الطعن رقم 433 سنة 22 ق – جلسة 31 /05 /1956
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 7 – صـ 661
جلسة 31 من مايو سنة 1956
برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد الرحمن يوسف ومحمد عبد الواحد على وأحمد قوشه ومحمد متولى عتلم المستشارين.
القضية رقم 433 سنة 22 القضائية
( أ ) تقادم. تقادم خمسى. حسن النية. تنفيذ عقارى. واجب نازع الملكية
الراسى عليه المزاد فى البحث والاستقصاء عن حقيقة هذه الملكية. اعتبار تقصيره فى ذلك
متعارضا مع حسن النية. عدم استفادته من التقادم الخمسى.
(ب) تقادم. تقادم خمسى. حسن النية. سلطة قاضى الموضوع فى استخلاص حسن النية وسوئها
استخلاصا سائغا.
1 – لا يكفى لاستفادة نازع الملكية الذى رسا عليه مزاد العقار المنزوعة ملكيته من التقادم
الخمسى تذرعه بجهله حقيقة هذه الملكية أو أن أحدا لم ينه إليه ذلك بل واجبه هو البحث
والاستقصاء وراء هذا البيان وإلا كان تقصيره مما يتعارض مع حسن النية ولا يجوز له أن
يفيد من تقصيره.
2 – لقاضى الموضوع سلطة تامة فى استخلاص حسن النية وسوئها من مظانها فى الدعوى ومما
يستشفه من ظروفها وملابساتها استخلاصا قائما على أسباب مسوغة وكافية لحمل قضائه من
عدم استفادة البائع من التقادم الخمسى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل
فى أن المطعون عليهن الأربعة الأوليات رفعن الدعوى رقم 437 سنة 1946 كلى طنطا ضد الطاعنة
طلبن فيها الحكم بتثبيت ملكيتهن لنصف المنزل الموضحة حدوده بصحيفة الدعوى وكف منازعة
الطاعنة لهن فى هذه الحصة مع محو التسجيلات الموقعة لصالحها عليه مع إلزامها بالمصاريف
والأتعاب وقلن شرحا لدعواهن إن مورثهن المرحوم عبد الهادى مصطفى خلاف كان يملك المنزل
موضوع النزاع ثم آلت ملكيته إلى زوجته وبناته وأخيهن المطعون عليهم بالميراث وقد اقتسم
الورثة هذا المنزل بمقتضى عقد قسمة مسجل فى 7 من مايو سنة 1914 برقم 16633 فاختص المطعون
عليهن والزوجة بنصفه كما اختص الأخ المطعون عليه الأخير بالنصف الآخر ونظرا لمديونية
أخيهن للمدعو الياندرو أبساروس بحكم صادر له من محكمة اسكندرية المختلطة أخذ به اختصاصا
على المنزل جمعيه ونزع ملكيته ورسا مزاده عليه فى 2 من مارس سنة 1932 وقد تم تسجيل
حكم المزاد ونفذ باستلام المنزل المذكور فباعه إلى الطاعنة بعقد مسجل فى 2 من سبتمبر
سنة 1945 فنازعت المطعون عليهن فى ملكيتهن لنصف المنزل استنادا إلى عقد شرائها – فتمسك
المطعون عليهن ببطلان حكم مرسى المزاد المذكور بالنسبة لنصيبهن بدعوى أنهن لم يكن طرفا
فى إجراءات المزاد فلا تأثير لها على حقهن وكذلك عقد البيع المؤسس عليها ولذلك تمسكن
بطلباتهن المذكورة فى الدعوى وقد أدخلت الطاعنة الراسى عليه المزاد والبائع لها خصما
فى الدعوى وقد انضم إليها هذا الأخير فى طلب رفض الدعوى لأنه كان قد اتخذ إجراءات البيع
على المنزل جميعه بعد أن تأكد من وضع يد مدينه عليه واستقلاله بانتفاعه به كاملا وقد
تمسك بحكم مرسى مزاده وبوضع يده لأكثر من خمس سنوات بسبب صحيح وحسن نية. وقد قضت محكمة
طنطا الابتدائية بتاريخ 17 من مايو سنة 1948 برفض الدعوى استنادا إلى حكم المزاد وشرائط
التقادم الخمسى – فاستأنف المطعون عليهن هذا الحكم لدى محكمة استئناف اسكندرية وقيد
بجدولها برقم 286 سنة 4 ق ثم أحيل إلى محكمة استئناف طنطا لاختصاصها فى 30 من أكتوبر
سنة 1951 وقيد بجدولها برقم 195 سنة 1 ق وقضت هذه المحكمة فى 29 من أبريل سنة 1952
بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهن الأربعة الأوليات إلى النصف شيوعا
فى المنزل الموضح بصحيفة افتتاح الدعوى وكف منازعة الطاعنة لهن فيه ومحو كافة التسجيلات
الموقعة لصالحها على القدر المذكور مع مصاريف الدرجتين وأتعاب المحاماة استنادا إلى
أن حكم مرسى المزاد لا يكون سببا صحيحا بالنسبة لنازع الملكية بالذات كما أن الراسى
عليه المزاد لم يكن حسن النية إذ لم يتعقب أصل الملكية التى نزعها – فطعنت الطاعنة
فى هذا الحكم بطريق النقض وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون وبعد أن أبدت النيابة
رأيها بطلب نقض الحكم المطعون فيه أحيل إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 17 من مايو
سنة 1956 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
ومن حيث إن هذا الطعن بنى على سببين يتحصل أولهما فى أن الحكم المطعون فيه قرر أن حكم
مرسى المزاد لا يكون سببا صحيحا للتملك بالتقادم الخمسى إلا إذا كان الراسى عليه المزاد
غير الدائن نازع الملكية حتى لا يخلق هذا الدائن نازع الملكية لنفسه سندا صحيحا باتخاذ
إجراءات باطلة لنزع ملكية ما لا يملكه مدينه ولأن عدم تحرى الدائن نازع الملكية حقيقة
ملكية مدينه أو ثبوت مجرد علمه بتسجيل العقار المراد نزع ملكيته أو تكليفه باسم الغير
يجعله سيئ النية ولا يستطيع التمسك بحكم مرسى مزاده كسبب صحيح مملك بمضى خمس سنوات،
وهذا الذى يقرره الحكم خطأ ومخالف للقانون، ذلك أن نازع الملكية لا يدعى ملكية العقار
المراد نزع ملكيته ولا يطلبها وإنما هو منفذ لسنده فإيقاع البيع من عمل القاضى لا من
عمل الدائن نازع الملكية وإيقاع البيع عليه لتخلف المزايدين لا يجعله خالقا لنفسه سندا
للملكية بل محكوما له بها وعلى ذلك يستوى أن يكون الراسى عليه المزاد هو الدائن المباشر
للإجراءات أو الغير وأما عدم تحرى هذا الدائن "البائع للطاعنة" ملكية مدينه فلا يفيد
بذاته علمه بالاعتداء على ملك الغير مما يجعله سيئ النية إذ مجرد العلم بتسجيل العقار
أو تكليفه باسم الغير لا يمنع تملك المدين له بالتقادم وبالتالى لا يفيد ذلك سوء النية
بل الذى يفيدها هو علمه وقت نزع الملكية أن مدينه غير مالك لما ينزعه وهو ما لم يتحقق
فى صورة الدعوى والدلائل الثابتة بالأوراق تؤدى إلى عكسه مما يتعين معه نقض الحكم،
ويتحصل السبب الثانى فى أن الحكم المطعون فيه شابه قصور مبطل ذلك أنه وهو بسبيل التدليل
على سوء نية نازع الملكية "أنه باع للطاعنة المنزل موضوع النزاع ساقط الضمان مع أن
هذا لا تسوء به نية البائع حتما" ومع ذلك فعقد بيعه صريح فى إثبات ضمانه لصحة البيع
وخلو المبيع من جميع الحقوق العينية وقد أدخل هذا البائع ضامنا فى الدعوى ولم يتمسك
بعدم ضمانه بل اعترف بمسئوليته عن ضمان البيع، وكذلك قرر الحكم أن حكم مرسى المزاد
لم ينفذ تنفيذا فعليا بل ظل الدين المنزوع ملكيته مقيما فيه ولم تتغير حالته الظاهرة
من قبل وما أثبته الحكم فى هذا الصدد مخالف للثابت فى الأوراق ذلك أن هذا الثابت يفيد
أن التسليم وإن أوقف فى 10/ 12/ 1932 إلا أن المحضر أجرى هذا التنفيذ فعلا فى 13/ 12/
1932 وأثبت أنه دخل البناء وتجول فيه وراجع حدوده وأن طالبة التنفيذ قد حصلت على حيازتها
للعين الراسى مزادها ولها أن تتمتع بكامل حريتها فيها مع منع الغير من التعرض لها فى
حيازتها الهادئة وبهذا يكون التنفيذ قد تم قانونا وأما ما تلا ذلك من بقاء المدين بالعين
الراسى مزادها بعقد إيجار أو بدونه فلا شأن له بتمام التنفيذ وأما استدلال الحكم بدعوى
الاسترداد على عدم علم المطعون عليهن بإجراءات البيع وأن استمرار وضع يد المدين على
المنزل الراسى مزاده حتى بعد التنفيذ بالتسليم إنما كان بطريق الإنابة فلا يحتج به
على المطعون عليهن فمردود بأنه حتى مع التجاوز عن خطأ الحكم فى ذكر رقم دعوى الاسترداد
الذى أشار إليه فإن دعوى الاسترداد الصحيحة قد ثبت من التحقيق فيها انتقال الملكية
والحيازة للراسى عليه المزاد وهذا نقلها بدوره إلى الطاعنة بعقد 27/ 8/ 1945 ومردود
ثانيا – بثبوت قيام الراسى عليه المزاد بدفع عوائد الملك حسب الثابت بالمستندات المقدمة
والتى التفت الحكم عن بحث دلالتها ومردود أخيرا بأن القول بوضع يد المدين بطريق الإنابة
عن أخواته المطعون عليهن ينفيه ما ورد بصحيفة استئنافهن من التمسك بوضع يدهن على نصيبهن
فى المنزل المتنازع عليه وضعا ظاهرا مستمرا منذ وفاة مورثهن حتى الآن دون ذكر لواقعة
الإنابة التى أثبتها الحكم على خلاف الثابت بالأوراق وهذا كله قصور يبطل الحكم ويستوجب
نقضه.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه وهو بسبيل استظهار ما تمسكت به الطاعنة
من تنازل المطعون عليهن لأخيهن المدين المنزوع ملكيته عن حصتهن فى المنزل محل النزاع
ومن اعتبار حكم مرسى المزاد الصادر للبائع لها سببا صحيحا للتملك وقد اقترن بوضع اليد
الظاهر المستمر مع حسن النية خمس سنوات قرر ما يلى "أنه لم يقم دليل من جانب المطعون
عليهن على حصول التنازل الذى تزعمه الطاعنة ومفاد ذلك بقاء المنزل مشتركا بينهن وبين
أخيهن مناصفة حتى حصول إجراءات الحجز العقارى ومرسى المزاد…" ثم أخذ الحكم يتحدث
عن حسن النية بقوله: "إنه لا يكفى لاستظهار حسن النية أن أحدا لم ينه إلى علم نازع
الملكية أن نصف المنزل مملوك لآخرين بل يجب أن يثبت أنه قام بالتحرى عن ملكية مدينه
وأن تكون التحريات قد انتهت إلى عقيدة مؤسسة على مقدمات معقولة بصحة ملكية المدين إلى
العقار المنزوع ملكيته وحسن النية يكون متوفرا إذا كان نازع الملكية يجهل أنه يعتدى
على حقوق الغير أما إذا كان هذا الجهل ناشئا عن خطأ جسيم فيعتبر سيئ النية… وثابت
فى الدعوى أن حق المطعون عليهن ثابت بموجب عقد القسمة المسجل فلو قام نازع الملكية
بما يقوم به الرجل العادى من تحقيق ملكية لظهر له أن مدينه لا يملك إلا نصف المنزل…"
وأضافت المحكمة إلى ذلك قولها "هذا فضلا عن أن الثابت بعقد البيع الصادر منه إلى الطاعنة
أنها اشترت ساقطة الخيار مما يكشف عن سوء نية البائع وأنه ما كان يجهل حقيقة السند
الذى يتمسك به يضاف إلى ذلك أن حكم مرسى المزاد لم ينفذ تنفيذا فعليا بل ظل المدين
مقيما فى المنزل كما هو ولم تتغير الحالة الظاهرة بالنسبة للمطعون عليهن بعد رسو المزاد…
وثبت من دعوى الاسترداد أن المطعون عليهن لا يقمن بالمنزل موضوع النزاع ولم يقم دليل
على علمهن بإجراءات نزع الملكية وقد ظل أخوهن المدين واضعا يده على المنزل بعد تاريخ
المزاد كما كان من قبل بطريق الانابة…" ومتى كان يبين مما سبق إيراده أن محكمة الموضوع
إذ نفت عن البائع للطاعنة حسن النية اعتمدت فى ذلك على ما حصلته من أوراق الدعوى وظروفها
والقرائن التى أوردتها من أنه كان مهملا فى تحرى حقيقة ملكية مدينه عند بدء الإجراءات
وأنه لو أجرى هذا التحرى لبان له من تسجيل عقد القسمة بين مدينه وإخوته أن هذا المدين
لا يملك إلا نصف العقار محل النزاع وأنه لا يكفى للاستفادة من التقادم الخمسى تذرع
نازع الملكية بجهله حقيقة هذه الملكية أو أن أحدا لم ينه إليه ذلك بل كان واجبه هو
البحث والاستقصاء وراء هذا البيان وإلا كان تقصيره مما يتعارض مع حسن النية ولا يجوز
له أن يفيد من تقصيره – كما أن المحكمة لم تعتد بإجراءات التسليم الذى تم كمظهر جدى
لحيازة الراسى عليه المزاد الحيازة الظاهرة المطمئنة بعد أن تبينت من الأوراق بقاء
المدين بالعين الراسى مزادها دون أدنى تغيير فى حالته الظاهرة بعد هذا التسليم عما
كانت عليه قبل ذلك وقد أكد لها ذلك ما أجرته من المناقشة بشأن تأجير العين للمدين عند
التسليم وعدم ثبوت هذه الواقعة وذلك بمحضر جلسة 7 من أبريل سنة 1952 المقدمة صورته
بملف الطعن وأن يد المدين على نصيب المطعون عليهن فى المنزل المذكور يغلب أن تكون بطريق
الانابة إلى آخر ما أوردته بأسبابها، وهذا كله تحصيل واقعى يبرر النتيجة التى انتهى
إليها الحكم – ولما كان لقاضى الموضوع سلطة تامة فى استخلاص حسن النية وسوئها من مظانها
فى الدعوى ومما يستشفه من ظروفها وملابساتها وكان استخلاصه قائما على أسباب مسوغه وكافية
لحمل قضائه على ما سلف بيانه فيكون النعى عليه بالقصور أو مخالفة القانون على غير أساس
– ومتى تقرر ذلك يكون غير منتج البحث فى تخطئة الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن حكم مرسى
المزاد لا يكون سببا صحيحا للتملك بالتقادم الخمسى إلا إذا كان على غير نازع الملكية
كالوارد بالسبب الأول – فيتعين لذلك رفض هذا الطعن.
