الطعن رقم 3973 لسنة 43 ق – جلسة 12 /05 /2001
مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة
– مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون – الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001)
– صـ 1775
جلسة 12 من مايو سنة 2001
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. فاروق عبد البر، وأحمد عبد الفتاح حسن، ومصطفى سعيد حنفى، وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 3973 لسنة 43 القضائية
حكم – الحكم بعدم الدستورية – أثره على القرارات الإدارية الصادر
نفاذاً للنص المقضى بعدم دستوريته.
أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية لا يتعلق بالمستقبل فحسب، ولكنه يمتد إلى القرارات
السابقة على صدوره، والتى استندت إلى النص المقضى بعدم دستوريته، فتفقده هذه القرارات
مشروعيتها وأساس وجودها بزوال سندها فلا يعصمها من الإلغاء القضائى بعد ذلك عاصم، كما
لا يحصنها من رقابة قاضى المشروعية فوات مدة مهما طالت – تطبيق.
إجراءات الطعن:
فى يوم السبت الموافق 24/ 5/ 1977، أودع الأستاذ …… المحامى
بصفته وكيلا الشركة الطاعنة تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3973 لسنة 43 ق.
ع، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 31/ 3/ 1997 فى الدعوى
رقم 1171 لسنة 42ق والقاضى فى منطوقه بعدم قبول طلب إلغاء قرار وزير التموين رقم 183
لسنة 1961 شكلاً، وبقبول طلب الحكم بسقوط مفعول هذا القرار ورفضه موضوعاً وبإلزام الشركة
المدعية المصروفات. وطلبت الشركة الطاعنة – للأسباب التى استندت إليها فى تقرير الطعن
– أولاً: القضاء بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: وبصفة مستعجلة وقبل الفصل فى الموضوع:
القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه رقم 183 لسنة 1961 الصادر من وزارة التموين
فيما تضمنه من الاستيلاء على العقار موضوع النزاع وغصبه بغير الطريق الذى رسمه القانون.
ثالثاً: وفى موضوع الدعوى بعد تحضيرها القضاء بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما تضمنه
من عدم قبول دعوى إلغاء القرار والحكم مجدداً بطلبات الشركة الطاعنة أمام محكمة أول
درجة وهى أصلياً القضاء بإلغاء القرار الإدارى رقم 183 الصادر فى 7/ 8/ 1961 من وزير
التموين بالاستيلاء المؤقت على المخزن المملوك للشركة الطاعنة والموضح الحدود والمعالم
بصدر صحيفة الدعوى واحتياطياً القضاء بسقوط مفعول القرار المطعون عليه واعتباره كأن
لم يكن لعدم اتخاذ الجهة الإدارية الإجراءات اللازمة لنزع ملكية العقار نهائياً بعد
مرور ثلاث سنوات على تاريخ الاستيلاء المؤقت وفى جميع الأحوال إلزام الجهة الإدارية
المدعى عليها برد العقار المتنازع عليه إلى الشركة الطاعنة (سنجر) بالحالة التى يكون
عليها عند التسليم خالية من الشواغل، مع حفظ كافة حقوق الشركة الطاعنة فى التعويض عما
لحق العين من تلف وما فاتها من كسب وما لحق بها من خسارة اعتباراً من تاريخ صدور قرار
الاستيلاء حتى تمام التسليم.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى
القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه
والقضاء مجددا بسقوط القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 2/ 2000 وتدوول نظره على النحو
الثابت بمحاضر الجلسات حتى تقرر إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع)
حيث تدوول نظره أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وتقرر إصدار الحكم
بجلسة 5/ 5/ 2001 ثم أرجئ إصداره لجلسة 12/ 5/ 2001 لاتمام المداولة وفيها صدر الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن رفع صحيحاً فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل – بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق
والمستندات – فى أن شركة ماكينات الخياطة (سنجر) كانت قد أقامت بتاريخ 21/ 1/ 1982
أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 462 لسنة 1982 مدنى كلى مساكن، طالبة
طرد الشركة العامة للصوامع من العقار الكائن برقم 34 شارع باب الكراسته وتسليمه إليها
خالياً وبالحالة التى كان عليها وقت الاستيلاء عليه، وقالت الشركة المدعية إنها تمتلك
مخزناً ينتظم أرض وبناء العقار رقم 34 شارع باب الكراسته أمام باب 14 بقسم اللبان بالإسكندرية،
وبتاريخ 7/ 8/ 1961 أصدر وزير التموين القرار رقم 183 لسنة 1961 بالاستيلاء على هذا
المخزن وتم تسليمه بالفعل إلى الهيئة العامة لشئون التخزين، ثم تبع المخزن بعد ذلك
إلى هيئات أخرى حتى استقر أمره عند الشركة العامة للصوامع. وأخذت الشركة المدعية على
قرار الاستيلاء مخالفته للقانون الذى يفرض تحديد مدة الاستيلاء بثلاث سنوات يعود بعدها
العقار المستولى عليه إلى أصحابه، وإذا دعت ضرورة إلى تجاوز هذه المدة فيتعين على الجهة
الإدارية اتخاذ إجراءات نزع الملكية وهو ما لم يتم بالنسبة للمخزن المملوك لها. وبجلسة
31/ 12/ 1983 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى
واحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص. وبعد تحضير الدعوى فى هيئة المفوضين قضت
محكمة القضاء الإدارى بجلسة 31/ 3/ 1997 بعدم قبول طلب إلغاء قرار وزير التموين رقم
183 لسنة 1961 شكلاً وبقبول طلب الحكم بسقوط مفعول هذا القرار شكلاً ورفضه موضوعاً
وإلزام الشركة المدعية المصروفات. وقد شيدت المحكمة قضائها على أن الثابت من الأوراق
أن وزير التموين أصدر القرار رقم 183 لسنة 1961 متضمناً الاستيلاء على العقار المملوك
للشركة المدعية بعد العرض على لجنة التموين العليا وموافقة هذه اللجنة، وقد جرى تنفيذ
القرار وتسليم العقار للهيئة العامة للتخزين فى 9/ 8/ 1961 بحضور مندوب الشركة المدعية
الأمر الذى يقطع بأن العلم اليقينى بصدور هذا القرار قد تحقق بالنسبة للشركة فى هذا
التاريخ، وإذا كانت قد تقاعست عن طلب إلغاء القرار المطعون فيه أكثر من عشرين عاما
فإن هذا الطلب يكون غير مقبول شكلاً. واستطردت المحكمة إلى أنه بالنسبة إلى طلب الشركة
الحكم بسقوط مفعول القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، فإن هذا الطلب قد
استوفى أوضاعه الشكلية، وأنه لا مجال – من حيث الموضوع – لإعمال حكم تأقيت الاستيلاء
بمدة ثلاث سنوات على نحو ما ورد بالقانون رقم 557 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة
العامة أو التحسين، على ما يتم من استيلاء بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة
1945 الخاص بشئون التموين، وإنما يدور قرار الاستيلاء الصادر استناداً إلى أحكام المرسوم
بقانون المشار إليه فى قيامه حقاً واستمراره صدقاً مع توافر دواعى إصداره واستمرارها
وجوداً وعدماً على النحو المقرر بالمرسوم بقانون المشار إليه. وأضافت المحكمة أن الحاصل
فى الحالة المعروضة أنه قد صدر قرار وزير التموين رقم 183 لسنة 1961 فى 7/ 7/ 1961
متضمناً الاستيلاء على شونة سنجر لصالح الهيئة العامة لشئون التخزين وأنه لم يثبت من
أوراق الدعوى أن السبب الذى من أجله صدر القرار المطعون فيه بالاستيلاء على الشونة
المملوكة للشركة المدعية قد زال إذ أجدبت الدعوى من أى دليل على أن الهيئة المذكورة
لم تعد فى حاجة إلى هذا العقار. وإذ لم ترتض الشركة الطاعنة هذا الحكم فقد أقامت الطعن
الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وما يفرضه من احترام الملكية الخاصة
والتى تتأبى على الاستيلاء المؤبد على العقارات دون تعويض.
ومن حيث إن قرار وزير التموين رقم 183 لسنة 1961 بالاستيلاء على العقار المملوك للشركة
الطاعنة، وهو القرار المطعون فيه، قد صدر استناداً إلى المادة الأولى من المرسوم بقانون
رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 380 لسنة 1956
التى تنص على ما يأتى: " يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة فى
التوزيع أن يتخذ قرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا بكل التدابير الآتية أو
بعضها:…….. (هـ) الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو
خاصة أو أى معمل أو مصنع أو محل صناعة أو عقار أو منقول أو أى مادة أو سلعة. وكذلك
إلزام أى فرد بأى عمل أو إجراء أو تكليف وتقديم أية بيانات ".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة الأول من سبتمبر سنة 1997 بعدم دستورية
ما تضمنه البند (هـ) من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون
التموين من جواز الاستيلاء على أى عقار أو تكليف أى فرد بأى عمل لمدة غير محددة، ولما
كان أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية سالف البيان لا يتعلق بالمستقيل فحسب، ولكنه
يمتد إلى القرارات السابقة على صدوره، والتى استندت إلى النص المقضى بعدم دستوريته،
فتفقد هذه القرارات مشروعيتها وأساس وجودها بزوال سندها فلا يعصمها من الإلغاء القضائى
بعد ذلك عاصم، كما لا يحصنها من رقابة قاضى المشروعية فوات مدة مهما طالت.
ومن حيث إنه بالبناء على ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير هذا النظر فإنه يكون
مستوجبا الإلغاء ويتعين القضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه. ولا ينال من ذلك
القضاء ما تدعيه الشركة المطعون ضدها – استناداً إلى عبارات وردت فى إيصالات سداد مقابل
الانتفاع بالعقار المستولى عليه – من أن حقيقة العلاقة بينها وبين الشركة الطاعنة –
بعد صدور قرار الاستيلاء – هى علاقة ايجارية ضمنية، ذلك أن هذا الزعم من جانبها لا
يعطل القضاء بعدم مشروعية القرار المطعون فيه، وتكون المجادلة بعد ذلك فى مدى وجود
علاقة ايجارية وبافتراض قيامها، أمام المحاكم المدنية وليس أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.
