الرئيسية الاقسام القوائم البحث

نقض مدني – الطعن رقم 32 لسنة 29 ق – أحوال شخصية – جلسة 02 /05 /1962 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 13 – صـ 559

جلسة 2 من مايو سنة 1962

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين/ أحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامى، ومحمد عبد الحميد السكرى، ومحمد عبد اللطيف.


الطعن رقم 32 لسنة 29 ق "أحوال شخصية"

( أ ) دعوى. "عدم سماع الدعوى". أحوال شخصية. وقف.
مؤدى نص المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على منع سماع الدعوى بمضى خمس عشرة سنة مع تمكن المدعى من رفعها وعدم توافر "العذر الشرعى" فى عدم إقامتها عند إنكار الحق، إن المراد فى اعتبار الشخص معذورا هو أن يكون فى وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى. من الأعذار غياب الشخص أو كونه صبيا أو مجنونا ليس لهما ولى. تنصيب النائب عن الأصيل يرتفع به العذر الشرعى مما يستتبع سريان المدة المانعة من سماع الدعوى.
(ب) دعوى. "عدم سماع الدعوى". تقادم. أحوال شخصية. وقف.
صدور الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف طبقا لما هو مقرر فى المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وجوب اعمال حكم المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فى تلك المنازعات. لا محل لتطبيق أحكام التقادم فى القانون المدنى.
(ج) حكم "بياناته" اسم عضو النيابة الذى يبدى رأيه فى القضية". أحوال شخصية. وقف. نظام عام. نيابة عامة.
بيان اسم عضو النيابة الذى يبدى رأيه فى قضايا الأحوال الشخصية والوقف بيان جوهرى. إغفاله يترتب عليه البطلان. إغفال هذا البيان فى الحكم الإبتدائى مع تأييده من المحكمة الإستئنافية بأسباب مستقلة. لا محل للنعى بالبطلان فى هذه الحالة.
1 – تنص المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على منع سماع الدعوى التى مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكين المدعى من رفعها وعدم توافر العذر الشرعى فى عدم إقامتها مع إنكار الحق فى تلك المدة، والمراد فى اعتبار الشخص معذورا هو أن يكون فى وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى بالحق المدعى به. ومن الأعذار أن يكون الشخص غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى. ولما كانت علة العذر فى صوره المختلفة المانعة من سريان المدة هى عدم التمكن من رفع الدعوى إن حقيقة او حكما، فإن تنصيب النائب عن الأصيل ممن ذكروا يحل محله ويلزمه أن يتولى أمره وبذلك يرتفع العذر وتتحقق المكنة مما يستتبع سريان المدة المانعة من سماع الدعوى. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المدة سارية فى حق الطاعنة من وقت إقامة أمها وصية عليها فإنه لا يكون قد خالف القانون(1).
2 – أوجبت المادة السادسة من القانون رقم 462 سنة 1955 أن تصدر الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتى كانت أصلا من اختصاص المحاكم الشرعية طبقا لما هو مقرر فى المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أى وفقا للمدون فى تلك اللائحة ولأرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة. ولما كانت المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من بين المدون بها وحكمها قائم لم يتناوله الإلغاء فإنه يتعين إعماله فى تلك المنازعات ومن ثم فلا محل لتطبيق أحكام التقادم ووقفه فى القانون المدنى بالنسبة للمدة المنصوص عليها فيها أى المادة 375 سالفة الذكر لسماع الدعوى(2).
3 – وإن كان بيان اسم عضو النيابة الذى يبدى رأيه فى قضية من قضايا الأحوال الشخصية والوقف بيانا جوهريا ومتعلقا بالنظام العام ولازما لصحة الحكم إذ يترتب على إغفاله البطلان – وفقا للمادة 349 مرافعات – إلا أنه متى كان هذا العيب قد لحق الحكم الابتدائى وكانت محكمة الاستئناف لم تلتفت أو تتنبه إلى هذا العيب الجوهرى ومضت فى نظر الموضوع حتى انتهى إلى تأييد الحكم الإبتدائى بعد أن أنشأت أسبابا مستقلة لقضائها فإن النعى على حكمها بالبطلان يكون فى غير محله إذ ليس من شأنه سوى تحقيق مصلحة نظرية بحتة لا يعتد بها ولا تصلح سببا للطعن بعد أن حققت المحكمة الاستئنافية بحكمها على هذه الصورة غرض الشارع(3).


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
تتحصل واقعة الدعوى – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 97 سنة 1957 كلى القاهرة للاحوال الشخصية ضد المطعون عليهما الأولين بطلب الحكم لها باستحقاقها لنصيب مقداره 16 س ستة عشر سهما من قيراط من أربعة وعشرين قيراطا ينقسم إليها وقف الأمير على كتخدا المبين بكتاب وقفه الصادر من محكمة الزاهد بمصر بتاريخ 28 رجب سنة 1347 هـ والمشار إليه بصحيفة الدعوى وقد تدخل كل من المطعون عليهم الثالثة والرابع والخامس خصما ثالثا فى الدعوى ودفعوها بالتقادم وطلبوا التقرير بعدم سماعها طبقا للمادة 375 من القانون 78 سنة 1931 الخاص بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية وبعد المرافعة فى الدعوى وإبداء رأى النيابة برفض الدفع وبرفض الموضوع قضت المحكمة الإبتدائية بتاريخ 28/ 4/ 1957 بقبول الدفع وعدم سماع الدعوى فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 116 سنة 74 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بطلباتها الإبتدائية وبعد المرافعة وإبداء رأى النيابة بطلب رفض الاستئناف قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 9 مايو سنة 1959 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف – طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض طالبة نقضه وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8 مارس سنة 1961 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وقد نظر أمامها أخيرا بجلسة اليوم وفيها تمسكت الطاعنة بطلباتها للأسباب الواردة بتقرير الطعن كما صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة أصليا الحكم ببطلان الطعن واحتياطيا ورفضه ولم يحضر أحد من المطعون عليهم.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الحكم المطعون فيه ذلك أنه قضى بتأييد الحكم المستأنف – وهو صادر فى مسألة من مسائل الوقف بينما كان ذلك الحكم لم يتضمن اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه فى الدعوى ولم يفصح الحكم المذكور عن أن عضو النيابة الذى ورد اسمه فى ديباجته ممثلا للنيابة العامة هو بذاته صاحب ذلك الرأى فإنه يكون باطلا طبقا للمادة 349 من قانون المرافعات وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض والحكم المطعون فيه وإذ أيد ذلك الحكم الباطل وأحال فى أسبابه إليه وجعل منها أسبابا لقضائه فإنه يكون بالتالى باطلا مما يتعين معه عدم قبول الطعن أو رفضه.
ومن حيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على "أنه وإن كان بيان اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه فى قضية من قضايا الأحوال الشخصية والوقف هو بيان جوهرى ومتعلق بالنظام العام ولازم لصحة الحكم ويترتب على إغفاله البطلان وفقا للمادة 349 من قانون المرافعات إلا أنه لما كان هذا العيب قد لحق الحكم الابتدائى وكانت محكمة الاستئناف عندما رفع إليها الاستئناف عن ذلك الحكم بعد أن استوفت هى البيانات والإجراءات التى يتطلبها القانون لم تلتفت أو تنتبه إلى هذا العيب الجوهرى ومضت فى نظر الموضوع وانتهت فيه إلى تأييد الحكم المستأنف بعد أن أنشأت أسبابا مستقلة لقضائها فإن النعى على حكمها بالبطلان ليس من شأنه سوى تحقيق مصلحة نظرية صرفة لا يعتد بها ولا تصلح سببا للطعن ما دامت قد حقق بهذا الإنشاء غرض القانون ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع".
ومن حيث إن حاصل النعى فى سببى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف وأخطأ فى تطبيقه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم سماع الدعوى طبقا للمادة 375 من القانون 78 سنة 1931 ذلك أن الطاعنة كانت قاصرا وبلغت سن الرشد فى سنة 1943 ورفعت دعواها فى 31/ 3/ 1953 قبل انقضاء المدة المانعة من سماع دعواها ولأن القصر فى حكم المادة 375 المشار إليها مانع من سريان التقادم سواء أكان للقاصر وصى أم لا ولا تسرى المدة فى حق القاصر إلا من وقت بلوغه سن الرشد ولما كانت المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية المشار إليها لم تحدد حالات وقف التقادم وانقطاعه واكتفت بإيراد شروط تطبيقها ومنها التمكن وعدم العذر وإنكار الحق كان لا مناص من تطبيق أحكام التقادم الواردة بالقانون المدنى باعتباره الأصل العام ومن أحكامه ما نصت عليه المادة 85 مدنى قديم التى تحكم واقعة الدعوى من وجوب وقف التقادم فى حق القاصر حتى يبلغ سن الرشد سواء أكان له وصى أم لا لأنه كلما وجد نص يتعلق بحماية ناقص الأهلية وجب إعماله لتعلقه بالنظام العام ولا على المحكمة أن تطبق أحكام التقادم المدنية ما دامت قد استندت إلى القانون المدنى ذاته عند تقريرها لقبول تدخل الخصم الثالث لوجود مصلحة له فى ذلك وفقا للمادة 378 مدنى.
ومن حيث إن هذا النعى فى جملته مردود ذلك أن المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 سنة 1931 قد نصت على أن "القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التى مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعى من رفعها وعدم العذر الشرعى فى عدم إقامتها….. وهذا كله مع "إنكار الحق فى تلك المدة" ومؤدى ذلك أن المراد فى اعتبار الشخص معذورا أن يكون فى وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى بالحق المدعى به ولما كان المتقدمون من الفقهاء لم يتناولوا فى كلامهم الاعذار وإنما عرض لها متأخر وهم متفقون على أنه يدخل ضمن عدادها أن يكون المدعى غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى وكانت علة العذر فى صوره المختلفة المانعة من سريان المدة هى عدم التمكن من رفع الدعوى إن حقيقة أو حكما فإن تنصيب النائب عن الأصيل ممن ذكروا يحل محله ويلزمه أن يتولى أمره وبذلك يرتفع العذر وتتحقق المكنة مما يستتبع سريان الزمن المانع من سماع الدعوى – إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المدة سارية فى حق الطاعنة من وقت إقامة أمها وصيا عليها فى 22 فبراير سنة 1922 وبذلك لا تسمع دعواها عملا بالمادة 375 من القانون 78 سنة 1931 المشار إليها فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا وجه للقول بتطبيق أحكام التقادم المدنى على واقعة الدعوى لأن النزاع يقوم فيها على طلب الاستحقاق فى وقف وتحكمه نصوص القانون رقم 78 سنة 1931 الخاص بترتيب لائحة المحاكم الشرعية ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 462 سنة 1955 قد أوجبت أن "تصدر الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتى كانت أصلا من اختصاص المحاكم الشرعية طبقا لما هو مقرر فى المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة" وأن نص المادة 280 من اللائحة المشار إليها "تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة….." وكان نص المادة 375 من بين ما هو مدون بتلك اللائحة وحكمها قائم لم يتناوله الإلغاء وقد أعملته المحكمة بحق مما لا محل معه لتعييب حكمها بالخطأ أو مخالفة القانون ولا يضير الحكم استشهاده فى مقام بيان وجه مصلحة الخصم الثالث فى التدخل فى الدعوى بنصوص القانون المدنى لأن هذا من قبيل الاستئناس بما يتفق والقواعد العامة لتأييد وجهته فيما انتهى إليه – ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 30 مارس سنة 1961 فى الطعن 33 سنة 28 ق أحوال شخصية "الاختلاف فى تفسير شرط الواقف لا يعد عذرا فى تطبيق المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية" وراجع نقض 23/ 2/ 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 22 "الدعاوى التى يمنع من سماعها مضى 33 سنة هى الدعاوى المتعلقة بعين الوقف. لا تدخل فى مفهومها الدعاوى التى يرفعها المستحقون بثبوت استحقاقهم التى يمنع من سماعها مضى 15 سنة".
(2) راجع نقض 30 مارس سنة 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 43 "عدم اعتراف الشريعة الإسلامية بالتقادم المكسب أو المسقط. قاعدة عدم سماع الدعوى بالحق الذى مضى عليه المدة ليس مبناها بطلان الحق بل هى مجرد نهى للقضاة قصد به قطع التزوير والحيل. ليس فى هذا المجال محل لإعمال قواعد التقادم الواردة بالقانون المدنى".
(3) راجع نقض 22 نوفمبر سنة 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 116.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات