الطعن رقم 310 سنة 22 ق – جلسة 22 /03 /1956
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 7 – صـ 376
جلسة 22 من مارس سنة 1956
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.
القضية رقم 310 سنة 22 القضائية
( أ ) نقض. طعن. إعلان الطعن. دفع. اتخاذ المطعون عليه عند إعلان
الحكم محلا مختارا هو مكتب المحامى الذى تسلم صورة تقرير الطعن. دفعه ببطلان الطعن
لعدم إعلانه إليه شخصيا فى محل إقامته الجديد المعروف للطاعن. فى غير محله. كون المحامى
المذكور غير مقرر أمام محكمة النقض. لا يهم.
(ب) نقض. طعن. إجراءات الطعن. إيداع المستندات المؤيدة للطعن فى الميعاد المنصوص عليه
فى المادة 433 مرافعات. لا يغنى عن وجوب إيداعها فى الميعاد المحدد فى المادة 432 مرافعات.
(ج) مسئولية. أمين النقل. حكم. تسبيه. دفاع. تمسك مصلحة السكة الحديد بوجوب التحقق
مما إذا كان فقد المتاع حصل أثناء النقل. عدم الرد أو الإشارة إلى هذا الدفاع فى الحكم.
إغفال لدفاع جوهرى وقصور.
1 – متى ثبت أن المطعون عليه عندما أعلن الحكم المطعون فيه قد اتخذ له محلا مختارا
هو مكتب المحامى الذى تسلم بنفسه صورة تقرير الطعن فإنه لا يكون هناك محل للدفع ببطلان
الطعن لعدم إعلانه للمطعون عليه شخصيا بمحل إقامته الذى انتقل إليه والمعروف للطاعن
قبل الطعن، ولا يهم أن يكون المحامى المذكورة غير مقرر أمام محكمة النقض لأن التقرير
أمامها لا شأن له فى تسلم الإعلانات الخاصة بالطعن.
2 – لا يغنى عن إيداع المستندات المؤيدة للطعن فى الميعاد المحدد بالمادة 432 مرافعات
أن يكون الطاعن قد قام بهذا الإيداع بعد فوات ذلك الميعاد وذلك بتقديم المستندات المذكورة
فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 433 مرافعات المحدد للرد على دفاع المطعون عليه.
3 – لا وجه لمساءلة مصلحة سكك حديد الحكومة المصرية عن فقد بعض متاع تولت نقله إلا
أن يقوم الدليل المقنع على أن الفقد حصل يقينا أثناء نقلها للمتاع، فإذا كانت قد طالبت
بالتحقق من ذلك وأغفل الحكم الرد على هذا الدفاع الجوهرى ولم يشر إليه فإنه يكون قاصرا
قصورا يعيبه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذه الدعوى – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق –
تتحصل فى أن المطعون عليه لمناسبة نقله من منوف إلى قنا قام بنقل متاعه بطريق السكة
الحديد فى 6/ 11/ 1949 بموجب بوليصة الشحن رقم 54065 فى عربة بضاعة مغلقة ومختوم عليها
من جانبيها بأختام المصلحة – ولما مرت العربة بحوش الفرز بمحطة مصر لاحظ الموظف المختص
جبر ختم أحد جانبى العربة فشك فى حصول عبث بها وفتحها بالفعل لجرد محتوياتها ولكنه
لاحظ أن المتاع مجهز بنظام محكم يملأ فراغ العربة ولا يسمح لأحد باقتحامها فأعاد إغلاقها
وختمها وأرسل إشارة إلى محطة قنا لتستحضر المطعون عليه والضابط القضائى المختص لفتح
العربة فى حضورهما ليعلم ما إذا كان قد حصل عبث بالعربة أم لم يحصل وليقوم الضابط بتحرير
محضر بالعجز إن وجد فلما وصلت العربة إلى قنا فى 15/ 11/ 1949 نفذ ناظر المحطة الإشارة
ووجدت الأختام سليمة والمتاع يملأ فراغ العربة بالكامل وغير ظاهر حصول عبث به ثم أفرغ
على رصيف المحطة وظهر أن عدده 130 قطعة لا 150 الثابتة فى البوليصة ولما سئل المطعون
عليه فى ذلك اعتذر بأن السيدة زوجته هى التى أشرفت على تجهيز المتاع وشحنه وأنها هى
لذلك تعرف حقيقة العدد ولوجودها فى قنا انتقل ناظر المحطة إليها مع المطعون عليه وهنالك
علم الجميع أن حقيقة العدد 130 ثم سلم المطعون عليه بوليصة الشحن إلى صديقه مفتش الزراعة
بقنا وعاد هذا الناظر إلى المحطة واستلم المتاع وسلم البوليصة وحرر الضابط القضائى
محضرا بذلك وبأن المتاع سليم ولم ينقص منه شئ ووقع عليه مفتش الزراعة الذى سلم البوليصة
واستلم المتاع ونقله إلى منزل المطعون عليه – وبعد ستة أيام من هذا التسليم وبتاريخ
22/ 11/ 1949 أرسل المطعون عليه خطابا إلى مأمور الحركة والبضائع بالمصلحة يبلغه بأنه
لدى ترتيب المتاع فى المنزل ظهر له ولزوجته إن إحدى الحقائب قد حصل بها عبث وسرقت منها
بعض الملابس كما أن قفصا من الجريد كان يحوى بعض أدوات المائدة فقد الكثير منها وارفق
بخطابه كشفا مفصلا بالفاقد وقيمته التى قدرها بمبلغ 202 جنيها و800 مليم. ولما أنكرت
الطاعنة مزاعمه أقام عليها الدعوى الحالية (2308 لسنة 1950 تجارى جزئى القاهرة) يطلب
الحكم بالزامها بأن تدفع اليه مبلغ 202 جنيها و800 مليم وفوائده بواقع 5% من تاريخ
المطالبة الرسمية الحاصلة فى 7/ 7/ 1950 حتى الوفاء مع المصروفات والأتعاب والنفاذ
– وبجلسة 18/ 1/ 1951 أصدرت المحكمة حكما بإحالة الدعوى الى التحقيق قالت فيه إن الثابت
من محضر الاستلام (محضر الضابط القضائى) عدم وجود توقيع عليه للمطعون عليه مما يستفاد
منه عدم وجوده عند تحرير المحضر على خلاف الثابت فيه لأنه لو صح أنه كان حاضرا لوقع
بنفسه بدلا من صديقه مفتش الزراعة (الذى ناب عنه فى الاستلام وفى تسليم البوليصة) ولهذا
تكون العبارة المثبتة لحضوره تزيدا لا تلتفت إليه المحكمة، ثم قالت إنه نظرا لعدم وجود
دليل على الهلاك الجزئى فانها ترى احالة الدعوى الى التحقيق ليثبت المطعون عليه أنه
فقد متاعه المنقول من منوف الى قنا الأشياء الموضحة بالكشف المرافق لخطابه للمصلحة
وأن قيمتها 202 جنيها و800 مليم على أن يكون للطاعنة النفى، وبعد أن أشهد المطعون عليه
زوجته وخادمته قضت المحكمة بإلزام الطاعنة بمبلغ 162 جنيها و240 مليما بعد أن خصمت
20% من القيمة على اعتبار أن الأشياء الفاقدة مستعملة. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم
أمام محكمة مصر الابتدائية وقيد برقم 99 لسنة 1951 تجارى مستأنف. وبجلسة 24/ 4/ 1952
قضت بالتأييد – ثم أعلن المطعون عليه هذا الحكم الى الطاعنة فى 6/ 7/ 1952 واتخذ فى
هذا الاعلان محلا مختارا له مكتب الأستاذين حنا وسامى ناروز بشارع شريف باشا رقم 43
قسم عابدين – فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى قلم كتاب هذه المحكمة
فى 5/ 8/ 1952 وأعلن الى المطعون عليه فى محله المختار بتاريخ 9/ 8/ 1952 مخاطبا مع
الأستاذ حنا ناروز المحامى الذى وقع بالاستلام. دفع المطعون عليه ببطلان الطعن لعدم
اعلانه هو شخصيا بتقرير الطعن بمحل إقامته بدمنهور التى انتقل اليها من قنا ولأن هذا
المحل تعرفه الطاعنة من قبل الطعن وسبق لها أن اعلنته فيه.
