تقاريره السرية وتقارير رؤسائه وتتوفر فيه كافة
شروط الترقية. وطلبت المدعى عليها رفض الدعوى اذ ان ترقية زميله المدعى دونه استندت
الى نتيجة الاختبار الشخصى الذى أجرته لجنة وكلاء الوزرة لكل من المرشحين للترقية لهذه
الوظيفة ممن استوفوا شرائطها الواردة فى القرار الوزارى رقم 160 لسنة 1976 فطبقا له
يرتب الناجحون فيه تبعا لنتيجة بصرف النظر عن تسلسل الأقدمية فى الفئة ولذلك وضعت قبله
لأنها من الناجحين بالمستوى الأول وهو من الثانى وبجلسة 6 من مارس 1980 قضت المحكمة
باجابة المدعى الى طلباته وأسست قضاءها بهذا على ان المشرع حين أباح فى المادة 15 من
القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة لجهة الادارة أن تضيف الى
قواعد الترقية الواردة بها ضوابط ومعايير للترقية بالاختيار حسب ظروف وطبيعة نشاط كل
وحدة فانه قيدها بالأصول العامة التى نص عليها والتى تخضع لها الترقية بالاختيار من
ناحية والا تتضمن هذه المعايير ما يخالف أو يتجافى مع قواعد العدالة من ناحية أخرى
والقاعدة التى تحكم الترقية بالاختيار هى التقيد بالأقدمية عند تساوى مرتبة الكفاية
بحيث لا يجوز تخطى الأقدم الى الأحدث الا اذا كان هذا الأخير أكفأ كما ان المبادئ العامة
والعدالة لا تقل ترتيب من يجتازون الاختيار فى مستويين أول وثان وتقسيمهم الى ناجح
من الدرجة الأولى وناجح من الدرجة الثانية أمر تأباه العدالة ويتعين اهدار مثل هذا
التقسيم الذى لا سند له من القانون. وان كان المدعى أقدم من المطعون على ترقيتها فى
شغل وظيفة موجه أول الوظيفة السابقة على وظيفة موجه عام مادة اذ شغلها من عام 1970
وشغلتها من عام 1974 وكانت الادارة لاتنازع من كفايته أو تزعم انها أقل من كفاية المطعون
على ترقيتها، كما انه أقدم منها فى التخرج وفى الاشتغال بالتعليم وقد اجتاز الاختبار
الشخصى كما اجتازته فما كان يجوز تخطيه فى الترقية الى الوظيفة المذكورة، التى استوفى
شروطها اذ يتعين اهدار التفرقة المشار اليها بين من اجتازوا هذا الاختبار بنجاح ولذلك
يكون القرار بتخطيه مخالفا للقانون مما يتعين معه الغاؤه. وفى هذا الحكم طعنت وزارة
التربية والتعليم بطعنها هذا طلبة الغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث ان حاصل أسباب الطعن ان الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله
حين اعتبر ما تضمنه القرار الوزارى رقم 160 لسنة 1976 بشأن قواعد النقل والتعيين فى
وظائف هيئات التدريس والاشراف والتوجيه الفنى من ترتيب من استوفوا شروط الترقية الى
وظيفة موجه عام مادة ونجحوا فى الاختبار الشخصى الذى تجريه اللجان التى نص على تشكيلها
على أساس تقسيمهم الى مستويين أول وثان بحيث يعين من فى المستوى الأول قبل من فى الثانى
بغض النظر عن تسلسل أقدمياتهم على ان تراعى الأقدمية داخل كل مستوى أمرا مخالفا للقانون
والعدالة اذ أن الأمر ليس كذلك فهو مما تجيز المادة 15 من القانون رقم 58 لسنة 1971
تقريره كضابط أو معيار للترقية بالاختيار بالاضافة الى ما ورد به ومما تتولاه لجنة
من كبار العاملين فى الوزارة وفقا لاختبارات شخصية تجريها لقياس صلاحية المرشح للوظيفة
وهى لا تقتصر على ما تحويه التقارير السنوية بل تضيف عناصر أخرى كالقدرة على حل المشاكل
التعليمية والمظهر والتصرفات أمامها وللادارة حرية وضع مثل هذا الضابط وبه يكون الناجحون
من المستوى الأول أسبق وأولى من الثانى فيعينون أولا وتراعى الأقدمية بينهم فى كل مستوى
ولا مخالفة فى ذلك للقانون الذى جعل للادارة تقدير كيفية اختبار المرشحين وترقيتهم
ولا تحل المحكمة محلها فى هذا ثم هى قد تجاوزت طلبات المدعى فى قضائها بعدم قانونية
الضابط الذى ورد به القرار الوزارى رقم 160 لسنة 1976 المشار اليه حيث لم يطعن عليه
المدعى.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه لم يخطئ حين انتهى الى الغاء القرار المطعون فيه فيما
تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى وظيفة موجه عام وترقية من تليه فى أقدمية الفئة
المالية "الثانية" وفى الوظيفة الأدنى موجه أول دون امتياز ظاهر لها عليه فى الكفاية
اذ ان ما قرره هو الواقع وترتيبه الأقدمية فيما بينهما فى تلك الفئة وفى الوظيفة السابقة
مما لا يتغير تبعا لتقديرات وكلاء الوزارة ما دام ان صلاحية كليهما لشغل الوظيفة وأهليته
لها غير منكورة اذ الترقية لها تحكمها القاعدة العامة فى الترقيات عامة وهى انه لا
يجوز تخطى الأقدم الى الأحدث الا اذا كان هذا أكفأ وعند التساوى يتعين ترقية الأقدم
ولا محل لما يثيره الطعن من ان مؤدى القرار الوزارى رقم 160 لسنة 1976 فى شأن قواعد
النقل والتعيين فى وظائف هيئات التدريس والتوجيه الفنى اعادة ترتيب شاغلى وظيفة موجه
أول فيما بينهم عند الترقية الى موجه عام على أساس ما تراه لجنة وكلاء الوزارة وفقا
لنتيجة المقابلة التى تجريها مع كل منهم عندئذ كاختيار للصلاحية لها حيث تجرى تقسيمهم
الى فئتين أول وثان اذ لا أساس لذلك من القانون الذى يقتضى الاعتداد فيما بين المستوفين
شرائط شغل الوظيفة بترتيب أقدمياتهم فى سابقتها، والأخذ بما يتجه اليه الطعن يؤدى الى
اهدار المراكز القانونية التى استقرت لذويها من حيث قدم كل منهم فى درجته ووظيفته وترتيبه
بين أقرانه فيها وما كان عليه خلال شغلها من درجة فى الكفاية والى قلب الأقدميات أو
تغييرها فى مجال الترقية بغير مقتضى بين المستوفين شرائطها وهو ما لا يملك القرار تغييره
أو تخويل لجنة الوكلاء اجراءه لمخالفة ذلك للقواعد القانونية واجبة الاتباع فى هذا
الخصوص وخروجه عن سلطة مصدره والتى لا تعدو فى خصوص موضوعه ترتيب أعمال الوظائف وضوابط
اسنادها الى شاغلى الوظائف الأدنى فلا يصح الا فى الحدود التى تكون أحكامه فيها مجرد
تنظيم للعمل وتقسيم له وتوزيعه على هؤلاء وباحسان قواعد تقدير كفايتهم لشغلها ولهذا
– فان ما تضمنه القرار المشار اليه مما كانت نتيجة تطبيقه اعادة ترتيب وضع كل من المطعون
ضده ومن شملها القرار المطعون فيه على غير الأساس الصحيح قانونا يكون باطلا ودعوى المطعون
ضده تقوم على ما أورده فى مذكراته الشارحة ردا على دفاع الوزارة على بطلان القرار فى
الخصوص ولم يجاوز الحكم طلباته حين أسس قضاءه على ذلك فهذه القاعدة على ما تقدم غير
صحيحة وكما سبق ان قضت هذه المحكمة فى حكمها فى الطعن رقم 805 لسنة 26 ق بجلسة 21/
3/ 1982 فانه إذا كان للادارة أن تضع من الضوابط فى حدود سلطتها التقديرية ما تراه
أكف بحق الاختيار للوظائف فان هذه السلطة تجد حدها الطبيعى فى أن تكون مطابقة للقانون
وللقواعد العامة وان تحق استعمالها، فاذا جاءت ووضعت القاعدة التى من مقتضاها اجراء
اختبار شخصى للترقية الى الوظائف التى ارتأتها فما كان يجوز لها ان تقسم الناجحين الى
طوائف لأن معنى ذلك ومبناه هو استعمال سلطتها لاهدار الأقدميات مع عدم امكان الرقابة
على مثل هذه الاجراءات وهو أمر يخالف القانون وتأباه العدالة مما يجعل الشرط الذى احتوته
أحكام المادة 4 من هذا القرار الوزارى رقم 160 لسنة 1976 بالنسبة لهذا التقسيم باطلا
بطلانا مطلقا.
ومن حيث انه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا مع الزام الطاعنة
المصروفات.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الادارية المصروفات.
(1) يراجع الحكم الصادر فى الطعن رقم 805 لسنة 26 (21/ 3/ 1982)
