أصدرت الحكم الآتى:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 44 (مكرر) – السنة
الثالثة والخمسون
4 ذى الحجة سنة 1431 هـ، الموافق 10 نوفمبر سنة 2010 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السابع من نوفمبر سنة 2010
م، الموافق الأول من ذى الحجة سنة 1431 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان – رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر عبد الله ومحمد خيرى طه وتهانى محمد الجبالى
ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى اسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى – نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو – رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيدة/ صبرين عبد الله حجازى، عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين إبراهيم وحليمة عبد العزيز حسين سليمان.
ضد:
1 – السيد رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد وزير الداخلية.
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من شهر مايو سنة 2002، أودعت المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، فيما اشتمل عليه من تفرقة بين من
ولد لأب مصرى، ومن ولد لأم مصرية فى مجال التمتع بالجنسية المصرية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية
العليا ولائيًا بنظر الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضان تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعية
كانت قد تزوجت من السيد/ عبد العزيز حسين سليمان (فلسطينى الجنسية)، ورزقت منه على
فراش الزوجية بالصغيرين حليمة وإبراهيم، وحمل كل منهما جنسية والدهما، وبعد أن توفى
الزوج تقدمت بطلب لوزير الداخلية لمنح الصغيرين الجنسية المصرية، إلا أن طلبها قوبل
بالرفض، فأقامت الدعوى رقم 8371 لسنة 51 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة،
بطلب إلغاء قرار وزير الداخلية برفض منح ولديها القصر الجنسية المصرية، وبجلسة 10/
8/ 1999 قضت المحكمة برفض الدعوى، وإذ لم ترتض المدعية هذا القضاء فقد طعنت عليه أمام
المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 40 لسنة 46 قضائية عليا، وضمنت صحيفة الطعن دفعًا
بعدم دستورية نص المادة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، فيما
تضمنه من قصر التمتع بالجنسية المصرية على أبناء الأب المصرى دون أبناء الأم المصرية
عند الزواج من غير مصرى. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى
الدستورية، فقد أقامت دعواها الماثلة.
وحيث إن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائيًا
بنظر الدعوى لاتصال المسائل الخاصة بمنح الجنسية المصرية بتحديد عنصر الشعب وتعلقها
بسيادة الدولة والأعمال السياسية، مردود بأنه وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة
من أن التكييف القانونى "للأعمال السياسية" لا يتصل بالأوصاف التى يخلعها المشرع عليها
متى كانت طبيعتها تتنافى وهذه الأوصاف، ذلك أن استبعاد "الأعمال السياسية" من ولاية
القضاء الدستورى إنما يأتى تحقيقًا للاعتبارات السياسية التى تقتضيها طبيعة هذه الأعمال
واتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالاً وثيقًا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج، مما
يقتضى النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة والذود
عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا، الأمر الذى يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال
– سواء السلطة التشريعية أو التنفيذية – سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقًا تحقيقًا
لصالح الوطن وسلامته. لما كان ذلك، وكانت الجنسية – وفقًا للمستقر فى قضاء المحكمة
الدستورية العليا – هى رابطة أصيلة بين الدولة والفرد، وهى وإن كانت تتميز بطابعها
السياسى، الذى يرتكز على ما ينبغى أن يكون عليه الفرد من ولاء سياسى، ويهيمن عليه إحساس
بكيانه بوصفه عضوًا فى شعب الدولة، يلتزم بكافة الالتزامات التى تفرضها عليه هذه الرابطة،
إلا أن غلبة الطابع القانونى لرابطة الجنسية وتنظيمها من خلال التشريع الذى يحكم نشأتها
وزوالها وآثارها يخرجه من الأعمال السياسية، ويتعين معه أن يخضع للرقابة التى تباشرها
المحكمة الدستورية العليا على سائر التشريعات لتتحقق من مدى اتفاقه مع أحكام الدستور
أو مخالفته لها.
وحيث إن المادة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية – قبل تعديله
بالقانون رقم 154 لسنة 2004 – كانت تنص على أنه:
"يكون مصريًا:
1 – من ولد لأب مصرى 2 – ………. 3 – ………."
وقد تم استبدال ذلك النص بموجب المادة الأولى من القانون رقم 154 لسنة 2004 بتعديل
بعض أحكام قانون الجنسية، والتى تنص على أن "يستبدل بنص المادة من القانون رقم
26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية النص الآتى:
مادة : "يكون مصريًا:
1 – من ولد لأب مصرى، أو لأم مصرية. 2 -…………". كما أورد فى مادته الثالثة معالجة
للحالات السابقة على تاريخ العمل به فى 14/ 7/ 2004 – حيث نصت على أن: "يكون لمن ولد
لأم مصرية وأب غير مصرى قبل تاريخ العمل بهذا القانون، أن يعلن وزير الداخلية برغبته
فى التمتع بالجنسية المصرية، ويعتبر مصريًا بصدور قرار بذلك من الوزير أو بانقضاء مدة
سنة من تاريخ الإعلان دون صدور قرار مسبب منه بالرفض………
وفى جميع الأحوال، يكون إعلان الرغبة فى التمتع بالجنسية المصرية بالنسبة للقاصر من
نائبه القانونى أو من الأم أو متولى التربية فى حالة عدم وجود أيهما".
وحيث إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يتغيا أن
تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية
أو تصوراتها المجردة، ومؤداه ألا تفصل المحكمة فى غير المسائل التى يؤثر الحكم فيها
على النزاع الموضوعى، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يقيم المدعى الدليل على أن
ضررًا واقعيًا قد لحق به وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، فإذا كان
الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، أو كان النص المذكور قد ألغى بأثر رجعى
من تاريخ العمل به، وبالتالى زال كل ما كان له من أثر قانونى منذ صدوره، دل ذلك على
انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الحالة لن يحقق
للمدعى أية فائدة يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية
عما كان عليه قبلها. كما وأن المقرر أيضًا فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفى توافر شرط
المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية أو إحالتها من محكمة الموضوع، وإنما يتعين أن تظل
هذه المصلحة قائمة حتى الفصل فى الدعوى الدستورية، فإذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى
الدستورية وقبل الفصل فيها، فلا سبيل للتطرق إلى موضوعها.
وحيث إن النص المطعون عليه قد تم استبداله بموجب المادة الأولى من القانون رقم 154
لسنة 2004 المشار إليه، على نحو ساوى بين أبناء الأب المصرى وأبناء الأم المصرية فى
التمتع بالجنسية المصرية، كما تضمنت مادته الثالثة تنظيم التمتع بهذا الحق لأبناء الأم
المصرية من أب غير مصرى المولودين قبل تاريخ العمل بذلك التعديل التشريعى، يقضى بإعلان
وزير الداخلية برغبة الطالب فى التمتع بالجنسية المصرية، وبأن يعتبر مصريًا بصدور قرار
بذلك من الوزير أو بانقضاء مدة سنة من تاريخ الإعلان دون صدور قرار مسبب منه بالرفض.
وإعمالا لذلك النص قامت المدعية بناء على طلب نجليها – حسبما يتبين من الأوراق – بتوجيه
إنذار إلى وزير الداخلية بتاريخ 28/ 2/ 2008 بطلب حصولهما على الجنسية المصرية، أعقباه
بإقامة الدعوى رقم 31055 لسنة 62 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى، بطلب الحكم بوقف
تنفيذ وإلغاء القرار السلبى الصادر من وزير الداخلية بالامتناع عن منحهما الجنسية المصرية.
ومن ثم لم يعد للمدعية مصلحة ترجى من الفصل فى دستورية النص المطعون عليه، الأمر الذى
يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى الماثلة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
