الطعن رقم 889 لسنة 41 ق – جلسة 14 /11 /1971
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الثالث – السنة 22 – صـ 647
جلسة 14 من نوفمبر سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانة.
الطعن رقم 889 لسنة 41 القضائية
قتل عمد. حكم . "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع.
ما يوفره". إثبات. "إثبات بوجه عام".
مثال لإخلال بدفاع جوهرى وقصور فى التسبيب فى قتل عمد.
متى كان الحكم المطعون فيه – وقد سلم بدفاع الطاعنين بأن شاهد الرؤية الوحيد فى الدعوى
لم يستطع التعرف على الطاعن الأول عند تجربة الرؤية بمعرفة النيابة – فإنه كان يتعين
عليه أن يقول كلمته فى هذا الدفاع، وهو دفاع جوهرى يترتب عليه – لو صح – أن يتغير وجه
الرأى فى الدعوى. وإذا لم تفطن المحكمة إلى فحواه، ولم تقسطه حقه، ولم تعن بتمحيصه
بلوغا إلى غاية الأمر فيه بل اكتفت بقولها إن الشاهد المذكور رأى الطاعنين لحظة وقوع
الحادث، وهى عبارة قاصرة لا يستقيم بها الرد على ما أثاره الطاعنون فى هذا الصدد، فإن
حكمها يكون معيبا بالقصور بما يوجب نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم فى 20 من أبريل سنة 1970 بدائرة مركز قنا محافظة قنا: المتهمون جميعا. قتلوا شعراوى عبد الرحيم عبد الخالق عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحا ناريا وترصدوا له فى الطريق الذى أيقنوا بمروره فيه حتى إذا ما ظفروا به أطلق عليه أولهم عيارا ناريا قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. المتهم الأول: أحرز سلاحا ناريا (فرد بغير ترخيص)، 2 – أحرز ذخيرة مما تستعمل فى سلاح نارى لم يرخص له بحمله أو حيازته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 – 4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول 3 فقرر بذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض فى … إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم
بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قد شابه القصور فى التسبيب وانطوى على
الفساد فى الاستدلال، ذلك بأن دفاع الطاعنين قام – بين ما قام – على عدم صحة ما شهد
به شاهد الرؤية الوحيد فى الدعوى وهو الصبى كمال شعراوى عبد الرحيم نجل المجنى عليه
من أنه رأى الطاعنين الثلاثة وقت ارتكاب الحادث، إذ تسحيل الرؤية فى الظلام وعلى المسافة
التى كانت بينه وبينهم وقتئذ، خصوصا وقد أثبتت التجربة الضوئية التى أجرتها النيابة
العامة صحة هذا الدفاع، إذ استحال عليه التعرف على الطاعن الأول وأطرح الحكم هذا الدفاع
بما يسيغ اطراحه، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بعد
غروب شمس يوم 20/ 4/ 1970 وقبل آذان العشاء، بينما كان المجنى عليه شعراوى عبد الرحيم
عبد الخالق يسير على الجسر الخاص بجزيرة الطوابية من أعمال مركز قنا محافظة قن، ومعه
زوجته وابنه كمال شعراوى عبد الرحيم، إذ خرج عليهم الطاعنون الثلاثة سعيد أحمد وهب
الله وسعد أحمد وهب الله وفتحى محمود أحمد وهب الله الشهير بعبد الفتاح، ووقف الطاعنان
الثانى والثالث تحت المشروع وتقدم إليهم الطاعن الأول وصعد فوق المشروع، وأطلق عيارا
ناريا من سلاح كان يحمله أصاب المجنى عليه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة
التشريحية والتى أودت بحياته، وفر الطاعنان هاربين وذلك بسبب اتهام أحد أبناء المجنى عليه المدعو فوزى شعراوى عبد الرحيم بقتل والد الطاعن الثالث، وعول الحكم فى قضائه
بالإدانة على أقوال شاهد الرؤية الوحيد الصبى كمال شعراوى عبد الرحيم الذى يبلغ الثانية
عشرة من عمره، وعلى أقوال الخبير النظامى محمود عطية محمود، وما جاء بتقرير الصفة التشريحية،
ويبين من الإطلاع على المفردات المنضمة أن النيابة العامة قامت بإجراء تجربة ضوئية
فى وقت يتفق وحالة الرؤية أثناء ارتكاب الحادث – وذلك بعد الاستعلام من معهد الأرصاد
– فلم يتعرف الشاهد كمال شعراوى عبد الرحيم على الطاعن الأول. لما كان ذلك، وكان البين
من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعنين قام – بين ما قام – على أن شاهد الرؤية
الوحيد لم يكن موجودا فى مكان الحادث وقت حصوله وإلا لقتله الجانون حتى لا يشهد عليهم
كما أن "وقت الحادث ومكانه والظلام الحالك وظلال النخيل تزيد الظلام ظلام، فكيف يراهم
الابن الشاهد من تحت النخيل، بينما لم يتعرف على سعيد – الطاعن الأول – فى التجربة
التى عملت. وعرض الحكم لهذا الدفاع ورد عليه فى قوله "أنه لا يؤثر فى عقيدتها
– عقيدة
المحكمة – ألا يتعرف الشاهد كمال شعراوى على المتهم الأول – الطاعن الأول – عندما عرض
عليه بعد حدوث الواقعة فى التحقيقات لأنه سبق أن عرفه شخصا لحظة وقوع الحادث". وهذا
الذى أورده الحكم لا يسوغ به الرد على هذا الدفاع، ذلك بأن مفاده أن شاهد الرؤية الوحيد
لا يستطيع أن يرى الطاعنين فى الظلام، فقد كان على الحكم – وقد سلم بأن الشاهد لم يستطع
التعرف على الطاعن الأول عند إجراء التجربة – أن يقول كلمته فى هذا الدفاع، وهو دفاع
جوهرى يترتب عليه. لو صح – أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى، وإذا لم تفطن المحكمة إلى
فحواه. ولم تقسطه حقه، ولم تعن بتمحيصه بلوغا لغاية الأمر فيه بل اكتفت بقولها إن الشاهد
المذكور رأى الطاعنين لحظة وقوع الحادث وهى عبارة قاصرة ألا يستقيم معها الرد على ما
أثاره الطاعنون فى هذا الصدد، فإن حكمها يكون معيبا بالقصور بما يوجب نقضه والإحالة.
بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعنون فى تقرير أسباب طعنهم.
