الطعن رقم 329 سنة 21 ق – جلسة 02 /02 /1956
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 7 – صـ 135
جلسة 2 من فبراير سنة 1956
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، وأحمد قوشه، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف، المستشارين.
القضية رقم 329 سنة 21 القضائية
( أ ) نقض. طعن. إعلان تقرير الطعن. إعلانه إلى المطعون عليه بمكتب
محام. عدم ثبوت أن هذا المكتب اتخذ فى إعلان الحكم محلا مختارا للمطعون عليه. بطلان
الإعلان. المادة 380 مرافعات.
(ب) نقض. طعن. إعلان. إعلان تقرير الطعن. إعلانه للنيابة لمجرد عدم إتمام الإعلان.
بطلان الإعلان. المادتان 14، 24 مرافعات.
(ج) نقض. طعن. أسباب غير مقبولة. قصور أسباب الطعن عن البيان التفصيلى الواجب قانونا.
أسباب غير مقبولة. المادة 429 مرافعات.
(د) نقض. طعن. تقرير الطعن. العبرة فى تفصيل أسباب الطعن. هى بما جاء بالتقرير وحده.
(هـ) إجارة. مسئولية. مشارطة تأجير موقوت لسفينة. انتفاء مسئولية مالكها قبل الغير.
القول بعلم المالك بتأجيرها للغير وإقراره له واعتماده عليه فى تحصيل الأجرة. لا يجدى
فى ترتيب المسئولية.
(و) إثبات. أعمال النقل البحرى. تأجير سفينة لأعمال النقل البحرى. افتراض العلم مقدما
بجواز التأجير للغير.
(ز) إجارة. عقد. تكييفه. عقد تأجير سفينة. حق محكمة الموضوع فى تكييفه بأنه مشارطة
نقل لزمن موقوت.
1 – لا يجوز إعلان الطعن فى المحل المختار إلا إذا كان المطعون عليه قد ذكر هذا الاختيار
فى إعلان الحكم طبقا للمادة 780 مرافعات – فإذا كان الطاعن قد أعلن تقرير الطعن إلى
المطعون عليه فى محله المختار بمكتب محام فإن الإعلان يكون باطلا متى كان لم يثبت أن
هذا الخصم قد اتخذ فى إعلان الحكم مكتب هذا المحامى محلا مختارا له.
2 – قيام الطاعن بإعلان الطعن للنيابة وذكره فى الإعلان أن المراد إعلانه غير معلوم
له محل إقامة بالقطر المصرى لمجرد أن الإعلان لم يتم فى موطنه بعنوان عينه فى الإعلان
– ذلك يجعل الإعلان للنيابة باطلا وفقا للمادتين 14، 24 مرافعات متى كان لدى الطاعن
تعريف كاف بموطن المعلن إليه كان ينبغى السعى لإعلانه فيه – وعدم ثبوت ما يدل على أنه
استنفد كل محاولة فى سبيل الاهتداء إلى موطن ذلك الخصم.
3 – إن القانون إذ أوجب تفصيل أسباب الطعن فإن مراده بهذا التفصيل فى معنى المادة 429
مرافعات ذكر هذه الأسباب على سبيل البيان والتحديد لإمكان التعرف على المقصود منها
وإدراك العيب الذى شاب الحكم – فإذا كان ما ينعاه الطاعن فى خصوص القصور فى تسبيب الحكم
وفى أدلة هذا القصور قد جاء خاليا من بيان وجه العيب ولا موطنه بكيفية واضحة مفصلة
كما جاء قاصرا عن بيان أدلة القصور فإن أسباب الطعن تكون غير مقبولة لقصورها عن البيان
التفصيلى الواجب قانونا.
4 – العبرة فى تفصيل أسباب الطعن – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هى بما جاء بتقرير
الطعن وحده – فإذا كان الطاعن فيما ينعاه فى خصوص القصور فى تسبيب الحكم قد اكتفى فى
تقرير الطعن بالإحالة فى ذلك على بعض بنود عقد مبرم بين المطعون عليهما أبان أرقامها
دون بيان محتواها وألمع إلى ما جاء بمذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف دون إشارة
معبرة عن مضمونها لبيان صحة ما يتحدى به فإن هذه الإحالة المجملة المبهمة وكذلك ما
يورده الطاعن بمذكرته الشارحة عن هذا البيان لا يغنى عن وجوب تفصيله فى تقرير الطعن.
5 – تنتفى مسئولية مالك السفينة متى كان عقد تأجيرها هو مشارطة تأجير موقوت، ويكون
المستأجر وشأنه فى تعاقده مع الغير – ولا بجدى فى ترتيب أية مسئولية قانونية قبل المالك
القول بعلمه بتأجيرها للغير وإقراره له واعتماده عليه فى تحصيل الأجرة.
6 – تأجير السفينة بقصد نقل البضائع والركاب وغيرها من أعمال النقل البحرى يقتضى افتراض
العلم مقدما بجواز التأجير للغير.
7 – متى كان الحكم قد انتهى فى تكييف عقد إيجار سفينة إلى أنه مشارطة نقل لزمن موقوت
أخذا بعنوانه ونصوصه والمبادئ الفقهية فى شأنه فلا يكون الحكم قد أخطأ فى تكييف العقد
ولا فى القانون متى كان لم يخرج عن عبارات العقد ونصوصه والغرض الذى عناه الطرفان من
إبرامه وكان هذا التكييف متفقا مع مؤدى هذه النصوص – ولا يؤثر على سلامة هذا التكييف
التمسك بأن السفينة كانت فى حيازة المالك أثناء مدة الإيجار والاستدلال على ذلك بما
أصدره المالك لربان السفينة من أوامر خاصة بتوقفها عن السير بسبب عدم استيفاء الأجرة
ما دام ذلك من لوازم حق الفسخ المقرر للمالك اتفاقا وبنص العقد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن واقعة الدعوى – على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن –
تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 517 سنة 74 ق ضد المطعون عليهما أمام محكمة اسكندرية
الابتدائية المختلطة طلب فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 7327 جنيها
و500 مليم مقابل ثمن تذاكر نقل عدد 61 مسافرا ومبلغ 500 جنيه على سبيل التعويض مع فوائد
المبلغين بواقع 6% سنويا والمصاريف وقال شرحا لدعواه إنه بموجب عقد مشارطة مؤرخ 29/
9/ 1948 أجر المطعون عليه الأول للثانى الباخرة "رينا" التى كانت موجودة بميناء "جنوه"
وذلك لمدة ستة أشهر بأجرة شهرية قدرها 10000ج تدفع مقدما عدا مبلغ 10000ج أخرى دفعت
كتأمين لحسن تنفيذ العقد وقد دفعت أجرة الشهر الأول عن المدة من 6 من أكتوبر سنة 1948
حتى 5 من نوفمبر سنة 1948 ونص بالمادة السادسة من العقد على حق مجهز السفينة فى سحب
السفينة من المستأجر بغير إنذار سابق فى حالة عدم دفع الأجرة مقدما وحدث بعد التعاقد
أن استحقت أجرة الشهر التالى فلم تسدد ولم تستعمل الشركة المؤجرة حقها فى فسخ العقد
وسحب السفينة وكان المطعون عليه الثانى قد أعلن الطاعن بخطابه الدورى المؤرخ 26/ 10/
1948 يخبره فيه بافتتاح خط منتظم للسياحة بين مرسيليا واستراليا عن طريق بور سعيد وأيد
هذا الخطاب بالنشر عن مضمونه بالصحف وعن إزماع السفينة "رينا" القيام بالسفر لاستراليا
خلال شهر ديسمبر سنة 1948 وعلى ذلك عقد محل لويس للسياحة "الطاعن" مع المطعون عليه
الثانى عقدا بتاريخ 17/ 11/ 1948 دفع بموجبه إليه مبلغ 7327 ج و500 م حتى 29/ 11/ 1948
وهو مقابل قيمة عدد 61 تذكرة سفر لاستراليا فى هذه الرحلة. وفى 7/ 12/ 1948 أى فى اليوم
التالى لاستحقاق أجرة هذا الشهر للمطعون عليه الأول التى ظلت بغير سداد نشرت بعض صحف
الاسكندرية ترجمة برقية لبعض المسافرين على ظهر الباخرة "رينا" المذكورة تفيد شكرهم
لأصحابها على ما لاقوه فى رحلتهم من راحة وخدمة ممتازة – وفى خلال المدة من 17 إلى
20 من ديسمبر سنة 1948 نشرت صحف الاسكندرية إعلانا عن قرب سفر الباخرة "رينا" لاستراليا
فى النصف الثانى من شهر يناير سنة 1949 وأحالت فى خصوص هذه الرحلة إلى الاتصال بتوكيل
"نيكولاو" المطعون عليه الثانى إلا أنه فى 7 من يناير سنة 1949 نشرت شركه "رينا" التى
يمثلها المطعون عليه الأول إعلانا هاما بصحف اسكندرية تخبر الجمهور فيه بفسخ عقد إيجار
السفينة "رينا" إلى المطعون عليه الثانى "نيكولاو" منذ 4 من يناير سنة 1949 وأنها لا
تنوى تنفيذ تعهدات "نيكولاو" المذكور – لذلك أقام محل لويس "الطاعن" هذه الدعوى بطلباته
المشار إليها مستندا إلى عقد تأجير السفينة "رينا" المؤرخ 29/ 9/ 1948 المحرر بين المطعون
عليهما ووجود عقد تأجير من الباطن مبرم بينه وبين المطعون عليه الثانى وأن هناك توكيلا
ضمنا من المجهز للسفينة الأصلى "المطعون عليه الأول" يجعله ملتزما قبل المستأجر من
الباطن "الطاعن" فى خصوص قبض الأجرة أو ثمن تذاكر نقل المسافرين كما قال الطاعن بوجود
مسئولية جنائية وشبه جنائية قبل المطعون عليهما، ولم ينازع المطعون عليه الثانى إلا
فى مقدار التعويض المطلوب، أما المطعون عليه الأول فدفع بعدم قبول الدعوى لعدم وجود
رابطة قانونية بينه وبين الطاعن وعارض فى صحة تأسيس الدعوى – وبتاريخ 28/ 2/ 1949 قضت
محكمة اسكندرية الابتدائية المختلطة برفض الدفع وبقبول الدعوى وفى الموضوع بإلزام المطعون
عليه الثانى عن نفسه وبصفته والمطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته متضامنين بأن يدفعا
للمدعى "الطاعن" مبلغ 7327 جنيها و500 مليم والفوائد 6% سنويا من تاريخ المطالبة حتى
السداد مع المصاريف – فاستأنف الطاعن هذا الحكم كما استأنفه المطعون عليه الأول بروتوباباس
بغير ذكر لصفته وقيد الاستئناف بجدول محكمة استئناف اسكندرية برقم 205 سنة 5 ق تجارى.
وقد طلب الطاعن "محل لويس للسياحة" فى استئنافه تعديل الحكم المستأنف والحكم له بالتعويض
المطلوب مع فوائده ومصاريفه عن الدرجتين كما طلب المطعون عليه الأول "بروتوباباس" فى
استئنافه الغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزامه مع المطعون عليه الثانى بالتضامن
بمبلغ 7327 جنيها و500 مليم وملحقاته والقضاء بعدم قبول الدعوى الموجهة إليه – وبتاريخ
24/ 4/ 1951 قضت محكمة استئناف اسكندرية غيابيا للمطعون عليه الثانى عن نفسه وبصفته
وحضوريا للباقين بقبول الاستئنافين شكلا وفى موضوع استئناف "بروتوباباس" المطعون عليه
الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى قبله وفى موضوع استئناف "الطاعن" برفضه وتأييد
الحكم المستأنف – فطعن محل لويس للسياحة فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة دفعت بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثانى لأن الطاعن إذ
أعلن المطعون عليه الثانى بتقرير الطعن فى 6 من أغسطس سنه 1951 فى موطنه الأصلى "بشارع
فؤاد الأول رقم 26 باسكندرية لم يتم هذا الإعلان لعدم إقامته فى هذا العنوان فأعاد
إعلانه للنيابة فى 8 من أغسطس سنة 1951 لأنه غير معلوم له محل إقامة بالقطر المصرى
ثم عاد فأعلنه فى 14 من أغسطس سنة 1951 فى مكتب الأستاذ فيكتور بنفينستى باعتبار أنه
محل مختار له مخاطبا مع شخص الأستاذ المذكور، ولما كانت المادة 14 فقرة 11 من قانون
المرافعات توجب اشتمال ورقة الإعلان على آخر موطن معلوم للمراد إعلانه ثم تسلم صورتها
للنيابة وإلا كان الاعلان باطلا وفقا للمادة 24 مرافعات كما أنه لم يثبت من الأوراق
أن المطعون عليه قد اختار مكتب الأستاذ فيكتور بنفينستى لتوجيه الاعلانات والأوراق
إليه فيكون الإعلان للنيابة باطلا لعدم بيان مدى الجهد الذى بذله الطاعن لمعرفة آخر
موطن للمطعون عليه الثانى فى الفترة من 6 من أغسطس سنة 1951 حتى 17 من أغسطس سنة 1951
وهو تاريخ انتهاء المدة المقررة لإعلان تقرير الطعن إليه ولعدم ثبوت اتخاذه مكتب المحامى
المذكور محلا مختارا ولذلك يكون الطعن بالنسبة له غير مقبول شكلا.
ومن حيث إن هذا الدفع فى محله ذلك بأنه يبين من مراجعة إعلان تقرير الطعن للمطعون عليه
الثانى أن الإعلان وجه إليه فى 6 من أغسطس سنة 1951 فى موطنه "بشارع فؤاد الأول رقم
26 بالاسكندرية" فلم يتم إعلانه فى ذلك المحل فوجه الطاعن الإعلان لنيابة الإسكندرية
فى 8 من أغسطس سنة 1951 وذكر فى الإعلان أن المطعون عليه الثانى المراد إعلانه غير
معلوم له محل إقامة بالقطر المصرى ويعلن فى مواجهة النيابة باسكندرية ثم عاد فأعلنه
ثانية فى 14 من أغسطس سنة 1951 فى محله المختار بمكتب الأستاذ فيكتور بنفينستى بشارع
أديب رقم 4 قسم العطارين مخاطبا مع شخص الأستاذ المذكور الذى تسلم صورة الإعلان فعلا
ولما كان لا يوجد بالأوراق ما يثبت أن المطعون عليه الثانى قد اتخذ فى إعلان الحكم
مكتب الأستاذ بنفينستى ليكون محلا مختارا له فيكون الإعلان فيه قد وقع باطلا إذ لا
يجوز إعلان الطعن فى المحل المختار إلا إذا كان المطعون عليه قد ذكر هذا الاختيار فى
إعلان الحكم (م. 38 مرافعات) كما أنه قد تبين من مراجعة صورة الحكم المطعون فيه المقدمة
بحافظة مستندات المطعون عليه الأول بملف الطعن أن هذا الأخير قد أعلن الطاعن بصورة
الحكم المذكورة فى مواجهة النيابة بتاريخ 4/ 6/ 1951 وأن هذا الإعلان قد تضمن تعيين
موطن للمطعون عليه الثانى بشارع اسكندر الأكبر رقم 34 بالأزاريطة وقد أعلن الحكم المطعون
فيه إليه فى هذا الموطن فعلا بتاريخ 6/ 6/ 1951 مخاطبا مع زوجته المقيمة معه لغيابه
وفى هذا تعريف كاف للطاعن بموطن المطعون عليه الثانى ينبغى السعى لإعلانه فيه فتقصيره
فى ذلك أو فى التحرى عن آخر موطن له إن كان قد طرأ على هذا المواطن المحدد المشار إليه
تغيير وعدم ثبوت ما يدل على أنه استنفد كل محاولة فى سبيل الاهتداء إلى موطن ذلك الخصم
مما اضطره إلى إعلانه للنيابة كل ذلك يجعل الإعلان للنيابة باطلا وقفا للمادتين 14
و24 من قانون المرافعات ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة له.
ومن حيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول فى أن الحكم المطعون فيه إذ
كيف العقد المحرر بين المطعون عليهما المؤرخ 29/ 9/ 1948 بأنه عقد إيجار سفينة لمدة
محددة وبأجر شهرى محدد ومن مقتضاه أن يستغل المستأجر المطعون عليه الثانى السفينة المؤجرة
بنفسه وتحت مسئوليته دون مسئولية ما على صاحب السفينة "المطعون عليه الأول" وفرق الحكم
بين طبيعة هذا العقد والالتزامات المرتبة وبين طبيعة والتزامات مشارطة النقل البحرى
Charte Partie التى تنطوى على التزام صاحب السفينة بنقل المسافرين والبضائع على أساس
أن الإيجار يشمل السفينة كلها أو جزءا منها لسفر كامل أو زمن محدد أو بحساب الوزن أو
المقاولة طبقا للمادة 104 من قانون التجارة البحرى – أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى
إلى هذا التكييف اعتمد فى هذا على عنوان العقد وعلى بعض بنوده كالبندين الأول والثانى
الخاصين باستئجار السفينة لنقل البضائع والركاب والبند الرابع الذى ألزم المستأجر بتجهيز
السفينة وتحمله رسوم ومصاريف الموانى والوكلاء والسماسرة والبلديات والحكومات الأجنبية
والبند التاسع الخاص بجعل ربان السفينة تحت إمرة المستأجر والبند العاشر الذى نص على
أن المستأجر يتولى إعطاء خط السير إلى الربان والبند 27 الخاص بإلتزام المستأجر بتموين
الركاب والبند 29 الخاص بتوقف السفينة عن السير إلى ما بعد أقرب ميناء عند تأخر المستأجر
فى دفع الأجرة يوم استحقاقها وفى هذه الحالة يتحمل المستأجر المسئولية قبل ركاب السفينة
فى حين أن عنوان العقد لا يكفى للدلالة على جميع الالتزامات المترتبة عليه إذ العبرة
بالشروط التى اتفق الطرفان عليها تفصيلا وقد اعتمد الحكم بعض بنود العقد وأغفل باقيها
التى ذكرها الطاعن وبنى عليها دعواه فلم يرد الحكم عليها بشئ وقد استند الطاعن فى مذكرته
المقدمة لمحكمة الاستئناف "ص/ 18، ص/ 19" على بنود العقد 6، 27، 14، 28 وعلى مدلول
بعض عبارات البندين 24، 29 وانتهى من ذلك إلى أن العقد لم يكن مجردا إيجار سفينة عادية
Coque nue بل يشمل سفينة مجهزة بمعداتها وطاقمها كاملا وأن المطعون عليه الأول استمر
حائزا لها وصاحب التصرف فيها بدليل تمكنه من إبعاد المطعون عليه الثانى عن الانتفاع
بها لمجرد أمر أصدره إلى الربان وهذا دفاع من صميم الدعوى أغفل الحكم الرد عليه مما
يجعله قاصر التسبيب، هذا فضلا عن أن الطاعن قد استند إلى علم المطعون عليه الأول بالعقد
المبرم بين الطاعن والمطعون عليه الثانى فى 17/ 11/ 48 وعلى قبوله له واعتماده عليه
فى الحصول على إيجار السفينة، وبين الطاعن ذلك بمذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف "ص
22، ص 25" ورتب على هذه الوقائع المؤيدة بالمستندات مسئولية المطعون عليه الأول وأغفل
الحكم الرد على ذلك، وقد اشار الطاعن بمذكرته الشارحة المقدمة فى هذا الطعن إلى نصوص
البنود التى أشار إليها والتى استدل بها على أن العقد عقد إيجار سفينة مجهزة وكاملة
المعدات لا عقد إيجار موقوت. ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه
رفض القضاء بمسئولية المطعون عليه الأول المبنية على التقصير والخطأ فى حين أن الحكم
الابتدائى قد اعتبر الوقائع الثابتة التى دلت عليها الأوراق كافية لترتيب المسئولية،
ولما كانت الوقائع غير مختلف عليها وإنما اختلف فيما إذا كانت هذه الوقائع توجب مسئولية
المطعون عليه الأول قبل الطاعن، وبما أنه قد ثبت من دفاع الطاعن الذى أخذ به الحكم
الابتدائى وجود التقصير والخطأ من جانب المطعون عليه الأول فيتعين نقض الحكم.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائى
فيما يتعلق برفض طلب التعويض المتفق عليه فى العقد المبرم بين المطعون عليه الثانى
والطاعن مكتفيا بالاعتماد على الأسباب التى أوردها الحكم الابتدائى فى هذا الشأن وغاب
عن الحكم المطعون فيه أن يفند أو يرد على أقوال
الطاعن أمام محكمة الاستئناف حيث قدم الطاعن مستندات جديدة لإثبات ركن الضرر وخصص لذلك
فصلا فى مذكراته "ص 13 – 32" مما يجعل الحكم معيبا بالقصور المبطل له.
ومن حيث إن المطعون عليه الأول دفع ببطلان هذه الأسباب الثلاثة لعدم تفصيل أسبابها
وفقا لما توجبه المادة 429 مرافعات. ومن حيث إن القانون إذ أوجب تفصيل أسباب الطعن
فإن مراده بهذا التفصيل فى معنى المادة 429 مرافعات ذكر هذه الأسباب على سبيل البيان
والتحديد لإمكان التعرف على المقصود منها وإدراك العيب الذى شاب الحكم، ولما كان ما
ينعاه الطاعن فى خصوص السبب الأول – القصور فى التسبيب – دون أن يبين وجه العيب ولا
موطنه بكيفية واضحة مفصلة واكتفى بالإحالة فى ذلك على بعض بنود العقد المبرم بين المطعون
عليهما بتاريخ 29/ 9/ 1948 بين أرقامها دون بيان محتواها وألمع إلى ما جاء بمذكرته
المقدمة إلى محكمة الاستئناف دون إشارة معبرة عن مضمونها لبيان صحة ما تحدى به، ولا
تغنى تلك الإحالة المجملة المبهمة ولا ما أورده الطاعن بمذكرته الشارحة عن هذا البيان
لأن العبرة فى تفصيل الأسباب – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هى بما جاء بتقرير الطعن
وحده – فإن هذا الإبهام والتجهيل يجعل سبب الطعن غير مقبول – وكذلك الشأن فيما يتعلق
بالسببين الثالث والرابع فإن ما جاء بتقرير الطعن فى خصوصهما قاصر عن بيان أدلة القصور
التى ينعاها الطاعن على الحكم المطعون فيه فى خصوص القول بقيام المسئولية الناشئة عن
التقصير والخطأ التى عزاها الطاعن للمطعون عليه الأول، فلا هو ذكر الوقائع الدالة على
قيام المسئولية ولا هو بين فى إيضاح سبب الطعن ووجه دفاعه المثبت لها والذى يدعى أن
الحكم المطعون فيه قد أغفله مع وضوح سند ما أثبته الحكم فى تقرير انتفاء تلك المسئولية
وبناء ذلك على أسباب سائغة مبررة وكذلك لم يبين الطاعن وجه دفاعه فى تأسيس طلب التعويض
ولا ماهية المستندات التى قدمها لمحكمة الاستئناف ومدى ما تفيده فى إثبات الضرر الموجب
لمسئولية المطعون عليه الأول مع ما يستفاد من قضاء الحكم برفض طلب التعويض عدم اقتناع
المحكمة بما تضمنته هذه المستندات، وهو على كل حال تقدير موضوعى لا سبيل إلى مناقشته
لدى محكمة النقض – مما ترى المحكمة معه عدم قبول هذه الأسباب الثلاثة لقصورها عن البيان
التفصيلى الواجب قانونا – وأما قول الطاعن فى سياق السبب الأول المشار إليه بأن الحكم
المطعون فيه قد أغفل الرد على واقعة علم المطعون عليه الأول بتعاقد الطاعن مع المطعون
عليه الثانى وإقراره له واعتماده عليه فى الحصول على أجرة السفينة المستحقة له بدليل
سكوته عن النشر فى الصحف عن رحلات السفينة دون اعتراض منه على ذلك مما ورط الطاعن فى
التعاقد مع المطعون عليه الثانى – على ما سلف بيانه – فمردود بأنه غير منتج وقاصر عن
ترتيب أية مسئولية قانونية ما – ذلك بأنه متى كانت المحكمة قد انتهت فى تكييف العقد
المؤرخ 29/ 9/ 1948 بأنه مشارطة تأجير موقوت time charter على ما استخلصته من عنوانه
ونصوصه مما تنتفى به مسئولية المطعون عليه الأول كمالك للسفينة ويكون المستأجر وشأنه
فى تعاقده مع الغير، فالقول بعلم المطعون عليه الأول بتعاقد الطاعن مع المطعون عليه
الثانى وإقراره له واعتماده عليه فى تحصيل الأجرة لا يجدى فى ترتيب مسئولية ما عليه
قبل الطاعن، هذا فضلا عن أن تأجير السفينة بقصد نقل البضائع والركاب وغيرها من أعمال
النقل البحرى يقتضى افتراض العلم مقدما بجواز التأجير للغير وأن الاعتماد على هذا التأجير
فى تحصيل الأجرة أمر تقديرى ولا شأن لهذا كله بترتيب المسئولية مما يجعل القول بأنه
دفاع جوهرى أغفله الحكم المطعون فيه لا محل له.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه لم ينتبه إلى الفارق بين تأجير
السفينة عادية coque nue وبين التأجير الشامل للسفينة مجهزة مع خدمة طاقمها وهو ما
قررت فى شأنه محكمة النقض الفرنسية بحكمها الصادر فى 21/ 6/ 1949 أنه يعتبر مشارطة
نقل لا مجرد إيجار وأنه ثبت من نصوص العقد أن المطعون عليه الأول قد أجر السفينة بعد
تجهيزها مع خدمة طاقمها واستمر صاحب حيازتها والمتصرف فيها فلا يستطيع أن يتخلى عن
مسئوليته عن عدم تنفيذ عقود النقل المبرمة قبل تاريخ الفسخ وقضاء الحكم المطعون فيه
بغير ذلك هو خطأ فى تكييف العقد جر إلى الخطأ فى تطبيق القانون.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض واقعة النزاع – قرر
أن أساس النزاع "هو التكييف القانونى لعقد إيجار السفينة المبرم بتاريخ 29 من سبتمبر
سنة 1948 بين المطعون عليهما وذلك لتحديد مسئولية المطعون عليه الأول قبل الطاعن بسبب
فسخ العقد…" ثم أخذ الحكم فى استظهار نصوص العقد الدالة على"أن المالك قد أجر السفينة
لاستخدامها فى نقل البضائع والركاب" وأن المستأجر "التزم بتجهيز السفينة بالوقود وتحمل
رسوم الموانى والبلديات والسماسرة وغيرها" وأن يكون "ربان السفينة وبحارتها تحت إمرة
المستأجر وهو الذى يتولى إصدار التعليمات إليهم وإعطاء خط السير لهم" وأن "يلتزم المستأجر
بتموين الركاب كما يلتزم بكافة المصاريف الناشئة عن استعمال السفينة لنقل الركاب" وأنه
"من المتفق عليه بصفة مؤكدة أنه فى حالة عدم دفع الأجرة مقدما يوم استحقاقها تتوقف
الباخرة عن السير إلى ما بعد أقرب ميناء، وفى هذه الحالة يتحمل المستأجر كل مسئولية
نحو الركاب" كما أخذ الحكم فى استقراء المبادئ المقررة فى فقه القانون البحرى وأنزلها
على مقتضى هذه النصوص. وإذن فمتى كان يبين أن الحكم المطعون فيه قد انتهى فى تكييف
العقد محل النزاع إلى أنه مشارطة نقل لزمن موقوت Time Charter أخذا بعنوانه ونصوصه
والمبادئ الفقهية فى شأنه مما تنتفى معه مسئولية مالك السفينة قبل الغير، وكان الحكم
فى تكييفه لم يخرج عن مفهوم عبارات العقد ونصوصه والغرض الذى عناه الطرفان من إبرامه،
وكان هذا التكييف متفقا مع مؤدى هذه النصوص فلا يكون قد أخطأ فى تكييف العقد ولا فى
تطبيق القانون. وأما الاستدلال على حيازة المالك للسفينة أثناء مدة الإيجار بما أصدره
هذا المالك لربان السفينة من أوامر خاصة بتوقف السفينة عن السير بسبب عدم استيفاء الأجرة
فلا تأثير له على سلامة هذا التكييف لأن ذلك من لوازم حق الفسخ المقرر للمالك اتفاقا
وبنص العقد.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن فى غير محله ويتعين رفضه.
