الطعن رقم 22218 لسنة 71 ق – جلسة 03 /03 /2002
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
السنة 53 – الجزء 1 – صـ 355
جلسة 3 من مارس سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ مجدى الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جابرى، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، فريد عوض على عوض وسعيد فنجرى. نواب رئيس المحكمة
الطعن رقم 22218 لسنة 71 القضائية
تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك فى التزوير. استخلاص حصوله. موضوعى. ما دام سائغًا.
تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائى.
التمسك بالورقة المزورة. لا تقوم به جريمة استعمال المحرر المزور. وجوب ثبوت علم من
استعملها بأنها مزورة.
تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائى. إثبات "بوجه عام". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور وكونه صاحب المصلحة فيه. غير كاف لثبوت ارتكاب التزوير
والعلم به. ما دام ينكر ارتكابه ويجحد علمه به.
إغفال الحكم التدليل على اشتراك الطاعنين فى ارتكاب التزوير. قصور.
تزوير. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
اعتبار الحكم الطاعنين فاعلين أصليين ثم عودته إلى اعتبارهما شريكين مع مجهول فى تزوير
المحرر دون بيان عناصر الاشتراك وطريقته والأدلة عليه. تناقض وقصور.
1 – من المقرر أنه ولئن كان الاشتراك فى جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية
وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله
أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفره اعتقادًا سائغًا تبرره الوقائع التى
أثبتها الحكم.
2 – من المقرر أيضًا لا قيام لجريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها
بأنها مزورة ولا يكفى مجرد التمسك بها أمام الجهة التى قدمت لها ما دام لم يثبت أنه
هو الذى قام بتزويرها أو شارك فى هذا الفعل.
3 – لما كان الحكم وقد دام الطاعنين بتهمة الاشتراك فى التزوير واستعمال الطاعن الثانى
لمحررات مزورة لم يستظهر فى حق الطاعنين قيام أية صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها
فى المادة 40 من قانون العقوبات وكون الطاعن الأول صاحب المصلحة فى التزوير لا يكفى
بذاته فى ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه فيه والعلم به ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد
علمه به – كالحال فى هذه الدعوى كما وأنه لا يكفى أن يكون الطاعن الثانى هو الذى قدم
العقد المزور إلى الجهات التى قدمها لها لأنه ليس من شأنها ذلك حتما أن تتوفر به جريمة
استعمال المحرر المزور مع العلم بتزويره ما دام الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على
أن الطاعنين قد اشتركا فى ارتكاب تزوير المحرر فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور.
4 – لما كان ما أورده الحكم من اعتبار الطاعنين فاعلين أصليين ثم عودته من بعد إلى
اعتبارهما شريكين مع مجهول فى تزوير المحرر العرفى دون أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك
وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى
وظروفها إنما يفصح عن أن الواقعة وعناصرها لم تكن مستقره فى ذهن المحكمة الاستقرار
الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة الأمر الذى يتعذر معه بالتالى على محكمة النقض
تبين الأساس الذى بنت عليه المحكمة عقيدتها فى الدعوى فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور
فى التسبيب فضلاً عن التناقض والفساد مما يتعين معه نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين فى قضية الجناية بأنهما: – أولاً:
– اشتركا بطريق الأتفاق فيما بينهما وبطريق المساعدة مع موظفة عمومية حسنة النية هى…….
