الطعن رقم 2045 لسنة 6 ق – جلسة 06 /05 /1962
مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) – صـ
841
جلسة 6 من مايو سنة 1962
برياسة السيد/ عبد العزيز البصلاوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى: المستشارين.
القضية رقم 2045 لسنة 6 القضائية
دعوى – قبولها – المطالبة بتقرير الحق فى اعانة غلاء المعيشة على
المعاش – الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد المقرر للمنازعة فى المعاش – غير صحيح
– أساس ذلك.
ان هناك اختلافا فى طبيعة كل من المعاش واعانة غلاء المعيشة وفى السند القانونى الذى
ينشئ كلا منهما، فالحق فى المعاش مرجعه الى قوانين المعاشات أو الى القرارات التى تصدر
باستحقاقه كما هو الشأن فى هذه الدعوى، واما اعانة الغلاء فمردها الى قرارات مجلس الوزراء
التى تقررها ولذلك لا يسرى عليها ما انطوت عليه قوانين المعاشات بالنسبة لمدد السقوط،
هذا بالاضافة الى ان المنازعات الخاصة بالرواتب والمعاشات هى من دعاوى التسوية التى
لا تتقيد بالميعاد الذى شرطه المشرع لدعاوى الالغاء. وترتيبا على ذلك يكون الدفع بعدم
قبول الدعوى المؤسس على سقوط حق المدعى، لانه أقام منازعته بعد مضى مدة طويلة من تاريخ
استلامه سركى المعاش على غير أساس سليم من القانون.
اجراءات الطعن
بتاريخ 21/ 7/ 1960 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة التسويات) بجلسة 23/ 5/ 1960 فى الدعوى رقم 292 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيد/ عبد المنعم ابراهيم الالفى ضد وزارة الداخلية القاضى "باسحقاق المدعى لاعانة غلاء المعيشة على معاشه المقرر له من تاريخ احالته الى المعاش فى أول اكتوبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات". وطلبت ادارة قضايا الحكومة – للاسباب المبينة فى صحيفة الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطيا برفضها مع الزام المدعى بالمصروفات واتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن الى المدعى فى 15/ 4/ 1961، وعين لنظره امام دائرة فحص الطعون جلسة 24/ 12/ 1961، واخطرت الحكومة والمدعى فى 21 من نوفمبر سنة 1961 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة احالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا، وحددت لذلك جلسة 17/ 2/ 1962 وبعد أن سمعت الدعوى وملاحظات ذوى الشأن على الوجه الموضح تفصيلا بالمحاضر قررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام
دعواه طالبا الحكم بأن يصرف له اعانة الغلاء المقررة على المعاش المستحق له وقدرة 36
جنيه من أول أكتوبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق والزام المدعى
عليها بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة وقال فى بيان ذلك أنه تخرج فى كلية الحقوق
سنة 1940 وصدر قرار من مجلس الوزراء فى 18/ 9/ 1950 بتعيينه فى الدرجة الثالثة الادارية
بوظيفة مفتش ضبط فى كادر البوليس بوزارة الداخلية، ثم أحيل الى المعاش فى 1/ 10/ 1954
بقرار من مجلس قيادة الثورة ومنح معاشا قدره 36 جنيه، ولكنه لم يمنح اعانة غلاء المعيشة
على هذا المعاش رقم أن قرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 19/ 2، 3/ 12/ 1950 يقضيان بمنح
اعانة الغلاء على المعاشات والماهيات الفعلية سواء كانت هذه المعاشات مقررة بصفة قانونية
أو بصفة استثنائية – واجابت الجهة الادارية على الدعوى بين المدعى أحيل الى المعاش
بقرار مجلس قيادة الثورة الصادرة فى 30/ 9/ 1954 وكانت مدة خدمته المحسوبة فى المعاش
13 يوم و4 سنوات، وهذه المدة لا تعطيه الحق فى المعاش قانونا لذلك فقد منح معاشا استثنائيا
قدره 375 م و36 ج وهو أقصى معاش بواقع 3/ 4 مرتبه الذى كان يتقاضاه وقدره 500 م و48
ج، واشارت الوزارة الى أن كتاب المالية الدورى رقم ف 234 – 13/ 27 الصادر فى اغسطس
سنة 1944 بشأن تثبيت اعانة الغلاء بصفة عامة وتخفيضها فى بعض الاحيان قد نص فى البند
الرابع منه على ان المعاشات التى تزاد بصفة استثنائية تحسب اعانة الغلاء لاربابها على
واقع المعاش القانونى، ومن لم يكن له معاش قانونى اصلا ورتب له معاش استثنائى لا يصرف
له اعانة غلاء اطلاقا ويدخل فى ذلك المعاشات التى كانت تقل عن 500 مليم وزيدت الى هذا
القدر. كما جاء بالبند الخامس فقرة 3 على أن الموظفين الذين يعتزلون الخدمة طبقا لقواعد
تيسير خروج الموظفين من الخدمة تعتبر المعاشات التى رتبت لهم بمقتضى قرارات مجلس الوزراء
استثنائية بالنسبة لتطبيق هذه القواعد. وانتهت الوزارة الى ان المدعى وقد قرر له معاش
استثنائى فانه لا يستحق اعانة غلاء عليه.
وبجلسة 23/ 5/ 1960 قضت المحكمة باستحقاق المدعى لاعانة غلاء المعيشة على معاشه المقرر
له من تاريخ احالته الى المعاش فى أول اكتوبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار والزام
الحكومة بالمصروفات. واقامت المحكمة قضاءها على أن القرارات التى يصدرها مجلس قيادة
الثورة تعتبر من أعمال السيادة فتعلو على القانون بمعناه الاعم، ومن ثم فان ما يصدر
من مجلس قيادة الثورة أو مجلس الوزراء من قرارات يكون له حكم القانون وبالتالى فان
المعاش الذى يقرره كل منهما فى فترة الانتقال للموظف المفصول لا يعتبر معاشا استنثائيا،
وانما هو معاش قانونى، ولا يؤثر على صفته هذه عدم استحقاق الموظف المفصول معاشا على
حسب الاحكام العادية لقوانين المعاشات لانه فى الواقع مع الامر يكون بمثابة تعويض عن
الفصل المفاجئ قبل بلوغ السن القانونية للتقاعد، ولا يعتبر معاشا استنثائيا فى ضوء
الاهداف التى أملت باتخاذ قرار الفصل وليس بشرط ان يكون المعاش مقررا بأحكام القانون
رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات وانما يجوز منح المعاش لطوائف خاصة بقواعد مغايرة
بحسب ما يتراءى للمشرع من مبررات، ولا يكون المعاش المقرر وفقا لقواعد التشريعية معاشا
استثنائيا، وما دام ان عبارة ارباب المعاشات الواردة فى قرار مجلس الوزراء الصادر فى
19/ 2/ 1950 بشأن اعانة غلاء المعيشة انما ينصرف مدلولها ومرماها الى كافة ارباب المعاشات
دون تفرقة بين فئة واخرى فلا يجوز حرمانهم من احكام ذلك القرار، ولا يغير من الامر
شيئا كون المعاش مستمدا من قانون المعاشات أو من قرار مجلس قيادة الثورة ويؤيد هذا
الرأى كتاب وزارة المالية الصادر فى 25/ 5/ 1950 الذى قضى بصرف اعانة غلاء المعيشة
على كل المعاشات الفعلية سواء كانت مقررة بصفة قانونية أو استثنائية.
ومن حيث ان الطعن يقوم على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد تأسيسا على سقوط
حق المدعى لانه أقام منازعته بعد مضى مدة طويلة من تاريخ استلامه سركى المعاش. وفى
الموضوع فان المدعى أحيل الى المعاش بقرار مجلس قيادة الثورة الصادر فى 30 من سبتمبر
سنة 1954 من منحه معاشا قدره 375 م و3 ج وهذا المعاش لا يعدو أن يكون مزية مالية ما
كان ليستحقها المدعى اصلا وان أسبغ عليها وصف المعاش، وهى بهذه المثابة لا تخرج عن
كونها معاشا استثنائيا ما دامت قد صدرت بالمغايرة لاحكام قانون المعاشات رقم 37 لسنة
1929، ولا يغير من ذلك أن يكون المعاش قد تقرر بقرار من مجلس قيادة الثورة اذ أن هذا
القرار لم يتعرض لاعانة غلاء المعيشة فتظل هذه الاعانة محكومة بالقواعد المقررة فى
شأنها، وهذه القواعد لا تسمح بصرف اعانة غلاء المعيشة عن المعاشات التى تقرر بالمغايرة
لاحكام قوانين المعاشات العامة. وقد تأكد هذا المبدأ بالنسبة للضباط الذين اقتضت اعادة
تنظيم الجيش ابعادهم عن القوات المسلحة فقررت اللجنة المالية بجلستها المنعقدة فى 30/
11/ 1952 بأن تمنح اعانة الغلاء على اساس المعاش القانونى نقدا ولا تمنح اعانة عن الزيادة
التى نالها الضباط فى المعاش نتيجة التسوية. وهذا الذى قررته اللجنة المالية صريح فى
عدم استحقاق اعانة غلاء المعيشة على المعاشات التى تتقرر بالمخالفة لاحكام قوانين المعاشات
العامة للضباط المفصولين أو المحالين الى المعاش.
ومن حيث انه فيما يتعلق بالدفع الخاص بعدم قبول الدعوى المؤسس على سقوط حق المدعى فان
ذلك مردود بما هنالك من اختلاف فى طبيعة كل من المعاش واعانة غلاء المعيشة، وفى السند
القانونى الذى ينشئ كلا منهما، فالحق فى المعاش مرجعه الى قوانين المعاشات أو الى القرارات
التى تصدر باستحقاقه كما هو الشأن فى هذه الدعوى، واما اعانة الغلاء فمردها الى قرارات
مجلس الوزراء التى تقررها ولذلك لا يسرى عليها ما انطوت عليه قوانين المعاشات بالنسبة
لمدد السقوط هذا بالاضافة الى أن المنازعات الخاصة بالرواتب والمعاشات هى من دعاوى
التسوية التى لا تتقيد بالميعاد الذى شرطه المشرع لدعاوى الالغاء. وترتيبا على ذلك
يكون هذا الدفع على غير أساس سليم من القانون، ومن ثم فانه يتعين رفضه.
ومن حيث ان هذه المحكمة سبق ان قضت (1) بأن المناط فى تعرف ما اذا
كان المعاش استثنائيا من عدمه لا يكون بتحرى الباعث على منحه، وانما يكون بالبحث فيما
اذا كان ذلك المنح قد روعيت فيه سلامة تطبيق القواعد الخاصة بتقدير مبلغ المعاش أم
أنه وقع استثناء من تلك القواعد والاحكام، فاذا كان الثابت أن المدعى ما كان يستحق
أصالة معاشا قانونيا يتفق واحكام قوانين المعاشات ولوائحها، فلا مشاحة بعدئذ، فى ان
المعاملة التى قررها مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء فى 30 من سبتمبر سنة 1954 تسوية
حالته وزملائه على مقتضاها عند فصلهم من الخدمة انما هى معاملة استثنائية ترتب عليها
انشاء معاش استثنائى للمدعى ما كان له أصل حق فيه لو أنه فصل من الخدمة دون اجراء هذه
التسوية التى أقرها فى شأنه لا على اساس أنه صاحب حق فيها بل رفقا بحالته وتخفيفا من
وطأة فصله من الخدمة قبل ان يقضى فيها المدة القانونية التى كانت تسمح له بربط معاش
قانونى. واذ كان قرار مجلس قيادة الثورة وقرار مجلس الوزراء الذى أحيل بمقتضاه الموظف
الى المعاش لم يتعرض لموضوع اعانة غلاء المعيشة، فتظل هذه الاعانة محكومة بالقواعد
المقررة فى شأنها. وهذه القواعد صريحة فى انها لا تسمح بصرف اعانة غلاء المعشية عن
المعاشات التى تقرر بالمغايرة لاحكام قوانين المعاشات – فكتاب وزارة المالية الدورى
رقم ف 234 – 13/ 27 الصادر فى 16 من اغسطس سنة 1944 بشأن تثبيت اعانة غلاء المعشية
بصفة عامة وتخفيضها فى بعض الاحوال والمتضمن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 11 من يولية
سنة 1944 يقرر فى الفقرة الرابعة منه، المعاشات التى تزاد بصفة استثنائية تحسب اعانة
الغلاء لاربابها على واقع المعاش القانونى، ومن لم يكن له معاش قانونى اصلا ورتب له
المعاش استنثائى لا تصرف له اعانة غلاء اطلاقا – ويدخل فى ذلك المعاشات التى كانت تقل
عن خمسمائة مليم شهريا وزيدت الى هذا القدر، وفى 19 من فبراير سنة 1950 صدر قرار مجلس
الوزراء برفع القيد الخاص بتثبيت اعانة غلاء المعيشة، وهذا القرار لم يمس فى شئ القاعدة
التى نص عليها قرار 11 من يوليو سنة 1944 بل طلت قائمة نافذة المفعول. ثم صدر فى 3
من ديسمبر سنة 1950 قرار من مجلس الوزراء بتثبيت اعانة غلاء المعيشة على اساس مقدار
الاعانة التى استحقت للموظف أو المستخدم أو العامل فى 30 من نوفمبر سنة 1950، وقد افصح
المشرع فى مذكرة اللجنة المالية التى وافق عليها مجلس الوزراء فى 3 من ديسمبر سنة 1950
عن نيته فى استمرار العمل بمبدأ تثبيت اعانة الغلاء رجوعا الى أحكام قرار مجلس الوزراء
الصادر فى 11 من يوليو سنة 1944 وهو القرار الذى ينهى عن صرف اعانة غلاء اطلاقا لمن
لم يكن له أصل معاش تقرره القوانين وانما رتب له معاش استثنائى.
ومن حيث انه لم تقدم فان الحكم المطعون فيه وقد جرى على خلاف هذا النظر يكون قد اخطأ
فى تأويل القانون، وفى تطبيقه ويتعين لذلك القضاء برفض الدعوى مع الزام رافعها المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.
(1) راجع الحكم الصادر من هذه المحكمة فى القضية رقم 289 لسنة 5 ق بجلسه 29/ 10/ 1960 المنشور تحت رقم 3 صفحة 12 من مجموعة السنة السادسة العدد الأول.
