الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1342 لسنة 6 ق – جلسة 05 /05 /1962 

مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة – العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) – صـ 779


جلسة 5 من مايو سنة 1962

برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل اسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 1342 لسنة 6 القضائية

عقد ادارى – عطاء – تصحيح ما يقع فيه من أخطاء عند الكتابة – وجوب اجرائه بما يتحقق معه التعبير الصحيح للارادة – أساس ذلك – مثال بالنسبة لتصحيح خطأ مادى وقع فى عطاء عن توريد أكياس من مقدمه – نص المادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات على عدم الالتفات الى ادعاء صاحب العطاء بعد ميعاد فتح المظاريف بحصول خطأ فى عطائه لا يمنع من هذا التصحيح.
ان سلطة القاضى فى تبيان الخطأ الذى وقع فى العقد لا يقل عن سلطته فى فسخه أو تعديله فله أن يتحرى الارادة الظاهرة للمتعاقدين للوقوف على الخطأ الذى شاب هذه الارادة من واقع الظروف والملابسات، فاذا استبان له وجود خطأ قام بتصحيحه بما يتحقق معه التعبير الصحيح للارادة بحيث لا يستغل أحدهما ما وقع فى العقد من خطأ عند الكتابة.
فاذا كانت ظروف الدعوى تنادى بوقوع خطأ مادى عند تحرير العطاء، المقدم من الشركة المدعية فى الرقم الذى اتجهت ارادتها الى وضعه كثمن للكيس رقم 6 فأغفلت عن سهو وخطأ وضع الجنيه فى الخانة المعدة له وقد ترتب على ذلك الخطأ المادى أو السهو إن دون كتابة بالنظر فقط الى الثمن المدون خطأ بالرقم وعلى هذه الصورة تسلسل الخطأ وبمجرد أن تكشفت الشركة هذا الخطأ عند فتح المظاريف واعلان الاسعار بادرت فورا الى اخطار المصلحة بهذا الخطأ وبينت لها ظروف وقوعه واستحالة التقدم بالسعر المدون فى العطاء، وقد عرضت هذه الشكوى على لجنة البت عند البحث فى العطاءات المقدمة فلم تر فيها ما يستحق النظر، لا لأن الادعاء غير صحيح. وانما لانها قدمت بعد فتح المظاريف واعلان الاسعار مما يمتنع معه النظر فى شكوى من هذا القبيل بالتطبيق لقانون المناقصات والمزايدات (المادة 43 من اللائحة).
ولما كانت هذه المحكمة تستخلص من أوراق الطعن ومن استعراض دفاع الطرفين وما ساقه كل منهما من حجج مستندة الى الواقع أو القانون أن الشركة قد وقعت فى خطأ مادى عند تدوين الرقم الذى قبلت أن تورد الكيس رقم 6 على أساسه فسقط عند التدوين رقم الجنيه ولا يمكن أن ينصرف هذا الخطأ الى سوء فى تقدير السعر عند وضعه لان سوء التقدير لا يمكن أن يصل الى حد اعطاء سعر هو دون التكلفة بكثير والشركة لا تقوم بصناعة المادة التى تصنع منها الكيس بل تشتريها فهى على علم اذن بثمن التكلفة، كما وان سعر هذا الكيس لم يقل فى الماضى عن جنيه وبضعة قروش، وعادة يكون الاشخاص الذين يدخلون فى مثل هذه العطاءات على بينة من الاسعار السابقة، وقد لوحظ أن هذه الاسعار فى ازدياد من سنة الى أخرى، ومثل هذا الخطأ المادى ليس له من عاصم من واقع القانون لان الممنوع هو الادعاء بخطأ فى تقدير الثمن أو فى تقدير ظروف التوريد وشروطه أو فى المادة المطلوب توريدها وذلك بعد اعلان الاسعار. واما الخطأ الذى مرده الى سقطات القلم عند الكتابة فليس فى نصوص القانون ما يمنع تصحيحه، وكان يجب على لجنة البت أن تقوم هى بالتصحيح قبل تصويب العطاء، كما يقضى القانون بذلك لان العطاء على هذه الصورة يحتوى على أخطاء حسابية نتيجة لعدم احتساب الجنيه الذى أغفل وضعه خطأ فى الخانة المعدة له، وبناء على ذلك فان امتناع لجنة البت عن التصحيح وقبول عطاء الشركة المدعية بوصفه أقل العطاءات المقدمة سعرا لا يغير من الامر شيئا بعد التصحيح، لان سعرها مع ذلك يظل دون الاسعار الاخرى المقدمة من هذا الصنف من الاكياس، والملاحظ أن اللجنة فى هذه المناقصة قد جرت على قاعدة الاخذ بالاسعار الاقل دون أى اعتبار آخر.


اجراءات الطعن

فى 28 من ابريل سنة 1960 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة بصفته المذكورة طعنا فى الحكم من محكمة القضاء الادارى فى 28 من فبراير سنة 1960 فى القضية رقم 728 لسنة 12 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد حسن عامر بصفته مديرا لشركة النجوم للنسيج بالقاهرة، ضد السيد وزير المواصلات والسيد مدير عام هيئة البريد القاضى "بأحقية الشركة المدعية فى أن تجرى محاسبتها عما وردته من الاكياس من الصنف رقم 6 فى مناقصة يوم 14/ 10/ 1957 على أساس سعر الكيس الواحد 583 م و1 ج والزام هيئة البريد المصروفات المناسبة" وطلب السيد رئيسى ادارة القضايا للأسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن "قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى ومقابل اتعاب المحاماة عنهما" وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه "قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وعين لنظر هذا الطعن أمام هيئة فحص الطعون جلسة 25/ 6/ 1961 وأحيل الى المحكمة العليا لجلسة 17/ 3/ 1962 وسمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع هذه المنازعة تتحصل – حسبما بان من أوراق الطعن – فى ان المدعى رفع هذه الدعوى وانتهى فيها الى طلب الحكم "باعتبار ثمن الكيس الواحد من القطن مربع 1/ 6 مقاس 125/ 47 فى المناقصة التى كان محددا لها يوم 14/ 10/ 1957 هو مبلغ 583 م و1 ج وليس كما جاء خطأ 583 م والحكم له بمبلغ 3000 جنيه وهو الفرق بين السعرين عن الكمية التى قررها مع المصاريف ومقابل اتعاب المحاماة، وقال بيانا لدعواه انه فى عام 1957 أشهرت هيئة البريد مناقصة عن توريد أكياس بريد من أصناف متعددة طبقا لمواصفات هذه الهيئة وشرطت ان يكون تقديم العطاءات بالمظاريف وان يكون العطاء مصحوبا بتأمين يوازى 2% من قيمة العطاء، فتقدم المدعى بصفته فى هذه المناقصة وحددت الهيئة لكل صنف منها سعرا أدنى، فقدم العطاء مصحوبا بتأمين هو خطاب ضمان مسحوبا على البنك الاهلى التجارى السعودى بمبلغ 280 جنيها على ذمة مناقصة أكياس بريد بجلسة 14/ 10/ 1957، وكان محددا لاجراء هذه المنافصة جلسة 30/ 9/ 1957، ثم أجلتها الهيئة لاسباب لا شأن للطالب بها فلما استفهم عن ذلك أفادته الهيئة بخطاب مؤرخ 13/ 10/ 1957 بأن المناقصة لم تلغ وانها رأت مفاوضة أصحاب العطاءات فى الشروط والتحفظات والاسعار الواردة فى عطاءات هذه المناقصة وطلبت منه الحضور فى الميعاد المحدد لاجتماع اللجنة لهذا الغرض بادارة مخازن هيئة البريد فى تمام الساعة 9 من صباح يوم 14/ 10/ 1957، وفى هذا اليوم أبرق المدعى الى الهيئة بأن هناك خطأ قلميا وقع فى تحرير المناقصة بالنسبة لنوع من الاكياس حدد الطالب السعر الذى يقبل التوريد به بمبلغ 583 م و1 ج ولكن عند نقل الصورة واثباتها فى العطاء سهى على محرر العطاء كتابة رقم الجنيه، لذلك وجه المدعى نظر الهيئة الى ضرورة تصحيح السعر الى مبلغ 583 م و1 ج عند النظر فى العطاء المقدم منه، ولم يتلق المدعى ردا على البرقية السالفة الذكر وفوجئ فى 11 من نوفمبر سنة 1957 بخطاب من الهيئة تخطره فيه بأنها متمسكة بما جاء بأمر التوريد وطلبت منه تنفيذ هذا الارتباط بواقع 583 م وان شكواه لا تزال قيد البحث فى مجلس الدولة وستخطره فى الوقت المناسب بالنتيجة، ثم بعثت اليه بخطاب آخر فى 27 من نوفمبر سنة 1957 بضرورة ايداع التأمين النهائى المطلوب بواقع 10% من اجمالى ثمن الاصناف التى رسا على الشركة توريدها فى المناقصة المذكورة دون ان تحدد الهيئة مقدار التأمين المطلوب دفعه أو تحدد مقداره نقدا، وازاء هذا الغموض ووجود شكوى من الشركة تحت نظر الهيئة دون الفصل فيها.. ولم يتبين الطالب مقدار التأمين الذى تقصد الهيئة دفعه، وفى ذات الوقت تمسكت بضرورة قيامه بتوريد الأصناف، والى جانب هذا كله يوجد تأمين قدره 280 ج تحت يد الهيئة هو بواقع 20% تقريبا من قيمة الاصناف محل المناقصة التى تقدمت الشركة بها وحددت التأمين على أساس الاثمان المقدرة لجملة الاصناف وهو مهدد بالمصادرة اذا وقع من الشركة أى تقصير فى التوريد، وفى 11/ 1/ 1958 ورد خطاب آخر الى المدعى من الهيئة تشير فيه الى خطابها المؤرخ 11/ 11/ 1957، وتفيد "بأن السعر المقدم منه لكيس الطرود المربع/ 6 قد ورد بعطائه فى وصفه الصحيح أمام الصنف المطلوب ودون بالكتابة والارقام، وتم حساب اجمال المناقصة على أساسه فلا محل للقول بأنه من قبيل الاغلاط الحسابية وأغلاط القلم وبذلك لا يجوز تصحيحه، وعلى ذلك يجب على الشركة توريد التأمين النهائى المطلوب وتوقيع العقد فى بحر ثلاثة أيام، ثم التوريد فى الميعاد المحدد والا تضطر الهيئة لاعادة المناقصة على حساب الشركة مع اتخاذ الاجراءات القانونية ضدها ومصادرة التأمين وتطبيق التعليمات السبعة ونظرا لان الاكياس التى وقع الغلط فى كتابة سعرها فى المناقصة هى أكياس قطن مصنوعة من غزل محدد السعر بتسعيرة رسمية لا يجوز البيع بأقل من سعرها المحدد بالتسعيرة مضافا اليه تكاليف الانتاج الاخرى والربح المقرر للمورد – فان السعر الذى تقدم به المدعى لم يكن من المعقول اعتباره سعرا للتوريد لهذا الصنف، خاصة وان السعر المحدد بالمناقصة كحد أدنى يوازى ثلاثة اضعاف السعر الذى أثبت خطأ فى المناقصة، وكان يتعين على لجنة فحص العطاءات أن تتبين صحة السعر على أساس البرقية وقيمة التأمين المقدم أو تناقش مقدم العطاء للوقوف على حقيقة السعر حسبما جاء بكتابها المؤرخ 13/ 10/ 1957، وازاء إلحاح المصلحة فى التمسك بضرورة التوريد وأمام التهديد المنصب على الشركة طبقا لشروط العطاءات العامة بالبند 22 منها، فان الطالب مجبر على توريد الكمية المطلوبة بالسعر الذى حدده لها قبل اخطاره بأمر التوريد بالسعر الذى تحاول الهيئة فرضه عليه، ولما كان الثمن قد حدده المدعى بمبلغ 583 م و1 ج للكيس الواحد، وبلغت قيمة الكمية المطلوب توريدها من هذا الصنف رقم 6/ 3000 كيس ثمنها الحقيقى المقدر لها هو 4749 جنيها وجملة كامل ثمن الاصناف المطلوب توريدها مبلغ 14886 جنيها وقيمة التأمين الابتدائى الواجب دفعه هو 760 م و297 ج وقد دفعت الشركة تأمينا ابتدائيا قدره 280 جنيها وهو فى حدود التأمين المقدر طبقا للمادة من لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء فى 6 من يونية سنة 1946 – وان كانت الشركة قد اضطرت للتوريد فان من حقها ان تتقاضى الثمن الحقيقى الذى تقدمت به فى المناقصة وقدره 4749 جنيها بواقع 583 م و1 ج للكيس الواحد – وتأسيسا على ما نصت عليه المادة من القانون المدنى لا يعتبر الغلط فى الحساب ولا غلطات القلم ذات أثر فى صحة العقد، ومن ثم لا يعتبر الخطأ القلمى الذى وقع عند تحرير العطاء ذو أثر يغير مما قصده مقدم العطاء، ونظرا لان مقدم العطاء وقد عاجل الهيئة ببرقية يصحح بها هذا الخطأ المادى الذى وقع فى العطاء وسكتت عن الرد عليها.. فانه طبقا لحكم المادة مدنى تعتبر قد قبلت ما ورد فى البرقية وأجرت التصحيح طبقا له.. وعلى ذلك يكون اعتماد الهيئة لعطاء الطالب متضمنا قبول العطاء بالثمن الحقيقى الوارد بالبرقية، لان الامر لا يتمشى قانونا أو عدلا بغير ذلك، وتنص المادة من الشروط العامة للعطاءات على أنه "لمقدمى العطاءات ومندوبيهم المعتمدين من المصلحة الحضور وقت فتح المظاريف لسماع قراءة أثمان العطاءات عند فتحها" مما يؤكد أن على المصلحة التحقق من السعر والثمن الذى يقصده مقدم العطاء قبل البت فيه، واذا تحدد السعر بتسعير رسمى وجب التزامه من طرفى التعاقد عملا بنص المادة 672 مدنى وثمن الغزل وحده يساوى ضعف القيمة المدرجة خطأ أمام الصنف المذكور فى العطاء، واذا تبين ذلك أصبح تنفيذ الالتزام فى ذاته بتوريد الاكياس بهذا السعر مستحيلا وبالتالى يعتبر العقد باطلا طبقا للمادة مدنى وتكون الهيئة بعد كل ما تقدم ذكره من أسانيد بوجوب اعتماد الثمن للكيس الواحد هو 583 م و1 ج قد سلكت سبيلا ينطوى على تعسف فى استعمال حقها فى صدد قيامها بالتعاقد والتنفيذ فى عقد من عقود التوريد العامة أجابت هيئة البريد على الدعوى بأن الهيئة كانت قد أشهرت عن توريد أكياس مختلفة لازمة لها فى السنة المالية 1957/ 1958 فى مناقصة عامة حدد لفتح مظاريفها ظهر يوم 14/ 10/ 1957 وورد فى هذه المناقصة سبعة عطاءات من بينها عطاء الشركة المدعية، وفى الميعاد المحدد لفتح المظاريف وهو الساعة الثانية عشر ظهر يوم 14/ 10/ 1957، تم فتح المظاريف وحضر الجلسة مندوبون عن المتعهدين المتقدمين بعطاءات، وكان من بين الحاضرين مندوب عن الشركة التى يديرها المدعى، وقد تم اعلان الاسعار بهذه الجلسة. وبعد اعلان الاسعار وردت برقية مختومة بخاتم مكتب تلغراف عدلى مؤرخة 14/ 10/ 1957 الساعة 14 والدقيقة 41 جاء فيها ما يأتى "تقدمنا فى مناقصة أكياس البريد جلسة 14/ 10/ 1957 وقد اخطأنا فى كتابة سعر الكيس المربع 47 × 125 بأن ذكرنا السعر 583 م سهوا وبحسن نية وصحته 583 م و1 ج نرجو عدالتكم الامر بتصحيح السعر حتى لا تضار فى مبلغ جسيم نتج عن سهو مع توافر النية الحسنة" وفى 31/ 10/ 1957 اجتمعت لجنة البت وعرضت عليها البرقية سالفة الذكر فقررت اللجنة ما يأتى، "عدم الالتفات اليها حيث أنها مصدرة من مكتب تلغراف عدلى بعد فتح المظاريف واعلان الاسعار لاصحاب العطاءات المتقدمين فى هذه المناقصة، وله أن يتقدم بذلك بشكواه الى مجلس الدولة والمحاكم اذا شاء" ثم أوصت اللجنة بقبول العطاء المقدم من الشركة المدعية عن توريد الاكياس 1، 2، 3، 6 لانها الارخص وتطابق المواصفات وتم اخطار الشركة بذلك وأرسل اليها أمر التوريد فى 13/ 11/ 1957، ولكن الشركة أرسلت كتابا للهيئة فى 13/ 11/ 1957 وتلاه كتاب آخر فى 7/ 11/ 1957 تطلب تعديل سعر الكيس المربع رقم 6 من 583 م الى 583 م و1 ج وتشرح فيهما أنه عند نقل الصورة واثباتها فى العطاء سهى على محرر العطاء كتابة رقم الجنيه، ودللت على ذلك بما أوردته فى هذين الكتابين – وهو لا يخرج عما ورد فى سرد أسانيد الدعوى – وقد تم عرض الامر على ادارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بمذكرة مؤرخة 11/ 11/ 1957 انتهى الرأى فيه الى عدم أحقية المدعى فى شكواه ووجوب حساب السعر على الاساس المدون فى العطاء المقدم منه. وأخطر المدعى بذلك فى 9/ 1/ 1958 وطلب منه وجوب توريد التأمين النهائى المطلوب وتوقيع العقد خلال ثلاثة أيام، ثم التوريد فى الميعاد المحدد. أما فيما يتعلق بسعر الاكياس فان المدعى يتمسك بأنه وقع غلط فى كتابة السعر فى المناقصة، وانه كان يتعين على لجنة فحص العطاءات أن تتبين صحة السعر على أساس برقيته، وهذا القول مردود عليه بأن البند الخامس عشر من المادة من لائحة المناقصات والمزايدات يقضى فى الفقرتين الثانية والثالثة بأنه "لا يلتفت بأى حال من الاحوال الى أى ادعاء من صاحب العطاء يقدم بعد ميعاد فتح المظاريف بحصول خطأ فى عطائه على أن تتولى الوزارات والمصالح عند مراجعة العطاءات تصويب ما قد يكون بها من أخطاء حسابية فى تاريخ عمليات الضرب والجمع مثلا ويكون النتائج المصوبة هى التى يعول عليها فى تحديد قيمة العطاء". والواقع ان المدعى ارسل برقيته بعد ميعاد فتح المظاريف بل وبعد اعلان الاسعار على الحاضرين ومن بينهم مندوبه، وبذلك لا يمكن الالتفات الى ادعائه بحصول خطأ فى عطائه، اذ الواضح ان المدعى وقد علم ان العطاء التالى يزيد عليه كثيرا أراد رفع سعره الى ما يقاربه، وفى هذا ما فيه من اهدار لسرية العطاءات، ومن ناحية أخرى فالخطأ الذى يزعمه المدعى ليس خطأ حسابيا فى تاريخ عمليات الضرب والجمع حتى يجوز للهيئة أن تتولى تصويب هذا الخطأ ولا محل للتمسك بأى نوع آخر من أنواع الخطأ، اذ أن السعر الوارد فى عطاء المدعى ورد فى وضعه الصحيح أمام الصنف المطلوب ودون بالكتابة والارقام، وتم حساب اجمالى المناقصة على أساسه مما ينتفى معه زعم المدعى بأنه ورد فى هذا السعر خطأ فى النقل. والمدعى يستند فى دعواه الى المادة 123 مدنى التى تنص على أنه "لا يؤثر فى صحة العقد مجرد الغلط فى الحساب ولا غلطات القلم ولكن يجب تصحيح الغلط"، ولما كان الثابت عدم وجود غلط فى الحساب ولا غلطات قلم فلا محل للاستناد الى هذه المادة، وأما الاستناد الى المادة 98 مدنى فلا محل له أيضا لان شروط هذه المادة غير متوافر لان المدعى كان ولا شك ينتظر قبولا صريحا لما جاء ببرقيته، اذ أن مضمونها كان رجاء فى تصحيح السعر، فالظروف كانت تدل على أنه كان ينتظر قبولا لهذا الرجاء وفضلا عن ذلك فان انقضاء ميعاد معقول ومناسب هو الذى يحدد وقت تحقق السكوت النهائى فاللجنة المكلفة بفتح المظاريف لم تكن تملك قبول أو رفض ما جاء ببرقية المدعى وانما كان ذلك من شأن لجنة البت التى اجتمعت فى 31/ 10/ 1957 ورفضت ما جاء بهذه البرقية وأبلغ المدعى فى 3/ 11/ 1957، ومن ثم لا يمكن القول بأن هناك سكوتا نهائيا قد تحقق قبل انعقاد لجنة البت، وكذلك استناد المدعى الى المادة مدنى لان هذه المادة وردت تحت عنوان التزام المرافق العامة وهى تحدد العلاقة بين الملتزم وعملائه والمقصود بها حماية الجمهور الضعيف ازاء الشركات الكبرى التى تتولى استغلال المرافق العامة وتنظيم العلاقات بين ملتزمى المرافق العامة والمنتفعين بها وخلصت الهيئة من دفاعها الى طلب رفض الدعوى مع الزام المدعى بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 28/ 2/ 1960 قضت محكمة القضاء الادارى "بأحقية الشركة المدعية فى أن تجرى محاسبتها عما وردته من الصنف رقم 6 فى مناقصة يوم 14/ 10/ 1957 على أساس سعر الكيس والزمت هيئة البريد بالمصروفات المناسبة" وأقامت قضاءها على أنه قدمت فى مناقصة 14/ 10/ 1957 سبعة عطاءات أربعة منها تضمنت تحديد سعر الكيس من الصنف رقم 6 على الوجه الآتى: الورش الاميرية ببولاق 220 م و2 ج، المكتب الهندسى للتوريدات الصناعية 650 م و1 ج، شركة بيع المصنوعات المصرية 893 م و1 ج، الشركة المدعية 583 م وتضمن كشف تفريغ العطاء بيان سعر آخر توريد سابق لهذا الصنف هو 550 م و1 ج كما أشير فى الاوراق بأن سعر توريد الصنف المذكور فى السنوات السابقة هو 400 م ر1 ج فى 54/ 1955، 490 م و1 ج فى 55/ 1956 و550 م و1 ج فى 1956/ 1957 وبعمل المقارنة بين هذه الاسعار الذى تضمنه عطاء الشركة المدعية يدل على أنها قد وقعت فى غلط مادى وان رقم الجنيه سقط سهوا ومفاد ذلك أن رقم 583 م الوارد فى عطائها لا يعبر عن ارادتها الحقيقية فى تحديد السعر للكيس رقم 6 وتؤيدها القرائن السابقة فى أنها قصدت تحديد هذا السعر بمبلغ 583 م ر1 ج ولكن رقم الجنيه سقط سهوا عند تحرير العطاء وهذا السعر يقل عن الاسعار الواردة فى جميع العطاءات الاخرى التى قدمت فى هذه المناقصة، وهذا الغلط الذى وقع من الشركة كان ظاهرا أمام لجنة البت وكانت تستطيع أن تتبينه وأن تدرك ما انصرفت اليه نية الشركة مما عرض عليها من أوراق اذ أن كشف تفريغ العطاءات الذى عرض عليها قد تضمن بيانا مقارنا للاسعار المحددة فى مختلف العطاءات بآخر توريد سابق كما عرضت عليها برقية الشركة المدعية التى بينت فيها ما فى عطائها من غلط مادى، إلا أن الهيئة لم تعتد بهذا كله محتجة فى ذلك بالبند الخامس عشر من المادة والبند التاسع من المادة من لائحة المناقصات والمزايدات ويقضيان بعدم الالتفات بأى حال من الاحوال الى أى ادعاء من المتعهد بعد الموعد المحدد لقبول العطاءات بحصول خطأ فى عطائه استقرارا للاوضاع الادارية وسد الذرائع أمام عملاء الادارة بمنع اثارة ادعاءات قد يترتب على السماح بقبولها تعطيل أعمال الادارة وتطرق الفوضى والاضطراب الى تنظيماتها، ويرد على هذا بالمادة 123 من القانون المدنى وتنص على أنه "لا يؤثر فى صحة العقد مجرد الغلط فى الحساب ولا غلطات القلم ولكن يجب تصحيح الغلط" وهذا الحكم ينطبق فى نطاق الروابط العقدية الادارية باعتباره يقرر أصلا من الاصول العامة التى تمليها طبيعة الامور ومقتضيات العدالة وحسن النية، ومن ثم كان يتعين تصحيح ما وقع من الشركة من غلط مادى فى تحرير عطائها قبل البت فى المناقصة ولا مقنع فى القول بأن أحكام لائحة المخازن والمشتريات أو لائحة المناقصات تقضى بعدم جواز اجراء مثل هذا التصحيح بعد فتح مظاريف العطاءات اذ ليس فى تلك الاحكام ما يحول دون قيام الجهة الادارية بتصحيح الاخطاء المادية فى العطاءات وفقا للمبادئ العامة متى كان الغلط المادى ثابتا بيقين من ذات العطاء ومن باقى أوراق المناقصة ومما يؤيد ذلك أن اللائحة لم تنكر تلك المبادئ بل أخذت بها فنصت فى الفقرة السادسة من البند الخامس من المادة من لائحة المخازن والمشتريات على أنه "للمصلحة الحق فى مراجعة الاسعار المقدمة سواء من حيث مفرداتها أو مجموعها واجراء التصحيحات المادية اذا اقتضى الامر ذلك" ورددت ذات هذا الحكم المادة من لائحة المناقصات والمزايدات التى صدر بها القرار رقم 542 لسنة 1957 تنفيذا للقانون رقم 236 لسنة 1954.. وعلى ذلك يكون قبول الهيئة للعطاء على أساس السعر الوارد فيه للكيس رقم 6 لم يطابق ايجاب الشركة المدعية الذى انصرفت نية الشركة الى تحديد سعره بمبلغ 583 م ر1 ج مما يترتب عليه بطلان العقد واعادة الطرفين الى الحالة التى كانا عليها قبل العقد بأن يرد كل منهما ما يكون قد أخذه من الآخر، فان تعذر الرد حكم بتعويض معادل وقد تم التوريد منذ مدة طويلة واستعملت الاكياس الموردة فيما أعدت له مما يتعذر معه على الهيئة ردها الى الشركة المدعية والتعويض العادل الذى يتعين الحكم به للشركة هو ثمن الاكياس بالسعر الذى انصرفت اليه نية الشركة وهو 583 م ر1 ج وكان أقل الاسعار التى قدمت فى المناقصة ولو صحح ما فى عطائها من غلط مادى قبل البت فى المناقصة لما حال هذا التصحيح دون رسو المناقصة عليها بهذا السعر فيكون التعويض المستحق للشركة هو ثمن الاكياس محسوبا على أساس السعر المذكور..
ومن حيث إن الطعن يقوم على ان الشركة أرسلت برقيتها بحصول خطأ مادى عند تدوين سعر الكيس رقم 6 فى العطاء المقدم منها وان صحته 583 م ر1 ج وليس 583 م ر- بعد ميعاد فتح المظاريف وإعلان الاسعار ومن ثم فلا يؤبه مثل هذا الادعاء لمخالفته للبند الخامس عشر من المادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات والذى يتضمن فى فقرتيه الثانية والثالثة عدم الالتفات بأى حال من الاحوال الى أى ادعاء من صاحب العطاء يقوم بعد ميعاد فتح المظاريف بحصول خطأ فى عطائه، على أن تتولى الوزارات والمصالح عند مراجعة العطاءات تصويب ما قد يكون بها من أخطاء حسابية فى ناتج عمليات الضرب والجمع مثلا وتكون النتائج المصوبة هى التى يعول عليها فى تحديد قيمة العطاء، ولا محل للقول أيضا بأى نوع آخر من أنواع الخطأ اذ أن السعر الوارد فى عطاء المدعى ورد فى وضعه الصحيح أمام الصنف المطلوب بالكتابة والارقام وتم حساب اجمالى المناقصة على أساسه مما ينتفى معه القول أنه ورد فى هذا السعر خطأ فى النقل بسقوط رقم الجنيه اذ لو صح ذلك فى القول بالنسبة للارقام فانه غير صحيح بالنسبة للكتابة، وغنى عن البيان أن النصوص السابقة تستهدف استقرار الاوضاع الادارية وسد الدوافع أمام مقدمى العطاءات بمنع اثارة ادعاءات قد يترتب على السماح بقبولها تعطيل أعمال الادارة وتطرق الفوضى والاضطراب الى تنظيماتها واهدار السرية على العطاءات ومراكز المتناقصين، فان لجنة البت كانت محقة فى رفض زعم الشركة والتمسك بالاسعار الواردة فى عطائها.
ومن حيث ان المطعون ضده قدم مذكرة تعقيبا على الطعن دفع فيها بعدم جواز الطعن لسابقة قبول الحكم من السيد وزير المواصلات وهو الرئيس الاعلى لهيئة البريد – بعد الطعن فيه وفوات ميعاده – ولا يمكن القول بأن الطعن المقدم من هيئة البريد يجب الطعن الذى كان يوجهه السيد وزير المواصلات، ذلك أن الدعوى كانت مرفوعة ضد كل من السيد أ/ مدير عام هيئة البريد والسيد وزير المواصلات بصفته الرئيس الاعلى لهيئة البريد وان الحكم قد صدر ضدهما "بالزامهما بصفتهما بأن يدفعا للمدعى مبلغ 3000 ج والمصروفات وأن عدم تقديم الطعن من السيد أ/ الرئيس الاعلى لهيئة البريد فى الميعاد والاكتفاء بتقديم الطعن من أحدهما السيد أ/ المدير العام يجعل الحكم الصادر نهائيا بالنسبة للاول لفوات ميعاد الطعن فيه لان سلطة السيد أ/ وزير المواصلات تجب سلطة المدير العام".
ومن حيث انه عن ها الدفع فالصحيح ان الدعوى رفعت ضد السيد أ/ وزير المواصلات بصفته الرئيس الاعلى لهيئة البريد والسيد/ مدير عام هيئة البريد وغير الصحيح أن الحكم المطعون فيه صدر بالصورة التى ذكرها المطعون ضده بل على النقيض تماما مما ذكر اذ قضى الحكم باخراج السيد/ وزير المواصلات من الدعوى لانه لا شأن للوزارة فيها والمسئول عنها هيئة البريد وهى مؤسسة عامة صدر بانشائها قرار جمهورى فى 26/ 8/ 1957 ولها شخصيتها الاعتبارية وميزانيتها المستقلة ويمثلها مديرها، والزام الهيئة وحدها بالمصروفات ومن ثم يكون الدفع قد أسس على واقعة لا وجود لها فيكون متعين الرفض.
ومن حيث انه عن موضوع الطعن فالثابت من الاوراق ان مصلحة البريد أعلنت عن تقديم عطاءات اليها بتوريد أكياس بريد حسب البيانات والمواصفات المذكورة وطبقا لشروط العطاءات وذلك لغاية ظهر يوم 14/ 10/ 1957 على أن يودع مقدم العطاء خزانة المصلحة أو أية خزانة أميرية اخرى قبل الموعد المحدد نهاية لقبول العطاءات تأمينا مؤقتا قدره 2 فى المائة من مجموع قيمة عطائه. وقد تم فتح المظاريف واعلان الاسعار الواردة فى العطاءات ظهر يوم 14/ 10/ 1957 أى فى الميعاد السابق تحديده. وبتاريخ 31/ 10/ 1957 اجتمعت لجنة البت فى العطاءات المتقدمة وعرضت عليها البرقية التى أرسلها المدعى فى 14/ 10/ 1957 الساعة 41ر14 من مكتب تلغراف عدلى يورى فيها بأنه أخطأ فى كتابة سعر الكيس المربع 47 × 125 فذكر السعر 583 م سهوا وبحسن نية وصحته 583 م و1 ج وطلب تصحيح عطاءه على هذا الاساس، وقد قررت اللجنة عدم الالتفات الى هذه البرقية لانها مصدرة بعد فتح المظاريف واعلان الاسعار وله أن يتقدم بشكواه الى مجلس الدولة أو الى المحاكم اذا شاء ثم أوصت اللجنة بقبول عطاء المدعى عن توريد أربعة أصناف من الاكياس من بينها الكيس نمرة 6 بمبلغ اجمالى قدره 10343 ج وذلك على أساس سعر الكيس 6 هو مبلغ 583 م فيكون التأمين المطلوب هو 086 م ر206 ج واذا فرض ان حقيقة ثمن الكيس 6 هو 583 م ر1ج فيكون اجمالى المبلغ 13343 والتأمين المطلوب فى هذه الحالة 086م ر266 ج والثابت من أوراق المناقصة ان المدعى أرفق بعطائه خطاب ضمان ابتدائى بمبلغ 280 ج على البنك الاهلى التجارى السعودى بالقاهرة ومن ثم يكون المدعى عند التقدم بعطائه قد احتسب التأمين على أساس ثمن الكيس المربع هو 583 م ر1 ج.. والثابت من كشف تفريغ العطاءات عن تلك المناقصة ان السعر التالى للمدعى عن الكيس رقم 6 هو 650 م ر1 ج ثم 893 م ر1 ج ثم 220 م ر3 ج وآخر سعر ورد به هذا الكيس كان 550 م ر1 ج فعلى أى الحالين سواء احتسب السعر المثبت فى العطاء المقدم من المدعى عن هذا الكيس أو السعر الحقيقى الذى قصد كتابته – كما يقول – أنه يكون أقل الاسعار المقدمة وان زاد فى الحالة الثانية عن آخر سعر ورد به بما لا يجاوز 33 مليما وهذا بملاحظة أن أسعار توريد ذلك الكيس فى 1954/ 1955 400 م ر1 ج، وفى 1955/ 1956 450 م ر1 ج مما يدل على ان الاسعار فى تزايد وليست فى تناقص وعلى كل فلم ينقص السعر عن جنيه فى أى وقت من الاوقات، وقدم المدعى كشفا مستخرجا من شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى بقيمة أسعار بيع خيوط غزل القطن وعلى هدى هذا الكشف وضعت الشركة بيانا تفصيليا عن تكلفة ثمن الكيس رقم 6 بحسب المواصفات الموضوعة له والتى تم على أساسها التوريد وقد بلغت تكلفة الكيس طبقا لهذا البيان من خامات وتفصيل 448 م ر1 ج ولان الشركة المدعية تشترى بالاجل فانه تضاف على سعر الرزمة 5 مليمات بخلاف المصاريف الاخرى مثل اللف والحزم والمشال..
ومن حيث انه يبين مما تقدم انه لا خلاف ولا اعتراض من جانب مصلحة البريد على كل ما ذكر خاصا بتكلفة ثمن الكيس رقم 6 حسب البيان الذى استخلصته الشركة من واقع كشف الاسعار السالف الذكر او ان السعر الذى وضع خطأ له يمكن أن يكون هو السعر الحقيقى لهذا الكيس اذا قورن باسعار التكلفة فقط وكذا بالاسعار الواردة فى العطاءات الاخرى وبآخر سعر ورد به فى السنة السابقة وفى السنين الماضية على النحو المفصل آنفا – وانما الخلاف يدور حول ما اذا كان من حق الشركة المدعية أن تدعى بعد الميعاد المحدد لتقديم العطاءات واعلان الاسعار بوجود خطأ فى الرقم الذى وضعته ثمنا للكيس رقم 6 عن طريق الحذف من خانة الجنيه سواء أكان ذلك راجعا الى الخطأ فى التقدير عند كتابة الثمن أم الى الخطأ المادى وقت كتابة العطاء فأغفل عن سهو وضع الجنيه فى الخانة المعدة له ثم تسلسل الخطأ عند تدوين المبلغ بالكتابة وكذلك عند احتساب ثمن الصفقة من هذا النوع من الاكياس تقول المصلحة ان ذلك لا يجوز اذ أن السعر الوارد بعطاء الشركة المدعية جاء فى وضعه الصحيح أمام الصنف المطلوب بالكتابة والارقام وتم حساب اجمالى المناقصة على اساسه مما ينتفى معه القول أنه ورد فى هذا السعر خطأ فى النقل بسقوط رقم الجنيه اذ لو صح ذلك بالنسبة للارقام فانه غير صحيح بالنسبة للكتابة هذا من جهة الواقع أما من جهة القانون فالمادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات قد نصت على عدم الالتفاف بأى حال من الاحوال الى أى ادعاء من صاحب العطاء يقدم بعد ميعاد فتح المظاريف بحصول خطأ فى عطائه على ان تتولى الوزارات والمصالح عند مراجعة العطاءات تصويب ما قد يكون بها من أخطاء حسابية فى ناتج عمليات الضرب والجمع وتكون النتائج المصوبة هى التى يعول عليها عند تحديد قيمة العطاء.
وتقول الشركة المدعية ان القلم قد أفلت من الكاتب وهو يدون قيمة العطاء فدون سعر الكيس الواحد رقم 6 بمبلغ 583 م وأغفل عن عدم انتباه بوضع الجنيه المكمل للثمن فى الخانة المعدة له وهذا من قبيل الخطأ المادى الذى كان يجب على لجنة البت أن تقوم بتصحيحه وقد نبهها المدعى الى ذلك الخطأ وكان فى مقدورها أن تتبينه وتصوب العطاء على هذا الاساس.
ومن حيث ان سلطة القاضى فى تبيان الخطأ الذى وقع فى العقد لا يقل عن سلطته فى فسخه أو تعديله فله أن يتحرى الارادة الظاهرة للمتعاقدين للوقوف على الخطأ الذى شاب هذه الارادة من واقع الظروف والملابسات فاذا استبان له وجود خطأ قام بتصحيحه بما يتحقق معه التعبير الصحيح للارادة بحيث لا يستغل أحدهما ما وقع فى العقد من خطأ عند الكتابة.
ومن حيث ان ظروف الدعوى تنادى بوقوع خطأ مادى عند تحرير العطاء المقدم من الشركة المدعية فى الرقم الذى اتجهت ارادتها الى وضعه كثمن للكيس رقم 6 فأغفلت عن سهو وخطأ وضع الجنيه فى الخانة المعدة له وقد ترتب على ذلك الخطأ المادى أو السهو ان دون الرقم كتابة بالنظر فقط الى الثمن المدون خطأ بالرقم وعلى هذه الصورة تسلسل الخطأ وبمجرد أن تكشفت الشركة هذا الخطأ عند فتح المظاريف واعلان الاسعار بادرت فورا الى اخطار المصلحة بهذا الخطأ وبينت لها ظروف وقوعه واستحالة التقدم بالسعر المدون فى العطاء وقد عرضت هذه الشكوى على لجنة البت عند البحث فى العطاءات المقدمة فلم تر فيها ما يستحق النظر لا لان الادعاء غير صحيح، وانما لانها قدمت بعد فتح المظاريف واعلان الاسعار مما يمتنع معه النظر فى شكوى من هذا القبيل بالتطبيق لقانون المناقصات والمزايدات.
ومن حيث ان هذه المحكمة تستخلص من أوراق الطعن ومن استعراض دفاع الطرفين وما ساقه كل منهما من حجج مستندة الى الواقع أو القانون ان الشركة قد وقعت فى خطأ مادى عند تدوين الرقم الذى قبلت أن تورد الكيس رقم 6 على أساسه فسقط عند التدوين رقم الجنيه ولا يمكن أن ينصرف هذا الخطأ الى سوء فى تقدير السعر عند وضعه لان سوء التقدير لا يمكن أن يصل الى حد اعطاء سعر هو دون التكلفة بكثير والشركة لا تقوم بصناعة المادة التى تصنع منها الكيس بل تشتريها فهى على علم اذن بثمن التكلفة، كما وان سعر هذا الكيس لم يقل فى الماضى عن جنيه وبضعة قروش، وعادة يكون الاشخاص الذين يدخلون فى مثل هذه العطاءات على بينة من الاسعار السابقة. وقد لوحظ ان هذه الاسعار فى ازدياد من سنة الى أخرى، ومثل هذا الخطأ المادى ليس له من عاصم من واقع القانون لان الممنوع هو الادعاء بخطأ فى تقدير الثمن أو فى تقدير ظروف التوريد وشروطه أو فى المادة المطلوب توريدها وذلك بعد اعلان الاسعار، وأما الخطأ الذى مرده الى سقطات القلم عند الكتابة فليس فى نصوص القانون ما يمنع تصحيحه وكان يجب على لجنة البت أن تقوم هى بالتصحيح قبل تصويت العطاء كما يقضى القانون بذلك لان العطاء على هذه الصورة يحتوى على أخطاء حسابية نتيجة لعدم احتساب الجنيه الذى أغفل وضعه خطأ فى الخانة المعدة له.
ومن حيث ان امتناع لجنة البت عن التصحيح وقبول عطاء الشركة المدعية بوصفه أقل العطاءات المقدمة سعرا لا يغير من الامر شيئا بعد التصحيح لان سعرها مع ذلك يظل دون الاسعار الاخرى المقدمة عن هذا الصنف من الاكياس، والملاحظ ان اللجنة فى هذه المناقصة قد جرت على قاعدة الاخذ بالاسعار الاقل دون اى اعتبار آخر.
ومن حيث انه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد اصاب الحق فى النتيجة التى انتهى اليها ويتعين من اجل ذلك رفض الطعن والزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الحكومة بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات