الطعن رقم 9529 لسنة 70 ق – جلسة 16 /10 /2002
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
السنة 53 – الجزء 2 – صـ 969
جلسة 16 من أكتوبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، عبد الفتاح حبيب ومصطفى محمد أحمد نواب رئيس المحكمة.
الطعن رقم 9529 لسنة 70 القضائية
إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن.
ما يقبل منها"
وجوب إيراد الأدلة التى تتساند إليها المحكمة وذكر مؤداها بطريقة وافية. مجرد الإشارة
إليها. غير كاف.
تساند الحكم إلى تقريرى لجنة الجرد والخبير المنتدب من المحكمة دون إيراد مضمونهما
وبيان الوقائع التى استخلص منها توافر أركان الجرائم التى دانه بها. قصور.
اختلاس أموال أميرية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
دفاع الطاعن بأن العجز فى حسابه راجعًا إلى عدم انتظام العمل وقيام أخرين بالتحصيل
معه. جوهرى. وجوب التعرض له والرد عليه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع. علة ذلك.
استيلاء على أموال أميرية. عقوبة "تطبيقها" "العقوبة التكميلية". نقض "أسباب الطعن.
ما يقبل منها".
إدانة الطاعن بجرائم تسهيل الاستيلاء واختلاس المال العام والتزوير واستعمال المحررات
المزورة والاضرار العمدى دون إنزال عقوبتى الغرامة والرد المنصوص عليهما فى المادة
118 عقوبات. خطأ فى القانون. يوجب التصحيح.
ليس للمحكمة تصحيح منطوق حكم قضت بنقضه.
1 – من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى الحكم
بيانًا كافيًا، فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه
بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع
باقى الأدلة التى أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان استناد
الحكم إلى تقرير الخبير دون أن يعن بذكر حاصل الوقائع التى تضمنها من اختلاس وتزوير
واستيلاء بل اكتفى بالقول بأن المحكمة تطمئن إلى تقرير لجنة الجرد التى انتدبتها النيابة
العامة وتقرير الخبير الذى انتدبته المحكمة دون أن يعرض للأسانيد التى أقيم عليها أو
يورد مضمونه، فإن ذلك لا يكفى فى بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف
عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذى استنبط منه معتقده فى الدعوى مما يصم الحكم
المطعون فيه بالقصور ويعجز المحكمة النقض عن مراقبة صحة التطبيق القانونى على الواقعة
والتقرير برأيها فيما خاض فيه الطاعن فى طعنه.
2 – لما كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز فى حسابه إنما يرجع
إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه، وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع –
فى خصوصية هذه الدعوى – لتعلقه بأحد أركان الجريمة التى دين الطاعن بها مما من شأنه
لو ثبت أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت
كلية عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه فإنه
يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا ينال من ذلك ما هو
مقرر من أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون
الواقعة الجنائية التى أثبتها الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه
إلى ملكه الأمر الذى خلت منه مدونات الحكم.
3 – من المقرر إن المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة
للجرائم المذكورة فى المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرر فقرة أولى،
114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه…" لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن جريمة تسهيل الاستيلاء على أموال شركة توزيع
كهرباء….. والاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة والأضرار بالجهة التى يعمل بها
وأغفل الحكم عليه بالغرامة المنصوص عليها فى المادة 118 من قانون العقوبات فإنه يكون
قد خالف القانون بما يتعين معه نقض الحكم نقضًا جزئيًا وتصحيحه وحيث أنه وكان ما شاب
الحكم المطعون فيه من قصور فى التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة
القانون الموجبة للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أغفله من عقوبة الرد إذ
ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها
أن تقضى بتلك العقوبة إذا رأت أن تدين الطاعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه: أولاً: بصفته موظفًا
عامًا من الأمناء على الودائع (أمين مخزن شبكات….. بشركة توزيع كهرباء……) اختلس……
عداد تسجيل استهلاك تيار كهربائى المملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والبالغ قيمتها….
ودفتر فواتير تنفيذ أعمال كهربائية خاص بجهة عمله تلك التى وجدت فى حيازته بسبب وظيفته
وسلمت إليه بصفته آنفة البيان وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة
بجريمتى تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطًا لا يقبل التجزئة ذلك أنه فى الزمان والمكان
سالفى الذكر وبصفته آنفة البيان ارتكب تزويرًا فى محررات لأحدى الشركات التى تسهم الدولة
فى رأسمالها (عدد….. إيصال استلام نقدية منسوب صدورها إلى شركة توزيع كهرباء……
وأصل وثلاث صور كربونية لمقايسات توصيل تيار كهربائى وإذن الصرف رقم….. بتاريخ…….)
بطريق تغير المحررات آنفة الذكر على غرار الصحيح منها كما غير بقصد التزوير بيانات
سجل عهدة المخزن فى حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة
بأن أثبت به إذن الصرف المخزنى آنف الذكر واستعمل المحررات المزورة سالفة البيان بأن
قدمها للمختصين بجهة عمله للاحتجاج بما ورد بها وإعمال آثارها مع علمه بتزويرها. ثانيًا:
بصفته سالفة الذكر سهل للغير حسن النية الاستيلاء بغير حق على أموال جهة عمله والبالغ
قيمتها….. قيمة التيار الكهربائى المملوك لجهة عمله سالفة الذكر التى سجلتها العدادات
المنوه عنها بتقرير لجنة الفحص على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثًا: بصفته سالفة الذكر
أضر عمدًا بأموال الجهة التى يعمل بها بأن قام بتركيب…… عداد تسجيل استهلاك تيار
كهربائى مملوكة لجهة عمله إلى الغير حسن النية بغير اتباع الإجراءات المقررة مما أضاع
على جهة عمله تحصيل رسوم التركيب وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. رابعًا: استحصل
بغير حق على خاتم شركة كهرباء……. قسم الاشتراكات وكذا خاتم قطاع الشئون التجارية
إدارة العامرية واستعملها استعمالاً ضارًا بمصلحة الجهة المذكورة بأن بصم بالأول على
الصور الكربونية للمقايسات سالفة الذكر وبصم بالثانى على إيصالات تحصيل نقدية بما يفيد
استلام تلك الجهة للمبالغ النقدية المثبتة بها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته
إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا…… لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 112/ 1 – 2/ أ – ب، 113/ 1، 116 مكررًا،
118، 118 مكررًا، 119/ ز، 119 مكررًا/ هـ، 207، 211، 213، 214/ أ – ب من قانون العقوبات
مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس
سنوات وبعزله من وظيفته وبإلزامه برد مبلغ……… للجهة المجنى عليها (شركة توزيع
كهرباء الإسكندرية) وبتغريمه مبلغ مساو لهذا المبلغ وذلك عما أسند إليه وبمصادرة المحررات
المزورة المضبوطة.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
أولاً: عن نعى المحكوم عليه:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس والاستيلاء والتزوير
واستعمال محرر مزور قد شابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه عول على
تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى ولم يورد مضمونه رغم أن الخبير انتهى إلى ثبوت عجز
عدد 36 عداد فى حق الطاعن تقدر بمبلغ 2891.700 جنيه ولم يستطع الخبير تحديد مسئولية
باقى العدادات المفقودة لوجود آخرين مع الطاعن بالمخزن ورغم أن الطاعن لم يحضر أمام
الخبير الذى أقام المسئولية ضده دون سماع دفاعه، كما أن دفاع الطاعن قام على أنه لم
يتسلم المال موضوع التهمة إذ أنه يعمل فى وظيفة مؤقتة كأمين مخزن وليس له توقيع على
العهدة الذى يتولاها أمين المخزن الأصلى ومساعده مما لازمه انتفاء ركن التسليم إلا
أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيرادًا وردًا عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى
الحكم بيانًا كافيًا، فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون الدليل وذكر
مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه
مع باقى الأدلة التى أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان استناد
الحكم إلى تقرير الخبير دون أن يعن بذكر حاصل الوقائع التى تضمنها من اختلاس وتزوير
واستيلاء بل اكتفى بالقول بأن المحكمة تطمئن إلى تقرير لجنة الجرد التى انتدبتها النيابة
العامة وتقرير الخبير الذى انتدبته المحكمة دون أن يعرض للأسانيد التى أقيم عليها أو
يورد مضمونه، فإن ذلك لا يكفى فى بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف
عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذى استنبط منه معتقده فى الدعوى مما يصم الحكم
المطعون فيه بالقصور ويعجز المحكمة النقض عن مراقبة صحة التطبيق القانونى على الواقعة
والتقرير برأيها فيما خاض فيه الطاعن فى طعنه. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك فى
دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز فى حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام
آخرين بالتحصيل معه، وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع – فى خصوصية هذه الدعوى – لتعلقه
بأحد أركان الجريمة التى دين الطاعن بها مما من شانه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأى
فى الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت كلية عن هذا الدفاع ولم يقسطه
حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب
فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا ينال من ذلك ما هو مقرر من أنه لا يلزم أن يتحدث
الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التى أثبتها
الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه الأمر الذى خلت منه
مدونات الحكم.
ثانيًا: عن نعى النيابة العامة: –
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة الاختلاس
المرتبطة بجريمتى تزوير فى محررات رسمية واستعمالها وتسهيل الاستيلاء على مال والأضرار
بالجهة التى يعمل بها قد شابه قصور فى تطبيق القانون، ذلك أنه قضى برد مبلغ 19037.250
جنيه وتغريمه مبلغ مساو لهذا المبلغ دون أن يتضمن قضاءه مبلغ 17551.440 جنيه قيمة التيار
الكهربائى التى سجلتها العدادات المختلسة مما يعيب الحكم.
وحيث إن المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم
المذكورة فى المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرر فقرة أولى، 114، 115
بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه…". لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن جريمة تسهيل الاستيلاء على أموال شركة توزيع كهرباء….
والاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة والأضرار بالجهة التى يعمل بها وأغفل الحكم
عليه بالغرامة المنصوص عليها فى المادة 118 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون
بما يتعين معه نقض الحكم نقضًا جزئيًا وتصحيحه.
وحيث إنه وكان ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور فى التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن
المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أغفله
من عقوبة الرد إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند
إعادة الدعوى لها أن تقضى بتلك العقوبة إذا رأت أن تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فإنه
يتعين والحال كذلك نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
