الطعن رقم 782 لسنة 3 ق – جلسة 03 /05 /1958
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة – العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) – صـ 1149
جلسة 3 من مايو سنة 1958
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
القضية رقم 782 لسنة 3 القضائية
ترقية – تقديم الموظف إلى لجنة التطهير بتهم معينة – تحقيقها لهذه
التهم واقتراحها الموافقة على فصله – عدم موافقة مجلس الوزراء على الفصل والاكتفاء
باقتراح تركه في الترقية – اعتناق لجنة شئون الموظفين لهذا الاقتراح عند النظر في حركة
الترقيات استناداً إلى أصول ثابتة بالأوراق بالرغم من تقديم تقرير كفاية هذا الموظف
بدرجة جيد – صحة ذلك – لا إلزام على اللجنة بتسبيب قرارها – القرار الواجب التسبيب
هو الصادر من الوزير بالاعتراض عملاً بالمادة 28 من قانون الموظفين.
إذا كان الثابت أن مجلس الوزراء رأى – بعد أن حققت لجنة التطهير ما نسب إلى المدعي،
واقترحت فصله للأسباب التي استندت إليها في قرارها – عدم فصل المدعي وإن لم يبرئه من
تلك المآخذ، واكتفى بالتوصية بنقله إلى وزارة أخرى إذا قبل ذلك، وبتركه على أية حال
في دوره في الترقية، فإنه لا يكون قد جاوز سلطته؛ فهو إذ ارتأى عدم فصله قد أعمل سلطته
التقديرية في هذا الشأن بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952، وإذا اكتفى علاجاً
لحالته بالقدر الذي يتناسب معها بالتوصية بما أوصى به، إنما أعمل سلطته العامة بوصفه
السلطة القوامة على شئون الموظفين. وغني عن البيان أن له أن يتخذ في العلاج المقترح
لحالة المدعي الأوضاع والإجراءات المقررة أو المرسومة لذلك قانوناً حتى تنتهي بالأداة
القانونية المحققة لهذا الغرض. ومن ثم إذا بان للمحكمة من الأوراق أن الحركة التي ترك
فيها المدعي في الترقية عرضت على لجنة شئون الموظفين لوزارة الخارجية التي يتبعها المدعي،
فانتهت اللجنة إلى ترشيح من رقوا في تلك الحركة، وصدر القرار المطعون فيه بمن رؤى ترقيتهم
دون المدعي، فإن هذا يستفاد منه ضمناً أن اللجنة عند النظر في الترقية اعتنقت اقتراح
مجلس الوزراء وأخذت به للأسباب المشار إليها، وهي أسباب لها أصولها الثابتة التي حققتها
وفصلتها لجنة التطهير، هذا إلى أن اللجنة ليست ملزمة طبقاً للقانون بتسبيب قرارها في
ترك المدعي، وإنما قرار الوزير بالاعتراض على قرار اللجنة هو الواجب التسبيب طبقاً
للمادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951، كما لا يقدح في صحة الأسباب التي قامت لدى
لجنة التطهير، تلك الأسباب التي كان لها صداها في توصية قرار مجلس الوزراء وفي أخذ
لجنة شئون الموظفين بها عند ترك المدعي في الترقية – لا يقدح في صحة تلك الأسباب أن
يكون قد قدم في حق المدعي تقرير يقدره بدرجة جيد؛ لأن الأسباب المذكورة هي وقائع خارجة
عن المجال الذي تضمنه التقرير المذكور، بل عرفت من طريق آخر وحققت عن طريق لجنة التطهير.
إجراءات الطعن
في 27 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 782 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 28 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 1978 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة الخارجية ضد السيد/ أحمد فتحي رضوان، القاضي "بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وألزمت الحكومة المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين – للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه – "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وكذا قرار اللجنة القضائية. والقضاء برفض التظلم، وإلزام المتظلم المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الخارجية في 14 من أغسطس سنة 1957، وإلى المطعون عليه في 3 من سبتمبر سنة 1957، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة أول فبراير سنة 1958. وقد أودع المطعون عليه ملف الدعوى في 2 من ديسمبر سنة 1957 مذكرة بملاحظاته طلب فيها رفض الطعن المقدم من السيد رئيس هيئة المفوضين وتأييد الحكم المطعون فيه. ولم تقدم الحكومة مذكرات ما بملاحظاتها في الميعاد القانوني. وفي 7 من ديسمبر سنة 1957 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المطعون عليه قدم
تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة الخارجية قيد برقم 307 سنة 1 القضائية، طالباً إلغاء
الأمر الملكي رقم 26 بتاريخ 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى
وظيفة سكرتير أول بمن هو أحدث منه أقدمية وهو السيد/ عبد الرحمن محمود مع أن ترتيبه
في الأقدمية بين السكرتيرين الثواني يسبق ترتيب المطعون في ترقيه، وقال إنه لا يعلم
سبباً لهذا التخطي في الترقية وأن عمله كان وما يزال موضع ثناء رؤسائه، كما أنه لم
يسبق توقيع أي جزاء تأديبي عليه أو توجيه تهمة إليه، وأن ملف خدمته حافل بكتب الثناء
عليه والإشادة بخدماته وبحوثه، ولهذا فإنه يستحق الترقية إلى وظيفة سكرتير أول بحكم
أقدميته. ومن ثم يطلب الحكم له بإلغاء الأمر الملكي رقم 26 بتاريخ 2 من إبريل سنة 1953
فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة سكرتير أول وما يترتب على ذلك من آثار مالية.
وردت الوزارة على الدعوى بأن مجلس الوزراء كان قد أصدر قراراً في 6 من يناير سنة 1953
بنقل المطعون عليه إلى وزارة أخرى إذا رغب في ذلك مع تخطيه في الترقية إذا حل دوره
قبل هذا النقل، وهذا القرار صدر بناء على ما اقترحته اللجنة الوزارية التي عهد إليها
بالنظر في قرارات لجنة التطهير لوزارة الخارجية، واستطردت الوزارة إلى القول بأن مجلس
الوزراء قد أصدر قراره المتقدم الذكر طبقاً للمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 في شأن
فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي، وأضافت إلى ما تقدم أن سلطة مجلس الوزراء غير محدودة؛
لأن سلطته في هذا الصدد تقديرية. وله أن يتخذ ما يشاء من القرارات وفقاً للصالح العام،
وأن مجلس الوزراء قد أصدر كادر رجال السلك السياسي بلائحة في 25 من مايو سنة 1933 عدلت
بقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من أغسطس سنة 1950، وقد ورد في الفقرة الثانية من
المادة السابعة من اللائحة المذكورة أنه "يجوز عند الاختيار للترقية بالأقدمية المطلقة
تخطي الموظف صاحب الدور في الترقية بالأقدمية إذا وجد ضده ما يمنع ترقيته بشرط أن يصدر
بذلك قرار من وزير الخارجية يبين فيه أسباب التخطي". ورتبت الوزارة على ما تقدم القول
بأن مجلس الوزراء إذ أصدر قراره في 6 من يناير سنة 1953 بتخطي المطعون عليه يكون قد
أصدر هذا القرار في حدود سلطته المخولة له بناء على ما أسفر عنه التحقيق الذي أجرته
لجنة التطهير، وقد شارك فيه ووقعه وزير الخارجية، فقرار التخطي إذن مبني على سببه،
وليس فيما سلكته الوزارة جزاء تأديبي أريد توقيعه على المطعون عليه، مما يصح معه القول
بأنه كان يتعين إعمال الأحكام الواردة في شأن تأديب رجال السلك السياسي، بل الأمر لا
يعدو أن يكون مجرد تخط في الترقية روعي فيه القيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة
السابعة من لائحة شروط الخدمة التي سبقت الإشارة إليها. وبجلسة أول سبتمبر سنة 1953
قررت اللجنة القضائية في موضوع التظلم "بإلغاء الأمر الملكي رقم 26 لسنة 1953 بتعيين
ممثلين سياسيين الصادر في 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من تخطي المتظلم في الترقية
إلى وظيفة سكرتير أول أو وظيفة قنصل عام من الدرجة الأولى". واستندت في هذا إلى أن
قواعد الترقية – حسبما وردت في القانون رقم 210 لسنة 1951 – هي قواعد جوهرية آمرة تسري
على الممثلين السياسيين والقنصليين، ما دامت غير واردة في المرسومين بقانونين الصادرين
في 5 من أغسطس و20 من أكتوبر سنة 1952 والقوانين المعدلة لهما، وإلي أن الضمانات الجديدة
الواردة في قانون موظفي الدولة ينبغي أن يفيد منها الممثلون السياسيون والقنصليون وإلا
اختلت المساواة بين هذه الطائفة من الموظفين وغيرهم من موظفي الدولة، وأن أمر المتظلم
لم يتبع فيه أحكام القوانين التي كان يجب مراعاتها في شأنه. وقد طعنت وزارة الخارجية
في هذا القرار بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 2 من يناير سنة 1954، طلبت فيها
"الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر في التظلم رقم 139 لسنة 1 ق، مع إلزام المطعون
ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة"، وقيدت هذه الدعوى تحت رقم 1978 لسنة 8 القضائية.
وأسست الوزارة طعنها على أن اللجنة القضائية جانبت الصواب في قضائها؛ لأن القواعد التي
انتظمتها لائحة شروط الخدمة في التمثيل الخارجي الصادرة في عام 1933 والمعدلة في عام
1950 هي قواعد واجبة الاحترام وينبغي إجراء حكمها؛ لأنه قد تواتر العمل بأحكامها أمداً
طويلاً مما أضفى عليها حكم العرف؛ ولهذا فإن القرار الصادر بتخطي المطعون ضده هو قرار
مطابق للقواعد التنظيمية. وبجلسة 28 من مارس سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة
الثالثة "أ") في موضوع الدعوى "بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وتأييد قرار اللجنة
القضائية المطعون فيه، وألزمت الحكومة المصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "قرار
مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1953 لا يخرج عن كونه توصية بالتخطي، وعلى الوزارة
المختصة في هذه الحالة أن تتبع أحكام القواعد العامة لتنفيذ التوصية بالتخطي إن كان
هناك وجه قانوني لهذا التخطي، وعلى "أنه سواء أطبق على رجال السلك السياسي القانون
رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة، أم أحكام اللائحة الصادر بها قرار مجلس الوزراء
المتقدم ذكره، فلا شك في الدعوى الحالية أن الإجراءات التي نصت عليها الأحكام الواردة
في هذين النظامين لم تتبع عند تخطي المدعى عليه، فالقانون رقم 210 لسنة 1951 قد جعل
شئون الترقيات ومن بينها التخطي في الترقية من اختصاص لجنة شئون الموظفين، ولا يبين
من الأوراق أن قرار تخطي المدعى عليه قد عرض على هذه اللجنة مما يبطله. ومن ناحية أخرى
فإن التخطي لا يكون إلا لمن كانت تقاريره ضعيفة، في حين أن الثابت أن التقرير المقدم
عن المدعى عليه في سنة 1952 والمحرر في 9 من نوفمبر سنة 1953 والذي كان واجباً تحريره
في شهر فبراير سنة 1953 قدر كفاية المدعى عليه بدرجة جيد مما يطوع له الترقية بالأقدمية
وبالاختيار، وكل هذا ما لم يكن يسوغ تخطي المدعى عليه. أما لائحة شروط خدمة موظفي التمثيل
السياسي فإن المادة السابعة منها تجيز تخطي الأقدم، إلا أنها اشترطت أن يتم التخطي
بناء على قرار يصدره الوزير مبيناً فيه أسباب التخطي. وهو ما لم يحصل في شأن المدعى
عليه، ولا يغني عن ذلك كون وزير الخارجية عضواً في مجلس الوزراء الذي أوصى بالتخطي
ما دام القانون قد خص الوزير وحده بهذه السلطة بعد بحث وتقدير كافة عناصر الترقية من
واقع الملف وتوصيات الرؤساء المباشرين، وما دام لم يصدر من وزير الخارجية قرار مسبب
بالتخطي، فإن هذا التخطي يكون معيباً من حيث الشكل، وإذ قررت اللجنة القضائية إلغاء
هذا الأمر الملكي رقم 26 لسنة 1953 الصادر في 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من تخط
تكون قد صادفت الحق. ويتعين الحكم بتأييدها مع إلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد بنى على أن الترقية والتخطي قد رسم لهما قانون موظفي الدولة رقم
210 لسنة 1951 قواعد محددة، بحيث أصبح التخطي في الترقية بالأقدمية لا يقوم إلا على
سبب محدد: الضعف (م 40) والعقوبة التأديبية (م 103)، والتخطي في الحالة المعروضة حسبما
أفصحت عنه ضمناً الجهة الإدارية إنما كان تخطياً في ترقيته على أساس الأقدمية، غير
أن إعمال المبدأ الذي أرسته المحكمة العليا لا يجد حده عند هذه التفرقة وحدها، فما
دامت الأسباب التي استندت إليها لجان التطهير تدخل بحالتها وبدون حاجة إلى إجراء آخر
في تقدير مصدر القرار بجانب الأسباب القانونية الأخرى بعد استكمال الإجراءات القانونية
في شأنها فهي تدخل من ثم في تقديرها بجانب تلك الأسباب، سواء كانت غير محددة كما هو
الحال في النقل، أو كانت محددة كما هو الحال في التخطي في الترقية. وتفريعاً على ما
تقدم فإن الأمر الملكي رقم 26 في 2 من إبريل سنة 1953 إذ تضمن تخطي المطعون عليه في
الترقية بالأقدمية إلى وظيفة سكرتير أول، مستنداً إلى الأسباب التي انتهت إليها لجنة
التطهير بالوزارة، لما ثبت ضده من أمور تجعله غير صالح للعمل فضلاً عما علق به من شوائب
وشبهات قوية تمس كرامة الوظيفة والنزاهة والشرف وحسن السمعة، وقدرت الجهة المختصة بالترقية
هذه الأسباب إلى جانب الأسباب القانونية الأخرى بمراعاة أنه لم يكن قد وضع عنه تقرير
عند إجراء الترقية، وإنما وضع التقرير عنه بعد ذلك في 9 من نوفمبر سنة 1953 عن سنة
1952، وأن تقديره بدرجة جيد – لا يكون الأمر الملكي، والحالة هذه، قد حاد عن القانون؛
إذ لا تثريب على الجهة الإدارية المختصة إن وازنت ملاءمة التصرف على أساس هذه الأسباب
وتركت المدعي في الترقية. وعلى ذلك يكون طعن المطعون عليه على الأمر الملكي غير قائم
على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً آخر يكون
قد خالف القانون.
ومن حيث إنه تبين لهذه المحكمة، على هدى الأوراق. أن المطعون عليه قد نسبت إليه خلال
تأدية وظيفته الدبلوماسية بعض المآخذ، كان لبعضها صدى في مذكرة حررتها إدارة الشئون
السياسية وأودعتها ملف خدمته، كما نسب إليه تطاوله بالضرب على أحد سعاة المفوضية المصرية
في مقر عمله الرسمي بها، هذا فضلاً عما ورد في شهادة بعض رؤسائه من اشتهار خلافه وتنازعه
مع زملائه في العمل. وقد جرى التحقيق في هذه المآخذ جميعاً، ثم رفع رئيس لجنة التطهير
تقريراً انتهى فيه إلى اقتراح فصل المطعون عليه من الخدمة. ولما عرض هذا الاقتراح على
مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم في شأنه قرر بجلسته المنعقدة في 6 من يناير سنة 1953 –
بناء على اقتراح اللجنة الوزارية المعهود إليها بالنظر في اقتراحات لجنة التطهير لوزارة
الخارجية – عدم فصله، والاكتفاء بأن ينظر في نقله إلى وزارة أخرى إذا رغب في ذلك "وعلى
كل حال تخطيه في الترقية إذا ما جاء دوره قبل نقله". ثم صدر الأمر الملكي رقم 26 في
2 من إبريل سنة 1953 متضمناً ترقية السيد/ عبد الرحمن محمود إلى وظيفة سكرتير أول.
وتخطي المطعون عليه – وهو الأقدم – في الترقية إلى هذه الوظيفة.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فيما نعاه على القرار المطعون عليه،
ما دام قد بان مما تقدم أن لجنة التطهير قد حققت ما نسب إلى المدعي من مآخذ، واقترحت
فصله للأسباب التي استندت إليها في قرارها، وما دام مجلس الوزراء، بعد إذ درست اللجنة
الوزارية حالته، وإن رأى عدم فصله لم يبرئه من تلك المآخذ، وإنما اكتفى بالتوصية بنقله
إلى وزارة أخرى إذا قبل ذلك، وبتركه على أية حال في دوره في الترقية، وفي كل هذا لم
يجاوز مجلس الوزراء سلطته؛ لأنه إذ ارتأى عدم فصله قد أعمل سلطته التقديرية في هذا
الشأن بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952، وإذ اكتفى علاجاً لحالته. بالقدر
الذي يتناسب معها، بالتوصية بما أوصى به، إنما أعمل سلطته العامة بوصفه السلطة القوامة
على شئون الموظفين. وغني عن البيان أن له أن يتخذ في العلاج المقترح لحالة المدعي الأوضاع
والإجراءات المقررة أو المرسومة لذلك قانوناً حتى تنتهي بالأداة القانونية المحققة
لهذا الغرض. وقد بان للمحكمة من الأوراق أن الحركة التي ترك فيها المدعي في الترقية
عرضت على لجنة شئون الموظفين لوزارة الخارجية، فانتهت اللجنة إلى ترشيح من رقوا في
تلك الحركة، وصدر القرار المطعون فيه بمن رؤى ترقيتهم دون المدعي، مما يستفاد منه ضمناً
أن اللجنة عند النظر في الترقية اعتنقت اقتراح مجلس الوزراء وأخذت به للأسباب المشار
إليها، وهي أسباب لها أصولها الثابتة التي حققتها وفصلتها لجنة التطهير. هذا إلى أن
اللجنة ليست ملزمة طبقاً للقانون بتسبيب قرارها في ترك المدعي، وإنما قرار الوزير بالاعتراض
على قرار اللجنة هو الواجب التسبيب طبقاً للمادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951،
كما لا يقدح في صحة الأسباب التي قامت لدى لجنة التطهير، تلك الأسباب التي كان لها
صداها في توصية قرار مجلس الوزراء وفي أخذ لجنة شئون الموظفين بها عند ترك المدعي في
الترقية – لا يقدح في صحة تلك الأسباب أن يكون قد قدم في حق المدعي تقرير يقدره بدرجة
جيد؛ لأن الأسباب المذكورة هي وقائع خارجة عن المجال الذي تضمنه التقرير المذكور، بل
عرفت من طريق آخر وحققت عن طريق لجنة التطهير.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه،
فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.