الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 778 لسنة 3 ق – جلسة 05 /03 /1960 

مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة – العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) – صـ 509


جلسة 5 من مارس سنة 1960

برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المحكمة وعضوية السادة/ والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 778 لسنة 3 القضائية

اختصاص – اختصاص مجلس الدولة بمنازعات المرتبات والمعاشات الخاصة برجال القضاء الشرعى – تغير وصفهم وصيرورتهم من رجال القضاء الوطنى بعد تطبيق القانون رقم 630 لسنة 1955 – يعقد الاختصاص لمحكمة النقض بهيئة جمعية عمومية بالنسبة للقضاة الشرعيين الذين ادمجوا فعلا دون أولئك الذين لم يدمجوا بأن أحيلوا الى المعاش قبلا – أساس ذلك.
أن صيغة المادة 23 من قانون القضاء معدلة بالقانون رقم 630 لسنة 1955 أنما تناولت "رجال القضاء" بخصوص مفهوم هذه العبارة المقصود من المذكرة التفسيرية لقانون نظام القضاء لا بعمومها الشامل لرجال القضاء الشرعى بالذات الذين كان يقوم بهم هذا الوصف ثم زال عنهم بعد الحاقهم بالمحاكم الوطنية طبقا للمادة التاسعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بالغاء المحاكم الشرعية باعتبار أن هؤلاء قد صاروا من رجال القضاء الوطنى فعلا بعد أن تم هذا الالحاق بموجب القانون المشار اليه، وامتنع من ثم اطلاق صفة القضاة الشرعيين عليهم كما امتنع القول بأن القانون رقم 630 لسنة 1955 هو تشريع معدل للاختصاص لا بالنسبة لرجال القضاء الوطنى عامة ولا من باب أولى بالنسبة للقضاة الشرعيين الذى انقطعت صلتهم بالوظيفة، قبل الغاء المحاكم الشرعية والحاق قضاتها بالمحاكم الوطنية.
وطبقا لهذا التفسير فانه لا يتحدى بما جاء فى الطعن من أن تعديل المادة 23 المشار اليها المستحدث بالقانون رقم 630 لسنة 1955 معدل الاختصاص مجلس الدولة بالنسبة لرجال القضاء الشرعى من كان قائما بالخدمة منهم وألحق بالمحاكم ومن زايلته هذه الصفة قبل حصول هذا الادماج، لان رجال القضاء الشرعى لم تكن تمتد الى منازعتهم ولاية الجمعية العمومية لمحكمة النقض حين كان لهم كيان خاص وجهة قضاء مستقلة – كما سلف البيان – ولما صدر التعديل الاول للمادة 23 من قانون نظام القضاء بموجب القانون رقم 240 لسنة 1955 باضافة الشئون المالية لرجال القضاء والنيابة – كالمنازعات الخاصة برواتبهم ومكافآتهم ومعاشاتهم – الى اختصاص محكمة النقض ظل هذا الحكم مقصورا على رجال القضاء الوطنى فحسب باعتبار أن محكمة النقض مشكلة على الوجه السابق هى أحق الجهات بالاختصاص بأمور سدنة السلطة القضائية.
ويبين من كل ما تقدم أن ولاية محكمة النقض بنظر المنازعات الخاصة برجال القضاء مناطها أن يكونوا ممن يعتبرون من رجال القضاء الوطنى، وبهذه المثابة لا تختص محكمة النقض بنظر المنازعات الخاصة بمن كانوا أصلا من رجال القضاء الشرعى الا اذا كانوا ممن اندمجوا فى القضاء الوطنى بالتطبيق للقانون رقم 630 لسنة 1955، فأصبحوا بهذا الاندماج معتبرين حاليا من رجال القضاء الوطنى، وتبعا لذلك يشمل اختصاص محكمة النقض المنازعات الخاصة بهم بالتطبيق للقانون المشار اليه، أما من كانوا من رجال القضاء الشرعى وأحيلوا الى المعاش قبل الاندماج فهؤلاء لا يعتبرون فى أى وقت من رجال القضاء الوطنى حتى يمتد اختصاص محكمة النقض اليهم بهذا الوصف، وانما يظل للقضاء الادارى اختصاصه بنظر المنازعات الخاصة بهم باعتبارهم من رجال القضاء الشرعى السابق ولم يصبحوا فى أى وقت ما من رجال القضاء الوطنى.

اجراءات الطعن

فى 25 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 778 لسنة 3 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 25 من مارس سنة 1957 فى الدعوى رقم 2749 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ محمود محمد ماضى ضد وزارة العدل، والقاضى: "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى مع احالتها على محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية والزام الحكومة المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن الى وزارة العدل فى 6 من يونية سنة 1957 والى المطعون عليه فى 12 من الشهر ذاته، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958. ولم يقدم أى من الطرفين مذكرة بملاحظاته فى الميعاد القانونى المقرر. وفى 6 من يولية سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة وبعد تداول الطعن فى عدة جلسات للاسباب الواردة فى محضر الجلسة سمعت المحكمة بجلسة 23 من يناير سنة 1960 ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
( أ ) عن اختصاص القضاء الادارى:
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من أوراق الطعن – تتحصل فى أن المدعى السيد/ محمود محمد ضاحى القاضى الشرعى السابق قد قدم تظلما الى اللجنة القضائية لوزارة العدل بعريضة أودعها سكرتيرية هذه اللجنة فى 7 من فبراير سنة 1954 وطلب فيها الحكم له بضم مدة خدمته بوزارة الاوقاف الى مدة خدمته المحسوبة فى المعاش بوزارة العدل مع استعداده لأداء ما يطلب منه من احتياطى المعاش عن المدة المذكورة. وقال بيانا لدعواه أنه عين فى ديسمبر سنة 1912 مدرسا وخطيبا واماما بوزارة الاوقاف وكان حاصلا على الشهادة الاهلية الازهرية ثم نال فى أواخر سنة 1917 شهادة العالمية ولبث فى عمله سالف الذكر الى أن عين فى 22 من أغسطس سنة 1925 كاتبا بالمحاكم الشرعية وظل موظفا بهذه المحاكم الى أن عين موظفا قضائيا فى الدرجة 180 – 200 اعتبارا من 19 من يونية سنة 1946 ثم رقى قضايا بالمحاكم الشرعية اعتبارا من 8 من ديسمبر سنة 1947 وبقى فى هذه الوظيفة الى أن أحيل الى المعاش لبلوغه السن القانونية اعتبارا من 8 من مارس سنة 1951، وقال ان خدمته بوزارة الاوقاف تقرب من ثلاث عشرة سنة والمنشورات الدورية الصادرة فى سنتى 1943 و1944 تقضى بحسابها ضمن خدمته المحسوبة فى المعاش ولهذا فقد طلب ضمها وحسابها فى المعاش. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن وزارة الاوقاف قد سبق أن أبدت بكتابها المؤرخ فى 3 من يونية سنة 1951 والرقيم 33/ 455/ 8 انها ترى عدم جواز حساب هذه المدة لأن المدعى كان من مستخدمى الشعائر الدينية بالمساجد وهذه الخدمة لا تنطبق عليها لوائح المعاشات والمكافآت لأن مستحقاتهم الشهرية تصرف لهم كأجر على عمل تنفيذا لشروط الواقفين، كما أن المدعى لم يكن خلال المدة ما بين 14 من ديسمبر سنة 1912 الى 21 من أغسطس سنة 1925 موضوعا على درجة فى ميزانية وزارة الاوقاف. وقد أحيل التظلم سالف الذكر بحالته الى المحكمة الادارية المختصة عند انشاء المحاكم الادارية بالقانون رقم 147 لسنة 1954 ثم أحيلت الدعوى مرة أخرى الى محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") وطبقا للقانون رقم 165 لسنة 1955 على اعتبار أن المدعى هو من موظفى الفئة العالية. وفى 4 من فبراير سنة 1957 قد السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى انتهى فيه الى عدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى والى اختصاص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية بنظرها طبقا للقانون 630 لسنة 1955 بتعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء الصادر بالقانون رقم 147 لسنة 1949. وفى 18 من فبراير سنة 1957 قررت محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") اعادة الدعوى للمرافعة مع تكليف المفوض ايداع تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع فقدم المفوض تقريرا انتهى فيه موضوعا الى رفض الدعوى. وبجلسة 25 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وأسست قضاءها برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الادارى الذى أثاره مفوض الدولة على أنه "يبين من الاوراق أن المدعى أحيل الى المعاش فى 11 من مارس سنة 1951 قبل صدور القانون رقم 630 لسنة 1955 الذى نقل اختصاص الفصل فى الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء أو لورثتهم الى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية، ومن ثم يكون الفصل فى هذه المنازعة الادارية من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى".
ومن حيث أن حاصل ما يقوم عليه الطعن "أن المنازعة التى فصل فى موضوعها الحكم المطعون فيه من الطلبات الخاصة بالمعاشات وقد أثارها المدعى بصفته من رجال القضاء بالتطبيق للقانون رقم 462 لسنة 1955 الذى ألحق قضاة المحاكم الشرعية على اختلاف درجاتهم بالمحاكم الوطنية أو نيابات الاحوال الشخصية أو الادارات الفنية بالوزارة، ومن ثم ينحسر عن هذه المنازعة اختصاص القضاء الادارى اعمالا لحكم المادة الاولى من القانون رقم 630 لسنة 1955 ويتعين الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى مع احالتها الى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية وذلك بالتطبيق لحكم المادة الاولى من قانون المرافعات اذ لم يكن باب المرافعة قد أقفل فى الدعوى قبل العمل بالقانون رقم 630 لسنة 1955". و"أن القول بانعقاد اختصاص محكمة القضاء الادارى بنظر الدعوى، لكون المدعى كان قد أحيل الى المعاش قبل صدور القانون رقم 630 لسنة 1955 قول لا يسنده القانون لان المدعى أقام دعواه بوصفه قاضيا، وقد صدر القانون المعدل للاختصاص قبل اقفال باب المرافعة. واذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون".
ومن حيث أن مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى كان يختص دون غيره بالفصل فى الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بالغاء المراسيم والقرارات الادارية المتعلقة بادارة القضاء عدا النقل والندب كما كان يختص بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم وفى طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك، وشأنهم فى ذلك شأن سائر موظفى الدولة وذلك طبقا للمادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة ثم صدر قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 مخولا فى مادته الثالثة والعشرين محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية دون غيرها ولاية الفصل "فى الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين الاداريين بالديوان العام بالغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بادارة القضاء عدا الندب والنقل متى كان مبنى الطلب عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ فى تطبيقها وتأويلها أو اساءة استعمال السلطة…". وظل الفصل فى المنازعات الخاصة بمرتباتهم ومعاشهم ومكافآتهم وفى طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك داخلا فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى حتى صدر القانون رقم 240لسنة 1955 مستبدلا فى مادته الاولى بنص المادة 23 من قانون نظام القضاء المتقدمة الذكر النص الآتى: "كذلك تختص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الاقل تسعة من مستشاريها بالفصل فى الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بالغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأى شأن من شئون القضاء عدا النقل أو الندب متى كان مبنى الطلب عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، كما تختص دون غيرها بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم وكذلك تختص دون غيرها بالفصل فى طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك..". ويبين من هذا النص الاخير أن منازعات المرتبات والمعاشات الخاصة برجال القضاء والنيابة وطلبات التعويض الناشئة عن ذلك قد خرجت بموجبه من اختصاص والقضاء الادارى بعد أن كان يختص بنظرها، كما يتضح من المادة 23 من قانون نظام القضاء فى نصوصها المتعاقبة أن اختصاص محكمة النقض منوط بأن يكون طلب الالغاء مقدما من أحد رجال القضاء أو النيابة أو الموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة، وذلك للحكمة التى قام عليها هذا التشريع والتى كشفت عنها المذكرة الايضاحية تفسيرا لصيغة المادة 23 من قانون القضاء رقم 147 لسنة 1949 وهى أنه "ليس أجدر ولا أقدر على الاحاطة بشئون القضاة وتعرف شئونهم والفصل فى ظلاماتهم من رجال من صميم الاسرة القضائية، يضاف الى ما تقدم أن النص تطبيق محكم لنظرية الفصل بين السلطات حيث تستقل السلطة القضائية بشئون سدنتها فلا يكون لأية سلطة سواها سبيل أو رقابة عليهم". وهى عبارة يستفاد منها أن محكمة النقض مشكلة على النحو السابق لا تختص بمنازعات وطلبات رجال القضاء الشرعى أيا كان نوعها. وأخيرا بدلت صيغة المادة 23 من قانون نظام القضاء بصيغة أخرى بموجب القانون رقم 630 لسنة 1955 لا تختلف لا فى عباراتها ولا ممن حيث تعيين اختصاص محكمة النقض النوعى وتحديد طوائف رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين الذين تختص بطلباتهم عن صيغتها السابقة المعدلة بالقانون رقم 240 لسنة 1955 وكل من فى الامر أن الصيغة الجديدة تناولت تنظيمها اجرائيا لكيفية نظر طلباتهم بالاستثناء من الاجراءات المقررة للنقض فى المواد المدنية وهو استثناء اقتضته طبيعة الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة وغيرهم ممن نصت عليهم الفقرة الاولى من المادة 23 من قانون نظام القضاء.
ومن حيث أن صيغة المادة 23 سالفة الذكر معدلة بالقانون رقم 630 لسنة 1955 أنما تنازلت "رجال القضاء" بخصوص مفهوم هذه العبارة المقصود من المذكرة التفسيرية لقانون نظام القضاء لا بعمومها الشامل لرجال القضاء الشرعى بالذات الذين كان يقوم بهم هذا الوصف ثم زال عنهم بعد الحاقهم بالمحاكم الوطنية طبقا للمادة التاسعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بالغاء المحاكم الشرعية باعتبار أن هؤلاء قد صاروا من رجال القضاء الوطنى فعلا بعد أن تم هذا الإلحاق بموجب القانون المشار اليه وامتنع من ثم اطلاق صفة القضاة الشرعيين عليهم كما امتنع القول بأن القانون رقم 630 لسنة 1955 هو تشريع معدل للاختصاص لا بالنسبة لرجال القضاء الوطنى عامة ولا من باب أولى بالنسبة للقضاة الشرعيين الذى انقطعت صلتهم بالوظيفة، قبل الغاء المحاكم الشرعية والحاق قضاتها بالمحاكم الوطنية.
ومن حيث أنه على هذا التفسير لا يتحدى بما جاء فى الطعن من أن تعديل المادة 23 المشار اليها المستحدث بالقانون رقم 630 لسنة 1955 معدل الاختصاص مجلس الدولة بالنسبة لرجال القضاء الشرعى من كان قائما بالخدمة منهم وألحق بالمحاكم ومن زايلته هذه الصفة قبل حصول هذا الإدماج، لأن رجال القضاء الشرعى لم تكن تمتد الى منازعتهم ولاية الجمعية العمومية لمحكمة النقض حين كان لهم كيان خاص وجهة قضاء مستقلة – كما سلف البيان – ولما صدر التعديل الأول للمادة 23 من قانون نظام القضاء بموجب القانون رقم 240 لسنة 1955 باضافة الشئون المالية لرجال القضاء والنيابة – كالمنازعات الخاصة برواتبهم ومكافآتهم ومعاشاتهم – الى اختصاص محكمة النقض ظل هذا الحكم مقصورا على رجال القضاء الوطنى فحسب باعتبار أن محكمة النقض مشكلة على الوجه السابق هى أحق الجهات بالاختصاص بأمور سدنة السلطة القضائية.
ومن حيث أنه يبين من كل ما تقدم أن ولاية محكمة النقض بنظر المنازعات الخاصة برجال القضاء مناطها أن يكونوا ممن يعتبرون من رجال القضاء الوطنى، وبهذه المثابة لا تختص محكمة النقض بنظر المنازعات الخاصة بمن كانوا أصلا من رجال القضاء الشرعى الا اذا كانوا ممن اندمجوا فى القضاء الوطنى بالتطبيق للقانون رقم 630 لسنة 1955، فأصبحوا بهذا الاندماج معتبرين حاليا من رجال القضاء الوطنى، وتبعا لذلك يشمل اختصاص محكمة النقض المنازعات الخاصة بهم بالتطبيق للقانون المشار اليه، أما من كانوا من رجال القضاء الشرعى وأحيلوا الى المعاش قبل الاندماج فهؤلاء لا يعتبرون فى أى وقت من رجال القضاء الوطنى حتى يمتد اختصاص محكمة النقض اليهم بهذا الوصف وانما يظل للقضاء الادارى اختصاصه بنظر المنازعات الخاصة بهم باعتبارهم من رجال القضاء الشرعى السابق ولم يصبحوا فى أى وقت ما من رجال القضاء الوطنى.
ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب يكون ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعة الحاضرة صحيحا ويكون الطعن والحالة هذه قد قام على غير أساس سليم من القانون متعينا رفضه.
(ب) عن الموضوع:
ومن حيث أن الطعن ولئن اقتصر على ما قضى به الحكم المطعون فيه فى الاختصاص، الا أنه بفتح يفتح الباب لاعمال هذه المحكمة رقابتها وادارة نظرتها على ما قضى به فى الموضوع حسبما جرى عليه قضاؤها.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من الاوراق الطعن – تتحصل فى أن المدعى – وهو قاض شرعى سابق – رفع تظلما الى اللجنة القضائية لوزارة العدل بعريضة أودعها سكرتيرية هذه اللجنة فى 7 من فبراير سنة 1954 وطلب فيها الحكم له بضم مدة خدمته بوزارة الأوقاف الى مدة خدمته بوزارة العدل المحسوبة فى المعاش مع استعداده لأداء ما يطلب منه من احتياطى المعاش عن المدة المذكورة، وقال شرحا لدعواه أنه عين فى أواخر سنة 1912 مدرسا وخطيبا واماما بوزارة الاوقاف وكان حاصلا على الشهادة الاهلية الازهرية ثم نال فى أواخر سنة 1917 درجة العالمية ولبث فى عمله سالف الذكر الى أن عين فى 22 من أغسطس سنة 1925 كاتبا بالمحاكم الشرعية وظل موظفا بهذه المحاكم الى أن عين موظفا قضائيا اعتبارا من 19 من يونية سنة 1946 ثم رقى قاضيا بالمحاكم الشرعية اعتبارا من 8 من ديسمبر سنة 1947 وبقى فى هذه الوظيفة حتى أحيل الى المعاش لبلوغه السن القانونية اعتبارا من 8 من مارس سنة 1951 وأوضح أن خدمته بوزارة الاوقاف تقارب ثلاث عشرة سنة، والمنشورات الدورية الصادرة فى سنتى 1943، 1944 تقضى بحسبانها ضمن خدمته المحسوبة فى المعاش ولهذا فقد طلب ضمها وحسابها فى المعاش. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأنه قد سبق أن أبدت بكتابها المؤرخ فى 3 من يونية سنة 1951 والرقيم 23/ 455/ 8 رأيها ومؤداه عدم جواز حساب هذه المدة لان المدعى كان من مستخدمى الشعائر الدينية بالمساجد وهى خدمة لا تنطبق عليها لوائح المعاشات والمكافآت، لان مستحقاتهم الشهرية تصرف لهم كأجر على عمل تنفيذا لشروط الواقفين، كما أن المدعى لم يكن خلال المدة من 14 من ديسمبر سنة 1912 الى 21 من أغسطس سنة 1925 موضوعا على درجة من درجات ميزانية الوزارة. وقد أحيل التظلم سالف الذكر بحالته الى المحكمة الادارية المختصة عند انشاء المحاكم الادارية بالقانون رقم 147 لسنة 1954 ثم أحيلت الدعوى مرة أخرى الى محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") طبقا للقانون رقم 165 لسنة 1955 على اعتبار أن المدعى هو من موظفى الفئة العالية. وبعد أن تداولت الدعوى فى الجلسات وحجزتها المحكمة للحكم اعادتها للمرافعة مع تكليف المفوض ايداع تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع. فقدم المفوض هذا التقرير الذى انتهى فيه الى رفض الدعوى. وبجلسة 25 من مارس سنة 1957 حكمت محكمة القضاء الادارى "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وأسست قضاءها بالنسبة للموضوع على أن "الثابت من رد الوزارة أن المدعى كان فى الفترة من 14 من ديسمبر سنة 1912 الى 20 أغسطس سنة 1925 يعمل اماما ومدرسا وخطيبا بمعنى أنه كان من مستخدمى الشعائر الدينية بالمساجد وهذه الطائفة لا تنطبق عليها لوائح المعاشات ولا المكافآت لان استحقاقاتهم الشهرية تصرف لهم كأجر على عمل تنفيذا لشروط الواقفين كما أنه فى هذه الفترة لم يكن موضوعا على درجة الميزانية وبذلك كان المركز القانونى للمدعى مرده الى شرط الواقفين وحالة ريع الاعيان الموقوفة وليس الى موارد ميزانية الوزارة العامة ومزايا الوظيفة فيها حسبما تنظمها القوانين واللوائح، كما أن ولاية الوزارة على هذه الاوقاف التى يصرف منها المدعى لا تعدو أن تكون ولاية موقوتة بصفة حارس قضائى، فعلاقة المدعى والحالة هذه بالوزارة فى المدة من ديسمبر سنة 1912 الى أغسطس سنة 1925 كانت علاقة استحقاق لمرتب مشروط فى وقف تديره مما يدخل فى مجال القانون الخاص وليس علاقة وظيفة عامة مما يدخل فى نطاق القانون العام ومن ثم لم يكن المدعى خلال الفترة المذكورة من الموظفين العامين الذين يحق لهم الافادة من قواعد ضم مدد الخدمة فى المعاش اذ أنه خلال مدة خدمته بوزارة الاوقاف لم يكن معتبرا موظفا عموميا كما أنه لم يكن موضوعا خلالها على درجة فى الميزانية ومن ثم لا يجوز ضم هذه المدة فى احتساب المعاش ويكون طلب المدعى لا سند له من القانون متعينا رفضه".
ومن حيث أنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الاوراق أن السيد/ محمود محمد ضاحى حصل على شهادة العالمية من الازهر فى سنة 1917 وأنه عمل اماما وخطيبا ومدرسا بمسجد الكشكية التابع لقسم المساجد بوزارة الاوقاف حتى فصل بالاستقالة فى 21 من أغسطس سنة 1925 ثم عين – بعد نجاحه فى الكشف الطبى – كاتبا بالمحاكم الشرعية تحت الاختبار اعتبارا من 22 من أغسطس سنة 1925 براتب شهرى قدره 500 م ر7 ج وفى 11 من سبتمبر سنة 1926 ثبت فى وظيفته نهائيا ولما صدر قانون المعاشات الملكية رقم 37 لسنة 1929 وقع اقرارا على استمارة خاصة بقبوله المعاملة بأحكامه، وفى 19 من يونية سنة 1946 عين موظفا قضائيا بالمحاكم الشرعية ثم رقى قاضيا بهذه المحاكم اعتبارا من 8 من ديسمبر سنة 1947 وبقى فى هذه الوظيفة الى أن أحيل الى المعاش لبلوغه السن القانونية اعتبارا من 8 من مارس سنة 1951 وقد قدم فى 19 من ديسمبر سنة 1950 طلبا بضم مدة خدمته السابقة فى وزارة الاوقاف حيث كان يعمل بمساجدها مدرسا وخطيبا من ديسمبر سنة 1912 حتى 20 من أغسطس سنة 1925 الى خدمته استنادا الى قرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 ولم يثبت من ملف خدمته أنه قدم طلبا باحتساب هذه المدة ضمن مدة خدمته المحسوبة فى المعاش – وهو موضوع دعواه الحالية – كما تبين لهذه المحكمة من مطالعة هذا الطلب المؤرخ 19 من ديسمبر سنة 1950 بأن المدعى أقر فيه بأنه لم يكن – طيلة المدة المقضية فى وزارة الاوقاف معينا على درجة طبقا للنظام الذى كان متبعا آنذاك مع المدرسين والخطباء بمساجد وزارة الأوقاف، كما تبين من رد وزارة الاوقاف على الدعوى أن المدعى لم يكن موضوعا على درجة بميزانية الوزارة المذكورة، وإنما كانت تصرف له مستحقاته الشهرية كأجر على عمل يقوم به تنفيذا لشروط الواقفين. وذلك خلال المدة التى عمل فيها من 14 من ديسمبر سنة 1912 الى أن التحق بخدمة وزارة العدل كاتبا بالمحاكم الشرعية فى 22 من أغسطس سنة 1925.
ومن حيث أنه فى 15 من أبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية وقد نصت المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التى لم يجر على مرتبها حكم الاستقطاع لا تحسب فى تسوية المعاش فى أى حال من الاحوال… ويستثنى من ذلك مدة الاختبار المقررة فى اللائحة العمومية لقبول وترقية المستخدمين الملكيين فان هذه المدة التى تحسب فى المعاش…", واستمر العمل بأحكام هذا القانون، فيما يتعلق بحساب مدة الخدمة فى المعاش، الى 8 من مايو سنة 1922 حيث صدر القانون رقم 22 لسنة 1922، وقد نصت المادة الاولى منه على أنه "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفى الحكومة ومستخدميها يكون مقيدا من قبل أو يعين فيما بعد فى سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة فى المائة من ماهيتهم يجوز أن يدخل فى حساب معاشه طبقا للمواد الآتية: مدد خدماته السابقة التى لم يستقطع عنها شئ مما ذكر على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة…". وفى 28 من مايو سنة 1929 صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية ونص فى المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التى لا يجرى على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب فى تسوية المعاش أو المكافأة فى حال من الأحوال". واستثنت المادة من ذلك "مدة الاختبار المقررة فى اللائحة لقبول وترقية المستخدمين الملكيين". وكذلك "المدة التى تقضى فى البعثات التى ترسلها الحكومة الى الخارج…". وفى 28 من مايو سنة 1929 أيضا صدر المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 ملغيا القانون رقم 22 لسنة 1922 ومضيقا من نطاق تطبيق أحكامه، فقد نصت المادة الثانية منه على أنه "تدخل فقط فى حساب المعاش المدد التى فى أثنائها كانت ماهية الموظف أو المستخدم محسوبة على وظيفة دائمة، على أنه اذا تخللت مدة خدمته فترات قيد فى أثنائها بمقتضيات مصلحية على وظائف مؤقتة دون أن يغير طبيعة عمله ثم أعيد قيده على وظيفة دائمة، فهذه الفترات تحسب مدة خدمة فى وظائف دائمة". ثم صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 1935 مبطلا العمل بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 سالف الذكر.
ومن حيث أنه الرغم من أن نصوص القوانين المشار اليها آنفا ما كانت تجيز حساب بعض مدد الخدمة فى المعاش إلا فى الحدود التى رسمتها حسبما سلف بيانه، فان مجلس الوزراء درج بعد ذلك على اصدار قرارات مختلفة – عامة وفردية – تقضى بحساب مدد خدمة فى المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين، ولذلك لم يكن محيص من العمل على تصحيحها فتقدمت الحكومة فى أوائل سنة 1951 الى البرلمان واستصدرت القانون رقم 86 لسنة 1951 الذى نصت مادته الاولى على أن "تعتبر فى حكم الصحيحة القرارات التى صدرت من مجلس الوزراء فى المدة من 4 من يونية سنة 1929 الى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون وكذلك القرارات التى تضمنت تدابير خاصة بتجاوز احتساب مدد فى المعاش، سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929، وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها". وقد ورد قرارا مجلس الوزراء الصادرين فى 21 من يونية سنة 1938 و30 من أكتوبر سنة 1938 – بما تضمناه من قواعد لحساب مدد الخدمة فى المعاش ما كانت تجيزها القوانين المعمول بها – ضمن القرارات المبينة فى الكشف المشار اليه المرافق للقانون رقم 86 لسنة 1951.
ومن حيث أنه ولئن كان المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 هو القانون الذى قبل المدعى المعاملة بأحكامه طبقا لاقراره المقدم على استمارة خاصة فى 30 من أكتوبر سنة 1929 على ما سلف ايضاحه، الا أن قرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 21 من يونية سنة 1938 و30 من أكتوبر سنة 1938 اللذين صحح أحكامهما القانون رقم 86 لسنة 1951 قد نظما قواعد خاصة لحساب مدد الخدمة المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال أو بالمياومة فى المعاش استثناء من أحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 المتقدم الذكر، وأصبح هذا التنظيم محتوم السريان على طائفة بذاتها من الموظفين تفيد من أحكامها، ومنها المدعى، وقد تكفل منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 بتفصيل هذه الاحكام وتوضيحها بما خول لبعض فئات الموظفين حق طلب ضم مدد خدمتهم المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال فى حساب المعاش، بالشروط والاوضاع التى نص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922 دون أى قانون آخر للمعاشات وأوجبت المادة الثامنة منه على الموظفين الحاليين (وقتذاك) الذين يفيدون من أحكام هذا المنشور أن يقدموا الى مصلحتهم طلبا بذلك فى ميعاد شهرين من تاريخ نشر هذا المنشور فى الوقائع الرسمية، وقد تم هذا النشر فى 28 من يولية سنة 1940.
ومن حيث أنه توكيدا لما سلف قد نص البند "أولا" من منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 الصادر فى 2 من يونية سنة 1940 والموضح لأحكام قرارى مجلس الوزراء آنفى الذكر على أن "الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل الغاء القانون رقم 22 لسنة 1922 – أى قبل 4 من يونية سنة 1929 – وثبتوا أو يثبتون بعد هذا التاريخ، لهم أن يحسبوا فى تسوية المعاش كل مدد خدمتهم المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال أو بالمياومة بالشروط التى كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922".
ومن حيث أن المادة الاولى من القانون رقم 22 لسنة 1922 قد جرى نصها بالآتى: "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفى الحكومة ومستخدميها يكون مقيدا من قبل أو يعين فيما بعد فى سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة فى المائة من ماهياتهم يجوز أن يدخل فى حساب معاشه طبقا لاحكام المواد الآتية مدد خدماته السابقة التى لم يستقطع عنها شئ مما ذكر، على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة، وأن يكون قد قام بتلك الخدمات فى السن المشترطة فى المادة 8 من القانون نمرة 5 لسنة 1909".@@
ومن حيث أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يتعين تطبيق أحكام منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 فى حق من توافرت فيه شروطه – وهى الشروط التى كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922 – كما قضت أيضا بأن المرجع فى حساب مدد الخدمة المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال فى تسوية المعاش كان فى جميع الاوقات وفى ظل النصوص التشريعية وقرارات مجلس الوزراء ومنشور وزارة المالية المتقدم الذكر هو الى الشروط الواردة فى القانون رقم 22 لسنة 1922 والجوهرى فى هذه الشروط هو أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة، وهذا الشرط يستلزم أمرين: (أولهما) أن تكون هناك ماهية دفعت بتكييفها القانونى الصحيح، فيخرج بذلك الاجر والمكافأة وكل ما لا تتوافر فيه خصائص الماهية ومقوماتها. و(الثانى) أن يكون الدفع قد تم مشاهرة وهذا توكيد للمعنى الاول من وجوب أن يتعلق الدفع بماهية لا بأجر ولا بمكافأة أو ما شبهه.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعى أنه التحق بوزارة العدل فى 22 من أغسطس سنة 1925 بوظيفة كاتب بالمحاكم الشرعية بماهية شهرية مقدارها 500م ر7ج فى احدى وظائف الدرجة "جـ" وهى وظيفة دائمة، ولما أوصى بتثبيته بعد نجاحه فى الكشف تقرر هذا التثبيت اعتبارا من 11 من سبتمبر سنة 1926 وأنه تقدم بطلب فى 19 من ديسمبر سنة 1950 بحسان مدة خدمته بوزارة الأوقاف فى أقدمية الدرجة باعتباره من حملة المؤهلات الدراسية (شهادة العالمية من الازهر فى سنة 1917) بالتطبيق لقرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 20 من أغسطس سنة 1950 و15 من أكتوبر سنة 1950 وقد ورد فى الطلب المذكور أن خدمته السابقة بوزارة الأوقاف قضاها على غير درجة بالميزانية ويستفاد من ذلك ومن سائر أوراق الملف أنه لم يقدم طلبا بحساب خدمته بوزارة الأوقاف السابقة على تعيينه بوزارة العدل فى ضمن مدة خدمته المحسوبة فى المعاش. ويتضح من البيان المتقدم أنه حتى على افتراض أن الرابطة التى كانت تربط المدعى بوزارة الأوقاف هى علاقة من علائق القانون العام لا القانون الخاص كما تؤكد هذه الوزارة فانه لا يتوافر فى حق المدعى شروط انطباق أحكام منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 بالنسبة لمدة خدمته التى قضاها بوزارة الأوقاف لانه لم يقدم طلبا بحسابها فى الميعاد القانونى، ومن ثم لا يحق له بلا أدنى شبهة أن يطلب ضم تلك الخدمة من 14 من ديسمبر سنة 1912 الى 21 من أغسطس سنة 1925 فى ضمن خدمته المحسوبة فى المعاش طبقا للقانون رقم 22 لسنة 1922 – و هو القانون الذى يحكم واقعة الدعوى.
ومن حيث أنه تأسيسا على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى قضائه فى النتيجة التى انتهى اليها ويتعين لذلك تأييده.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات