الطعن رقم 1193 لسنة 25 ق – جلسة 21 /11 /1982
مجلس الدولة – المكتب الفنى – المبادئ التى
قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ 104
جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد ابراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى – المستشارين.
الطعن رقم 1193 لسنة 25 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة – ترقية – ترقية بالاختيار
القاعدة أنه لا يجوز تخطى الاقدم الى الأحدث فى الترقية الا اذا كان الأخير ظاهر الامتياز
– عند التساوى فى الكفاية فيجب ترقية الأقدم – هذه القاعدة تسرى حتى بالنسبة للموظفين
الذين لا يخضعون لنظام التقارير السنوية ويجب أعماله عند الترقية الى الوظائف العليا
– اذا كان الاختيار حقا لجهة الادارة تترخص فيه فى حدود سلطتها ما دام سلوكها غير مشوب
باساءة استعمال السلطة الا أن شرط ذلك أن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية
الى النتيجة التى انتهت اليها – اذا لم يتم الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار والقرار
الذى اتخذ على أساسه – تطبيق.
اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 2 من أغسطس 1979 أودعت ادارة قضايا الحكومة
بالنيابة عن وزير الشئون الاجتماعية بصفته قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير
طعن قيد برقم 1193 لسنة 25 القضائية ضد مصطفى فهمى دياب فى الحكم الصادر من محكمة القضاء
الادارى بجلسة 7 من يونيه سنة 1979 فى الدعوى رقم 1406 لسنة 29 القضائية والقاضى بقبولها
شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 73 الصادر من رئيس الوزارء فى 25/ 1/ 1975 فيما
تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية لوظيفة مدير عام بمستوى الادارة العليا ذات الربط
المالى (1200/ 1800 ج سنويا) مع ما يترتب على ذلك من آثار وطلبت للأسباب الواردة بالتقرير
الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام
المطعون ضده المصروفات واعلن الطعن على الوجه المبين بالأوراق فى 29/ 8/ 1979 وقدمت
هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى مسببا القانونى.
وعرض على دائرة فحص الطعون فاحالته الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية)
وهذه المحكمة حيث تدوول بالجلسات وسمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضرها وقررت
ارجاء اصدار الحكم فيه الى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – فى
أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1406 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الادارى ضد وزير
الشئون الاجتماعية بصفته طلبا الحكم أصليا بالغاء قرار رئيس الوزراء رقم 73 الصادر
فى 25/ 1/ 75 واحتياطيا بالغاء قراره رقم 71 الصادر فى التاريخ ذاته. ومن باب الاحتياط
الكلى بالغاء قراره رقم 180 الصادر فى 31/ 3/ 1975 فيما تضمنه من تخطية فى الترقية
الى وظيفة مدير عام للشئون الاجتماعية بالديوان العام أو بالمحافظات وترقية كل من أحمد
مصطفى جامع وكمال القلينى ومحمد رشاد أبو العزم ومحمد سليم الكفراوى إليها لمخالفتها
القانون واتسامها باساءة استعمال السلطة لكونه يحمل مثل مؤهلاتهم، وهو يسبقهم فى الأقدمية
ويساويهم فى الكفاية ومنهم من أجريت معه تحقيقات كما انه شغل وظائف قيادية من ذات مستوى
هذه الفئة الأخيرة.
وطلبت الجهة الادارية رفض الدعوى تأسيسا على أن التعيين فى وظيفة مدير عام يتم بالاختيار
بناء على ما يتراءى للوزارة فى حدود سلطتها التقديرية من كفاية المرشح من واقع ملف
خدمته وما يتجمع لديها من عناصر صلاحيته لتولى وظائف الادارة العليا وان المطعون فى
ترقياتهم يسبقون المدعى فى التخرج وفى الالتحاق بخدمة الوزارة الى ان وصلوا الى المناصب
القيادية التى يشغلونها بكفاية تؤهلهم لها عن جدارة. وبجلسة 7 من يونيه سنة 1979 قضت
المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 73 لسنة 1975 الصادر فى 25/
1/ 1975 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية لمدير عام بمستوى الادارة العليا ذات
الربط المالى (1200/ 1800 ج) سنويا مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الادارية
المصروفات.
وأسست قضاءها بهذا على أنه "ولئن كانت الترقية بالاختيار من الملاءمات التى تترخص فيها
الإدارة، الا أن هذا الاختيار يجب ان يستمد من عناصر صحيحة مؤدية الى صحة النتيجة التى
انتهت اليها الادارة فى هذا الصدد. والثابت من الأوراق ومن تقارير الرقابة الادارية
وملف خدمة المدعى المودعة فى ملف الدعوى ان المدعى شغل مناصب هامة شأنه شأن زميليه
أحمد مصطفى جامع ومحمد كمال القلينى وتولوا جميعا وظائف مماثلة فى الأعباء والأهمية
واكتسبوا خبرات منها وهذا يدحض ما جاء بتقرير الرقابة الادارية عن صفاته الشخصية. ولا
أهمية لكون تقاريره عن السنوات فى 1955 الى 1959 كانت بدرجة جيد ما دام قد حصل على
تقارير بعد ذلك بمرتبة ممتاز وبصفة مستمرة ولا اعتداد بجزاء لأمور لا تمس النزاهة والشرف
وقد مضى على الجزاء ثلاث سنوات قبل صدور القرار المطعون فيه. والثابت ان أقدمية المدعى
فى الفئة الثانية ترجع الى 20/ 4/ 1964 وانه الأول فى ترتيب هذه الفئة بينما أقدمية
كل من المطعون فى ترقيتهما محمد كمال القلينى وأحمد مصطفى جامع فى الفئة الثانية ترجع
الى 15/ 5/ 1967 وترتيبهما الرابع والسادس على التوالى فى أقدمية هذه الفئة. ومن ثم
يكون المدعى أحق بالترقية الى وظيفة من مستوى الادارة العليا ذات الربط المالى 1200/
1800 جنيها، ممن يلونه فى الأقدمية ويتساوون معه فى الكفاية وبالتالى فان القرار المطعون
فيه بصفة أصلية رقم 73 لسنة 1975 وقد تخطاه فى الترقية اليها. يكون قد صدر مخالفا للقانون
مما يتعين معه القاضاء بالغائه فيما تضمنه من تخطية مع ما يترتب على ذلك من آثار، ولا
وجه لبحث الطلبات الاحتياطية بعد أن أجيب المدعى الى طلبه الأصلى". وفى هذا الحكم طعنت
ادارة قضايا الحكومة بطعنها هذا طالبة الغاءه ورفض الدعوى.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان المفاضلة بين المدعى والمطعون فى ترقيته هو حق أصيل لجهة
الادارة تجريه بما تراه محققا للصالح العام وهى أعلم بصفات المتزاحمين على الوظيفة
وكفاءتهم فى العمل وقدراتهم على الاضطلاع بأعباء مسئوليتها وهى قد انتهت بعد اجرائها
لها الى عدم جدارة المدعى للترقية لما قدمته من أن كفايته من الأعوام من 1955 الى 1959
لم تزد عن تقدير جيد وللجزاءات التى وقعت عليه فى حين ان المطعون فى ترقيته لم يقع
عليه منها شئ مما يرجحه على المدعى لكفاينه وخبرته الطويلة فى مجال الوظيفة وحسن معاملته
مرؤوسيه وبذلك يكون القرار المطعون فيه فى محله ولا مطعن عليه ولذلك يكون الحكم قد
خالف القانون، وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فيما قضى به.
ومن حيث ان الترقية بالاختيار على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- تجد حدها الطبيعى فى
هذا المبدأ العادل وهو انه لا يجوز تخطى الأقدم الى الأحدث الا اذا كان هذا الأخير
أكفأ، أما عند التساوى فى الكفاية فيجب ترقية الأقدم وبغير ذلك تكون الترقية عرضة للتحكم
والأهواء – وإذا خالف القرار الادارى ذلك كان مخالفا للقانون. وهذا المبدأ يسرى حتى
بالنسبة الى الموظفين الذين لا يخضعون لنظام التقارير السنوية فيجب اتباعه عند الترقية
الى الوظائف العليا.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه جرى على مقتضى ما تقدم فاستظهر من واقع الأوراق حالة
المطعون ضده وزميله الذى تخطى فى الترقية الى مدير عام على الوجه السالف ايراده نقلا
عنه وخلص من ذلك الى أن المدعى أقدم فى الفئة الثانية اذ حصل عليها فى 20/ 4/ 1964
فى حين حصل عليها زميله أحمد مصطفى جامع فى 15/ 5/ 1967 وانهما يتساويان فى الكفاية
بمراعاة حصول المدعى من 1960 فما بعدها على تقارير بدرجة ممتاز وبصفة مستمرة وهو ما
لم تجادل فيه الطاعنة وان طلبها تقلد وظائف رياسية كمراقب ووكيل ومدير للشئون الاجتماعية
بالمناطق وبالمحافظات وأنه ليس هناك امتياز ظاهر لأحدهما على الآخر يبرر ترجيحه على
زميله عند المفاضلة فهما يتساويان فى مضمار الكفاية وعلى ذلك يجب الرجوع عند الترقية
الى الأقدمية ولا يجوز تخطى المدعى وهو الأقدم وهذه النتيجة التى انتهى اليها الحكم
صحيحة ومترتبة على ما تقدم وعلى باقى ما أورده فى أسبابه بل انه فيما يتعلق بما تثيره
الطاعنة عودا الى سابق ما قدمته من دفاع من الدعوى رد عليه الحكم بما يفيد وهو ما يتعلق
بسبق مجازاة المدعى عام 1972 فان هذه الواقعة غير صحيحة اذ لم يجر مع المدعى تحقيق
أو يقع عليه جزاء فى شأن ما نسب اليه من مخالفة لتعليمات الوزارة بشأن مواصفات الحصير
الذى يشترى للمهجرين عند اعتماده الممارسة التى اجريت لذلك بمديرية الشئون الاجتماعية
بالقليوبية التى كان على رأسها آنئذ فى حين أنه كان يجب عليه الرجوع الى الوزارة أو
المحافظ فى شأن هذه المواصفات إذ الثابت أن المحافظ رأى حفظ ذلك الموضوع ابتداء هذا
من جهة ومن جهة أخرى فان زميله المشار اليه لا يخلو ملف خدمته من جزاءات وقعت عليه
ثم رفعت ومن تحقيقات فى مثل هذه المخالفة انتهت النيابة الى حفظها اكتفاء بلفت نظره
فهو – على هذا – لا يفضله فى الخصوص ولا فى معاملة مرؤوسيه إذ كلاهما ورد عنه شدته
فى ذلك ولم ينسب الى احدهما اعتداء أو خروج على مقتضى الواجب أو الخلق خلافا لما تقول
به الطاعنة فى تقرير طعنها ومن أجل ذلك فان ما أوردته الطاعنة بشأن سلامة الاختيار
يكون غير صحيح والقاعدة فى هذا الشأن وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان
الاختيار حقا لجهة الادارة تترخص فيه فى حدود سلطتها ما دام تصرفها غير مشوب بسوء استعمال
السلطة الا أن شرط ذلك أن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية الى صحة النتيجة
التى انتهت اليها فاذا لم يتم الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذى اتخذ
على أساسه ومن ثم فانه وقد بان مما تقدم انه ليس فى الأوراق ما يدل على امتياز المطعون
فى ترقيته على المدعى فكل منهما شغل وظائف لا تقل عن مستوى الوظيفة المتنازع عليها
بل هى ذاتها وكان المدعى أسبق فى الأقدمية فان التفضيل لا يظهر له وجه من واقع الاوراق
وهو ما انتهى اليه الحكم ولم تقدم الطاعنة ما ينال منه.
ومن حيث انه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه مع الزام الطاعنة المصروفات.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الطاعنة بالمصروفات.