"مأمورية ضرائب" فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو الملف الضريبى رقم….. حال تحريره
المختصة بوظيفتها وذلك بجعلها واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها
بأن اصطنعا عقد إيجار بين المتهم الأول والشاهد الثانى للحانوت رقم….. وقدمه المتهم
الثانى للموظفة العمومية سالفة الذكر والتى أضافت ذلك الحانوت على الملف الضريبى المذكور
فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانيًا: – اشتركا بطريق الاتفاق
فيما بينهما وبطريق المساعدة مع موظف عمومى حسن النية هى…… الموظفة بالغرفة التجارية
فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو الترخيص رقم حال تحريره المختصة بوظيفتها وذلك بأن
اصطنعا عقد إيجار مزور على النحو السالف بيانه وقام المتهم الثانى بتقديمه رفقة الملف
الضريبى المزور موضوع التهمة الأولى إلى الموظفة المذكورة والتى قامت بتحرير الترخيص
فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثًا: – اشتركا بطريق الاتفاق
فيما بينهما وبطريق المساعدة مع موظف عمومى حسن النية هو….." الموظف بسجل تجارى……
فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو السجل رقم…… حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعلها
واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزوير بأن استحصلا على الترخيص المزور
موضوع التهمة الثانية وقام المتهم الثانى بتقديمه إلى الموظف المذكور والذى أضاف ذلك
للسجل التجارى فتمت الجريمة بناء على ذلك الأتفاق وتلك المساعدة. رابعًا: – ارتكبا
تزويرًا فى محرر عرفى هو عقد إيجار الحانوت رقم…….. وكان ذلك باصطناعه ووضع إمضاء
عليه نسباه زورًا إلى الشاهد الثانى على خلاف الحقيقة واستعمله المتهم الثانى بأن تقدم
به إلى مأمورية ضرائب….. والغرفة التجارية…… المتهم الثانى: – استعمل المحررات
المزورة موضوع التهمتين الأولى والثانية مع علمه بتزويرها بأن تقدم بالمحرر الأول إلى
الغرفة التجارية…. كما تقدم بالمحرر الثانى إلى سجل تجارى…. على النحو المبين بالتحقيقات.
وإحالتهما إلى محكمة جنايات….. لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجنى عليه مدنيًا قبل المتهمين بمبلغ آلفان وواحد جنيهًا على سبيل التعويض
المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا….. عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 211، 213، 214،
215 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المحررات
المزورة المضبوطة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديًا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ آلفان
وواحد جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/……. المحامى عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض……. الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما
بجريمة الاشتراك فى تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمال الطاعن الثانى لتلك المحررات
قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً
سائغًا على إسهامهما فى التزوير بأى فعل من أفعال الاشتراك وأتخذ من مجرد كون الطاعن
الأول صاحب المصلحة دليلاً على التزوير وأفترض علم الطاعن الثانى بأن المحرر الذى استعمله
كان مزورًا لمجرد تقديمه المحرر الأول للغرفة التجارية والمحرر الثانى لمكتب السجل
التجارى…..، وأوردت المحكمة فى مدوناتها أن الطاعنين فاعلين أصلين لجريمة التزوير
فى محرر عرفى (عقد الإيجار) غير أنها انتهت إلى أنهما اشتركا مع مجهول فى تزوير محرر
عرفى مما مفاده أنها اعتبرتهما شريكين فى التزوير وليسا فاعلين أصلين دون أن تستظهر
عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن تبين الأدلة الدالة على ذلك مما يدل على اختلال فكرة
الحكم عن الواقعة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجنى عليه يستأجر الحانوت
رقم……. وأنه تعاقد مع الطاعن الأول على إدارة وتشغيل ذلك المحل إلا أن ذلك الطاعن
اصطنع والطاعن الثانى أثناء سفر المجنى عليه للخارج عقد إيجار نسباه له زورًا ليصبح
بمقتضاه الطاعن الأول مستأجرًا لذلك المحل واستعمل الطاعن الثانى ذلك العقد بتقديمه
لموظفة حسنة النية هى مأمورة ضرائب….. وحصل بمقتضاه على الملف الضريبى رقم….. كما
تقدم بذلك العقد لموظفة عمومية حسنه النية بالغرفة التجارية….. وحصل بمقتضاه على
الترخيص رقم…….. وقدم أيضًا ذلك العقد لموظف عمومى حسن النية بسجل تجارى….. فحصل
بمقتضاه على السجل التجارى رقم…. حال كونه يعلم بأن المحرر الذى استعمله مزورًا.
ثم خلص الحكم إلى إدانة الطاعنين فى قوله "….. وأن المتهم الأول ووكيله المتهم الثانى
عندما ضاقت بهما السبل فى استخراج بطاقة ضريبية وسجل تجارى وترخيص للمحل بموجب عقد
الإدارة والتشغيل قاما باصطناع عقد إيجار بين المتهم الأول والمجنى عليه وتقدم به المتهم
الثانى بصفته وكيلاً عن المتهم الأول مع علمه بأن صاحب المصلحة فى ذلك هو المتهم الأول
وأن العقد مزور على المجنى عليه إلى جهات رسمية هى مأمورية ضرائب…… والغرفة التجارية…..
والسجل التجارى…… وبناء على العقد المزور الذى تقدم به المتهم الثانى إلى هذه الجهات
صدر ملف ضريبى رقم…….. – وترخيص للمحل موضوع العقد المزور تحت رقم…… وأيضًا
سجل تجارى رقم….. وقد أطلعت موظفة الغرفة التجارية على أصل العقد المزور والمقدم
من المتهم الثانى وأرفقت صورته وردت له الأصل بعد الاطلاع عليه وبذلك اكتملت جناية
التزوير وتوافرت أركانها فى حق المتهم الأول باعتباره صاحب مصلحة فى ذلك وإنشاء شركة
توصية بسيطة مقرها المحل…….. المستأجر للمجنى عليه وكثره القضايا المقامة من المتهم
الأول ضد المجنى عليه واتهمه فيها بالتبديد على أنه وكيل بالأجر وقضى فيها ببراءته
مما يقطع بسوء نية المتهم الأول والإضرار بالمجنى عليه وأقل ذلك أن المالك الأصلى يمكنه
طرده من المحل ومما يقطع بأن المتهم الثانى أيضًا عالم بتزوير العقد الذى تقدم به إلى
الجهات المذكورة سالفًا أنه على علم بكل نزاع نشأ بين المتهم الأول والمجنى عليه ورغم
ذلك تمادى فى اتخاذ الإجراءات على النحو المبين بالتحقيقات فإن ذلك يكشف عن سوء نيتهما
وبذلك يتوافر أركان جريمة التزوير والاستعمال فى حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان من
المقرر أنه ولئن كان الاشتراك فى جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال
مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن تستخلص
من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقادًا سائغًا تبرره الوقائع التى أثبتها الحكم.
وكان من المقرر أيضًا لا قيام لجريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها
بأنها مزورة ولا يكفى مجرد التمسك بها أمام الجهة التى قدمت لها ما دام لم يثبت أنه
هو الذى قام بتزويرها أو شارك فى هذا الفعل. لما كان ذلك وكان الحكم وقد دام الطاعنين
بتهمة الاشتراك فى التزوير واستعمال الطاعن الثانى لمحررات مزورة لم يستظهر فى حق الطاعنين
قيام أية صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها فى المادة 40 من قانون العقوبات وكون
الطاعن الأول صاحب المصلحة فى التزوير لا يكفى بذاته فى ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه
فيه والعلم به ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد علمه به – كالحال فى هذه الدعوى – كما
وأنه لا يكفى أن يكون الطاعن الثانى هو الذى قدم العقد المزور إلى الجهات التى قدمها
لها لأنه ليس من شأن ذلك حتمًا أن تتوفر به جريمة استعمال المحرر المزور مع العلم بتزويره
ما دام الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعنين قد اشتركا فى ارتكاب تزوير المحرر
فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال. لما كان ذلك وكان
ما أورده الحكم من اعتبار الطاعنين فاعلين أصليين ثم عودته من بعد إلى اعتبارهما شريكين
مع مجهول فى تزوير المحرر العرفى دون أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين
الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها إنما
يفصح عن أن الواقعة وعناصرها لم تكن مستقره فى ذهن المحكمة الاستقرار الذى يجعلها فى
حكم الوقائع الثابتة الأمر الذى يتعذر معه بالتالى على محكمة النقض تبين الأساس الذى
بنت عليه المحكمة عقيدتها فى الدعوى فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب فضلاً
عن التناقض والفساد مما يتعين معه نقضه والإعادة.