أصدرت الحكم الآتى:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 44 (مكرر) – السنة
الثالثة والخمسون
4 ذى الحجة سنة 1431 هـ، الموافق 10 نوفمبر سنة 2010 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، السابع من نوفمبر سنة 2010
م، الموافق الأول من ذى الحجة سنة 1431 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان – رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله
وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف – نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو – رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 28 قضائية "دستورية".
المقامة من:
1 – السيد/ فرناندو لوبيز نفوا – ربان السفينة ويستا.
2 – السادة/ وستا شيبنج ليمتد – ملاك السفينة ويستا – مالطية الجنسية.
ضد:
1 – السيد رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد رئيس مجلس الشعب.
4 – السيد وزير العدل.
5 – الممثل القانونى لشركة السويس لتصنيع البترول.
6 – الممثل القانونى لتوكيل أنشكيب للملاحة.
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من شهر فبراير سنة 2006، أودع المدعيان صحيفة
هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين فى ختامها الحكم بعدم دستورية نص المادتين (80،
287) من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990، مع سقوط نص الفقرة الأولى من المادة
من القانون رقم 6 لسنة 1995 فى شأن تنظيم الإرشاد فى موانى الهيئة العامة لموانى
البحر الأحمر. وسقوط أى نص آخر يقابل النصان المطعون فيهما فى أى قانون آخر طالما قد
اتصل بهذين النصين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى
الأول يعمل رباناً على السفينة "ويستا" المالطية الجنسية والمملوكة للمدعى الثانى،
وأثناء قيادته للسفينة المذكورة بتاريخ 31/ 1/ 2001، مستعيناً بأحد مرشدى هيئة قناة
السويس لدخول ميناء السويس، والوقوف بمرسى الناقلات بغاطس الميناء، وخلال عملية "التراكى"
اللازمة للوقوف، اصطدمت مقدمة السفينة بمنصة الشحن الجديدة المملوكة لشركة السويس لتصنيع
البترول، فأحدثت بها التلفيات المبينة بالأوراق، مما حدا بالشركة المذكورة إلى تقديم
الطلب رقم 7 لسنة 2001 إلى السيد المستشار رئيس محكمة السويس الابتدائية لتوقيع حجز
تحفظى على السفينة يقابل تعويضًا مبدئيًا حددته بمبلغ مائة وخمسة وعشرين ألف دولار
أمريكى، فأمر بتوقيع الحجز بتاريخ 4/ 2/ 2001، ثم اتبعته الشركة المذكورة بإقامة الدعوى
الموضوعية رقم 11 لسنة 2001 تجارى بحرى السويس، بطلب تثبيت الحجز التحفظى وتحديد الدين،
الذى حددته الشركة بمبلغ مائتين وخمسين ألف دولار أمريكى. وقد أحالت المحكمة الدعوى
إلى خبير، خلص فى تقريره إلى ثبوت وقوع الحادث مقدراً تكاليف إصلاح منصة الشحن بمبلغ
ستمائة وأربعين ألف جنيه مصرى، ولم يحدد خطأ أطراف الحادث كلاً على حدة. ودرءًا لهذه
المطالبة، قرر المدعيان أن الحادث وقع أثناء عملية "التراكى" بخطأ المرشد، وأن المرشد
تابع لهيئة قناة السويس، وهو أحد موظفيها العموميين، ومن ثم تنتفى مسئوليتهما عن الحادث.
ودفعًا بعدم دستورية نص المادتين (80 و287) من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990
المانعتين من مسئولية المرشد وهيئة قناة السويس، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، صرحت
له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعيين ينعيان على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية،
وذلك لإخلالها بمبدأى العدالة والمساواة التى توجب الشريعة الغراء تحريهما، وكذا إخلالها
بالمساواة التى كفلها الدستور فى المادة (40 ) منه، بأن ألقت بتبعية أعمال المرشد على
مجهز السفينة وحده دون المرشد والهيئة التى يتبعها. كما ينعيان على هذه النصوص مخالفتها
لمبدأ سيادة القانون والدولة القانونية المنصوص عليهما فى المادتين (64، 65) من الدستور،
بتحميل مجهز السفينة وزر خطأ ارتكبه شخص آخر لا يخضع لرقابته ولا لتوجيهه، وأعفى هيئة
قناة السويس التى يتبعها المرشد من أخطاء تابعيها الذين يأتمرون بأمرها، وهو ما يقوض
الأساس القانونى الذى يحكم أعمال الموظفين التابعين لأشخاص القانون العام، دون مسوغ،
افتئاتًا على مبدأ الدولة القانونية.
وحيث إن المادة من قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990 تنص
على أنه "يسأل مالك السفينة أو مجهزها مدنياً عن أفعال الربان والبحارة والمرشد أو
أى شخص آخر فى خدمة السفينة متى وقعت منهم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، كما يسأل
عن التزامات الربان الناشئة عن العقود التى يبرمها فى حدود سلطته القانونية".
وتنص المادة من القانون ذاته على أن "يسأل مجهز السفينة وحده عن الأضرار التى
تلحق الغير بسبب الأخطاء التى تقع من المرشد فى تنفيذ عملية الإرشاد".
وتنص الفقرة الأولى من المادة من القانون رقم 6 لسنة 1995 فى شأن تنظيم الإرشاد
فى موانى الهيئة العامة لموانى البحر الأحمر على أن "لا تتحمل الهيئة أية مسئولية عما
يحدث من هلاك أو ضرر بسبب عمل المرشد، وتسرى فى شأن المسئولية أحكام المادة من
قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990".
وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة
فى الدعوى الدستورية – وهو شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات
المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعى
تدور فى حقيقتها حول المسئولية المدنية لمالك السفينة "ويستا" عن الأضرار التى لحقت
بمنصة الشحن المملوكة للشركة المدعى عليها الرابعة، جراء اصطدام السفينة بها، وما تمسك
به كل من مالك السفينة وربانها من أن الحادث قد وقع بخطأ من المرشد التابع لهيئة قناة
السويس، ومن ثم يكونان مسئولين معاً دونهما عن تبعات هذا الحادث وتعويض الشركة المتضررة.
وكانت النصوص المطعون فيها هى الحاكمة لتلك المسئولية، فإن المصلحة الشخصية المباشرة
تكون متحققة فى الطعن عليها، ويتحدد نطاق الدعوى فيما تضمنه نص المادة من تقرير
مسئولية مالك السفينة أو مجهزها عن أفعال المرشد التى تقع منه أثناء تأدية وظيفته،
وكذا نص المادة برمته، كما أن نطاق الدعوى يمتد ليشمل نص الفقرة الأولى من المادة
من القانون رقم 6 لسنة 1995 المشار إليه، القاضى بعدم مسئولية الهيئة عن الأضرار
الناشئة عن عمل المرشد وتحميلها لمالك السفينة ولو كان ناشئاً عن خطأ المرشد، لارتباط
هذا النص بالنصين المطعون فيهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، بما يجعله مطروحاً بحكم
اللزوم على هذه المحكمة، كافلاً الأغراض التى توخاها المدعيان بدعواهما الدستورية،
وهو ما يغنى عن طلبهما الحكم بسقوط هذا النص.
وحيث إن الأصل المقرر فى قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990، أن
يظل الربان أثناء قيام المرشد بعمله سيد السفينة وقائدها، وأن المرشد مجرد ناصح يدلى
بالرأى ولا يتولى تنفيذه. وهذا الأصل هو الذى تقوم عليه أحكام المسئولية عن الأضرار
التى تحدث أثناء تنفيذ عملية الإرشاد، والتى لها جملة وجوه تناولتها المواد (من 287
إلى 290) من القانون المشار إليه، منها المسئولية تجاه الغير عن الأخطاء التى تقع من
المرشد أثناء عملية الإرشاد، والمسئول عن هذه الأخطاء هو مجهز السفينة المخدومة، لأن
المرشد لا يحجب الربان، فيظل الربان فى نظر الغير قائد السفينة المسئول عن كل ما يقع
من أخطاء فى قيادتها أو إدارتها، كما أن المرشد يعتبر أثناء تأدية عمله على السفينة
تابعاً للمجهز، فيسأل المجهز مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، ولو كان الإرشاد إجبارياً.
وليس فى هذا خروجاً على الأحكام المقررة فى القانون المدنى فى شأن مسئولية المتبوع،
ذلك أن الفقرة الثانية من المادة منه تقضى بأن رابطة التبعية تقوم ولو لم يكن
المتبوع حراً فى اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية فى رقابته وتوجيهه، والمجهز
يمارس سلطة الرقابة والتوجيه على المرشد بواسطة ربانه، وقد قررت القاعدة المتقدمة معاهدة
بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالمصادمات البحرية والتى وافقت مصر عليها
وصدر مرسوم بالعمل بأحكامها، إذ تقضى المادة الخامسة منها ببقاء مسئولية السفينة فى
حالة ما إذا حصل التصادم بسبب خطأ المرشد، ولو كان الإرشاد إجبارياً. بما مؤداه أن
المرشد ينسلخ فى الفترة التى يباشر فيها نشاطه على ظهر السفينة عن الجهة التى يتبعها
أصلاً، وعلى ذلك لا تسأل هذه الجهة عن الأخطاء التى تقع منه فى تلك الفترة".
وحيث إن النعى بمخالفة النصوص المطعون فيها أحكام الشريعة الإسلامية التى توجب العدالة
والمساواة، مردود بأن قضاء المحكمة الدستورية العليا مطرد على أن ما نص عليه الدستور
فى مادته الثانية – بعد تعديلها فى سنة 1980 – من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر
الرئيسى للتشريع، أنه لا يجوز لنص تشريعى يصدر أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى
ثبوتها ودلالتها معاً، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يمتنع الاجتهاد فيها لأنها
تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. والأحكام غير
القطعية فى ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معاً، فإن باب الاجتهاد يتسع فيها لمواجهة تغير
الزمان والمكان، وتطور الحياة وتنوع مصالح العباد، وهو اجتهاد وإن كان جائزاً أو مندوباً
عند أهل الفقه، فهو بذلك أوجب لولى الأمر ليواجه ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءًا لمفسدة
أو جلبًا لمنفعة أو درءًا وجلبًا للأمرين معًا.
لما كان ذلك، وكان المشرع قد تحرى بتنظيمه أوضاع التجارة البحرية ومسئوليات أشخاص الملاحة
البحرية، تحقيق المصلحة العامة، والتوفيق والتناسب بين الواجبات والمسئوليات المحددة
لكل منهم أخذاً بالنظريات العامة فى القانون وما تضمنته الأعراف والاتفاقيات الدولية،
وما اضطردت عليه أحكام القضاء، فإنه يكون قد سعى موضوعياً إلى تحقيق العدل والمساواة،
فى اجتهاد سائغ فى أمور وضعيه لا تندرج تحت قاعدة كلية أو جزئية من قواعد الشريعة الإسلامية
قطعية الثبوت والدلالة، ومن ثم فإن هذا النعى يكون غير سديد.
وحيث إن النعى بمخالفة النصوص المطعون فيها لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه
فى المادة من الدستور، فمردود ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على
أن هذا المبدأ ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء
تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التى تقتضيها موازين العدل
المطلق بين الأشياء، وإذ جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير، لتنظيم
موضوع محدد، أو توقيًا لشر تقدر ضرورة رده، فإنه يكون من الجائز تبعًا لذلك أن تغاير
السلطة التشريعية – ووفقاً لمقاييس منطقية – بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين
فيما بينها فى الأسس التى تقوم عليها، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع
فيها ولا تخيل، ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينقض محتواه هو ذلك التنظيم الذى
يقيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى
يتوخاها.
وحيث إن المشرع وازن بدقة فى اختيار الحلول التى انتهجها لتحديد مسئولية كل من مالك
السفينة أو مجهزها، والربان أو المرشد كل فى مجال عمله وحدود مسئوليته، بأن جعل مالك
السفينة أو مجهزها مسئولاً عن تعويض أى ضرر يصيب الغير من جراء أخطاء تابعيه ومن بينهم
المرشد، باعتبار أن عائد عمل المرشد يعود فى المقام الأول إلى السفينة التى يرشدها،
وتبعًا لذلك فإن الأخذ بعدم مسئولية الهيئة التابع لها المرشد خلال فترة أدائه لعمله
على السفينة واعتباره أثناء ذلك تابعاً لمالكها أو مجهزها، هو ما يتفق وطبيعة العلاقة
القانونية الناشئة بينهما، وانتقال السلطة الفعلية على المرشد وتبعيته أثناء أدائه
عمله على السفينة للربان الذى يمثل مالك السفينة، ليصير تقرير المسئولية المدنية لمالك
السفينة ومجهزها عن الأخطاء التى يقترفها المرشد على نحو ما تناولته النصوص المطعون
فيها غير مناقض لقواعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، ولا يستبعد تطبيق القواعد المنظمة
لها فى القانون المدنى، وكل ما سعى إليه المشرع بهذا التنظيم هو إيجاد ذمة مالية مليئة
يستطيع المضرور اقتضاء التعويض المستحق له منها، وقد راعى المشرع فى كل ذلك تحقيق التوازن
بين مصلحة السفينة المخدومة والمصلحة العامة فى المحافظة على المجارى الملاحية باعتبارها
أحد المرافق العامة ذات الأهمية، وعصب التجارة الدولية، وضمان استمرار سير الملاحة
فيها بانتظام واضطراد، وما سلكه القانون المصرى فى هذا الشأن ليس بدعًا بين الدول،
إذ انتهجت العديد من الدول ذات المنحى، كما أن سن تلك الأحكام يدخل فى نطاق السلطة
التقديرية للمشرع فى مجال تنظيم الحقوق دون مصادمة لمبدأ المساواة الذى كفلته المادة
من الدستور. وذلك بوضعه الضوابط الحاكمة للعلاقة بين أطرافها، سواء فى ذلك المرشد
أو مالك السفينة ومجهزها، وكذا الهيئة العامة للموانى أو هيئة قناة السويس، ملتزماً
بالمعايير التى تكفل تحقيق التوازن بين المصالح المختلفة، ومن ثم فإن النعى بمخالفة
النصوص المطعون فيها لمبدأ المساواة يكون غير صحيح.
وحيث إن النعى بمخالفة المشرع مبدأ خضوع الدولة للقانون بتحميل مالك السفينة أو مجهزها
وزر خطأ لم يرتكبه، وارتكبه شخص آخر لا يخضع لرقابته وتوجيهه، مردود بأن المقرر فى
قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى النصوص التشريعية – فى الدولة القانونية – هو ارتباطها
عقلا بأهدافها، باعتبار أن أى تنظيم تشريعى ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة
لتحقيق تلك الأهداف، ومن ثم يتعين دائمًا استظهار ما إذا كان النص التشريعى يلتزم إطارًا
منطقيًا للدائرة التى يعمل فيها، كافلاً من خلالها تناغم الأغراض التى يستهدفها، أم
متهادمًا مع مقاصده أو مجاوزًا لها ومناهضًا – بالتالى – لمبدأ خضوع الدولة للقانون
المنصوص عليه فى المادة من الدستور.
إذ كان ذلك، وكان التصور الذى أقام المدعيان عليه هذا النعى لا أساس له بل إنه يخالف
الواقع، إذ أن التنظيم الذى أتى به المشرع، لم يخل بالحقوق التى يعتبر التسليم بها
فى الدول الديمقراطية، مفترضًا أوليًا لقيام الدولة القانونية، بل كفل هذا التنظيم
صون هذه الحقوق وتيسير الحصول عليها، كما لم يميز هيئة قناة السويس عن غيرها، طالما
كان المتبوع الحقيقى للمرشد أثناء عملية الإرشاد هو مالك السفينة أو مجهزها وليست الهيئة
التى يتبعها المرشد إداريًا أو وظيفيًا، الأمر الذى يتلاءم وطبيعة الملاحة البحرية
وظروفها هديًا بما أخذت به دول كثيرة فى تنظيم أوضاع الملاحة البحرية لديها، ملتزمًا
فى كل ذلك بالمعايير التى تحقق التوازن بين المصالح المختلفة ودون ما خروج على مبدأ
خضوع الدولة للقانون أو إعفاء من التقيد بأحكامه لأى من أطراف تلك العلاقة.
وفى ضوء ما تقدم جميعه يتبين أن النصوص المطعون فيها لا تخالف نصوص المواد ( 2، 40،
64، 65 ) من الدستور، كما لا تخالف أى نص آخر منه، فإن الدعوى الماثلة تكون خليقة بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وبإلزام المدعيين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
| أمين السر | رئيس المحكمة |