الطعن رقم 910 لسنة 41 ق – جلسة 24 /10 /1971
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الثالث – السنة 22 – صـ 580
جلسة 24 من أكتوبر سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه دنانة.
الطعن رقم 910 لسنة 41 القضائية
(أ، ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إعتراف". إثبات بوجه
عام". قصد جنائى. مواد مخدرة.
( أ ) تبرئة المتهم. دون التعرض للدليل المستمد من اعترافه بمحضر الضبط. قصور. علة ذلك؟
(ب) إقامة الحكم قضاءه استنادا إلى ما لا أصل له فى الأوراق. يعيبه.
اعتياد الشخص السفر من مكان إلى آخر. لا يتم عن امتهانه حرفة أمين نقل. وبالتالى لا
يبرر نفى علمه بما تحويه أمتعته من مخدر.
1 – متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده، دون أن يعرض للدليل المستمد
من اعترافه بمحضر الضبط المحرر بمعرفة مأمور الجمرك، ودون أن تدلى المحكمة برأيها فيه،
بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال
به على المتهم، فإن الحكم يكون قد جاء مشوبا بالقصور فى التسبيب.
2 – إذا كان يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة، أن ما أورده الحكم المطعون فيه
من أن المطعون ضده يعمل أمينا للنقل بين بيروت والإسكندرية، وهو الأمر الذى استندت
إليه المحكمة فى نفى علمه بما تحويه الأمتعة – التى كان يحملها – من مخدر، لا أصل له
ولا دليل عليه فى الأوراق، بل إن الثابت من أقوال نفس المطعون ضده المذكور، فى محضر
تحقيق النيابة، أنه يعمل "عامل جزارة" وما قرره خلال التحقيق من أنه اعتاد السفر بين
بيروت والاسكندرية لا يدل بذاته على امتهانه حرفة أمين النقل، الأمر الذى ينبئ عن أن
المحكمة لم تمحص الدعوى ولم تحط بظروفها عن بصر وبصيرة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه
يكون معيبا بما يوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 23/ 10/ 1970 بدائرة قسم المينا محافظة الإسكندرية: جلب إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة جوهرا مخدرا "حشيشا" دون الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة احالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33/ 3 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 12 من الجدول رقم ا الملحق، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا بتاريخ 12/ 4/ 1971 ببراءة المتهم مما اسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.
المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة جلب جوهر مخدر بدون ترخيص قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى الإسناد، ذلك بأنه لم يعرض للدليل المستمد من اعتراف المطعون ضده بمحضر الضبط الذى حرره مأمور الجمرك، بأنه أحضر المخدر المضبوط معه من بيروت للقاهرة وهو الأمر الذى أقر بصدوره منه لدى سؤاله فى تحقيق النيابة. هذا فضلا عن أن المحكمة أسست قضاءها بالبراءة على انتفاء علم المطعون ضده بما كانت تحويه البطانية التى كان يحملها من مواد مخدرة ذلك بأن طبيعة عمله كأمين للنقل من شأنه أن يجعله ينقل الأمتعة التى يوكل إليه نقلها دون أن يعبث بها ويطلع على محتوياتها. وما ذهب إليه الحكم فى هذا الصدد لا سند له من الدعوى إذ أن الثابت من التحقيقات أن المطعون ضده قرر أمام النيابة أنه يعمل بالقصابة كما أن مهنته الثابتة بجواز سفرة أنه عامل. وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى كما صورها الاتهام برر قضاءه بالبراءة بقوله: "وحيث إنه يبين من الأوراق أن المتهم يعمل أمينا للنقل بين بيروت والإسكندرية وقد تردد على الإسكندرية عدة مرات لهذا السبب قبل هذه الواقعة دون أن تضبط معه أى ممنوعات ولما كان قد تسلم فى هذه الواقعة البطانية مطوية ومربوطة بشكل طبيعى وكذلك علبتى التشيكليس مغلفتين مقفلتين كحالة إصدارها من المصنع وهذه هى الأشياء التى قدمها للتفتيش بالجمرك كما هى ووجدت بها المخدرات المضبوطة، وليس من شأنه بوصفه أمينا للنقل إلا أن ينقلها كما هى دون أن يعبث بها ويطلع على محتوياتها خاصة وليس فى ظاهرها ما يريب، الأمر الذى يجعل علمه بما احتوت من مخدرات محل شك جدى يفسر لمصلحته. ومن ثم لا تطمئن المحكمة إلى توافر ركن العلم لديه الذى هو أساس المسئولية الجنائية…". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التى تستند إليها فى قضائها لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر الضبط المؤرخ 23/ 10/ 1970 الذى حرره مأمور جمرك الإسكندرية ووقعه المطعون ضده أن الأخير إذ وجه بالمخدرات المضبوطة… أفاد بأنه قد أحضرها من بيروت وأنه يقيم ببيروت واعترف بصحة ضبطها وفقا لما هو ثابت على الإقرار ولما أوضحناه فى هذا المحضر حيث قمنا بتلاوته عليه وأفهمناه كما اعترف بأنه هو الذى كان يحملها وأحضرها لصالة تفتيش الجمرك. وبعد إثبات الحالة على النحو المقدم قمنا بإعادة قراءة ما أثبتناه بالمحضر على المتهم كما قرأنا عليه اعترافاته فأقر بصحتها ووقع…" ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بالبراءة دون أن يعرض للدليل المستمد من اعتراف المتهم بمحضر الضبط آنف الذكر ودون أن تدلى المحكمة برأيها فيه بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليه ووزنتة ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال به على المتهم فإن الحكم يكون قد جاء مشوبا بعيب القصور فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضده يعمل أمينا للنقل بين بيروت والإسكندرية، وهو الأمر الذى استندت إليه المحكمة فى نفى علمه بما تحويه الأمتعة التى كان يحملها من مخدر لا أصل له ولا دليل عليه فى الأوراق، بل إن الثابت من أقوال المطعون ضده فى محضر تحقيق النيابة أنه يعمل "عامل جزاره" وما قرره خلال التحقيق من أنه اعتاد السفر بين بيروت والاسكندرية لا يدل بذاته على امتهان حرفة أمين النقل، الأمر الذى تنبئ عن أن المحكمة لم تمحص الدعوى ولم تحط بظروفها عن بصر وبصيرة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإحالة وذلك دون حاجة إلى بحث الوجه الأخير من أوجه الطعن.