(عن الدفع):
ومن حيث إن هذا الدفع فى غير محله ذلك بأن المادة 380 مرافعات تنص على أنه "يكون إعلان
الطعن لنفس الخصم أو فى موطنه الأصلى أو المختار المبين فى ورقة إعلان الحكم" وقد ثبت
من والوقائع – على ما سبق بيانه – أن المطعون عليه عندما أعلن الحكم المطعون فيه اتخذ
له محلا مختارا هو مكتب المحامى الذى تسلم بنفسه صورة تقرير الطعن، ولا يهم أن يكون
المحامى المذكور غير مقرر أمام محكمة النقض لأن التقرير أمامها لا دخل له فى تسلم الاعلانات
الخاصة بالطعن وعلى هذا استقر قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه بذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية ويتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ
فى تطبيقه وتأويله – لأن القانون المدنى ينص فى المادة 390 على أن الورقة الرسمية هى
التى يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عمومية ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى
الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفى حدود سلطته واختصاصه – ورغم أن محضر الاستلام
تولاه موظف عمومى مختص بتحريره فان الحكم المطعون فيه التفت عما أثبت فيه من أن المطعون
عليه كان حاضرا وقت استلام متاعه – وانه أقر بعدم وجود عجز فيه – ويستوى فى المحرر
الرسمى أن يوقع عليه ذوو الشأن أو لا يوقعون ما دام أن محرره قد وقع عليه – ولا يمكن
تصور إعمال نص المادة 260/ 1 مرافعات على مثل هذا المحرر لأنها إنما تتناول الكشط والمحو
والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية التى تشوبه وتشكك فى صحته – وأخيرا فإنه بفرض
صحة ما يقول به الحكم – فإنه أهدر قيمة المحرر فى حين أنه موقع عليه من نائب المطعون
عليه الذى تسلم المتاع بهذه الصفة وسلم البوليصة التى كان يحملها – وفى تسليمها ما
يغنى عن كل جدل فى هذا الشأن طبقا للمادة 19 من اللائحة الصادر بها القرار الوزارى
رقم 6 لسنة 1930 التى تنص على اعتبار حامل البوليصة أنه هو المرسل اليه أو وكيله.
ومن حيث إنه لا محل لبحث موضوع هذا النعى ذلك أن المحرر الرسمى أساس هذا النعى لم يودع
من الطاعنة فى الميعاد المحدد لتقديم المستندات أى فى خلال العشرين يوما التالية لتقرير
الطعن عملا بالمادة 432 مرافعات – ولا يغنى عن ذلك أن تكون الطاعنة قد قامت بهذا الإيداع
بعد فوات هذا الميعاد وذلك بتقديم المحرر فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 433 مرافعات
المحدد للرد على دفاع المطعون عليه – وعلى ذلك يكون هذا السبب عاريا عن الدليل ويتعين
عدم الالتفات اليه.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه قصورا فى التسبيب يبطله
لأن المحكمة الاستئنافية سايرت محكمة أول درجة فيما ذهبت اليه من ثبوت مسئولية المصلحة
عن الأشياء التى قال المطعون عليه أنه فقدها مع أنه لم يثبت أن هذه الأشياء ضاعت أثناء
نقل الرسالة فى السكة الحديد، ومع أن الحكم التمهيدى الذى أصدرته محكمة أول درجة بإحالة
الدعوى الى التحقيق قرر فى أسبابه أن حصول الهلاك ليس عليه دليل مقنع – ومع ذلك فلم
يتضمن منطوق هذا الحكم تحقيق ما اذا كان ذلك الهلاك قد حصل أثناء نقل الرسالة قبل استلامها
أم حصل بعد ذلك، واقتصر نص المنطوق على احالة الدعوى الى التحقيق ليثبت المدعى أنه
فقدت من منقولاته الأشياء المبينة فى الكشف المرافق لخطابه المؤرخ 22/ 11/ 1949 – وقد
تضمنت المذكرة المقدمة من الطاعنة الى المحكمة الاستئنافية أنه اذا صح ما يزعمه المستأنف
عليه فلا وجه لمساءلة المصلحة عما يدعيه لجواز أن يكون الهلاك أو الفقد قد وقع فى المنزل
أو أثناء الطريق من المنزل فى منوف أو الى المنزل فى قنا – ولم يتناول الحكم المطعون
فيه هذا الدفاع بأى رد – ولم تتضمن أسبابه ما يمكن أن يستفاد منه أن الفقد حصل أثناء
نقل الرسالة بمعرفة المصلحة خصوصا وأن شهادة الزوجة والخادمة على ما أثبته الحكم اقتصرت
على بيان ما فقد ولم تشهد واحدة منهما بمكان الفقد وبأنه حصل أثناء النقل بمعرفة المصلحة.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله ذلك بأن متاع المطعون عليه نقل أولا من منزله بمنوف الى
محطتها – ثم من محطة قنا الى منزله بها بعد استلامه وتسليم البوليصة وتحرير المحضر
ثم بقى فى المنزل الأخير حول أسبوع قبل أن يتقدم المطعون عليه بخطابه إلى المصلحة ليشكو
اليها فقد متاعه ويطالبها بقيمته ومن المحتمل أن يكون الفقد قد حصل فى أحد تلك الأمكنة
بعيدا عن عملية النقل بطريق السكة الحديد وواضح أنه لا وجه لمساءلة الطاعنة الا أن
يقوم الدليل المقنع على أن الفقد قد حصل يقينا أثناء نقلها للمتاع وهو ما طالبت الطاعنة
بالتحقق منه فى مذكرتها وكان دفاعا جوهريا يجب بحثه ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد
عليه ولم يشر اليه مما يعتبر قصورا فى الحكم يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم.
