الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 225 سنة 22 ق – جلسة 26 /01 /1956 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 7 – صـ 129

جلسة 26 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر واسحق عبد السيد ومحمد عبد الواحد على وأحمد قوشه المستشارين.


القضية رقم 225 سنة 22 القضائية

ملكية. نقض. تقادم. حكم. تسبيبه. تمسك كل وارث من ورثة متنازعين فى دعوى تثبيت ملكية بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. استناد الحكم القاضى برفض الدعوى لأسباب سائغة على أن وضع يد أحد الخصوم عار عن الدليل المقنع. تمسك هذا الخصم أمام محكمة النقض بمستندات لم يتمسك بها أمام محكمة الموضوع وتمسكه بمستندات لا تتصل بالتقادم المكسب. جدل موضوعى فيما لا يرد على مقطع النزاع.
متى انحصر النزاع بين الورثة فى دعوى تثبيت الملكية فى أن كلا منهم يتمسك بوضع يده على أرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكان الحكم إذ قضى برفض الدعوى قد أقام قضاءه – لأسباب سائغة – على أن وضع يد أحد الورثة المتنازعين لم يقم عليه دليل مقنع فإنه لا يفيد هذا الوارث التمسك أمام محكمة النقض بإقرار عن تقسيم جميع أطيان التركة بعد وفاة المورث الأصلى لم يتمسك هو به أمام محكمة الموضوع، كما لا يفيده مطالبة باقى الورثة بتقديم عقد بيع صورى ادعوا بوجوده للتدليل على بقاء أرض النزاع على ملكية المورث الأصلى ولا التمسك بالاعلامات الشرعية الخاصة بالتوريث مما لا يخرج كله عن كونه جدلا موضوعيا فيما لا يرد على مقطع النزاع وهو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فيتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن وقائع الدعوى – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن المطعون عليه الأول اشترى من المطعون عليه الثانى ومن مورث باقى المطعون عليهم 5 ف و4 ط و4 س بزمام الوقف والقلمية مركز دشنا بعقدين عرفيين. ثم أقام عليهما والطاعنين الدعوى 301 لسنة 1943 كلى قنا وطلب الحكم بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينه وبين البائعين إليه فى مواجهة باقى الخصوم (الطاعنين) لأن الأرض المبيعة إليه كانت فى تكليف مورثهم (المرحوم على عيطه) مع التصريح بتسجيل الحكم لنقل التكليف باسمه وبجلسة 11/ 3/ 1944 قضت المحكمة بإثبات صحة التعاقد وبرفض طلبات التسجيل ونقل التكليف ثم أصبح هذا الحكم نهائيا لعدم قبول معارضة بعض المحكوم عليهم غيابا فيه ولعدم استئنافه. وفى 9/ 2/ 1946 أقام الطاعنون الدعوى الحالية (241 لسنة 1946 كلى قنا) على المطعون عليهما الأول والثانى ومورث الباقين (المرحوم أحمد عيطه أحمد) وطلبوا الحكم بثبوت ملكيتهم إلى 4 ف و8 ط و5 س من ضمن القدر موضوع الدعوى السابقة (5 ف و4 ط و4 س) بدعوى أن القدر المطالب به منه 3 ف و11 ط و16 س فى تكليف مورثهم خاصة والباقى وقدره 20 ط و13 س فى تكليف مشترك بين مورثهم وأخويه – محمود (الملقب بالفارس) وأحمد – دفع المطعون عليه الأول الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها فى دعوى إثبات التعاقد (301 لسنة 1943 كلى قنا). وبجلسة 9/ 12/ 1946 قضت المحكمة بقبول الدفع وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وألزمت المدعين بالمصروفات والأتعاب. فاستأنف هؤلاء الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد برقم 185 سنة 22 ق وطلبوا قبول الاستئناف شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع وبجواز نظر الدعوى مع القضاء لهم بطلباتهم مع المصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وبجلسة 24/ 3/ 1948 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وبالغاء الحكم المستأنف وبجواز نظر الدعوى وحددت جلسة للمرافعة فى الموضوع. وأثناء سير الدعوى توفى أحمد عيطه أحمد ثم عطيات أحمد عيطه وأدخل ورثتهما مع المستأنفين (الطاعنين) وبجلسة 27/ 11/ 1950 قضت المحكمة تمهيديا بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى ما تدون بمنطوق ذلك الحكم – وبعد تنفيذه قضت بجلسة 12/ 3/ 1952 حضوريا فى الموضوع برفض دعوى المستأنفين وألزمتهم بالمصروفات والأتعاب للمطعون عليه الأول. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب من عدة وجوه: أولها: قال الطاعنون فى دفاعهم إن المطعون عليه الأول اشترى من محمد عيطه الملقب بالعادلى فدانا بدعوى أنه يرثه عن أخيه محمود عيطه الملقب بالفارس من التكليف المشترك بين على وأحمد ومحمود عيطه وقدره 3 ف و9 ط و2 س فنصيب محمود بحق الثلث فيه 1 ف و3 ط وتوفى عن ورثته (وهم زوجته وثلاث بنات وأخوان أحدهما محمد العادلى) فيكون نصيب هذا الأخير 3 ط فقط (نصف 5 ط من 24 ط) ولكن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه بكلمة واحدة مما يعتبر قصورا يكفى وحده لنقض الحكم ثانيها: قدم الطاعنون كشفا بتكليف مورثهم الخاص وقدره 28 فدان و8 أسهم بخلاف التكليف المشترك بينه وبين إخوته، ولم ينكر المطعون عليهم ذلك ولكنهم ادعوا أن هذا التكليف الخاص كان بسبب ترشيحه للعمودية فباع إليه والده هذا القدر من غير أن يقدموا العقد المزعوم أو صورة منه، واكتفوا بالقول بأن جميع الأطيان بقيت على ملكية الوالد (المورث الأصلى) وبعد وفاته قسمت بين أولاده جميعا وقدموا تأييدا لهذا الزعم إقرارا مؤرخا 8/ 12/ 1907 فقرر الطاعنون أن هذا الإقرار مزور فتنازلوا عنه. وقصروا طلباتهم على الإحالة على التحقيق لإثبات وضع اليد المكسب للملكية – ورغم هذا فان المحكمة فى الحكم المطعون فيه بدلا من استبعاد الإقرار جنحت إلى الأخذ به – وتحت هذا العامل السيكولوجى نظرت إلى التحقيق نظرة لا تتفق مع الواقع ولا مع التحقيق – مع أنه لو استبعد هذا العامل السيكولوجى لظهر فساد الأساس الذى قام عليه دفاع الخصوم للأسباب البديهية الكثيرة الثابتة فى الدعوى وأهمها: 1 – لو صح أن الوالد باع لولده أطيانا لتكملة نصاب العمودية لاستلزم ذلك وجود عقد بيع صورى – والصورية لا تثبت بين المتعاقدين وخلفائهم إلا بالكتابة وهذا ما دعاهم إلى التمسك بالإقرار المزور فلما أنكره الطاعنون تنازلوا عنه. 2 – ثبت عجز المطعون عليهم عن تقديم عقد البيع الصورى المزعوم فلا يصح الاسترسال معهم فى دفاعهم بعد هذا العجز. 3 – قدم الطاعنون كشوف المكلفة الثابت فيها أن مورثهم كان يملك أضعاف نصاب العمودية وأن ملكيتها آلت إليه كلها من أشخاص ليس من بينهم والده. 4 – ثبت من أقوال شهود الخصوم أن الجد توفى عن ستة أبناء من الذكور ولو صح دفاع الخصوم لترتب عليه نتيجتان: الأولى: أن يتقدم هؤلاء الأبناء جميعا أو أشتاتا بطلب كطلب الخصوم ولم يحصل شئ من ذلك. الثانية: لنقص نصيب الخصوم فى التركة تبعا لذلك. كل ذلك قالوه فى دفاعهم ولكن المحكمة أغفلت الرد عليه.
الوجه الثالث: – قول الحكم فى ترجيح أقوال شهود الخصوم دون شهودهم أن الخصوم طعنوا فى شهادة البعض منهم خطأ يدل عليه ما ثبت فى محضر التحقيق وفى المستندات المقدمة منهم لمحكمة النقض من خصومات وضغائن – وإنه وإن كان لمحكمة الموضوع الكلمة العليا فى تقدير الوقائع ولكن هذا يشترط فيه أن تكون الوقائع التى تستند إليها المحكمة تتفق مع الواقع الثابت فى الأوراق وألا يوجد فى الدعوى ما ينقضها أو يعطيها معنى آخر – وكانت تؤدى على هذا الوضع إلى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة دون غيرها. والثابت من التحقيق لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى جميع وجوهه بما أثبته الحكم المطعون فيه استنادا إلى أقوال الشهود وإلى ما جاء بالحكم التمهيدى الصادر قبله وإلى مستندات طرفى الخصومة الغير متنازع فيها فقد جاء بالحكم التمهيدى: "وحيث إن المستأنفين قرروا بمذكرتهم الأخيرة أنهم ينكرون توقيع مورثهم على الإقرار المؤرخ 8/ 12/ 1907 أو ينكرون الختم الموقع به عليه – وحيث إن الحاضر عن المستأنف عليه الأول قرر أن الإقرار صحيح وأن الطعن عليه غير منتج لأن المستأنفين يتمسكون بوضع اليد على الأطيان المدة الطويلة المكسبة للملكية كما أن المستأنف عليه الأول يتمسك باكتساب ملكية البائعين إليه بوضع يدهم المدة الطويلة المكسبة للملكية من تاريخ صدور الإقرار فى سنة 1907 إلى سنة 1943 تاريخ البيع الصادر منهم. وحيث إنه وقد انحصر النزاع بين طرفى الخصومة فى أن كلا منهما يتمسك بوضع يده على أرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية فترى المحكمة ألا محل لتحقيق التوقيع المنسوب إلى مورث المستأنفين على الإقرار – إذ أصبح غير منتج فى الدعوى إزاء ادعاء كل من الطرفين بأنه هو الواضع اليد على أطيان النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية. وحيث إنه لما تقدم ترى المحكمة تحقيق ما يدعيه كل من الطرفين لمعرفة واضع اليد على الأطيان ثم قضت بإحالة الدعوى على التحقيق وكلفت المستأنفين بالإثبات". وبعد أن تم التحقيق بجلسة 24/ 12/ 1950 واستمعت المحكمة إلى أقوال شهود الطرفين وإلى ما وجه إلى شهود الإثبات من مطاعن اعترفوا بها إذ قرر الشاهد الأول (فضل عبد الله أبو الحسن) أنه كان زوجا لإحدى المستأنفات وقرر الثانى الدلال (عبد النور مرقص) أنه اشترى من المستأنفين فدانا وثلثا وقرر الثالث (ضاوى على مخدم) أن المطعون عليه الأول (وكان المستأنف عليه الأول أيضا) ادعى عليه باغتصاب أربعة قراريط ورفع قضية وموقوفة لحين الفصل فى الملكية – أما الشاهد الرابع (عبد السميع محمد عبد الرحيم) فقد أنكر ما وجه إليه من مطاعن – أما شهود النفى وكانوا شهود إثبات فى الوقت نفسه للمطعون عليه الأول فى إثبات وضع يد البائعين إليه فلم يوجه إليهم أى طعن ولم يقدم ضدهم ما يفيد قيام نزاع أو خصومة بينهم وبين أحد من الطاعنين – وقد قال الحكم المطعون فيه: – وحيث إن المستأنف ضده الأول طعن على شهادة الشاهد الأول لصلة القربى التى تربطه بالمستأنفين، كما طعن على الشاهد الثانى وهو الدلال بأنه تابع الشاهد الأول (عمدة) ويأتمر بأمره، وطعن على الشاهد الثالث بالخصومات القائمة بينهما وحيث إن المستأنفين لم يطعنوا على شهود النفى بأى مطعن ولذا ترى المحكمة الأخذ بشهادتهم التى تأيدت بمستندات الدعوى – وحيث إن المحكمة تستخلص من أوراق الدعوى والتحقيق أن الأطيان كانت مكلفة أصلا باسم عيطه احمد والد على مورث المستأنفين واحمد ومحمد البائعين للمستأنف عليه الأول وكان مورث المستأنفين مرشحا للعمودية فكتب له أبوه عقد بيع بالأطيان المتنازع عليها لتكملة النصاب، وبعد وفاة المورث الأصلى وضع اليد على هذه الأطيان أولاده المذكورون لأنهم كانوا يعيشون فى روكية واحدة إلى أن توفى على عيطه مورث المستأنفين فى سنة 1937 فدب النزاع بين ورثته (المستأنفين) وأخويه أحمد ومحمد ويؤيد هذا الكشف الرسمى الثابت فيه أن المورث باع لولده على 7 أفدنة و4 أسهم فى سنة 1907 كما يؤيد هذا ما شهد به عبد النور مرقص دلال المساحة وهو من شهود الإثبات من أن وضع يد مورث المستأنفين بدأ من سنة 1916 أى بعد وفاة والده البائع له. وحيث إنه مع التسليم جدلا بوضع يد مورث المستأنفين فإنما كان ذلك بطريق الإنابة لمعيشتهم فى روكية واحدة ويقيمون بمنزل واحد وهذا لا يكسبه الملكية بوضع اليد مهما طال الأمد. وبذلك تكون دعوى المستأنفين على غير أساس". ويبين من هذا الذى قرره الحكمان أن الإقرار لم يحصل التنازل عنه وأن المحكمة استبعدته اكتفاء بالإحالة إلى التحقيق واكتفت من المستندات بكشف المكلفة المؤيد بأقوال الدلال وهو من شهود الطاعنين – كما يبين من محضر التحقيق أنه لم توجه مطاعن إلى شهود المطعون عليه الأول إلا ما سئلوا عنه وأنكروه ولم يقدم الطاعنون دليلا عليه – ويبين أخيرا أن المحكمة اعتمدت فى قضائها على التحقيق وعلى ما استخلصته من أقوال الشهود فيه ثم رأت أن وضع يد الطاعنين ومورثهم من قبلهم لم يقم عليه دليل مقنع – وحسب الحكم أن يقيم قضاءه على هذا الأساس الحاسم فى الدعوى فى أسباب سائغة وعلى دعائم قوية من أقوال الشهود وما يؤيدها من المستندات ولا يفيد الطاعنين بعد ذلك تمسكهم بمستندات لم يتمسكوا هم بها كما لا تفيدهم المطالبة بعقد البيع الصادر من المورث الأصلى فى سنة 1907 ولا بالاعلامات الشرعية الخاصة بالتوريث سواء كان ذلك للجد (عيطه احمد) أو لأحد ورثته لأن ذلك كله لا يخرج عن أن يكون جدلا موضوعيا فيما لا يرد على مقطع النزاع وهو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
ومن حيث إنه لذلك كله يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات