الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 15 لسنة 42 ق – جلسة 21 /02 /1972 

أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الأول – السنة 23 – صـ 214

جلسة 21 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، والدكتور محمد محمد حسنين، ومصطفى الأسيوطى، وعبد الحميد الشربينى.


الطعن رقم 15 لسنة 42 القضائية

( أ ) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". امتناع عن ممارسة التجارة. تحقيق. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع. "الدفع الجوهرى". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم التزام المحكمة الاستئنافية باجراء تحقيق فى الجلسة. قيود
ذلك. مراعاة حقوق الدفاع وفق ما تفرضه المادة 413/ 1 إجراءات.
مثال لدفاع جوهرى فى جريمة امتناع عن ممارسة التجارة. التزام المحكمة بتحقيقه دون تعليق ذلك على ما يقدمه المتهم أو بالرد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه. قعودها عن ذلك. عيب.
(ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". تحقيق. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
واجب المحكمة فى تحقيق الدليل الذى رأت أن الفصل فى الدعوى يتطلب تحقيقه. وجوب تسبيبها لعدولها عن ذلك. بغض النظر عن مسلك المتهم. علة ذلك؟ تحقيق أدلة الإدانة لا يصح أن يكون رهن مشيئة المتهم.
(ج) دفاع. "الدفاع الجوهرى". دفوع. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها".
الدفاع الجوهرى. تعريفه. إلتزام المحكمة بتحقيقه دون تعليق ذلك على ما يقدمه المتهم لتأييده أو بالرد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه.
1 – الأصل أن المحكمة الاستئنافية لا تلزم بإجراء تحقيق فى الجلسة وإنما تبنى قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق إلا أن هذا الأصل مقيد بما يجب عليها من مراعاة حقوق الدفاع وفقا لما تفرضه المادة 413/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وإذ كان الطاعن ينازع فى أنه امتنع عن ممارسة تجارته قبل انقضاء شهر من تاريخ تقديمه طلب الامتناع عن ممارستها، مؤسسا دفاعه على أن امتناعه كان بعد انقضاء المدة القانونية المعتبرة ترخيصا وكانت الدعوى قد أجلت أكثر من مرة للوقوف على تاريخ الطلب إلا أنه فصل فيها قبل ذلك فان دفاعه فى صورة هذه الدعوى – يعد دفاعا جوهريا إذ يترتب عليه لو صح – تغير وجه الرأى فيها فكان لزاما على المحكمة أن تحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه – دون تعليق ذلك على ما يقدمه الطاعن تأييدا لدفاعه – أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه، أما وهى لم تفعل مكتفية فى حكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه مع أن هذه الأسباب التى أوردها الحكم المستأنف لتفنيد دفاع الطاعن لا تؤدى إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.
2 – من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل فى الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التى دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق وذلك بغض النظر عن مسلك المتهم فى صدد هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة فى المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهن مشيئة المتهم فى الدعوى.
3 – الدفاع الجوهرى هو الذى يترتب عليه – لو صح – تغيير وجه الرأى فى الدعوى. فتلتزم المحكمة أن تحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه دون تعليق ذلك على ما يقدمه المتهم تأييدا لدفاعه أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 29 أكتوبر سنة 1967 بدائرة قسم بولاق محافظة القاهرة: (أولا) إمتنع عن ممارسة تجارته فى المواد التموينية على الوجه المعتاد. (ثانيا): بصفته تاجر تجزئة لم يخطر مكتب التموين المختص عن الوفورات المتبقية لديه. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 163 لسنة 1950. ومحكمة القاهرة للجنح المستعجلة قضت عملا بمواد الإتهام والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات غيابيا بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 5 جنيهات وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة ستة أشهر عن التهمتين. فعارض المتهم فى هذا الحكم وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة الإبتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الامتناع عن ممارسة التجارة فى السلع التموينية وعدم إخطار مكتب التموين عن الوفورات المتبقية لديه منها قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن أسس دفاعه على أن المدة القانونية المعتبرة ترخيصا كانت قد انقضت من تاريخ تقديمه طلب الامتناع عن ممارسة تجارته وبين امتناعه فعلا عن ذلك بيد أن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اتخذ من يوم 25 أكتوبر سنة 1967 تاريخا لتقديمه طلب الامتناع ورتب على ذلك إدانته مع أن ذلك التاريخ هو تاريخ إرسال إدارة التفتيش للطلب وليس تاريخ الطلب ذاته، وقد قعدت المحكمة عن تحقيق ذلك الدفاع على الرغم من جوهريته.
وحيث إن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن فى قوله "ولا تعول المحكمة على دفاعه الوارد بمذكرته من أنه تقدم بطلب إذ الثابت من المحضر أن الطلب الذى قدمه كان برقم 4483 بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1967 وأنه توقف عن صرف مقرراته التموينية وممارسة تجارته قبل موافقة السيد وزير التموين أو مرور شهر من تاريخ تقديم الطلب إذ ثبت توقفه من أول نوفمبر سنة 1967". لما كان ذلك، وكانت المادة 3 مكررا من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945
الخاص بشئون التموين والمضافة بالقانون رقم 139 لسنة 1951 والمعدلة بالمرسوم بقانون رقم 250 سنة 1952 قد نصت على أنه "يحظر على أصحاب المصانع والتجار الذين ينتجون أو يتجرون فى السلع التموينية التى يصدر بتعيينها قرار من وزير التموين أن يقفوا العمل فى مصانعهم أو يمتنعوا عن ممارسة تجارتهم على الوجه المعتاد إلا بترخيص من وزير التموين ويعطى هذا الترخيص لكل شخص يثبت أنه لا يستطيع الاستمرار فى العمل إما لعجز شخصى أو لخسارة تصيبه من الاستمرار فى عمله أو لأى عذر جدى آخر يقبله وزير التموين. ويفصل وزير التموين فى طلب الترخيص خلال شهر من تاريخ تقديمه. ويكون قراره فى حالة الرفض مسببا فإذا لم يصدر الوزير قرارا مسببا بالرفض خلال المدة المذكورة اعتبر ذلك ترخيصا". وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن – رئيس إدارة تموين بولاق – أثبت فى صدر محضر ضبط الواقعة أنه حرره بناء على كتاب إدارة التفتيش رقم 4483 ق 25 أكتوبر سنة 1967 الوارد للإدارة برقم 4269 ق 25 أكتوبر سنة 1967 والخاص بالطلب المقدم من الطاعن – دون إيراد لتاريخه والذى يطلب فيه إعفاءه من صرف مقررات التموين للمستهلكين ورفع البطاقات التموينية من محله وقيدها على بقال آخر وذلك لظروفه المالية وإفلاسه، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن تمسك بدفاعه السابق من انقضاء المدة القانونية بين تقديمه الطلب وامتناعه عن الاتجار وقد أجلت المحكمة نظر الدعوى ليقدم صورة رسمية من ذلك الطلب ولما لم يفعل أجلتها لمناقشة محرر المحضر فقرر أنه لا يذكر شيئا فأصدرت حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وإن كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية لا تلزم بإجراء تحقيق فى الجلسة وإنما تبنى قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق، إلا أن هذا الأصل مقيد بما يجب عليها من مراعاة حقوق الدفاع وفقا لما تفرضه المادة 413/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الطاعن قدم طلب الامتناع عن ممارسة تجارته فى 25 أكتوبر سنة 1967 وامتنع عن ممارستها فى أول نوفمبر سنة 1967 أى قبل انقضاء شهر من تاريخ تقديمه الطلب، ولما كان ما بان من المفردات – لا يجزم بأن يوم 25 أكتوبر سنة 1967 هو تاريخ تقديم الطاعن للطلب، وكان الطاعن ينازع فى ذلك مؤسسا دفاعه على أن امتناعه عن الاتجار كان بعد انقضاء المدة القانونية المعتبرة ترخيصا وكانت الدعوى قد أجلت أكثر من مرة للوقوف على تاريخ الطلب، إلا أنه فصل فيها قبل ذلك.
ولما كان من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل فى الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التى دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق وذلك بغض النظر عن مسلك المتهم فى صدد هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة فى المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهن مشيئة المتهم فى الدعوى. وكان دفاع الطاعن يعد – فى صورة هذه الدعوى – دفاعا جوهريا إذ يترتب عليه – لو صح – تغير وجه الرأى فيها فقد كان لزاما على المحكمة أن تحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه – دون تعليق ذلك على ما يقدمه الطاعن تأييدا لدفاعه – أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه، أما وهى لم تفعل مكتفية فى حكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، مع أن هذه الأسباب التى أوردها الحكم المستأنف لتفنيد دفاع الطاعن لا تؤدى إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات