الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 8651 لسنة 44 ق – جلسة 02 /05 /2001 

مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون – الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) – صـ 1619


جلسة 2 من مايو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات – نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد – نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 8651 لسنة 44 القضائية

دعوى – حجية أحكام القضاء الإدارى – الإمتناع عن تنفيذها – قرار إدارى سلبى (قرار إدارى).
المادتان 50 و 52 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
أحكام القضاء الإدارى هى أحكام نهائية واجبة النفاذ حتى ولو طعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا ولا يجوز إيقاف تنفيذ تلك الأحكام إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذها وقد أسبغ المشرع على هذه الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشئ المقضى فيه.
المادة 72 من الدستور – المادة 123 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 معدلة بالقانون رقم 123 لسنة 1952 – هذان النصان اعتبرا عدم تنفيذ الحكم القضائى أو تعطيل تنفيذه من جانب الموظف المختص بمثابة جريمة جنائية تستوجب حبسه وعزله من وظيفته وذلك احتراما لقدسية وسيادة القانون فى الدولة. فالحكم القضائى هو عنوان الحقيقة ولا يجوز المجادلة فيه إلا عن طريق الطعن المقرر قانوناً، وإذا غدا الحكم واجب التنفيذ تعين على الموظف المختص تنفيذه أياً كانت أوجه المثالب التى يراها على هذا الحكم حيث لا يجوز وقف تنفيذ الحكم أو تعطيله إلا عن طريق المحكمة التى أصدرته أو محكمة الطعن بحسب الأحوال المقررة للطعون فى الأحكام القضائية وعلى الجهة الإدارية أن تقوم بتنفيذ الأحكام فإن هى تقاعست أو إمتنعت عن التنفيذ اعتبر هذا الإمتناع بمثابة قرار إدارى سلبى مخالف للقانون، يحق معه للمتضرر أن يطعن عليه أمام القضاء الإدارى إلغاء وتعويضا – تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم السبت الموافق 26/ 9/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 8651 لسنة 44 ق. ع وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 2/ 8/ 1998 فى الدعوى رقم 3848 لسنة 51 ق والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الإمتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق وألزمت جهة الإدارة المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنون بصفتهم – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لعدم إقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء وإحتياطياً بعدم قبول الدعوى المطعون فى حكمها لإنتفاء القرار السلبى بالإمتناع ومن باب الاحتياط الكلى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزم الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 21/ 12/ 1999 وجرى تداوله بالجلسات إلى أن قررت إحالته للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 8/ 10/ 2000 ثم أحيل إلى هذه الدائرة للإختصاص والتى تداولته إعتباراً من جلسة 11/ 10/ 2000 على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت إصدار الحكم فيه لجلسة 2/ 5/ 2001 ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال ثلاث أسابيع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 26/ 7/ 1997 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3848 لسنة 51 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم أولاً: أصلياً بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة إيقاف تنفيذ القرار السلبى سواء من المدعى عليه الأول أو الآخرين بصفتهم بالإمتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق بجلسة 2/ 2/ 1997 وإعادة تسليمه مخزن الأخشاب موضوع النزاع وكافة ما يترتب على ذلك من آثار مع الإحتفاظ بحقه فى التعويض المناسب وإحتياطياً قبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بإعتبارها استشكالاً فى الحكم المشار إليه والإستمرار فى تنفيذه وعلى أن يكون ممسودة الحكم الأصلية ما كافة ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحاً لذلك أنه أقام الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 11/ 10/ 96 وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 1680 لسنة 1996 مع الإستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 2370 لسنة 31 ق، 1310 لسنة 46 ق وما يترتب على ذلك من آثار، وبجلسة 2/ 2/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت جهة الإدارة المصروفات وأنه رغم صدور هذا الحكم وإعلان صورته التنفيذية إلى المعلن إليهم جميعاً بصفتهم مع التنبيه بضرورة تنفيذه خلال المدة القانونية دون جدوى مما يحق له الطعن على القرارات السلبية بالامتناع عن تنفيذ الحكم.
تدوول نظر الشق العاجل بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 2/ 8/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والمتضمن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق.
وقد شيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نص المادة 72 من الدستور وكذلك المادة 54 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1979 وما استقر عليه الفقه والقضاء الإداريين على أنه يتعين على الجهة الإدارية تنفيذ الأحكام فى وقت مناسب من تاريخ صدورها فإن هى تقاعست أو إمتنعت دون حق وبغير سبب سائغ عن التنفيذ اعتبر هذا الإمتناع بمثابة قرار إدارى سبلى يجوز لكل ذى مصلحة أن يطعن عليه وأنه لما كان البين من الأوراق أن المدعى حصل على حكم بوقف تنفيذ قرار إزالة التعدى رقم 1680 لسنة 1996 ولم تقم جهة الإدارة المنوط بها التنفذ بتنفيذ ذلك الحكم ولم يصدر حكم من دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه، الأمر الذى يضحى معه إمتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم المشار إليه دونما سبب قانونى.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنيين بصفتهم فقد أقاموا طعنهم الماثل ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أخطأ الحكم المطعون فيه فيما أنتهى إليه من تكييف طلبات المطعون ضده فى الدعوى الصادرة فيها الحكم المطعون فيه بإنهاء وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى بالإمتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق رغم أن طلبات المطعون ضده هى وقف تنفيذ القرار السلبى بالإمتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق ولم يطلب إلغاء القرار الإدارى الأمر الذى يتعين معه عدم قبول الدعوى لعدم إقتران طلبى وقف التنفيذ بطلب الإلغاء عملا بنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة ولا يجوز للمحكمة أن تخرج بطلبات صاحب الشأن عن مقصدها أو تضيف إليها طلبات جديدة لم يطلبها الخصوم.
ثانياً: أن الجهة الإدارية لم تمتنع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق بل قامت بتسليم المطعون ضده موقع بديل بناحية بياض العرب بمعرفة لجنة مشكلة من المحافظة وإدارة الأملاك الأمر الذى ينتفى معه وجود قرار سلبى مما يؤدى إلى عدم قبول الدعوى أمام القضاء الإدارى لعدم وجود قرار مطعون عليه سواء إيجابى أو سلبى عملاً بنص المادة 10 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم قبول الدعوى لأن المطعون ضده لم يقرن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بطلب الإلغاء ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تكييف الدعوى يخضع لرقابة القضاء بإعتباره تفسيراً لنية المدعى الحقيقية ومن ثم فإن طلب المطعون ضده فى عريضة دعواه قبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبى بالإمتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق بجلسة 2/ 2/ 1997 وإعادة تسليمه مخزن الإخشاب موضوع النزاع وكافة ما يترتب على ذلك من آثار حيث إن تسليمه مخزن الأخشاب المشار إليه يعد محل طلب الإلغاء فإن ذلك يدل دلالة صريحة لا غموض فيها على أن المطعون ضده قصد إلى تضمين عريضة دعواه طلب وقف تنفيذ القرار وإلغائه ويكون الدفع المبدى من الجهة الإدارية الطاعنة فى هذا الشأن قد جاء دون سند صحيح من القانون ويتعين الإلتفات عنه.
ومن حيث إن المادة 50 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن "لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك".
وتنص المادة 52 على أن " تسرى فى شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشئ المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة ".
ومفاد ما تقدم أن أحكام محكمة القضاء الإدارى هى أحكام نهائية واجبة النفاذ حتى ولو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا ولا يجوز إيقاف تنفيذ تلك الأحكام إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذها وقد أسبغ المشرع على هذه الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشئ المقضى فيه.
ومن حيث إن المادة 72 من الدستور والواردة فى الباب الرابع الخاص بسيادة القانون قد نصت على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الإمتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة ".
وقد نصت المدة 123 من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 معدلة بالقانون رقم 123 لسنة 1952 على أن " يعاقب بالحبس والعزل كل موظف حكومى أستعمل سلطة وظيفته……. فى وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى إمتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً فى إختصاص الموظف.
والبادى مما تقدم أن كلا من النص الدستورى والنص التشريعى اعتبر عدم تنفيذ الحكم القضائى أو تعطيل تنفيذه من جانب الموظف المختص بمثابة جريمة جنائية تستوجب حبسه وعزله من وظيفته وذلك إحتراماً لقدسية وسيادة القانون فى الدولة فالحكم القضائى هو عنوان الحقيقة ولا يجوز المجادلة فيه إلا عن طريق الطعن المقرر قانوناً، وإذ غدا الحكم واجب التنفيذ تعين على الموظف المختص تنفيذه أيا كانت أوجه المثالب التى يراها على هذا الحكم حيث لا يجوز وقف تنفيذ الحكم أو تعطيله إلا عن طريق المحكمة التى أصدرته أو محكمة الطعن بحسب الأحوال المقررة للطعون فى الأحكام القضائية وعلى الجهة الإدارية أن تقوم بتنفيذ الأحكام فإن هى تقاعست أو إمتنعت عن التنفيذ أعتبر هذا الإمتناع بمثابة قرار إدارى سلبى مخالف للقانون يحق معه للمتضرر أن يطعن عليه أمام القضاء الإدارى إلغاءً وتعويضاً.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان البادى من الأوراق أن المطعون ضده قد استصدر لصالحه حكما فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق بجلسة 2/ 8/ 1998 من محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار إزالة التعدى المطعون فيه رقم 1680 لسنة 1996 إلا أن الجهة الإدارية لم تقم بتنفيذ ذلك الحكم كما لم يصدر من الدائرة المختصة بفحص الطعون حكماً بوقف تنفيذ هذا الحكم الأمر الذى يضحى معه إمتناع جهة الإدارة عن تنفيذ ذلك الحكم بمثابة قرار إدارى سلبى معيباً بعيب عدم المشروعية وهو الأمر الذى يتحقق معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على الإستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان المطعون ضده من مصدر رزق وإزالة مخزن الأخشاب الذى يملكه، وإذ توافر ركنا طلب وقف التنفيذ من جدية وإستعجال فإنه يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون فيه.
ولا يغير من ذلك ما تذرعت به الجهة الإدارية الطاعنة من أنها قد إستعاضت عن المكان محل القرار المطعون فيه بمكان آخر بما ينتفى معه نعت الجهة الإدارية بأنها قد إمتنعت عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 375 لسنة 51 ق المشار إليها إذ أنه يتعين على الجهة الإدارية تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه بما يقضى به صراحة هو وقف تنفيذ قرار إزالة مخزن الاخشاب لأنه يجب أن يكون هذا التنفيذ شاملا كافة العناصر المقضى بها وإذ لم يتضمن الحكم المشار إليه تعويض المطعون ضده الصادر لصالحه الحكم بمكان آخر، فإنه لا يجوز للجهة الإدارية المبادرة من جانبها بمخالفة هذا الحكم بالإدعاء بأنها قامت بتعويضه بمكان آخر.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعاً، وألزامت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات