الطعن رقم 2 لسنة 27 ق – جلسة 18 /10 /1962
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 13 – صـ 914
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1962
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكرى، ولطفى على، وحافظ محمد بدوى.
الطعن رقم 2 لسنة 27 القضائية
( أ ) جمارك. "رسوم جمركية". تحكيم. اختصاص. "اختصاص نوعى".
رسم الشارع – فى سبيل الفصل فى المنازعات التى تنشأ بين الجمرك والمقررين للبضائع حول
نوعها أو صنفها أو مصدرها الأصلى – طريقا خاصا وإجراءات معينة تبدأ بتحرير محضر عن
تفصيلات الخلاف وإحالته إلى خبيرين أحدهما معين من الجمرك والآخر عن المقرر عن البضاعة
وتكون قراراتهما نهائية فى حالة الاتفاق فإن اختلفا رفع النزاع إلى "قومسير جمركى"
تعينه الحكومة للتحكيم وتكون قراراته غير قابلة لأى طعن بحيث يمتنع على المحاكم النظر
فى تلك المنازعات.
منع المحاكم من نظر المنازعات آنفة الذكر والقرارات الصادرة بشأنها لا يكون إلا إذا
سلك الجمرك الطريق الذى رسمه القانون للفصل فى تلك المنازعات واتبع القواعد والاجراءات
المقررة لذلك فان لم يفعل يكون الاختصاص بنظر تلك المنازعات للمحاكم صاحبة الولاية
العامة بالفصل فى المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
(ب) جمارك. "رسوم جمركية". "شروط التحكيم".
قيام الجمرك بعرض الخلاف – بين الجمرك والمقررين للبضائع – على وزارة المالية لا يعد
تحكيما بالمعنى القانونى بحيث يمنع من نظر النزاع أمام المحاكم. الجهة المنوط بها التحكيم
هى "القومسير الجمركى". القواعد الخاصة بالتحكيم التى وضعها القانون لا تصح مخالفتها.
(ج) جمارك. رسوم جمركية. "مناط أدائها".
أداء الرسوم الجمركية لا يكون إلا بعد تحديد مصير البضاعة سواء بتحصيل الرسوم عليها
أو الاعفاء منها وبعد تسوية هذه الرسوم فى حالة ثبوت استحقاقها. قيام الطاعن بدفع مبلغ
بصفة أمانة مقابل الافراج عن البضاعة عن الميعاد وضمانا لاستيفاء مصلحة الجمارك الرسوم
التى يثبت لها استحقاقها لا يعد منه أداء للرسوم بالمعنى الذى تقصده الفقرة الثانية
من المادة الأولى من المرسوم الصادر فى 13/ 5/ 1954.
1 – رسم الشارع فى المرسوم الصادر فى 14/ 2/ 1930 الخاص بوضع تعريفة جديدة للرسوم الجمركية
– نفاذا للقانون رقم 2 لسنة 1930 – فى سبيل الفصل فى المنازعات التى تنشأ بين الجمرك
وبين المقررين للبضائع بشأن نوعها أو صنفها أو مصدرها الأصلى طريقا خاصا وإجراءات معينة
تبدأ بتحرير محضر عن تفصيلات الخلاف وإحالته إلى خبيرين أحدهما معين من الجمرك والآخر
عن المقرر عن البضاعة تكون قراراتهما فى حالة الاتفاق فى الرأى نهائية فإن اختلفا رفع
النزاع إلى "قومسير" تعينه الحكومة للتحكيم تكون قراراته غير قابلة لأى طعن ويمتنع
على المحاكم النظر فى هذه المنازعات(1). ولما كان منع المحاكم
من نظر هذه المنازعات والقرارات الصادرة فى شأنها لا يكون إلا إذا سلك الجمرك الطريق
الذى رسمه القانون للفصل فى تلك المنازعات واتبع القواعد والاجراءات المقررة لذلك والتى
كفل بها الشارع كثيرا من الضمانات لأصحاب الشأن، أما إذا تنكب الجمرك هذا الطريق ولم
يحل النزاع إلى الخبرة القانونية ولا إلى التحكيم أمام "القومسير" وأفرج عن البضاعة
دون اتخاذ الاجراءات التى أوجبها القانون قبل الافراج عنها فإن الاختصاص بنظر هذه المنازعات
يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل فى جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
2 – قيام الجمرك بعرض الخلاف على وزارة المالية باعتبارها الجهة الرئيسية العليا له
لا يعتبر "تحكيما" بالمعنى القانونى بحيث يمنع من نظر النزاع أمام المحاكم، ذلك أن
القانون قد عين الجهة التى يحتكم إليها فى مثل هذا النزاع وهى "القومسير الجمركى" ووضع
للتحكيم فى هذه الأحوال قواعد خاصة لا يجوز مخالفتها.
3 – تنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم الصادر فى 13/ 5/ 1954 بتعديل
الرسوم الجمركية على أن كل بضاعة دفعت عنها الرسوم الجمركية قبل تاريخ العمل به (وهو
تاريخ صدوره) تفرض عليها الرسوم المقررة به. ولما كان أداء الرسوم الجمركية لا يكون
إلا بعد تحديد مصير البضاعة سواء بتحصيل الرسوم عليها أو الاعفاء منها وبعد تسوية هذه
الرسوم فى حالة ثبوت استحقاقها فإن قيام الطاعن بدفع مبلغ بصفة أمانة مقابل الافراج
عن البضاعة وضمانا لإستيفاء مصلحة الجمارك الرسوم التى يثبت لديها استحقاقها، لا يعد
منه أداء للرسوم بالمعنى الذى تقصده الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم سالف
الذكر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن الشركة المصرية للمحاريث والهندسة التى يمثلها المطعون عليه الثالث استوردت من الخارج
لحساب الطاعن مجموعة أدوات للرى بطريق الرش الصناعى من بينها مواسير من الألمنيوم يزيد
قطرها على ثلاث بوصات ولما تقدمت الشركة المستوردة فى شهر مارس سنة 1954 لاستلام الرسالة
من جمرك الاسكندرية قام الخلاف بينها وبين هذا الجمرك على الرسوم الجمركية المستحقة
على تلك المواسير إذ تمسكت الشركة بأن هذه المواسير تندرج تحت آلات وماكينات الزراعة
المعفاة من الرسوم الجمركية طبقا للبند 766 من المرسوم الصادر فى 14 فبراير سنة 1930
بوضع تعريفة للرسوم الجمركية بعد تعديله بالمرسوم الصادر فى 14 مايو سنة 1951 وأنه
لا يستحق عليها سوى رسم قيمى بواقع 1% بينما رأى الجمرك أن هذه المواسير تخضع للبند
710 الخاص بالأسلاك والأنابيب والمواسير وبالتالى يستحق عليها رسم جمركى بواقع 8% من
قيمتها علاوة على رسم قيمى بهذه النسبة وقد عرض هذا الخلاف على المدير العام لمصلحة
الجمارك وأعيدت الشهادة الخاصة بالرسالة منه إلى جمرك الاسكندرية وعليها تأشيرة من
مراقب عام التعريفات بتاريخ 7 من مارس سنة 1954 تفيد أن المدير العام وافق على تحصيل
الرسوم الجمركية على مشمول هذه الشهادة بصفة أمانة لحين البت فى البند الواجب تطبيقه
بعد العرض على وزارة المالية. وبتاريخ 10 من مارس سنة 1954 قام الجمرك بتسليم الرسالة
إلى الشركة المستوردة بعد أن حصل منها مبلغ 350 جنيها بموجب قسيمة أمانات – ولم تبت
وزارة المالية فى هذا الأمر حتى صدر فى 13 مايو سنة 1954 مرسوم بتعديل البند 710 بإعفاء
الأنابيب والمواسير التى يزيد قطرها على ثلاث بوصات من الرسوم الجمركية فيما عدا رسمى
قيمى بواقع 1% فرضه مرسوم آخر صدر فى تاريخ صدور المرسوم الأول – وبتاريخ 17 مايو سنة
1954 أشر مراقب عام التعريفات على الشهادة الخاصة بالرسالة بتسوية الأمانة المدفوعة
على هذه الشهادة على أساس فئات الرسوم وقت سحب الرسالة فى 10 مارس سنة 1954 وقد تمت
تسوية الرسوم فى 27 نوفمبر سنة 1954 بمبلغ 282 جنيها و480 مليما أى بما يتفق مع رأى
الجمرك وورد المبلغ للخزينة بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1954 – وقد أقام الطاعن الدعوى رقم
337 سنة 1955 تجارى كلى القاهرة ضد المطعون عليهم وانتهى فيها إلى طلب إلزام المطعون
عليهما الأولين (وزارة المالية ومدير عام الجمارك) بأن يدفعا له مبلغ 304 جنيهات و795
مليما وهو الباقى له من مبلغ الـ 350 جنيها الذى دفعه بعد خصم 45 جنيها و215 مليما
قيمة الرسم القيمى المستحق بواقع 1% والعوائد المختلفة وتمسك الطاعن أمام المحكمة بانطباق
المرسوم الصادر فى 13 مايو سنة 1954 على المواسير محل الخلاف وذلك لما نص عليه هذا
المرسوم من أنه يسرى على كل بضاعة لم تكن قد دفعت عنها الرسوم الجمركية قبل تاريخ العمل
به وقال إن تحصيل الرسوم منه على سبيل الأمانة لا يعتبر دفعا فعليا لها وإنما دفعت
هذه الرسوم على وجه الوديعة حتى يبت فى البند الواجب تطبيقه وقام دفاع مصلحة الجمارك
على أن هذا التحصيل يعتبر دفعا للرسوم الجمركية وقد تم قبل العمل بمرسوم 13 مايو سنة
1954 فلا تنطبق أحكام هذا المرسوم على الرسالة محل النزاع وبتاريخ 17 من ديسمبر سنة
1955 قضت المحكمة الابتدائية. بإلزام المطعون عليهما الأولين بأن يدفعا للطاعن مبلغ
303 جنيهات و825 مليما والمصاريف المناسبة… وأسست قضاءها على أن دفع الرسوم بصفة
أمانة انتظارا لتحديد الفئة التى تسرى على الرسالة لا يعتبر دفعا مانعا من سريان أحكام
المرسوم سالف الذكر – استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم بالاستئناف رقم 120
سنة 73 ق القاهرة وتمسك كل من الطرفين أمام محكمة الاستئناف بدفاعه السابق وبتاريخ
30 من أكتوبر سنة 1956 قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون
عليهما الأولين بأن يدفعا للطاعن مبلغ 67 جنيها و520 مليما والمصاريف المناسبة عن الدرجتين
ومبلغ خمسمائة قرش أتعابا للمحاماة عنهما. وقد طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض
بتقرير فى قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 2 من يناير سنة 1957 وقدمت النيابة مذكرة برأيها
انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 6 من يونيه
سنة 1961 إحالته إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الاجراءات التالية للاحالة قدمت النيابة
مذكرة صممت فيها على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون
ذلك أنه أقام قضاءه على أن تحكيما قد جرى بين الطاعن وبين مصلحة الجمارك أدى إلى طرح
النزاع على وزارة المالية للفصل فيه وفقا للمواد 7 و8 و9 من مرسوم تعريفة الرسوم الجمركية
الصادر فى 14 فبراير سنة 1930 وأن قرارا صدر فى هذا التحكيم لا يجوز للمحاكم أن تتعرض
له – حالة أنه لم يحصل تحكيم على الاطلاق ولم تكتب مشارطة تحكيم ولا يجوز طبقا للمادة
821 من قانون المرافعات إثبات مشارطة التحكيم إلا بالكتابة – والمواد القانونية التى
استند إليها الحكم خاصة بالمنازعات التى تطرح على القومسير الجمركى وهو موظف محايد
تعينه الحكومة للفصل فيما يقع من منازعات بين الأفراد والجمارك حول نوع البضاعة أو
صنفها أو مصدرها فلا يختص بقيام الخلاف حول البند الجمركى الواجب التطبيق كما هو الحال
فى النزاع المطروح وأنه لما كان الثابت من الوقائع التى أوردها الحكم المطعون فيه أنه
لم يحصل احتكام إلى القومسير الجمركى وبالتالى فلم يصدر قرار منه كما أن مصلحة الجمارك
لم تتبع إجراءات التحكيم المنصوص عليها فى المادتين 7 و8 من مرسوم 14 فبراير سنة 1930
والتى توجب فى حالة قيام النزاع تحرير محضر يدون فيه تفصيلات الخلاف وإحالته لغرض المعاينة
إلى خبيرين يعين أحدهما الجمرك والآخر المقرر عن البضاعة وفى حالة اختلاف الخبيرين
يعرض الأمر على القومسير ليفصل فيه – لما كان ذلك وكان الطاعن لم يحتكم إلى وزارة المالية
بل تظلم إليها باعتبارها الجهة الرئيسية للجمرك فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى
أن قرار مصلحة الجمارك يعتبر ملزما للطاعن بقبول تطبيق البند 710 ومانعا للمحاكم من
التعرض له يكون مخالفا للقانون.
وحيث إن المرسوم الصادر فى 14 فبراير سنة 1930 بوضع تعريفة جديدة للرسوم الجمركية والذى
صدر نفاذا للمادة الأولى من القانون رقم 2 لسنة 1930 بتعديل هذه التعريفة قد رسم طريقا
خاصا للفصل فى المنازعات التى تنشأ بين الجمرك وبين المقررين للبضائع بشأن نوعها أو
صنفها أو مصدرها وأوجب فى المادة السابعة منه على الجمرك عند قيام النزاع تحرير محضر
يدون فيه تفصيلات الخلاف وإحالة هذا المحضر بعد ذلك "لغرض المعاينة" إلى خبيرين يعين
أحدهما الجمرك والآخر المقرر عن البضاعة ونص على أنه إذا امتنع المقرر عن تعيين الخبير
الذى ينوب عنه فى خلال ثمانية أيام من تاريخ المحضر يعتبر رأى الجمرك نهائيا كما اعتبر
قرارات الخبيرين فى حالة اتفاقهما فى الرأى نهائية وأوجب فى حالة اختلافهما رفع النزاع
إلى قومسير تعينه الحكومة للتحكيم وجعل قرارات القومسير فى هذه الحالة غير قابلة لأى
طعن ومنع المحاكم من نظر المنازعات التى تحدث بين الجمرك وبين المقررين عن البضائع
فيما يختص بنوع هذه البضائع أو صنفها أو مصدرها الأصلى وكذلك القرارات التى تصدر فى
هذا الشأن ونصت المادة الثامنة من المرسوم على أنه لا يجوز الالتجاء إلى الخبرة القانونية
للتحكيم إلا فيما يتعلق بالضائع التى لا تزال فى حيازة الجمارك. وبين قرار وزير المالية
الذى صدر فى تاريخ صدور هذا المرسوم نفاذا للمادة العاشرة منه شكل وشروط تحرير المحضر
الذى يجب على الجمرك تحريره فى حالة قيام النزاع فاستلزم توقيع صاحب الشأن على هذا
المحضر فاذا رفض التوقيع تعين على الجمرك ذكر ذلك فى المحضر كما أوجب تسليم صاحب الشأن
نسخة من هذا المحضر فى جميع الأحوال وأخذ عينات مزدوجة من البضائع المختلف فى شأنها
بحضور صاحب الشأن عند الشروع فى تحرير المحضر المذكور وذلك لرجوع الخبيرين والقوميسير
إليها عند فحص البضائع كما بين القرار الإجراءات التى يجب على الخبيرين والقومسير اتباعها
للفصل فى النزاع – ولما كان منع المحاكم من نظر هذه المنازعات والقرارات الصادرة فى
شأنها لا يكون إلا إذا سلك الجمرك الطريق الذى رسمه القانون للفصل فى تلك المنازعات
واتبع القواعد والإجراءات التى وضعها المرسوم والقرار الوزارى الصادر نفاذا له والتى
كفل بها المشرع كثيرا من الضمانات لأصحاب الشأن أما إذا تنكب الجمرك هذا الطريق ولم
يحل النزاع إلى الخبرة القانونية ولا إلى التحكيم أمام القوميسير وأفرج عن البضاعة
دون اتخاذ الإجراءات التى أوجب القانون اتخاذها قبل الإفراج عنها طبقا للمادة 2 من
قرار 14 فبراير سنة 1930 وأهمها تحرير المحضر وتسليم نسخة منه لصاحب الشأن وأخذ عينات
مزدوجة من البضاعة فإن الإختصاص بنظر هذه المنازعات يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة
بالفصل فى جميع المنازعات إلا ما استثنى منها بنص خاص – والقول بغير ذلك يؤدى إلى حرمان
أصحاب الشأن فى البضائع المختلف فى شأنها من عرض منازعتهم على أية جهة للفصل فيها فى
حالة قعود الجمرك عن عرض هذه المنازعة على الهيئة التى خصها المشرع بالفصل فيها إذ
أن المشرع قد جعل زمام الأمر فى الإلتجاء إلى هذه الهيئة فى يد الجمرك ولم يخول أصحاب
الشأن الحق فى الإلتجاء إليها إلا عن طريقه – ولما كان يبين من تقريرات الحكم المطعون
فيه أنه عندما ثار النزاع بين الطاعن وبين الجمرك فى شأن المواسير المستوردة وما إذا
كانت تخضع – على ما يرى الطاعن – للبند 766 من الجدول حرف ( أ ) الملحق بمرسوم 14 فبراير
سنة 1930 بعد تعديله بمرسوم 14 مايو سنة 1951 باعتبارها من آلات وماكينات الزراعة التى
أعفاها المرسوم الأخير من رسوم الوارد أو انها تخضع حسبما رأى الجمرك للبند 710 من
هذا الجدول الذى ينص على الأنابيب والمواسير بصفة عامة وبالتالى فلا تعفى من هذه الرسوم
– وهو نزاع وان قام فى الظاهر على البند الواجب تطبيقه من بنود التعريفة الجمركية إلا
أنه فى الواقع يتناول نوع البضاعة إذ أن تقرير البند الواجب تطبيقه فى هذه الحالة لا
يتأتى إلا بعد الفصل فى نوع هذه المواسير وما إذا كانت تعتبر من آلات الزراعة أو أنها
مواسير عادية مما ينص عليه البند 710 – لما ثار هذا النزاع لم يسلك الجمرك الطريق الذى
أوجب عليه المرسوم الصادر فى 14 فبراير سنة 1930 اتباعه للفصل فيه فلم يحل النزاع إلى
الخبرة القانونية ولا إلى القوميسير للتحكيم وإنما اكتفى بعرض الخلاف على المدير العام
للجمارك الذى وافق على تحصيل الرسوم الجمركية على هذه المواسير بصفة أمانة إلى أن تبت
وزارة المالية فى البند الواجب تطبيقه بعد عرض الأمر عليها وبناء على هذه التأشيرة
أفرج الجمرك عن المواسير بعد أن حصل من الطاعن مبلغ 350 جنيها بقسيمة أمانات وقد تم
هذا الإفراج دون اتخاذ الإجراءات التى أوجب القرار الوزارى الصادر فى 14 فبراير سنة
1930 اتخاذها قبل التصريح لصاحب الشأن بسحب البضاعة طبقا للمادة 2 من هذا القرار ولما
أفتى مراقب عام التعريفات بعد ذلك بتاريخ 17 من مايو سنة 1954 بتسوية الأمانة على أساس
فئات الرسوم وقت سحب الرسالة أى فى 10 مارس سنة 1954 أجرى الجمرك فى 27 نوفمبر سنة
1954 تسوية الرسوم بما يتفق مع وجهة نظره الأولى – ولما كان قيام الجمرك بعرض الخلاف
على وزارة المالية باعتبارها الجهة الرئيسية العليا له لا يعتبر خلافا لما ذهب إليه
الحكم المطعون فيه – تحكيما يمتنع معه نظر النزاع أمام المحاكم ذلك أن القانون قد عين
الجهة التى يحتكم إليها فى مثل هذا النزاع وهى القوميسير الجمركى ووضع للتحكيم فى هذه
الأحوال قواعد خاصة لا تجوز مخالفتها – هذا إلى أن مجرد موافقة الطاعن على أخذ رأى
وزارة المالية فى الخلاف القائم بينه وبين الجمرك بوصفها الجهة الرئيسية للأخير لا
يعتبر تحكيما بالمعنى القانونى – لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن
قرار وزارة المالية بتقدير الرسوم الجمركية ملزم للطاعن وأن المحاكم ممنوعة من التصدى
لهذه المنازعة يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون
وتفسيره ذلك أنه اعتبر قيام الطاعن بدفع مبلغ 350 جنيها للجمارك بصفة أمانة فى يوم
10 مارس سنة 1954 أداء للرسوم الجمركية فى هذا اليوم يمتنع معه سريان أحكام المرسوم
الصادر فى 13 مايو سنة 1954 بتعديل البند 710 من التعريفة الجمركية عليه – فى حين أن
هذا المبلغ قد حصل من الطاعن بصفة أمانة بناء على اقتراح مدير الجمارك لاحتمال صدور
تعديل لهذا البند أو صدور قرار باعتبار المواسير محل الخلاف آلات زراعية وحتى يتمكن
الطاعن من استرداد ما دفعه فى حالة صدور مثل هذا القرار وأنه لما كانت الأمانة التى
تحصلها الحكومة لا تدخل فى الايرادات بل تبقى وديعة تحت يدها وتظل معلقة على ذمة ذوى
الشأن فيها إلى أن يصدر قرار فى شأنها وقد صدر مرسوم 13 مايو سنة 1954 قبل أن يبت فى
شأن هذه الأمانة ولم تتم تسويتها إلا فى ديسمبر سنة 1954 أى بعد صدور هذا المرسوم فإن
أحكامه تسرى على الطاعن لأن المرسوم نص على أن كل بضاعة لم تكن قد دفعت عنها الرسوم
الجمركية قبل تاريخ العمل به تفرض عليها الرسوم المقررة به.
وحيث إن هذا النعى صحيح أيضا ذلك أن المرسوم الصادر فى 13 مايو سنة 1954 بتعديل الرسوم
الجمركية على بعض الأصناف قد عدل البند 710 من التعريفة الجمركية وأعفى الأنابيب والمواسير
التى يزيد قطرها على 3 بوصة من الرسوم الجمركية ونص فى الفقرة الثانية من مادته الأولى
على أن كل بضاعة لم تكن قد دفعت عنها الرسوم الجمركية قبل تاريخ العمل به تفرض عليها
الرسوم المقررة به وقد بدأ العمل بأحكام هذا المرسوم من تاريخ نشره فى 13 من مايو سنة
1954 – ولما كان أداء الرسوم الجمركية لا يكون إلا بعد تحديد مصير البضاعة سواء بتحصيل
الرسوم عليها أو الاعفاء منها وبعد تسوية هذه الرسوم فى حالة ثبوت استحقاقها فإذا كانت
مصلحة الجمارك قد رأت عندما نازع الطاعن فى استحقاق الرسوم على المواسير المستوردة
أن تعرض الموضوع على وزارة المالية بوصفها الجهة الرئيسية لها للبت فى أمر استحقاق
الرسوم أو الاعفاء منها ووافقت على الافراج عن المواسير فى نظير تحصيل مبلغ من الطاعن
بصفة أمانة يضمن لها استيفاء الرسوم إذا ما ثبت لديها بعد ذلك استحقاقها فإن قيام الطاعن
بدفع هذا المبلغ على النحو المذكور لا يعتبر منه أداء للرسوم بالمعنى الذى تقصده الفقرة
الثانية من المادة الأولى من المرسوم سالف الذكر ولما كان الثابت أن مصلحة الجمارك
لم تبت فى أمر استحقاق الرسوم الجمركية إلا بعد تاريخ العمل بهذا المرسوم وقد تمت تسوية
هذه الرسوم وتصفية الأمانة المدفوعة فى تاريخ لاحق له فإن أحكام هذا المرسوم تسرى على
المواسير محل الخلاف وبالتالى تعتبر هذه المواسير معفاة من رسوم الوارد ولا يستحق عليها
سوى رسم قيمى بواقع 1% وهو الرسم الذى فرضه مرسوم آخر صدر فى نفس تاريخ صدور المرسوم
سالف الذكر – بتعديل الرسم القيمى المفروض على جميع الواردات بالنسبة لبعض الأصناف
– ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم انطباق أحكام المرسوم الصادر فى
13 مايو سنة 1954 بتعديل الرسوم الجمركية على بعض الأصناف – على المواسير محل النزاع
استنادا إلى أن الرسوم الجمركية عن هذه المواسير قد دفعت قبل تاريخ العمل به يكون قد
خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم ذكره يتعين تأييد الحكم الابتدائى المستأنف.
(1) م 7 و8 و10 من المرسوم 14/ 2/ 1930.
