الطعن رقم 313 لسنة 4 ق: – جلسة 13 /02 /1960
مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة – العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) – صـ
339
جلسة 13 من فبراير سنة 1960
برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة على بغدادى وعادل شعبان والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
القضية رقم 313 لسنة 4 القضائية:
مناقصة عامة – الأحكام المنظمة للمناقصات والمزايدات – القانون
رقم 236 لسنة 1954، وقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957، ولائحة المخازن والمشتريات
– الجهات التى تتولى التعاقد – لجنة فتح المظاريف، ولجنة البت، وجهة التعاقد – مدى
اختصاص كل منها – لجنة فتح المظاريف تقوم بفتح المظاريف – لجنة البت تقوم باتمام الاجراءات
بقصد الوصول الى تعيين أفضل المناقصين أو المزايدين حسب القانون – اختصاص لجنة البت
اختصاص مقيد – قرارها بإرساء المناقصة على أحد المتقدمين ليس الا اجراء تمهيديا فى
عملية العقد الادارى المركبة – الجهة المختصة بابرام العقد – سلطتها فى ابرام العقد
مقيدة اذا رأت ابرامه وتقديرية اذا رأت العدول عنه.
(ب) الغاء المناقصة – جوازه من جانب الادارة سواء قبل البت فيها أو بعده – سبب الالغاء
قبل البت يجب أن يكون الاستغناء نهائيا عن المناقصة – سبب الالغاء بعد البت يكون بتوافر
احدى الحالات المنصوص عليها فى المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954.
(جـ) الغاء المناقصة لسبب الاستغناء عنها نهائيا – المقصود بالاستغناء النهائى عن المناقصة،
أما تبين عدم الحاجة الى المواد أو الاستغناء عن المناقصة كوسيلة للحصول عليها – أساس
ذلك.
(د) الغاء المناقصة لسبب الاستغناء عنها نهائيا – نص الفقرة الثالثة من المادة السابعة
من القانون رقم 236 لسنة 1954 على صدور قرار الالغاء من رئيس المصلحة – لا يحول دون
الغائها بقرار من الوزير فى الحالة المنصوص عليها فى المدة 71 من هذا القانون.
1 – أن جهة الادارة عندما تتعاقد مع الافراد أو الهيئات بطريق المناقصة العامة تسير
فى ذلك على مقتضى القواعد والأحكام المضمنة فى القانون رقم 236 لسنة 1954 الصادر فى
22 من أبريل سنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات، وهو الذى حل محل المرسوم بقانون
رقم 58 لسنة 1953 بتنظيم المناقصات، وكذلك القواعد المنصوص عليها فى لائحة المخازن
والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء فى 6 من يونيه سنة 1948 فى نطاق تطبيقها،
وفيما لا يتعارض منها مع احكام القانون المذكور، وقد نصت المادة 13 من القانون رقم
236 لسنة 1954 على أن ينظم بقرار من وزير المالية والاقتصاد ما لم ينظمه هذا القانون
من أحكام واجراءات، وقد صدر القرار رقم 542 لسنة 1957 باصدار لجنة المناقصات والمزايدات
– ومقتضى هذا التنظيم الادارى أن الاجراءات التى تنتهى بالتعاقد تتولاها جهات ثلاث،
الاولى: لجنة فتح المظاريف، والثانية: لجنة البت فى العطاءات، والثالثة: جهة التعاقد.
ولكل من هذه الجهات الثلاث اختصاص معين. فلجنة فتح المظاريف، كما هو واضح من تسميتها،
تقوم بفتح مظاريف العطاءات المقدمة تمهيدا لفحصها والتأكد من مطابقتها للشروط المعلن
عنها، واستبعاد العطاءات التى لا تستوفى الشروط لسبب أو لآخر. وقد نظمت اجراءاتها المادة
56 من لائحة المناقصات والمزايدات. بعد ذلك تقوم لجنة البت بمهمتها وهى اتمام الاجراءات
بقصد الوصول الى تعيين أفضل المناقصين أو المزايدين حسب القانون. وقد حددت اختصاصات
هذه اللجنة المواد من 3 الى 6 من القانون سالف الذكر، والمواد 67 وما بعدها من اللائحة،
واختصاص اللجنة هنا اختصاص مقيد تجرى فيه على قواعد وضعت لصالح الادارة والافراد على
السواء بقصد كفالة احترام مبدأ المساواة بين المناقصين جميعا. وقرار لجنة البت بارساء
المناقصة على أحد المتقدمين ليس الخطوة الاخيرة فى التعاقد، بل ليس الا اجراء تمهيديا
فى عملية العقد الادارى المركبة. ثم بعد ذلك يأتى دور اللجنة المختصة بابرام العقد،
فاذا رأت أن تبرمه فانها تلتزم بابرامه مع المناقص الذى عينته لجنة البت واختصاصها
فى هذه الحالة اختصاص مقيد حيث تلتزم بالامتناع عن التعاقد مع غير هذا التناقض، ولا
تستبدل غيره به. الا أنه يقابل هذا الاختصاص المقيد سلطة تقديرية هى حق هذه الجهة فى
عدم اتمام العقد وفى العدول عنه اذا ثبتت ملاءمة ذلك لاسباب تتعلق بالمصلحة العامة.
2 – نصت المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 على أن "تلغى المناقصات بقرار
مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها، وقبل البت فيها اذا استغنى عنها نهائيا. أما
فى غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة الغاء المناقصة فى احدى الحالات الآتية:اذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة الا عطاء واحد. اذا اقترنت
العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات. اذا كانت قيمة الأقل تزيد على القيمة السوقية.
ويكون الالغاء فى هذه الحالات بقرار من رئيس المصلحة بناء على رأى لجنة البت من العطاءات".
ومفاد هذا النص أن المشرع أجاز الغاء المناقصة فى جميع الأحوال سواء قبل البت فيها
أو بعد ذلك. الا أنه فى حالة الالغاء قبل البت فى المناقصة يجب أن يكون سبب الالغاء
هو الاستغناء نهائيا عن المناقصة. وأن يحصل الالغاء بقرار مسبب من رئيس المصلحة. أما
اذا كان قد تم بعد البت فى المناقصة فان الالغاء فى هذه الحالة جوازى، ويكون فى احدى
الحالات المشار اليها فى المادة المذكورة، ويكون لرئيس المصلحة ايضا، وبقرار منه بناء
على رأى لجنة البت. وظاهر أن هدف المشرع من تقرير حق الادارة على هذا النحو، مقصود
به تغليب المصلحة العامة، ورعاية خزانة الدولة، فاذا ما تغيت جهة الادارة هذه الغاية،
وحققت هذا الهدف، كان قرارها فى هذا الشأن سليما مطابقا للقانون.
3 – أن عبارة "اذا استغنى عنها" والتى اشترطتها الفقرة الأولى من المادة السابعة من
القانون رقم 236 سنة 1954 لجواز الغاء المناقصات لا تنصرف فقط الى الاستغناء عن المادة
المطروحة فى المناقصة العامة، اذ قد يكون المقصود بالاستغناء أما تبين عدم الحاجة الى
المواد أو الاستغناء عن المناقصة العامة كوسيلة للحصول عليها، لان غير هذه الوسيلة
قد يكون أصلح من وجهة المصلحة العامة، يؤكد ذلك ما نصت عليه المذكرة الايضاحية فى هذا
الخصوص، وقد جاء فيها: "وقد تناولت المادة السابعة الأحوال التى يجوز فيها الغاء المناقصة
بعد النشر عنها، وقبل البت فيها، وجعلت لرئيس المصلحة وحده سلطة الغائها اذا استغنى
عنها نهائيا لالغاء الاعتماد المخصص لها مثلا أو لاى سبب آخر مشابه".
4 – لا محل لما ذهب اليه الطعن من أن القرار الصادر من الوزير بالغاء المناقصة والاتجاه
الى طريق الممارسة قد صدر ممن لا يملك اصداره. اذ كان يتعين أن يصدر من رئيس المصلحة
وحده وفقا للفقرة الثالثة من المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954، لا محل
لذلك لمخالفة هذا الزعم لاحكام القانون ودليل ذلك ما نصت عليه المادة 60 من اللائحة
السابقة وهى تقابل المادة 18 من قرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 باصدار لائحة
المناقصات والمزايدات، التى تنص على انه "اذا اختلف رأى لجنة البت أو رأى أغلبيتها
مع رأى رئيس المصلحة أو السلاح أو رئيس المنطقة أو الوحدة أو الفرع حول استبعاد بعض
العطاءات أو اعتبار العطاء أصلح العطاءات لارساء المناقصة على مقدمه أو اجراء أو عدم
اجراء المفاوضة، أو غير ذلك، فيعرض الأمر على وكيل الوزارة المختص للبت فيه نهائيا
أما بمعرفته مباشرة أو بعد عرضه على لجنة فنية برياسته اذا رأى ذلك. أما اذا كان الخلاف
فى الرأى بين لجنة البت فى الوزارة وبين وكيل الوزارة، فيكون القرار النهائى للوزير".
وهذا الحكم يصدق تماما على ما سبقت الاشارة اليه من اختلاف وجهات النظر بين تقرير لجنة
البت والسيد وكيل وزارة الصحة مما أدى الى عرض الأمر على السيد الوزير فأقر وجهة نظر
وكيل الوزارة للاسباب التى أدت الى اصدار القرار محل الطعن.
اجراءات الطعن
فى 13 من مارس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتير المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها برقم 313 لسنة 4 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الخامسة) بجلسة 12 من يناير سنة 1958 فى الدعوى رقم 1270 لسنة 11 القضائية المرفوعة من محمد أمين عزب ضد وزارة الصحة العمومية والذى يقضى برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن "قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بالغاء القرار الصادر من وزارة الصحة بالغاء المناقصة، وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الوزارة المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن الى وزارة الصحة العمومية فى 10 من مايو سنة 1958 والى المطعون لصالحه فى 12 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أحيل الى المحكمة الادارية العليا للمرافعة بجلسة 19من ديسمبر سنة 1959 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم مع الترخيص فى تقديم مذكرات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المدعى أقام
الدعوى رقم 1280 لسنة 11 القضائية ضد وزارة الصحة العمومية أمام محكمة القضاء الادارى
بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 26 من أغسطس سنة 1957 قال فيها أن الوزارة المدعى
عليها قامت بطرح كمية قدرها 814 طنا من مادة سلفات النحاس المنجرى اللازمة لها العام
المالى 1957 – 1958 فى مناقصة عامة أعلن عنها فى الوقائع الرسمية والصحف وعن طريق السفارات
المصرية بالخارج والاجنبية فى مصر وتحدد لفتح مظاريف هذه المناقصة يوم 7 أغسطس سنة
1957 وفيه فتحت اللجنة المشكلة لهذا الغرض المظاريف التى قدمت لها فى الموعد المحدد
للتقديم، وكان عطاء المدعى أرخص العطاءات المقدمة اذ تقدم بسعر قدره 91 جنيها و810
مليمات للطن الواحد من الاربعمائة طن الأولى و91 جنيها و110مليمات عن باقى الكمية وقدرها
414 طنا.
ولما كان عطاء المدعى هو أقل العطاءات مقرونا ببعض شروط أوردها فى عطائه فقد قامت الوزارة
بمفاوضته للتنازل عن بعض هذه الشروط. وقد وافق المدعى على طلبات الوزارة وتم اعتماد
نتيجة المفاوضة ووافق عليها وكيل الوزارة المختص. كما وافقت وزارة المالية على الشروط
المالية التى اشترطها المدعى فى عطائه واخطرت وزارة الصحة بهذه الموافقة. ثم اجتمعت
بعد ذلك لجنة البت، واعتمدت عطاء المدعى ثم بعثت برأيها الى وكيل الوزارة المختص بشئون
المخازن فوافق سيادته فى 20 من أغسطس سنة 1957 على اعتماد رأى لجنة البت، واعتماد المناقصة
وارساء العطاء على المدعى. واستطرد المدعى قائلا: أنه على الرغم من كل تلك الاجراءات
السليمة المتعاقبة، فإن احدى الشركات المنافسة كانت قد تقدمت الى لجنة فتح المظاريف،
بعد فتحها بعشرة أيام بخطاب توافق فيه على تخفيض سعرها الى 90جنيها و800 مليم، ولكن
نظرا لورود هذا السعر بعد فتح المظاريف، واحتراما لجدية العطاءات وتنفيذا للائحة المخازن
الصادرة فى 6 من يونيه سنة 1948 واحتراما للقانون رقم 236 الصادر فى 22 من ابريل سنة
1954 الخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات، قامت لجنة فتح المظاريف باستبعاد هذا العرض
الجديد، وأثبتت ذلك فى محضرها لجنة البت فى العطاءات. ولكن هذا الاجراء لم يرض الشركة
المنافسة فتقدمت فى 21 من أغسطس سنة 1957 الى وكيل وزارة آخر غير مختص، بطلب الغاء
نتيجة المناقصة واعادتها ثانية حتى يتسنى لها التقدم بسعرها الجديد، وقدره 90 جنيها
و800 مليم. وقد وافق وكيل الوزارة غير المختص على الغاء المناقصة والغاء اعتماد رسو
العطاء على المدعى، على أن تطرح الكمية اللازمة للوزارة وقدرها 814 طنا من المادة المذكورة
فى ممارسة بين مقدمى العطاء السابق، ولما كان هذا التصرف مخالفا للقانون فانه يحق للمدعى
طلب وقف تنفيذ هذا القرار، وفى الموضوع بالغائه مع حفظ حقه فى كافة التعويضات للأسباب
الآتية:" نص القانون رقم 236 لسنة 1954 على انه يجب أن يكون شراء جميع الاصناف
والمهمات اللازمة للوزارات والمصالح العامة عن طريق مناقصات يعلن عنها، ومنعت الشراء
بالممارسة الا فى حدود حددتها لا تنطبق على حالة العطاء المعروض. كما نص على أنه لا
يجوز بعد فتح المظاريف الدخول فى مفاوضة مع أحد من مقدمى العطاءات فى شأن تعديل عطائه،
كما لا يجوز بعد البت فى طلبات الاستبعاد، ارساء المناقصة الا على صاحب اقل عطاء، وحددت
المادة السابعة من القانون الحالات التى يجوز فيها الغاء المناقصة سواء قبل البت فيها
أو بعده. وهى حالات لا تقرب من قريب أو من بعيد من حالة العطاء موضوع هذه الدعوى. نصت لائحة المخازن والمشتريات الصادرة فى 6 من يونيه سنة 1948 فى المادة 161على أن
يعتمد رئيس المصلحة توصيات لجنة العقود عن مناقصات لا تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه،
وما زاد على ذلك يعتمد من وكيل الوزارة، وانتهت صحيفة الدعوى الى تركيز وقائع هذه المنازعة
فى أن عطاء المدعى كان أقل العطاءات عند فتح المظاريف وان لجنة البت أوصت بارساء العطاء
عليه، وأن وكيل الوزارة المختص اعتمد توصية لجنة البت، وأن وكيل الوزارة غير المختص
قد ألغى قرار المناقصة لاسباب بعيدة عن القانون، اذ لا يجوز الغاء العطاء بعد الإعلان
عنه الا لسببين محددين فى المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954، ثم صدر قرار
الشراء بالممارسة بين المتقدمين فى العطاء وهذا ممنوع اذ لا يجوز بالممارسة لما زادت
قيمته على المائتى جنيه، بينما العطاء المطروح تبلغ قيمته حوالى ثمانين ألف جنيه، وفضلا
عن ذلك فانه لم يثبت جدية عرض الشركة المنافسة، اذ أنها لم تقدم الضمان الواجب لكل
من يدخل فى المناقصة طبقا لقانون المخازن والمشتريات، وقد وافق السيد الوزير على ما
ارتآه السيد وكيل الوزارة غير المختص. ومن ثم تكون وزارة الصحة قد وقعت فى خطأ مرده
الى مخالفة القوانين واللوائح المنظمة للمناقصات والمزايدات، وخرج المسئولون عن اختصاصهم
فيما قرروه بشأن هذه المناقصة مما ألحق بالمدعى أضرارا بليغة يصعب تداركها، اذ أنه
اضطر الى الارتباط مع عملائه فى الخارج على هذه الكمية خاصة وأن مادة (كبريتات النحاس)
تخضع أسعارها للسعر الرسمى بالبورصة وهو عرضه للتقلبات. وخلص المدعى الى طلب الحكم،
أولا – بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بالغاء المناقصة. ثانيا – وفى الموضوع
بالغائه مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الاتعاب مع حفظ حقه فى المطالبة بالتعويض.
ومن حيث ان وزارة الصحة العمومية ردت على هذه الدعوى بمذكرة بدفاعها، وأرفقت بها حافظة
مستندات، ويتحصل دفاعها فى أنها طرحت، لأول مرة فى 22 من مايو سنة 1957 فى مناقصة عامة،
توريد 814 طنا من مادة كبريتات النحاس المنجرى ووزعت نسخة المناقصة على قناصل الدول
الاجنبية بمصر وعلى المكاتب التجارية المصرية بالخارج، كما أعلن عنها بداخل الجمهورية
فى الجريدة الرسمية ومجلة السكك الحديدية وبعض الصحف المحلية وجريدة أجنبية. فتقدمت
فى هذه المناقصة عدة عطاءات من بينها عطاء المدعى وعطاء شركة الصناعات الكيماوية الامبراطورية
فكان العطاء الاول عن الكمية كلها، وكان العطاء الثانى عن كمية 500 طن فقط. وقامت لجنة
العقود بالبت فى هذه المناقصة فى 26 من مايو سنة 1957 وقررت: مفاوضة شركة الصناعات
الكيماوية الامبراطورية باعتباره أقل الأسعار (سيف) ولتقديم أسعارها عن الكمية المقدمة
منها تسليم المخازن الحكومية داخل الدائرة الجمركية بالاسكندرية فحسب شروط المناقصة.
مفاوضة المدعى لتخفيض سعره والتنازل عن شروطه فى المناقصة باعتباره صاحب العطاء
الوحيد المطابق لشروط تسليم المخازن الجمركية. كما رأت اللجنة فى 30 من مايو سنة 1957
أن تطلب من مصلحة الجمارك معرفة الرسوم الجمركية، وباقى المصاريف المطلوب اضافتها على
السعر (سيف) حتى المخزن بالدائرة الجمركية لا مكان عمل مقارنة بين أسعار (سيف) وأسعار
تسليم المخزن المذكور، وقد تحرر للجمارك وورد ردها فى أول يونيه سنة 1957. ثم قامت
لجنة العقود بفحصه فى 3 من يونيه سنة 1957 وقررت أنها أتمت المفاوضة مع المدعى باعتباره
صاحب العطاء الوحيد لتسليم أحد المخازن داخل الدائرة الجمركية بالاسكندرية وخفض سعره
الى 102 جنيه و500 مليم للطن الواحد. أما تعديله للسعر (سيف) الى 84 جنيها و804 مليمات
بدلا من 91 جنيها و570 مليما فيعتبر تعديلا لعطاء بعد فتح المظاريف، ولا يلتفت إليه
وفقا للمادة الرابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 فضلا عن أن اللجنة لم تطلب منه ذلك
لوجود عطاء (سيف) أقل منه مقدم من شركة الصناعات الكيماوية الامبراطورية التى وصفتها
اللجنة باعتبارها اقل الاسعار (سيف) وقدمت سعرا آخر تسليم أحد المخازن داخل الدائرة
الجمركية بالاسكندرية، فأعطت 102 جنيه و700 مليم للطن الواحد، كما قبلت الشركة تعديل
الشروط التى طلبت اللجنة منها تعديلها بما يتفق مع صالح الوزارة حسب قرارها نتيجة المفاوضة
المؤرخة فى 29 من مايو سنة 1957، 3 من يونيه سنة 1957 ورفع الامر للسيد وكيل الوزارة
للموافقة على نتيجة المفاوضة. وبناء على قرار اللجنة الثانى فى 30 من مايو سنة 1957
بطلب الاستعلام من مصلحة الجمارك عن قيمة الرسوم الجمركية للمادة الموردة بما فى ذلك
جميع المصاريف التى تضاف على السعر (سيف) حتى دخول الصنف لاحد المخازن الموجودة فى
الدائرة الجمركية بالاسكندرية حسب شروط المناقصة، وباستعراض رد الجمارك فى أول يونيه
سنة 1957 الموضح به الرسوم الجمركية وهى ثلاثمائة مليم رسم وارد لكل مائة كيلو قائم،
3% رسم قيمى من الفاتورة، ورسم اضافى إحصائى 1% رصيف وبلدية من الفاتورة، 7% رسم استيراد
من القيمة عن الحصول على ترخيص الاستيراد، ويسدد بمعرفة المستورد عادة والمبلغ الأخير
ستقوم الوزارة بتسديده حسب شروط العطاء. وبحساب جميع تلك الرسوم واضافة مبلغ جنيه كحد
أقصى لنقل الطعن الواحد من الرصيف بالجمرك الى المخزن، واضافتها جميعا الى أقل الأسعار
سيف المقدم من شركة الصناعات الكيماوية الامبراطورية اتضح للجنة أن من صالح الوزارة
الترسية على هذه الشركة بسعر السيف المقدم منها وهو 12190 فرنكا بلجيكيا، المعادل لمبلغ
85 جنيها و187 مليما على أساس السعر الرسمى للفرنك البلجيكى 6.9882 مليم عن الكمية
المتقدم فيها. أما بالنسبة لباقى الكمية المطروحة وهى 314 طنا فترى اللجنة اعادتها
فى مناقصة عامة، حيث ان عطاء المدعى لم يتنازل فيه عن شروط عدم تخفيض الكمية عند المفاوضة
الا بنسبة 20% وباقى العطاءات الاخرى التى يمكن تكملة الكمية منها، ويعتبر سعرها مرتفعا
بنسبة كبيرة عن أقل العطاءات. وقد رفعت مذكرة بذلك الى السيد وكيل الوزارة للنظر فى
اعتماد قرارات لجنة البت فى المناقصة، حيث ان قيمتها حوالى مائة الف جنيه، وذلك وفقا
لنص المادة 56 من لائحة المناقصات والمزايدات. ولكن المدعى كان قد رفع عدة شكاوى من
قرار الترسية الى السيد وكيل الوزارة وغيره من الجهات، وتولت لجنة العقود فحصها، وعرضت
نتيجة ذلك على السيد الوكيل فى مذكرة مؤرخة 12 من يونيه سنة 1957 وجاء بها أن هذه الشكاوى
لا تخرج عن السابقة عليها، ووكانت اللجنة قد بتت فى تفاصيلها مع مراعاة أن المدعى أضاف
فى شكواه الاخيرة عرضا جديدا بسعر 100 جنيه, 160 مليما تسليم مخازن الدائرة الجمركية،
وذلك تأسيسا على ما جاء فى شكواه من أن له الحق فى تقديم أسعار جديدة بناء على أنه
سبقت مفاوضته فى تخفيض سعره تسليم المخازن الجمركية، وأن باب المفاوضة مازال مفتوحا.
وردا على ذلك ترى اللجنة أنه باعتماد نتيجة المفاوضة مع صاحب العطاء الاصلح (وهو شركة
الصناعات الكيماوية الامبراطورية) التى أوصت اللجنة بقبوله من وكيل الوزارة فى 4 من
يونيه سنة 1957 يقفل باب المفاوضة نهائيا بالنسبة لجميع العطاءات، وبمعنى أنه لا يجوز
بعد هذا الاعتماد أن يتقدم أصحاب العطاءات المختلفة بعروض جديدة يمكن النظر فيها, والا
ذهبت سدى جدية المناقصات فى نظر المتعهدين الداخلين فيها, وتتولد من ذلك سابقة خطيرة
بأن تنقلب المناقصة الى ممارسة, ويضيع الغرض من سرية العطاءات, وكشف أسعار لمتعهدين.
وترى اللجنة التمسك بقراراتها السابقة، وعرض الامر على السيد وكيل الوزارة للتأشير
بما يتراءى له. وقد استفسر سيادة الوكيل عن الكمية الموجودة من هذا الصنف والتى تكفى
لاستهلاكنا، وعلى هذا الاساس ينظر فى اعادة المناقصة. وقد رفع لامر بمذكرة مرة أخرى
الى السيد الوكيل مع ايضاح أن الكمية الباقية من المادة المذكورة هى 37 طنا وهذه الكمية
بالاضافة الى ما قد يكون متبقيا من الكميات السابق صرفها لوحدات قسم مكافحة وتوقى البلهارسيا،
تكفى حاجة القسم ووحداته حوالى ثلاثة شهور. كما نوهت المذكرة الى أن اعادة طرح المناقصة
يستلزم ما يزيد على أربعة شهور للتوريد فضلا عن شهر ونصف على الاقل يسبق تاريخ فتح
المظاريف ويكفى للاعلان عن المناقصة. واسترسلت مذكرة دفاع وزارة الصحة قائلة: ان السيد
وكيل الوزارة قد رأى فى 20 من يونية سنة 1957 اعادة طرح المناقصة، وتم ذلك فعلا فتحدد
للمناقصة الثانية يوم 7 من أغسطس سنة 1957 لفتح مظاريفها وقد أعلن عنها كسابقتها، وأخذت
موافقة الوكيل على تقصير مدة النشر عنها الى 15 يوما وفقا لنص المادة 41 من لائحة المناقصات
والمزايدات وقد تقدمت فى هذه المناقصة الجديدة ستة عطاءات من بينها عطاء المدعى، وعطاء
الشركة المنافسة له، وهى شركة الصناعات الكيماوية الامبراطورية وقد قامت لجنة العقود
بالبت فى المناقصة وأصدرت قرارها الآتى: "حيث أن عطاء رقم باسم محمد أمين عزب كان
سعره 91 جنيها و810 مليمات للطن عن الأربعمائة طن الأولى، 91 جنيها و110 مليمات للطن
عن ال 414 طنا الباقية مستوردة من شركة ميتالوشميك ببلجيكا، تسليم احد المخازن الحكومية
داخل الدائرة الجمركية بالاسكندرية. وبعد مفاوضة صاحب العطاء المذكور للتنازل عن شروطه
المخالفة بالعطاء، فأنه أعطى اقرارا فى 12 من أغسطس سنة 1957 وافق فيه على التنازل
عن بعض شروطه. ورأت اللجنة انه لا مانع من قبول هذا التنازل. أما فيما يتعلق بشرط الدفع
مقدما مقابل خطاب ضمان بقيمة المناقصة الوارد بمذكرة المتعهد فقد تحرر للمراقبة المالية
بوزارة الصحة فى 15 من أغسطس سنة 1957 باحالة كتاب وزارة المالية رقم ع 42/ 38/ 78
بنفس التاريخ على المصلحة بموافقة وزارة المالية على صرف 75% من قيمة الصفقة مقدما
مقابل خطاب ضمان بنفس القيمة والعملة ومعتمد من احد بنوك التى لها حق اصدار خطابات
الضمان، ويظل سارى المفعول كاملا حتى تمام استلام الصفقة جميعها بصفة نهائية، وبشرط
أن يكون هذا العطاء – بعد تطبيق احكام منشور المالية رقم 4 لسنة 1955 – هو أقل العطاءات
بمعنى أنه، عند المقارنة والمفاضلة بينه وبين العطاءات الأخرى والتى لم تشترط الدفع
مقدما، يظل هو الأقل حتى بعد أن تضاف اليه قيمة فائدة 3% سنويا عن المبلغ المطلوب دفعه
مقدما، من تاريخ الدفع المقدم الى تاريخ الاستحقاق الفعلى لما يدفع مقدما. وبتطبيق
هذا الذى اشارت به وزارة المالية من اضافة الفوائد على سعر العطاء رقم عن نسبة
ما سيدفع مقدما لمدة التوريد بالعطاء وقدرها اربعة شهور من تاريخ الدفع المقدم فتكون
هذه النسبة عبارة عن 1% من الـ 75% التى ستدفع مقدما وحسابها كالآتى: 810 م و91 ج للطعن
عن الـ 400 طن الاولى + 4/ 3% (0.689 مليم) = 499 م و92 ج، 110 م و91 ج للطن عن الـ
414 طنا الباقية + 4/ 3% (0.683 مليم) = 793 م و91 ج.
ولما كان العطاء التالى للرقم وهى الشركة العامة للادوية فرع الصناعات الكيماوية
الامبراطورية هو:
( أ ) 862 م 92 ج للطعن عن الكمية جميعها، مع الحصول على ترخيص استيراد، والدفع بالاسترلينى
على أحد بنوك لندن لصالح الشركة الموكلة مع استثناء الأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956
(ب) 581 م 93 ج للطعن عن الكمية جميعها بنفس الشروط المبينة بالبند ( أ ) على أن يكون
فتح الاعتماد بالدولار الامريكى.
(جـ) 222 م 95 ج للطعن عن الكمية جميعها بشرط الحصول على ترخيص استيراد وفتح اعتماد
بالفرنك البلجيكى لصالح الشركة الموكلة، وعلى أساس أن سعر الفرنك البلجيكى 7 مليمات
وأن أى تغيير فيه بالنقص أو الزيادة سيكون لحساب الوزارة أو عليها.
وباستعراض هذه الأسعار يتضح أن سعر العطاء رقم بعد اضافة الأرباح النسبية، هو أقل
العطاءات المقدمة فى تلك المناقصة، وترى لجنة العقود عرض الأمر على السلطات المالية
للمفاضلة من حيث العملة المطلوبة والشروط الاخرى وتعرض اللجنة الموضوع برمته على مصلحة
المخازن بوزارة الصحة للنظر فيه". وفى 15من أغسطس سنة 1957 ورد لمصلحة المخازن كتاب
من الشركة العامة للادوية، فرع الصناعات الكيماوية الامبراطورية، مؤرخ 13 من أغسطس
سنة 1957 يفيد انه وردت برقية للشركة من مورديها بالخارج تفيد أن أسعار (سلفات النحاس)
قد هبطت ولذلك يمكنهم تخفيض أسعارهم فى العرض رقم ( أ ) الى 800 م 90 ج للطن بدلا من
862 م 92 ج. ولما كان هذا الكتاب يعتبر تعديلا للعطاء ورد بعد ميعاد فتح المظاريف،
فقد رأت لجنة العقود عدم النظر فيه اعمالا لنص المادة 48 من لائحة المناقصات والمزايدات.
وقد وافق السيد مدير مصلحة المخازن على هذا القرار ورفعه الى السيد وكيل الوزارة المساعد
فوافق عليه فى 20 من أغسطس سنة 1957. ولكن السيد وكيل الوزارة رأى إعادة طرح الصنف
عن طريق ممارسة عاجلة لأنه ثبت أن سعر الصنف تناقص استمر فى المناقصتين السابقتين،
ووافق السيد الوزير على هذا القرار. وفعلا أعيد طرح الصنف فى ممارسة تحدد لها يوم 10
من سبتمبر سنة 1957 تمارس فيها المدعى مع الشركة المنافسة – الصناعات الكيماوية الامبراطورية
– وانتهت الممارسة الى أن المدعى قد سعر 630 م 85 ج للطن الواحد بالفرنك البلجيكى بالسعر
الرسمى، 130 م 85 ج للطن بالجنيه الاسترلينى أو الدولار الرسمى، وقد رأت لجنة العقوة
عرض الأسعار على وزارة المالية للمفاضلة والاختيار بينها من الناحية النقدية وتعرض
شروطها أيضا على المراقبة النقدية. ووافقت الوزارة على هذا القرار فى 14 من سبتمبر
سنة 1957 وطلبت الادارة العامة للنقد مفاوضة المدعى محمد أمين عزب لتقديم أسعاره على
أساس أن يتم الدفع الى بلجيكا بالجنيه المصرى بالكامل أو بنسبة 75% جنيه مصرى، وبنسبة
25% فرنك بلجيكى وقد رفض المتعهد المدعى قبول هذا الأمر وأخطرت الادارة العامة للنقد
بذلك. وختمت وزارة الصحة العمومية دفاعها بأن ما جاءت به صحيفة الدعوى يخالف الواقع
من حيث: أن الغاء سيادة وكيل الوزارة لمناقصة 7 من أغسطس سنة 1957 كان فى حدود
سلطته المخولة له فى لائحة المناقصات والمزايدات. أن قرار الالغاء مسبب وجاء به
أن اعادة طرح الصنف فى ممارسة كان بسبب التناقص المستمر فى سعر الصنف، بدليل الحصول
على أعار أقل عند إجراء عملية الممارسة الأخيرة. أن قرار وكيل الوزارة شراء الصنف
بالممارسة إنما استدعته ظروف عدم التعاقد على الصنف مع اهميته حتى تاريخ القرار. ذلك
أن الكمية الموجود من الصنف وفقا لكتاب قسم مكافحة وتوقى البلهارسيا المؤرخ 17 من يونيه
سنة 1957 لا تكفى الا لمدة ثلاثة شهور وأن اجراءات طرح المناقصة العادية وتوريد الصنف
يحتاج الى مدة لا تقل عن أربعة شهور اذا أسرعت الادارة العامة للنقد بالموافقة على
العملة، وكانت اجراءات الحصول على ترخيص الاستيراد سهلة وميسورة وكذا وسائل الشحن والتفريغ
ومتوفرة. وهذه الظروف كلها غير قائمة وقتما تقرر الالتجاء الى الممارسة. وقالت الوزارة
أنها ستقوم من جانبها بعد أن يصلها رد الادارة العامة للنقد على العملة باتخاذ اللازم
نحو إنجاز الممارسة الجديدة لحاجة الوزارة الشديدة الى هذا الصنف الذى لا يحتمل تأخير
الحصول عليه أكثر من الوقت الذى انقضى. وذلك تحقيقا للمصلحة العامة. وانتهت الوزارة
الى طلب الحكم برفض الدعوى مع الزام رافعها المصروفات.
ومن حيث انه بجلسة 12 من يناير سنة 1958 قضت محكمة القضاء الادارة (الهيئة الخامسة)
"برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن لجنة البت قدمت مذكرتها
فى 17من أغسطس سنة 1957 متضمنة الوقائع المتقدمة بالنسبة لعطاء المدعى وذكرت استبعاد
العطاء التالى المقدم من الشركة العامة للادوية وانتهت اللجنة الى أن سعر العطاء المقدم
من المدعى بعد اضافة الأرباح النسبية اليه هو أقل العطاءات، وأن اللجنة ترى عرض الأمر
على السلطات المالية للمفاضلة من حيث العملة المطلوبة والشروط الاخرى. وقد عرضت مذكرة
لجنة البت على وكيل الوزارة المساعد، فوافق عليها، ثم عرض الموضوع على وكيل الوزارة،
فرفعه الى السيد الوزير مقترحا شراء هذا الصنف عن طريق ممارسة عاجلة، وذلك لانه ثبت
أن السعر فى تناقص استمر فى مناقصتين فوافق الوزير على هذا الرأي، وألغيت المناقصة،
وسارت الوزارة فى طريق الشراء بالممارسة، ولما كانت الفقرة الأولى من المادة السابعة
من القانون رقم 236 لسنة 1954 الخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات قبل البت فيها. أن يكون قرار الالغاء مسببا. أن يستغنى عن المناقصة نهائيا. فقد توافرت هذه الشروط
جميعا للقرار المطعون فيه والصادر من السيد وزير الصحة العمومية فى 21 من أغسطس سنة
1957 بالغاء المناقصة التى فتحت مظاريفها فى 7 من أغسطس سنة 1957. فلجنة البت وأن كانت
قد ذكرت أن السعر فى عطاء المدعى هو أقل الأسعار الا أنها لم توص أو تقترح ارساء العملية
عليه، وانما رأت عرض الأمر على السلطات المالية للمفاضلة من حيث العملة المطلوبة والشروط
المالية الأخرى وذلك لما للعملة التى يكون بها الدفع من أهمية فى تلك الظروف، وتأسيسا
على ذلك فالمناقصة عند إلغائها لم يكن قد بت فيها. وواضح مما سلف بيانه أن اقتراح وكيل
الوزارة الذى وافق عليه السيد الوزير بالغاء المناقصة يقوم على سببين. وجه الاستعجال.
اذ أن الكمية التى كانت باقية فى مخازن الوزارة من المادة موضوع المناقصة عند طرحها
هى 37 طنا فقط وهى بالكاد تكفى حاجة القسم ووحداته لمدة ثلاثة شهور ومن ثم فان حالة
الاستعجال كانت قائمة. أن أسعار هذه المادة كانت آخذه فى النقصان، آية ذلك أن هذه
المادة بذاتها كانت مطروحة فى مناقصة أولى فتحت مظاريفها فى 22 من مايو سنة 1957 وقد
تقدم المدعى فيها بعطاء كان سعره بعد المفاوضة معه وتخفيضه هو 500م 102ج تسليم أحد
المخازن داخل الدائرة الجمركية بالاسكندرية أي أنه كان أعلى بكثير من سعره فى مناقصة
7 من أغسطس سنة 1957، وهو موضوع هذه الدعوى، بما يجاوز عشرة جنيهات فى الطن الواحد،
وعندما صدر القرار المطعون فيه بإلغاء المناقصة والشراء بطرق الممارسة، بدأت الوزارة
فى عملية الممارسة وكان المدعى ممن أسهموا بالفعل فيها، بعرض سعر قدره 630م 85ج للطن
الواحد بالفرنك البلجيكى وفقا للسعر الرسمى، وهو سعر يقل كثيرا عن السعر المقدم منه
فى المناقصتين الاولى والثانية، وقال الحكم المطعون فيه ان مناقصة 7 من أغسطس سنة 1957
قد استغنى عنها نهائيا ولم يقرر السيد الوزير اجراء مناقصة جديدة بعد الغائها وانما
قرر شراء الصنف المطلوب عن طريق الممارسة مما يؤكد استغناءه عن المناقصة بتاتا. وقد
أجازت المادة الثامنة من القانون المشار اليه الالتجاء الى الشراء بطريق الممارسة على
سبيل الاستثناء عند الضرورة وقد سلف القول بأن الوزارة كانت فى حاجة ماسة وعاجلة لهذه
المادة وقد ثبت قلة الكمية الباقية منها بمخازن الوزارة وعدم اتساع الوقت أمامها لاجراء
مناقصات أخرى.
ومن حيث ان السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة قد طعن فى هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية
هذه المحكمة فى 13 من مارس سنة 1958 طلب فيها "قبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم
المطعون فيه والقضاء بالغاء القرار الصادر من وزارة الصحة بالغاء المناقصة، وما يترتب
على ذلك من آثار مع الزام الوزارة بالمصروفات". واستند فى أسباب طعنه الى أن الفقرة
الأولى من المادة السابعة تجيز لرئيس المصلحة وحده الغاء المناقصة بعد النشر عنها،
وقبل البت فيها بقرار مسبب اذا كان قد استغنى عنها نهائيا. وأن عبارة "اذا استغنى عنها
نهائيا" لا تغنى الاستغناء عن المناقصة، بل تعنى الاستغناء عن الأصناف التى طرحت المناقصة
من أجل الحصول عليها. اذ أن المناقصة ليست غاية فى ذاتها وانما هى وسيلة من وسائل التعاقد
للحصول على الاصناف التى تريد جهات الادارة الحصول عليها. وظاهر من وقائع الدعوى أن
الوزارة لم تستغن نهائيا عن الاصناف التى طرحت المناقصة من أجل الحصول عليها، وأن سبب
الالغاء لم يكن هو الاستغناء عن المناقصة، وانما كان بسبب ارتفاع سعر اقل العطاءات
المقدمة فى المناقصة عن القيمة السوقية، ومن أجل هذا يكون الغاء المناقصة قد تم فى
الحقيقة استنادا، لا الى الفقرة الاولى من المادة السابعة كما ذهب الى ذلك الحكم المطعون
فيه، وانما الى الفقرة الثالثة من المادة المذكورة. وكان يتعين بالتطبيق لهذه الفقرة
الثالثة ان يصدر قرار الالغاء من رئيس المصلحة بعد عرض الأمر على لجنة البت وموافقتها
على الالغاء وظاهر أن قرار الالغاء لم يصدر من رئيس المصلحة، وهو الجهة الادارية المختصة
التى ناط بها القانون الغاء المناقصات، وانما صدر القرار من السيد وزير الصحة. واذا
كان للرئيس الادارى هيمنة تامة على أعمال مرؤوسيه وهو بهذه الصفة يستطيع أن يراقب أعمالهم
بعد صدورها بل وان يوجههم قبل اتخاذ قراراتهم، الا أن هناك حالات معينة يخول فيها المشرع
المرءوس سلطة اتخاذ قرار معين بدون تعقيب من رئيسه، وحينئذ لا يكون للرئيس أن يحل نفسه
محل المرءوس فى اتخاذ هذا القرار. فاذا أضيف الى ذلك أن أمر الغاء المناقصة لم يعرض
على لجنة البت مع أن القانون قد استلزم أن يصدر قرار الالغاء بموافقة لجنة البت على
ذلك، فان القرار الصادر بالالغاء يقع فى هذه الحالة باطلا ويكون طلب المدعى الغاءه
قائما على سند سليم متعينا اجابته اليه.
ومن حيث ان جهة الادارة عندما تتعاقد مع الافراد أو الهيئات بطريق المناقصة العامة
تسير فى ذلك على مقتضى القواعد والاحكام المضمنة فى القانون رقم 236 لسنة 1954 الصادر
فى 22 من ابريل سنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات وهو الذى حل محل المرسوم بقانون
رقم 58 لسنة 1953 بتنظيم المناقصات، وكذلك القواعد المنصوص عليها فى لائحة المخازن
والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء فى 6 من يونيه سنة 1948 فى نطاق تطبيقها وفيما
لا يتعارض منها مع أحكام القانون المذكور. وقد نصت المادة 13 من القانون رقم 236 لسنة
1954 على أن ينظم بقرار من وزير المالية والاقتصاد ما لم ينظمه هذا القانون من أحكام
واجراءات، وقد صدر القرار رقم 542 لسنة 1957 باصدر لائحة المناقصات والمزايدات. ومقتضى
هذا التنظيم الادارى أن الاجراءات التى تنتهى بالتعاقد تتولاها جهات ثلاث: الأولى لجنة
فتح المظاريف، والثانية لجنة البت فى العطاءات والثالثة جهة التعاقد. ولكل من هذه الجهات
الثلاث اختصاص معين. فلجنة فتح المظاريف، كما هو واضح من تسميتها، تقوم بفتح مظاريف
العطاءات المقدمة تمهيدا لفحصها والتأكد من مطابقتها للشروط المعلن عنها، واستبعاد
العطاءات التى لا تستوفى الشروط لسبب أو لآخر. وقد نظمت اجراءاتها المادة 56 من لائحة
المناقصات والمزايدات. بعد ذلك تقوم لجنة البت بمهمتها وهى اتمام الاجراءات بقصد الوصول
الى تعيين أفضل المناقصين أو المزايدين حسب القانون. وقد حددت اختصاصات هذه اللجنة
المواد من 3 الى 6 من القانون سالف الذكر والمواد 67 وما بعدها من اللائحة، واختصاص
اللجنة هنا اختصاص مقيد تجرى فيه على قواعد وضعت لصالح الادارة والافراد على السواء
بقصد كفالة احترام مبدأ المساواة بين المناقصين جميعا. وقرار لجنة البت بارساء المناقصة
على أحد المتقدمين ليس الخطوة الأخيرة فى التعاقد، بل ليس الا اجراء تمهيديا فى عملية
العقد الادارى المركبة. ثم بعد ذلك يأتى دور اللجنة المختصة بابرام العقد، فاذا رأت
أن تبرمه فانها تلتزم بابرامه مع المناقص الذى عينته لجنة البت، واختصاصها فى هذه الحالة
اختصاص مقيد حيث تلتزم بالامتناع عن التعاقد مع غير هذا التناقض، ولا تستبدل غيره به.
الا أنه يقابل هذا الاختصاص المقيد سلطة تقديرية هى حق هذه الجهة فى عدم اتمام العقد
وفى العدول عنه اذا ثبتت ملاءمة ذلك لاسباب تتعلق بالمصلحة العامة. وقد أشارت الى ذلك
المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 فيما تضمنته من أحكام خاصة بالغاء المناقصة
على أن "تلغى المناقصات بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها، وقبل البت فيها
اذا استغنى عنها نهائيا. أما فى غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة الغاء المناقصة
فى احدى الحالات الآتية: اذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة
الا عطاء واحد اذا اقترنت العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات اذا كانت قيمة العطاء
الاقل تزيد على القيمة السوقية. ويكون الالغاء فى هذه الحالات بقرار من رئيس المصلحة
بناء على رأى لجنة البت من العطاءات". ومفاد هذا النص أن المشرع أجاز الغاء المناقصة
فى جميع الاحوال سواء قبل البت فيها أو بعد ذلك. الا انه فى حالة الالغاء قبل البت
فى المناقصة يجب أن يكون سبب الالغاء هو الاستغناء نهائيا عن المناقصة. وأن يحصل الالغاء
بقرار مسبب من رئيس المصلحة. أما اذا كان قد تم بعد البت فى المناقصة فان الالغاء فى
هذه الحالة جوازى، ويكون فى احدى الحالات المشار اليها فى المادة المذكورة، ويكون لرئيس
المصلحة أيضا وبقرار منه بناء على رأى لجنة البت. وظاهر أن هدف المشرع من تقرير حق
الادارة على هذا النحو، مقصود به تغليب المصلحة العامة، ورعاية خزانة الدولة، فاذا
ما تغيت جهة الادارة هذه الغاية، وحققت هذا الهدف، كان قرارها فى هذا الشأن سليما مطابقا
للقانون.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه، قد أصاب الحق فى قضائه للاسباب التى استند اليها فى
رفض الدعوى وتأخذ بها هذه المحكمة. فقد توافرت فى القرار المطعون فيه ما اشترطته الفقرة
الاولى من المادة السابعة من القانون 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات. ولا
وجه لما ذهب اليه تقرير الطعن من أن عبارة "اذا استغنى عنها" انما تنصرف فقط الى الاستغناء
عن المادة المطروحة فى المناقصة العامة، اذ قد يكون المقصود بالاستغناء أما تبين عدم
الحاجة الى المواد أو الاستغناء عن المناقصة العامة كوسيلة للحصول عليها لان غير هذه
الوسيلة قد يكون أصلح من وجهة المصلحة العامة، يؤكد ذلك ما نصت عليه المذكرة الايضاحية
فى هذا الخصوص، وقد جاء فيها: "وقد تناولت المادة السابعة الاحوال التى يجوز فيها الغاء
المناقصة بعد النشر عنها، وقبل البت فيها، وجعلت لرئيس المصلحة وحده سلطة الغائها اذا
استغنى عنها نهائيا لالغاء الاعتماد المخصص لها مثلا أو لاى سبب آخر مشابه. وقد استوجبت
المادة أيضا فى غير هذه الحالات أن يسبق قرار رئيس المصلحة بالالغاء الجوازى ضرورة
عرض الأمر على لجنة البت وموافقتها". ورددت المواد 66 وما بعدها من لائحة المناقصات
والمزايدات الصادر بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 نصوص المواد 55
وما بعدها من اللائحة السابقة عليها وجاء فيها: "تشكل لجان للبت فى المناقصات العامة
فى الوزارات برياسة وكيل الوزارة أو من يندبه، وفى المصالح برياسة رئيس المصلحة أو
من يندبه.. ويراعى فى اختيار الأعضاء أن تتناسب وظائفهم ودرجاتهم وخبرتهم مع أهمية
المناقصة". وجاء فى المادة 56 من اللائحة السابقة وهى تقابل المادة 67 من اللائحة الجديدة:
"على لجنة البت أن تتأكد من مطابقة كشوف التفريغ للعطاءات ذاتها وعليها أن تفحص العينات
والفئات وتقارنها بعضها البعض. وبعد البت فى طلبات الاستبعاد ترفع اللجنة توصياتها
موقعة من جميع أعضائها ومن رئيسها الى رئيس المصلحة أو مدير السلاح لكى يتولى اعتماد
توصيات اللجنة اذا لم يكن هو رئيسها وذلك اذا كانت قيمة المناقصة لا تزيد على عشرين
ألف جنيه أو ليرفعها الى وكيل الوزارة المختص اذا زادت القيمة على ذلك". وتصت المادة
57 التى تقابل المادة 68 من اللائحة الجديدة على انه: " يجب عند البت فى العطاءات أن
تسترشد اللجنة بالاثمان الاخيرة السابق التعامل بها محليا أو خارجيا، ويجب بيان هذه
الاثمان بكشف التفريغ مع ذكر تاريخ التعامل. كما يجب الاسترشاد أيضا بأسعار السوق".
وليس بصحيح كذلك ما ذهب اليه الطعن من أن القرار المطعون فيه كان يتعين أن يصدر من
رئيس المصلحة وحده، والا كان صادرا ممن لا يملك اصداره. ودليل مخالفة هذا الزعم لاحكام
القانون، وما نصت عليه المادة 60 من اللائحة السابقة وهى تقابل المادة 18من قرار وزير
المالية رقم 542 لسنة 1957باصدار لائحة المناقصات والمزايدات، التى تنص على انه "اذا
اختلف رأى لجنة البت أو رأى أغلبيتها مع رأى رئيس المصلحة أو السلاح أو رئيس المنطقة
أو الوحدة أو الفرع حول استبعاد بعض العطاءات أو اعتبار العطاء أصلح العطاءات لارساء
المناقصة على مقدمه أو اجراء أو عدم اجراء المفاوضة، أو غير ذلك، فيعرض الامر على وكيل
الوزارة المختص للبت فيه نهائيا أما بمعرفته مباشرة أو بعد عرضه على لجنة فنية برياسته
اذا رأى ذلك. أما اذا كان الخلاف فى الرأى بين لجنة البت فى الوزارة وبين وكيل الوزارة،
فيكون القرار النهائى للوزير". وهذا الحكم يصدق تماما على ما سبقت الاشارة اليه من
اختلاف وجهات النظر بين تقرير لجنة البت والسيد وكيل وزارة الصحة مما أدى الى عرض الامر
على السيد الوزير فأقر وجهة نظر وكيل الوزارة للاسباب التى أدت الى اصدار القرار محل
الطعن.
ومن حيث انه لما تقدم يكون القرار الصادر فى 20 من أغسطس سنة 1957 بالغاء مناقصة 7
من أغسطس سنة 1957 والاتجاه الى طريق الممارسة للاسباب السالف ذكرها، وقد جاء سليما
مطابقا لاحكام القانون واللوائح وتكون دعوى المدعى قد قامت على غير أساس سليم من القانون
متعينا رفضها والزام رافعها بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.