الرئيسية الاقسام القوائم البحث

نقض جنائي – الطعن رقم 2991 لسنة 54 ق – جلسة 16 /01 /1985 

أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
السنة 36 – صـ 90

جلسة 16 من يناير 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة ومحمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة ومحمود بهى الدين وسرى صيام.


الطعن رقم 2991 لسنة 54 القضائية

حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يقدح فى سلامة استناده الى اقوال شاهد بتحقيقات النيابة وقوله خطأ أنها صدرت عنه بالجلسة.
الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره.
قتل عمد. أسباب الاباحة "الدفاع الشرعى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل فيها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى او انتفاؤها. موضوعى متى كان سائغا. استمرار الطاعنين فى التعدى على المجنى عليه رغم انتهاء المشادة. قصاص وانتقام.
قتل عمد. علاقة السببية. جريمة "اركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام علاقة السببية. موضوعى متى أقيم على أسباب سائغة.
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء مسئولية الطاعنين عن وفاة المجنى عليه.
محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى.
محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد إستقلالا عن الدفاع باتهام آخر عن الحادث اكتفاء بادلة الاثبات القائمة فى الدعوى.
محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". قتل عمد. قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل امر خفى ادراكة بالامارات والمظاهر التى تنبئ عنه. استخلاص توافره موضوعى.
1 – لئن كان البين من محاضر جلسات المحاكمة ان الشاهد لم يشهد فى التحقيق الذى أجرته المحكمة بأن الطاعنين كانوا يقصدون قتل المجنى عليه، إلا أنهم لما كانوا لا يمارون فى أن ما أثبته الحكم من ذلك للشاهد المذكور بتحقيقات النيابة العامة، له معينه فى تلك التحقيقات، فانه لا يقدح فى سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ فى حالة انه شهد بذلك فى الجلسة، اذ أن الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره.
2 – لما كان من المقرر ان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى او انتفاؤها، متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب، متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التى رتبها عليها الحكم، كما أن حق الدفاع الشرعى لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائة وانما شرع لرد العدوان، واذ كان مؤدى مما أورده الحكم فى بيان لواقعة الدعوى ولدى نفيه قيام حالة الدفاع الشرعى – وهو ما لا ينازع الطاعنون فى صحة اسناد الحكم بشأنه – أن مشادة وقعت بين الطاعنين والمجنى عليه استل على اثرها المتهم الثالث مطواه وأراد التعدى بها على المجنى عليه الذى انتزعها من يده، فما كان من الطاعنين الا ان أحاطوا بالمجنى عليه والقوه فى مياه ترعة الأسماعيلية، وأخذوا يقذفونه بالحجارة كلما حاول الخروج منها واستمروا فى ذلك حتى خارت قواه وتوفى غرقا، فان مقارفة الطاعنين لأفعال التعدى تلك واستمرارهم فيها بعد ان القوا بالمجنى عليه فى الماء بقصد منعه من مغادرته، وقد صار لا حول له ولا قوه، وحتى خارت قواه ولقى حتفه، تكون من قبيل القصاص والانتقام والعدوان على من لم يثبت انه كان فى الوقت ذاك يعتدى أو يحاول التعدى، بل كان يحاول النجاة بنفسه من الموت وهو ما تنتفى به حاله الدفاع الشرعى عن النفس كما هى معرفة به فى القانون.
3 – اثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فلا يجوز مجادلته فى ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد اقام قضاءه فى هذا الشأن على أسباب تؤدى الى ما انتهى اليه.
4 – لما كان دفاع الطاعنين بعدم معقولية بقاء المجنى عليه فى الماء تماشياً لاصابته من الحجارة التى كانوا يقذفونه بها، لا يعدو ان يكون دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها الى الطاعنين، ولا عليه ان لم يتعقبهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعهم لأن مفاد إلتفاته عنها أن أطرحها.
5 – لما كان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن الحادث، مردودا بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الادله بها، مما لا تلتزمه المحكمة بالتعرض له او الرد عليه استقلالا، اكتفاء بأدلة الثبوت القائمة فى الدعوى، التى خلصت منها فى منطق سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وحدهم. هم الذين ارتكبوا الحادث.
6 – من المقرر ان قصد القتل امر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديريه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا عمداً… بأن القوة فى المياه العميقة وانهالوا عليه قذفا بقطع الاحجار قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الاصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت الى مستشار الاحالة احالتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك. وادعى….. مدنيا قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات….. قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالاشغال الشاقة لمدة عشر سنوات والزامهم متضامنين بان يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض وقضى فى الطعن بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة جنايات بنها لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. وأثناء نظر الدعوى من جديد امام المحكمة المذكورة ادعى…. بالحق المدنى مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة وواحد جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بمعاقبة كل من المتهمين بالاشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبالزامهم على وجه التضامن فيما بينهم بان يدفعوا الى المدعى بالحق المدنى مبلغ مائه وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)… الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد وألزمهم بالتعويض، قد شابه الخطأ فى الاسناد والقصور فى البيان والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه، نسب الى الشاهد أنه شهد بالتحقيقات وبالجلسه أن المتهمين كانوا يقصدون بافعالهم قتل المجنى عليه، حال أن الشاهد لم يشهد بذلك فى الجلسة، ورد على الدفاع بقيام حالة الدفاع الشرعى بما لا يصلح ردا، وفصل فى سبب اصابات الطاعنين، وهى مسألة فنية صرف، بغير الرجوع الى اهل الخبرة، وخلط فى استخلاصه توافر علاقة بين الركن المادى للجريمة وركنها المعنوى، واغفل الرد على دفاعهم بعدم معقولية ان يفضل المجنى عليه المكوث فى الماء تفاديا لاصابتة من الطوب الذى كانوا يلقونه عليه، وبأن آخرين من المتجمهرين كانوا يقذفونه بالحجارة لمنعه من الخروج من الماء لذلك من اثر فى مسئولية الطاعنين الطاعنين الجنائية، هذا الى ان الحكم دلل على توافر قصد القتل فى حقهم تدليلا غير سائغ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضة.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات ومما هو مستفاد من ظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الاحوال فيها، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه، وهى ادلة سائغة تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، ولئن كان البين من محاضر جلسات المحاكمة، ان الشاهد… لم يشهد فى التحقيق الذى اجرته المحكمة بان الطاعنين كانوا يقصدون قتل المجنى عليه، الا انهم لما كانوا لا يمارون فى ان ما اثبته الحكم من ذلك للشاهد المذكور بتحقيقات النيابة العامة، له معينة فى تلك التحقيقات، فانه لا يقدح فى سلامة الحكم ان يكون قد اخطا فى قالة انه شهد بذلك فى الجلسة اذ ان الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع اثره، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الاسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما اثاره الطاعنون من انهم كانوا فى حالة دفاع شرعى ورد عليه بقوله "لم يشرع الدفاع الشرعى للقصاص والانتفام، وانما شرع لمنع المتعدى من ايقاع فعل التعدى…… وكانت الواقعة كما استقرت فى يقين المحكمة انه اثر النزاع الذى قام بين المتهمين والمجنى عليه وزميليه…. و… بسبب جلوس المجنى عليه وزميليه بالسيارة، قامت مشادة ما بين المتهمين والمجنى عليه وزميله قام على اثرها المتهم الثالث باخراج مطواة وأراد التعدى بها على المجنى عليه، فانتزعها من يده، فانتوى المتهمون الاعتداء على المجنى عليه وزميليه، ثم قام المتهمون بحمل المجنى عليه الى ترعة الاسماعيلية – المجاورة لمكان وقوف العربة التى كان يستقلها أطراف النزاع والقوه بها ثم قاموا بقذفه بالحجارة بقصد التخلص منه ومنعوه من الخروج من المياه…، وكلما حاول المجنى عليه الخروج من الترعة قذفوه بالحجارة، وانتظروه على الشط لمنعه من الخروج حتى خارت قواه وغرق فى الترعة، فهذه الاسباب هى التى أدت الى وفاته، ومما تقدم يستفاد ان مسلك المتهمين هذا يقطع على انهم هم المعتدون والمبادرون، فضلا عن أنهم قد استمروا فى التعدى على المجنى عليه بعد أن القوه فى المياه وكان اعزل بعد أن كان قد القى به فى الترعة، ومن ثم يكون حق الدفاع الشرعى منتفيا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى او انتفاؤها، متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب، متى كانت الوقائع مؤديه للنتيجة التى رتبها عليها الحكم، كما أن حق الدفاع الشرعى لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائة وانما شرع لرد العدوان، واذ كان مؤدى ما أورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه قيام حالة الدفاع الشرعى – وهو ما لا ينازع الطاعنون فى صحة استناد الحكم بشأنه – أن مشادة وقعت بين الطاعنين والمجنى عليه استل على اثرها المتهم الثالث مطواه وأراد التعدى بها على المجنى عليه الذى انتزعها من يده، فما كان من الطاعنين إلا أن احاطوا بالمجنى عليه والقوه فى مياه ترعة الاسماعيلية، وأخذوا يقذفونه بالحجارة كلما حاول الخروج منها واستمروا فى ذلك حتى خارت قواه وتوفى غرقا، فان مقارفة الطاعنين لافعال التعدى تلك واستمرارهم فيها بعد ان القوا بالمجنى عليه فى الماء بغية منعه من مغادرته، وقد صار لا حول له ولا قوه، وحتى خارت قواه ولقى حتفه، تكون من قبيل القصاص والانتقام والعدوان على من لم يثبت انه كان فى الوقت ذاك يعتدى أو يحاول التعدى، بل كان يحاول النجاة بنفسه من الموت وهو ما تنتفى به حالة الدفاع الشرعى عن النفس كما هى معرفة به فى القانون. لما كان ذلك، وكان لا يقدح فى الحكم المطعون فيه الفصل فى مسألة اصابات الطاعنين دون الاستعانة بأهل الخبرة، لعدم تأثير هذا الخطأ فى منطق الحكم والنتيجة التى انتهى اليها من انتفاء حالة الدفاع الشرعى، لما استخلصه من ان الطاعنين هم الذين بادروا المجنى عليه بالاعتداء واستمروا فيه لمنعه من الخروج من الماء انتقاما منه حتى لقى حتفه، فان منعى الطاعنين يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر رابطة السببيه بين أفعال الطاعنين ووفاة المجنى عليه فى قوله "ان عما اثار الدفاع بشأن انقطاع رابطة السببية، فان الثابت ان المتهمين الثلاثة حملوا المجنى عليه وقذفوا به الى ترعة الاسماعيلية وانتظروه على الشط ثم أخذوا يقذفونه بالحجارة، وكلما حاول الخروج قذفوه بالحجارة وحالوا بينه وبين الخروج الى الشط حتى خارت قواه ومات غرقا باسفكسيا الغرق، وقد أورى التقرير الطبى الشرعى الموقع على المجنى عليه أن أصابات المجنى عليه رضيه احتكاكية وذلك من المصادمه بجسم أو أجسام صلبة راضة بعضها له ملمس خشن ويحدث من القاء الحجارة والطوب، فان علاقة السببية تكون متوافرة بين فعل كل منهم والنتيجة الاجرامية، ذلك أن كلا منهم له اسهام نسبى لا شك فى احداث النتيجة ذلك ان هذه النتيجة الاجرامية ما كانت تحدث فى ذات الظروف اذا لم يكن المتهمون قد ارتكبوا الفعل المسند اليهم والذى ثبت فى حقهم، وذلك ان المتهمين بفعلهم قد قصدوا الى النتيجة الاجرامية وهى ازهاق روح المجنى عليه وما انتهى اليه المجنى عليه من غرق، وهى نتيجة مألوفة ومتوقعة عندما يلقى بشخص فى المياه ويقذف بالحجارة ويمنع من الخروج وهى ما كان يسعى اليها المتهمون، وما كان فى استطاعة المجنى عليه الخروج من المياه والمتهمين مرابطين له على الشط لمعاودة الاعتداء عليه" ولما كان ما قاله الحكم يوفر فى حق الطاعنين ارتكابهم أفعالا عمدية ارتبطت بوفاة المجنى عليه ارتباط السبب بالمسبب ويسوغ اطراح ما دفع به الطاعنون من انتفاء مسئوليتهم عن وفاة المجنى عليه، وكان اثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فلا يجوز مجادلته فى ذلك امام محكمة النقض ما دام الحكم قد اقام قضاءه فى هذا الشأن على أسباب تؤدى الى ما انتهى اليه كما الحال فى الحكم المطعون فيه، فان منعى الطاعنين على الحكم فى هذا الصدد، يغدو على غير سند، لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنين بعدم معقوليه بقاء المجنى عليه فى الماء تحاشيا لاصابته من الحجارة التى كانوا يقذفونه بها، لا يعدو ان يكون دفاعا موضوعيا لا يستأهل من الحكم ردا طالما كان الرد مستفادا من أدلة الثبوت التى أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها الى الطاعنين، ولا عليه ان لم يتعقبهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعهم لان مفاد التفاته عنها انه اطرحها. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن الحادث، مردودا بان هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الادله بها، مما لا تلتزمه المحكمة بالتعرض له او الرد عليه استقلالا، اكتفاء بادلة الثبوت القائمة فى الدعوى، التى خلصت منها فى منطق سليم وتدليل مقبول على ان الطاعنين وحدهم. هم الذين ارتكبوا الحادث لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد عرض لقصد القتل واثبت توافره فى حق الطاعنين بقوله "انه عن نية القتل، فان هذه النية متوافرة قبل المتهمين، ذلك ان الثابت على ما سلف – ان المتهم الثالث حاول فى اول الأمر التعدى على المجنى عليه وزملائه بالمطواة التى كان يحملها، الا ان المجنى عليه تمكن من انتزاعها منه فعز هذا الأمر على المتهمين، فحاولوا استردادها، فلما أخفقوا، اثار ذلك حفيظتهم وصمموا على قتله والخلاص منه خاصة ان هذا الفعل صدر أمام زملائهم، فاجمعوا أمرهم على الخلاص من المجنى عليه، واحاطوا به وقذفوا به فى ترعة الاسماعيلية بقصد اغراقه وحالوا بينه وبين الخروج، وكان كلما حاول الخروج….. الى الشاطئ قذفوه بالحجارة حتى خارت قوة المجنى عليه، وكانوا له بالمرصاد على الشاطئ، وأخذ يصارع الموت حتى لفظ انفاسه ومات غرقا" وكان من المقرر ان قصد القتل امر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديريه. واذ كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على هذه النية تدليلا سائغا، فان ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد ينحل الى جدل موضوعى فى حق محكمة الموضوع فى تقدير ادلة الدعوى واستباط معتقدها منها، مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا، مع الزام الطاعنين المصاريف المدنية.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات