الطعن رقم 357 سنة 22 ق – جلسة 12 /04 /1956
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 7 – صـ 517
جلسه 12 من أبريل سنة 1956
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، ومحمد متولى عتلم المستشارين.
القضية رقم 357 سنة 22 القضائية
( أ ) حيازة. دعاوى الحيازة. إجارة. وجوب توافر نية التملك لدى
من يريد حماية يده بهذه الدعوى. كون الحيازة عرضية أو كون العقار من الأموال العامة
لا يكفى. حق المستأجر فى رفع دعاوى الحيازة دون سائر الحائزين العرضيين. هو استثناء
من الأصل (المادة 575 مدنى).
(ب) حيازة دعاوى الحيازة. المقصود بدعوى أصل الحق المنصوص عليها فى المادة 48 مرافعات.
1 – يجب توافر نية التملك لمن يبتغى حماية يده بدعاوى الحيازة ولازم هذا أن يكون العقار
من العقارات التى يجوز تملكها بالتقادم، فلا تكفى حيازة عرضية ولا يكفى أن يكون وضع
اليد على عقار من الأموال العامة. أما ما أباحه القانون المدنى فى المادة "275" للمستأجر
وهو حائز عرضى من رفع دعاوى الحيازة قائما جاء استثناء من الأصل لا تطبيقا لمبدأ عام
وذلك لما لمركز المستأجر من اعتبار خاص دون سائر الحائزين العرضيين كالحارس والمرتهن
حيازيا والمودع لديه.
2 – المقصود بدعوى أصل الحق التى نص فى المادة 48 من قانون المرافعات على عدم جواز
الجمع بينها وبين دعاوى الحيازة – هو دعوى الملكية أو أى حق آخر متفرع منها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن واقعة الدعوى – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل
فى أن الأستاذ حسين حلمى بصفته رئيسا للجمعية المطعون عليها أقام الدعوى رقم 93 سنة
1949 مأمورية القنطرة شرق "بور سعيد" على الطاعنة وآخرين تابعين لها قال فيها إن الجمعية
الخيرية "المطعون عليها" تملك قاعدة أعدتها لالقاء المحاضرات الثقافية ورغبة منها فى
تنمية مواردها أجرت مقصفها مؤقتا للغير واستمرت واضعة يدها على تلك القاعة بدون تعكير
حتى فوجئت فى سبتمبر سنة 1949 بتعرض الطاعنة وبعض موظفيها للجمعية فى وضع يدها واستولت
الطاعنة على إيجار المقصف من مستأجره عن شهرى سبمبر وأكتوبر سنة 1949 بدون مسوغ قانونى
كما طالبت المصلحة الجمعية برد ما استولت عليه الجمعية من الإيجار بغير حق وأمرت بطرح
القاعة للإيجار بالمزاد الأمر الذى دعا الجمعية لإقامة هذه الدعوى بطلب منع تعرض الطاعنة
وأتباعها لها فى القاعة المذكورة وتسليمها إليها مع إلزامها وعمالها بالتضامن برد الإيجار
الذى استلمته وتعويض شهرى قدره 10 جنيهات من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام التسليم والمصاريف
والاتعاب والنفاذ، وتحقيقا لذلك أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق بحكمها الصادر
فى 13/ 3/ 1950 لإثبات وضع يد المطعون عليها على القاعة محل النزاع مدة سنة سابقة على
التعرض بهدوء واستمرار وبنية التملك… وبعد سماع المحكمة شهود الطرفين حكمت فى 8 من
مايو سنة 1950 بطلبات المطعون عليها تأسيسا على أن الجمعية – حسب المستفاد من أقوال
الشهود – هى التى قامت ببناء القاعة فى سنة 1945 لاستعمالها لأغراضها الثقافية وأن
ما رواه شاهد الطاعنة من أن القاعة أقيمت على أرض مملوكة لها لا يبيح هذا التعرض –
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة بور سعيد الابتدائية وقيد استئنافها برقم 45
سنة 1950 س: طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بناء على أن القاعة محل النزاع
من ملحقات الجامع المقام على أرض المصلحة "الطاعنة" والقول بوضع يد الجمعية بنية التملك
يتعارض مع ما خصص له المسجد وملحقاته من أغراض وأن سكة حديد فلسطين هى التى كانت أقامت
المسجد وملحقاته على أرض تابعة لخط سكة حديد سينا التى آلت إليها عند استلام الخط المذكور
وأن الحيازة شرعت لحماية وضع اليد المقضى إلى التملك بالتقادم والأملاك العامة لا يجوز
تملكها بالتقادم فوضع اليد عليها غير منتج، وبعد أن استعرضت المحكمة الاستئنافية هذا
الدفاع قضت بتاريخ 25 من مايو سنة 1952 بتأييد الحكم المستأنف تأسيسا على أن وضع يد
المطعون عليها يرجع إلى سنة 1945 وقبل استلام المصلحة لخط حديد سينا ومن ثم فلا تكون
الأرض المقام عليها القاعة من الأملاك العامة ولذلك يمكن تملكها بوضع اليد وأن القانون
يحمى الحيازة المجردة بصرف النظر عن كون العقار محل الحيازة من الأملاك العامة أو الخاصة
– فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون
فأحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 22/ 3/ 1956.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون، ذلك أنه قد أطرح
دفاع الطاعنة المؤسس على أن العين محل النزاع من الأملاك العامة للدولة وبالتالى لا
يصح أن تكون محلا لدعوى منع التعرض بحجة "أن الحيازة المجردة تكون محلا للحماية بدعوى
منع التعرض لذلك يكون البحث فى صفة العقار موضوع الحيازة وهل هو من الأملاك العامة
أو الخاصة غير منتج" وهذا الذى قرره الحكم لا يقره القانون ذلك لأن الحيازة سواء فى
القانون المدنى القديم الذى يحكم واقعة الدعوى أو فى القانون المدنى الجديد تستلزم
حتما توافر نية التملك كركن أساسى لها وأن العين محل النزاع متى ثبت أنها من الأملاك
العامة للدولة فلا يمكن أن تكون محلا للتملك بوضع اليد مهما طالت مدته فقضاء الحكم
على خلاف ذلك وانصرافه عن بحث صفة العقار والتحقق من كونه ملكا عاما أو خاصا يكون خاطئا
متعينا نقضه.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت
بأن القاعة محل الدعوى هى من الأملاك العامة التى لا يجوز حماية اليد التى توضع عليها
بدعوى منع التعرض ولكن الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع بمقولة "إن الحيازة المجردة
تكون محلا للحماية بدعوى منع التعرض فى كافة الأموال مهما كان نوعها عامة أو خاصة سواء
فى القانون المدنى القديم الذى تم وضع اليد فى ظله أو فى القانون المدنى الجديد وعلى
ذلك يصبح غير منتج فى الدعوى بحث ما إذا كانت القاعة موضوع الدعوى هى مال عام أو خاص.
وهذا الذى بنى عليه الحكم غير صحيح فى القانون ذلك أن الحيازة التى تبيح رفع دعوى منع
التعرض فى القانون القديم الذى بدأ وضع اليد فى ظله ليست هى مجرد التسلط المادى على
العقار فحسب بل يجب أن يكون ذلك مقترنا بنية التملك، وهذا هو الركن المعنوى الذى يصح
أن يؤدى بالحيازة إلى التملك بالتقادم، ولم يخالف القانون المدنى الحالى ولا قانون
المرافعات هذا النظر، إذ يبين من وضع النصوص الخاصة بالحيازة بين أسباب الملكية ومن
استمرار قصر دعاوى الحيازة على العقار دون المنقول وما نصت عليه المادة 48 مرافعات
من عدم جواز الجمع بين دعاوى الحيازة والدعوى بأصل الحق – وهو ما يقصد به دعوى الملكية
أو أى حق آخر متفرع منها، كما يبين من المناقشات البرلمانية والمذكرة التفسيرية للقانون
المدنى – يبين من هذا كله أن المشرع لم يستحدث جديدا فى وجوب توافر نية التملك لمن
يبتغى حماية يده بدعاوى الحيازة ولازم هذا أن يكون العقار من العقارات التى يجوز تملكها
بالتقادم، فلا تكفى حيازة عرضية ولا يكفى أن يكون وضع اليد على عقار من الأموال العامة
أما ما أباحه القانون المدنى فى المادة 575 للمستأجر وهو حائز عرضى من رفع دعاوى الحيازة
فإنما جاء استثناء من الأصل لا تطبيقا لمبدأ عام وذلك لما لمركز المستاجر من اعتبار
خاص دون سائر الحائزين العرضيين كالحارس والمرتهن حيازيا والمودع لديه، ولو أراد المشرع
التسوية بينهم لنص على ذلك صراحة – ومتى تقرر ذلك كان البحث فى صفة العقار محل الحيازة
– وهل هو من الأملاك العامة أو الخاصة – بحثا منتجا فى الدعوى على خلاف ما ذهب إليه
الحكم المطعون فيه إذ لو صح ما تدعيه الطاعنة من أن القاعة محل النزاع من الأملاك العامة
وهى التى لا يمكن أن تكون محلا للتملك بوضع اليد مهما طالت مدته لتغير وجه الرأى فى
الدعوى، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ انصرف عن هذا البحث متعللا بما ذكره يكون
قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
